من أجل ريادة المرأة، أو الأمل الذي لازال بعيداالجزء الخامس:.....4

محمد الحنفي
sihanafi@gmail.com

2007 / 3 / 13

إهداء:
 إلى زوجتي،وأم أولادي:لطيفة،التي تناضل من أل حقوق المرأة،

 إلى كل امرأة ناضلت من أل أن تصون كرامة بنات جنسها.

 إلى كل امرأة باعتبارها أما،وأختا وزوجة، وبنتا، تحرص على أن تنال تقدير الناس لها.

 إلى فاما التي تستحق تقدير الشعب المغربي لاختيارها اعتناق قضاياه الكبرى بدل الانزواء في بيت الزوجية حتى ماتت.

 إلى الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة.

 من اجل مواجهة جحافل الظلام.

 من اجل امرأة بكافة الحقوق في جميع أنحاء العالم.

محمد الحنفي






علاقة المرأة مع نفسها:.....4

إننا في الواقع عندما نرتبط بالمسلكية في المجتمع، في كل بلد من البلدان العربية، وباقي بلدان المسلمين، إنما نرتبط بشبكة من العلاقات التي يتداخل فيها ما هو اقتصادي، واجتماعي، وثقافي، ومدني، وسياسي، وهي شبكة يحضر فيها الرجل، والمرأة على السواء، باعتبارهما مستهدفين بشبكة تلك العلاقات. غير أن الواقع يفرض أن تقوم تلك العلاقات المتداخلة على أساس أن المرأة ضعيفة, والرجل قوي، وأن المرأة متاع، أو سلعة، أو عورة. وأنها دون مستوى الرجل، مهما كانت، حتى تتمكن من أن تحيى، وتعيش. وقلما نجد استحضار إنسانية المرأة في المسلكية العامة، في مكان ما، وفي بلد ما. والمرأة من خلال المسلكية العامة في كل مجتمع يمكن أن:

1) تخترق المسلكية العامة بما تحمله من تصور عن نفسها، وعن الواقع، وعن الرجل، وعن كل المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، وعن جميع مناحي الحياة.

فتصورها عن نفسها قد يكون تصورا إقطاعيا، أو بورجوازيا، أو ناتجا عن أدلجة الدين الإسلامي، أو تحرريان انطلاقا من إيديولوجية الطبقة العاملة. و تبعا لاختلاف تصورها عن نفسها، تحاول أن تخترق المسلكية العامة، فتجعلها مكرسة لدونيتها كمتاع، أو كسلعة، أو كصورة، و تجعل تلك الدونية تلتصق بسلوك الناس، وبفكرهم، وبوجدانهم، حتى يصير الناس جميعا مقتنعين بتلك المسلكية المكرسة لتنوع دونية المرأة، ومصادر تلك الدونية، على أن يكون ذلك باختيارها هي، وليس مفروضا عليها، أو مكرسا لإنسانيتها التي لا تتحقق في المسلكية العامة إلا إرادة المرأة الصلبة، والقوية.

وتصورها عن الواقع قد يكون تصورا إقطاعيا، أو بورجوازيا، أو ناتجا عن أدلجة الدين الإسلامي، أو عن الاقتناع بأيديولوجية الطبقة العاملة. وهذا التصور عن الواقع، هو الذي يجعلها تقبل اعتبار نفسها متاعا، أو سلعة، أو عورة، كما هو مقرر في الواقع، أو أنها تسعى إلى تحرير نفسها من قيود الواقع المفروضة عليها قهرا.

وتصورها عن الرجل يختلف كذلك باختلاف الإيديولوجية التي تقتنع بها. فالمرأة المقتنعة بأيديولوجية الإقطاع، تقبل لنفسها أن يعتبرها الرجل مجرد متاع يحافظ عليه. والمرأة المقتنعة بأيديولوجية مؤدلجي الدين، لا تقبل أن يعتبرها الرجل مجرد عورة. أما المقتنعة بإيديولوجية الطبقة العاملة، فترفض أن يعتبرها الرجل متاعا، أو سلعة، أو عورة، وعليه، في علاقته بها، أن يستحضر إنسانيتها على جميع المستويات حتى تكون العلاقة بينهما متكافئة.

ونفس التصور يحكم المرأة عن المجالات الاقتصادية، والاجتماعيةن والثقافية، والمدنية، والسياسية، وعن جميع مناحي الحياة. فالمرأة المقتنعة بأيديولوجية الإقطاع، ترى أن تصور الإقطاعيين لتلك المجالات هو الحل. والمقتنعة بالإيديولوجية البورجوازية ترى ما يراه البورجوازيون. والمقتنعة بأدلجة الدين الإسلامي، ترى ما يراه مؤدلجو الدين الإسلامي. وبالتالي فإنها تقبل بدونيتها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، وفي جميع مناحي الحياة، كنتيجة لقبولها بتصورات الإقطاعيين، والبورجوازيين، ومؤدلجي الدين الإسلامي.

أما المرأة المقتنعة بأيديولوجية الطبقة العاملة، فتتمسك بمساواتها مع الرجل اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، و سياسيا، وترفض تكريس الدونية في حقها في مختلف المجالات، وعلى جميع المستويات، وفي جميع مناحي الحياة.

2) وبتمسك المرأة برؤى وتصورات الإيديولوجيات المتخلفة، فإنها لا تستطيع أن تحول المسلكية العامة إلى مسلكية تحترم المرأة، وتقدرها كإنسان، لأنها تقبل بالنظرة الدونية إليها من الرجل، وحسب العادات، والتقاليد، والأعراف، وانطلاقا من الدونية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية؛ لأن تغيير المسلكية يقتضي امتلاك الرؤيا الإيديولوجية، والسياسية اللازمة لذلك، كما يقتضي وجود إطارات للنضال من أجل ذلك، ووفق برنامج محدد، يستهدف تعبئة النساء بصفة خاصة، والكادحين بصفة عامة، في أفق العمل على تحقيق ذلك البرنامج.

والمرأة التي تعمل على تغيير المسلكية العامة، إلى مسلكية تحترم المرأة، فإنها تتسلح لأجل أن تصير قادرة على ذلك، بالوعي الحقوقي، والوعي السياسي اللازم للكشف عن الأخطار التي تتهدد مصير المرأة من خلال المسلكية العامة، حتى ينكب الناس على مناقشتها، وانتقادها، من أجل تجاوزها، بإنتاج مسلكية نقيضة، تحترم المرأةن وتقدرها كإنسان.

3) ونظرا لكون المرأة مستلبة بالإيديولوجية الإقطاعية، فإنها تجد نفسها مضطرة، ودون وعي منها، حتى تحافظ على المسلكية الإقطاعية التي تعتبر المرأة مجرد متاع، فتستسلم لهذه المسلكية، وتنخرط في ممارستها، وتفقد القدرة على اعتبار نفسها إنسانا له حقوقه التي يجب أن يتمتع بها على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، باعتبارها أمورا تخص الرجل وحده، الذي يملك وحده التصرف في مصير المتاع الذي بين يديه؛ لأنه في المسلكية الإقطاعية التي تستسلم لها المرأة، لا وجود لشيء اسمه حقوق الإنسان، و لا يتم التفكير أبدا في اعتبار المرأة ذات حق من حقوق الإنسان، فهي رهن إشارة الرجل الذي يتحكم في مصيرها بكل المقاييس الإقطاعية.

والمرأة المستلبة بالإيديولوجية الإقطاعية، لا تستطيع أن تتجاوز المسلكية الإقطاعية تجاه المرأة، إلا بالتخلص من الاستلاب الإيديولوجي الإقطاعي، بامتلاك الوعي بإنسانية المرأة المرتبطة بامتلاك الوعي الحقوقي، الذي يستلزم التشبع بأيديولوجية التحرر والانعتاق، وإلا فإن المسلكية الإقطاعية، هي التي تكون سائدة في حق المرأة، و مهما كان التطور الذي يعرفه المجتمع، في كل بلد من البلدان ذات الأنظمة التابعة، وإلى ما لا نهاية، فكأن التاريخ لا يتغير، ولا يتبدل أبدا.

4) والمرأة، وبحكم الدونية المفروضة عليها، فإنها لا تتحرر من استلاب، إلا لتقع في استلاب آخر. لذلك نجد أنها عندما تتحرر من تكريس المسلكية الإقطاعية كنتيجة للتخلص من الاستلاب الإيديولوجي الإقطاعي، فإنها تقع تحت طائلة الاستلاب الإيديولوجي البورجوازي، لتعمل على سيادة المسلكية البورجوازية تجاه المرأة، مما يجعلها تعتبر نفسها سلعة، وتتوهم أنها بذلك تصير حرة، وأن حريتها تكمن في أن تتصرف بنفسها كما تشاء، لتصير سلعة معروضة في السوق، تمارس كافة أشكال الإغراء على الرجل، وتعتبر أن ذلك منتهى ما يمكن أن تتمتع به المرأة. وهي بذلك تتخلى عن كونها إنسانا، ولا تذكر حقوقها التي تحقق إنسانيتها، ولا تسعى إلى امتلاك تلك الحقوق التي تسحب من مسلكيتها: أنها سلعة، لتصير إنسانا.

والمرأة، كذلك، لا تتخلص من الاستلاب البورجوازي، إلا بامتلاكها وعيها بنفسها كإنسان، وسعيها إلى تمتعها بحقوقها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، التي يمكن أن تحصل عليها، دون أن تعمل على إهدار كرامتها كإنسان.

والمرأة، كذلك، لا تتخلص من الاستلاب البورجوازي، إلا بسعيها إلى امتلاك إيديولوجية التحرر، والتقدم، والانعتاق، و التطور، كسلاح لمحاربة دونية المرأة بصفة عامة، و محاربة النظر إلى المرأة على أنها مجرد سلعة. وإذا لم تفعل، فإن المرأة تبقى مستلبة، ومكرسة للمسلكية البورجوازية تجاه المرأة.

5) وعندما تشرع في إعادة النظر في المسلكية البورجوازية تجاه المرأة، بسبب الاستلاب الإيديولوجي البورجوازي، فإنها تقع تحت طائلة إيديولوجية مؤدلجي الدين الإسلامي، المكرسة لمسلكية مؤدلجي الدين الإسلامي تجاه المرأة، مما يجعلها تعتبر نفسها عورة، وتمارس مسلكية كونها عورة، وتعمل على إشاعتها في المجتمع، وتساهم في إعداد الأجيال الصاعدة على تلك المسلكية، ليتقرر وفقا لتلك الرؤيا المؤدلجة للدين، على أن المرأة عورة، والعورة هي ممارسة يومية، انطلاقا من عقلية تتحكم في مصير المرأة / العورة، للحيلولة دون تحولها إلى المرأة الإنسان.

ولذلك نجد أن مؤدلجي الدين الإسلامي يحرصون على أن تحضر المرأة في الممارسة الإيديولوجية اليومية، حتى يتكرس كون المرأة عورة على المستوى العملي، وعلى مستوى الحياة اليومية. وإذا كان لابد من تأثير على الحياة، فإن مؤدلجي الدين الإسلامي ينتقلون من وضعية المرأة كعورة، إلى العمل على جعلها تقتنع بكونها عورة، وتعمل على تكريس ذلك على أرض الواقع.

والمرأة لا تتحرر من اعتبار نفسها عورة تغرقها في دونيتها، إلا بإعادة النظر في اعتناقها لإيديولوجية مؤدلجي الدين الإسلامي. وللتخلص من تلك الإيديولوجية، يجب العمل على امتلاك الوعي بإنسانية المرأة، وبحقوقها التي ينكرها مؤدلجو الدين الإسلامي، حتى تشرع في النضال من أجل الانعتاق من أسر التصور الذي يعتبر المرأة عورة، وتصير حرة مالكة لأمرها، مساوية للرجل في الحقوق، والواجبات، وفي التمتع بجميع الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن