من رحم التفاهه يولد التافهون

سامي الاخرس
samyakras_64@hotmail.com

2007 / 3 / 5

لكل زمن رجاله وقضاته وثواره وأدباؤه ورموزه ، يعبرون عن نبض الوطن ونبض الشعب بأخلاق الثوار ودماثة المتزنين نفسيا وأخلاقياً ، ولكل وطن قديسوه ممن يزرعوا الأرض بحبات الدم فتنبت ثوره ونضال وأجيال على الدرب ، قديسون يطهروه من دنس التافهين المتسلقين الذين ترعرعوا على هامش التفاهة والتعلق بأذيال الشرفاء ، ولعق مؤخرات أولياء نعمهم ، وفي زمن التفاهة والردة الوطنية يخرج أولئك التافهين من عمق المياه الضحلة الراكدة المليئة بالجراثيم والفيروسات لتبث سمومها وتغزو الجسد العفيف .
فالوطن العربي عامة وفلسطين خاصة تم غزوها من جيوش التافهين ، الدمى صناعه الأسياد ، وعليه فلا بد أن نقبل بيننا وفي أجسادنا هذه الجرائيم لأنه زمن التفاهة ، زمن العبيد التي تريد أن تتعالي على الأسياد ، وتتحرر من شرنقة البذاءة التي عاشت بها وفيها ولكن بلا جدوى ، فتركيبتهم الجسدية والنفسية لا تنم عن اتزان، لأنهم لم يتعلموه في مدارس الوطنية والشرف ، بل تعلموه في حظائر الماشية .
تهل علينا يوميا الجرذان لتتحفنا وتطربنا بخربشات أظافرها على رمال الوطن الطاهرة محاولة تشويه الصفحة الناصعة التي خطها الشهداء بدمائهم عبر مسيرة كفاحية طويلة ، أمسك بها المقاتل الفلسطيني بوطنه همًا وحبا ، ناكراً ذاته متجاوزًا آلامه ، فولد القادة وولد الأدباء من رحم فلسطين الطاهرة ، فدون التاريخ بأحرف من نور قائد استشهد وهو منتصب القامة ، قائد أعترف العدو والعالم بحبه لفلسطين وقضيته ، إنه الوديع " وديع حداد " خاطف الطائرات وصاحب إستراتيجية فلسطين القضية والأمل وصاحب الشعار الأشهر في تاريخ ثورتنا المعاصرة " وراء العدو في كل مكان"، فحاول التافهون تشويهه والنيل منه تاريخيًا ، مرددين ما حاول العدو الصهيوني ترديده لتشويه خاطف الطائرات للتعريف بقضيته ، وقائد الفعل العسكري المميز ، ولكن هيهات هيهات فالكلاب ترقص على جثث الأسود، فتبقي الكلاب كلاب، والأسود أسود ، وعلى الضفة الأخرى يبتسم القلم ويرسم أرض البرتقال الحزين وأم سعد ، ويتعملق جبلاً صامداً يحفر على صخوره اسم فلسطين ، شهيد الأدب والكلمة القضية " العظيم غسان كنفاني ، ولا زالت رام الله تشهد وتدون بدم أبو على مصطفي اسم حزب لم ينكسر ولم يتنازل ولم يتجرع كأس النذالة ، فتعالي عن كل المؤامرات الداخلية والخارجية وقال " لا " لحكومة السقوط ، لن اسقط كما سقط اللاهثون خلف الوزارات ومليارات الملوك ، كلمة " لا " رسمها الفارس سعدات على جدران سجن أريحا ومعه من ثأروا لأمينهم العام ولشعبهم خلال شهر، قتلة زئيفي العنصري ، رسمها الأبطال بلا صواريخ وقاذفات ومضادات دروع ، بلا فتاوي تكفر وتلعن وتخون ، بلا أقلام تافهة تسعي لنيل أحد المقاعد في سلم التحزب ، تلهث وتسابق الزمن لتلحق بركب من لحقوا بسفينة مد فوعي الأجر .
إنهم رفاق تكاثفوا وتضامنوا خلف فلسطين ، آمنوا بالشراكة بالدم والتوحد ، أما شراكة المصالح والتقلب حسب حالة المناخ فهي شراكه من أرادوا الاستيزار على حساب شعبهم وقضيته العادلة .
نتجاوز آلامنا ونحلق نسوراً في سماء وطننا نرسم الملحمة مع فصائل الفعل الوطني ، نتجاوز جرحنا ونتوحد أمام عدو واحد هو عدو فلسطين ، نجير أقلامنا لفلسطين ولشعب فلسطين ، ندفع الثمن من دمنا ودم أبناءنا ، ومن مواردنا الخاصة ، فصنعنا ثورة ، وخضنا معترك نضالي ، لم نبحث عن منبر فضائي أو موقع الكتروني لنثبت للأسياد إننا نمارس ما لم يمارسه الاحتلال ، ونستطيع أن نشعل فتيل الموت في كل مكان .
فهو فعلا زمن التفاهة زمن هؤلاء الذين لم تكتحل أعينهم يوما بتراب فلسطين ، ولم يغتسل جسدهم بماء الوطن المقدس ، تقوقعوا بأحضان النعيم وخرجوا من بوتقة التفاهة ليزاودوا على أسيادهم . يتحدثون عن اليسار وهم لا يعرفون ما هو اليسار ، يعتزون بيمينيتهم وهم يجهلون ما هي اليمينية ، يدعون الإيمان بالله وهم ابعد عنه بالممارسة العملية وبمخالفة كل تعاليمه السمحة ، ويتجاوزون على عبيده ظناً أنهم بهذا قد يتحولوا إلى أسياد ، يرتادون المساجد مراءاة معتقدين أنهم يخدعون الله والناس وما يخدعون إلا أنفسهم ، وان خاصموا فجروا ، وهم لا يترددوا في سوق الأكاذيب .
فأنتم بزمن الخضوع ، زمن لا يوجد به مكان سوي للصوص الأراضي ، ولصوص لقمة العيش من أفواه الجياع ، والمتسلقين على فراش ناعم مستورد ، وأثاث تزيين قلاعهم العاجية ، إنه زمنهم وزمن الجراثيم الناطقة . أما الشعب فيعرف أبناءه البررة وكما يقول المثل " لا يبقى في الواد إلا حجارته " ، والأيام حبلى بالوقائع ولن تنثني أقلامنا.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن