مشروع تركيب إيقاعي من الطويل والبسيط

محمد المهدي السقال
sikal180@gmail.com

2006 / 10 / 19

ورقة إطار :

هل نحن بحاجة إلى زيادة وزن شعري ؟
بعيداَ عن الحوار العقيم حول فاعلية العودة إلى أصول موسيقى المتن الشعري العربي ,
بين القائلين بتبنيها قواعدَ لتأليف الجملة الشعرية ,
والداعين إلى رفضها تحرراً من سلطتها على التعبير الوجداني .
و تجاوزاً للأحكام المسبقة ,
حول خلفيات الصدام المفتعل بين القبول والرفض ,
أعود إلى مشروع الوزن الشعري العربي القديم ,
لتقديم اجتهاد متواضع ,
يحاول طرح تصور إمكانية صياغة وزن عروضي تركيبي ,
يستند إلى المتداول في بحري الطويل والبسيط ,
باعتبارهما مهيمنين موسيقيين على الخطاب الشعري العربي قديمه وحديثه ,
كما تثبت ذلك إحصاءات الاستعمال عند المقلين أو المكثرين ,
على امتداد التاريخ الشعري العربي الذي تم مسحه إلى الآن .
لماذا المحاولة ؟
لقد تم استبعاد القول بوجود علاقة ما بين الوزن والغرض ,
أو ما يمكن اعتباره تلازما بالضرورة ,
بين المبنى الإيقاعي والمعنى الشعوري ,
بحيث تم الاشتغال على البنية العروضية للوزنين ,
على أساس ما يجمع بينهما من عناصر الاتصال ,
أو يؤلف بينهما من مكونات التجاور النغمي .
وفي البدء وفي الختام ,
فكما أن امتلاك زمام العروض لا يخلق شاعرا ,
مع الافتقار إلى حاسة الشاعرية ,
فإن امتلاك الحاسة الشاعرية لا يخلق شاعرا ,
مع الافتقار إلى المعرفة بالدربة العروضية .
موجز التصور:
يمكن تركيب وزن شعري عربي ,
يستند إلى الرصيد العروضي القديم ,
دون أدنى تعارض مع الإيقاع النغمي للجملة الشعرية العربية ,
ومبرر المحاولة ,
السعي إلى الإضافة النوعية من الداخل ,
لما يمكن اعتباره حاجة تقتضيها ضرورة التحول في الذائقة الشعرية العربية ,
والمنطلق في ذلك ,
وجود خصوصية التعدد والتنوع الممكن استثمارهما في التوسع ,
دون التضييق على الإيقاع بالتكرار المحكوم بالانضباط القسري للازمة ثابتة , يمكن أن تؤدي إلى النفور و التبرم ,
ولعل في المحاولة ,
ما يمكن أن يعيد الاعتبار للوزن الشعري في النص العربي الحديث ,
بتوفير هامش من الحرية في حركة الجملة الشعرية ,
ضمن الإطار الكلاسيكي المحدود بالبيت بشطريه صدراً وعجزاً والمقفى بوحدة روي عمودياً ,

والوزنان المعنيان بالتركيب هما :
الطويل والبسيط .
بحيث يتشكل البيت الشعري في صدره من الطويل :
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن
بينما يكون عجزه من البسيط :
مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن
والنتيجة :
فـعـولن مـفـاعـيـلن فـعـولن مـفـاعـيـلن
مـسـتـفـعـلن فـاعـلن مـسـتـفـعـلن فـاعـلن

*********************
قبل التفصيل في دواعي محاولة التركيب ,
لا بأس من التذكير بالقواسم المشتركة بين الوزنين ,
وما يتصل بهما من جوازات مجمع عليها ,
زحافا في الحشو أو علة في العروض والضرب ,

*********
الطويل
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن
البسيط
مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن
وهما ثمانيان من حيث عدد التفاعيل فعولن مفاعيلن أربع مرات ,
ثنائيان من حيث قيامهما على تفعيلتين فعولن مفاعيلن و مستفعلن فاعلن, ضمن البحور المزدوجة التفعيلة ,
يتساويان في حساب مجموع الحركات والسكنات , بأربع وعشرين ,
على قاعدة عامة قوامها عشر سكنات والباقي حركات .
أما من حيث بنيتهما العروضية الكلية ,
فإنهما قد يبدوان متفاوتين نبرا على التقابل ,
لأن الأول يبدأ بما ينتهي به الثاني ,
فبينما تتصدر فعولن وزن الطويل , تأتي فاعلن في عروض البسيط أو ضربه ,
ويحدث العكس مع وضعيتي مفاعلن و مستفعلن ,
إذ يأخذ التصدر بالثانية موقع الحشو في الأولى .
وبالتقطيع العروضي , لتلك البنية ,
يتبين أن ثمة أصلا يجمع بينهما على أكثر من مستوى ,
يرتبط بذلك أيضا , ما يتصل بالبنية الجزئية ,
سواء على مستوى التوازي بالقلب , إذ تعتبر فعولن مقلوبة فاعلن , بينما تعتبر مفاعيلن مقلوبة مستفعلن .
أو على مستوى ما تم الإجماع عليه من جوازات الوزنين , إذ
يحذف ثاني مستفعلن في الحشو زحافا بالخبن
يحذف ثاني السبب الخفيف أو يسكن في فاعلن زحافا في الحشو الخبن و علة في الضرب
ويحذف آخر فعولن زحافا في الحشو القبض.
كما يقبل حذف الخامس في مفاعيلن زحافا في الحشو بالقبض أو علة في الضرب.
الزحاف طارئ متغير في السبب صدرا وعجزا عروضا وضربا.
العلة لاحقة ثابتة في السبب عروضا وضربا على الالتزام.
يشتركان في الخبن والقبض دون سواهما .
من اللافت للنظر في شأن العلاقة بين الوزنين ,
أنهما بأصلهما الثابت في العروض النظري كما تقر به تصنيفات الأوزان التعليمية,
يظلان منسجمين في تحولاتهما الممكنة وفق ما يصطلح عليه بالجوازات في التطبيق ,
بحيث يحافظان على نفس التوازن الإيقاعي كما وكيفا , بعد استنفاذ إمكانيات التجوز العروضي في كل من الوزنين ,
الطويل :
ـ ـ 0 ـ 0 ـ ـ 0 ـ 0 ـ 0 ـ ـ 0 ـ 0 ـ 0 ـ 0 ـ ـ 0
يـؤول إلى :
ـ ـ 0 ـ ـ ـ 0 ـ ـ 0 ـ ـ 0 ـ ـ ـ 0 ـ ـ 0
بعد قبول إمكانية التجوز بالحذف في أربع سكنات.
و البسيط :
ـ 0 ـ 0 ـ ـ 0 ـ 0 ـ ـ 0 ـ 0 ـ 0 ـ ـ 0 ـ 0 ـ ـ 0
يـؤول إلى :
ـ ـ 0 ـ ـ 0 ـ ـ ـ 0 ـ ـ 0 ـ ـ 0 ـ ـ ـ 0
بعد إمكانية سقوط نفس العدد .
مع ملاحظة الحفاظ على نفس الحركات فيهما معا ,
مما يقوى الاعتقاد بأن البحرين العروضيين ,
يقبلان التجاور على التكامل بين متقابليهما في التفاعيل .
هل في ذلك ,
ما يقرب الشاعر الباحث عن تيسيير الإيقاع من التعاطي مع البنية الموسيقيةالشعرية العربية
*********
لعل الذي سيختار شعر التفعيلة بالمراوحة بين التفاعيل في البحر الواحد ,
على أساس السطر الشعري دون البيت ,
قد يجد في الانتقال من صدر الطويل إلى عجز البسيط ,
استجابة للحاجة إلى التقابل بين المقلوبات من التفاعيل ,
كأنه يصل أول تفعيلة بمقلوبها كسرا لرتابة التوالي في الأعاريض أو الأضرب , وهو ما يمكن أن يسهل أمر الاستئناس بوحدة الروي ,
بالميل إلى استعادة الاستدارة الحلزونية المطلوبة في التناغم الإيقاعي للجملة الشعرية .
أما بعد ,
فلست أدعي ابتداعا حين أحاول الجمع بين البحرين ,
ولكني أستطيع ادعاء الاجتراء على التطبيق , في إطار المحاولة القابلة لكل نقد بناء .
*************
للتـمـثــيــل فقط :

مضيـتُ الهُـوَيْـنى أسـأل العـمر نـازفـاً
بالمُـرِّ مـن شـجـن الأحـزان فـي الخِـرَبِ

فـتحـتُ عـيـوني ليـتـني ما فـتحـتُـها
والقـلـبُ مُـنْـفَـرِطُ الأحْـشـاء بالـكُـرَبِ

يُـعَـيِّــرُنـي ظِـلِّـي هـــزيــمَ إِرادةٍ
ما انْفـكَّ يُحْـبِـطـها مـيْـل إلى الـهـربِ

إلى آخر القصيدة / التجربة :

أَمَـا عَـلِــمَـتْ أنَّ الـتَّــزَلُّـفَ زَائِــلُ ُ
كَالنَّـقْـشِ في جُـرُفِ الأنْـهَـارِ بالْـقَـصَبِ



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن