لتعتذر هذه الأمة أولا----تقول الحكمة: انت أفضل ابن شرير لوالد شرير--

سلطان الرفاعي

2006 / 9 / 18

ديننا لم ينتشر بالسيف ولا (بالنقيفة). ديننا انتشر بالحوار والكلمة الطيبة. وكل من لا يُصدق ذلك، فليراقب ما يحدث اليوم في العالم العربي والإسلامي. بسبب كلمة ظهرت في محاضرة، وليس تصريح رسمي. يُراقب، ويرى مدى تسامحنا، وبُعد نظرنا، واستعدادنا الكبير للتحاور. فنحن لا نخاف من الكلمة، ولا تُرعبنا الأفكار، فنحن بُناة حضارة عظيمة، وليست هشة، حتى تطير مثل القشة في مهب الريح إن صادفت جملة هنا، وكلمة هناك. فديننا أقوى من أن تهزه عبارة ما. ولكن من أجل الاحتياط، وحتى، لا يتمادى أحد، ويكشف المستور، لذلك فنحن نُجيش الجيوش، ونُصدر البلاغات، ونُطالب بالاعتذارات، والا، فقطع الأعناق وطرد السفراء وإظهار كل الغباء.



يبدو أن الغرب لم يعد بحاجة إلى أن يتعرف إلى هذا الدين أكثر، فمن غزوة منها تن، إلى معركة الدانمرك، إلى موقعة الفاتيكان. فلم يعد هناك مجال للشك، في مقدار الحضارة، والمحبة، والتسامح، والأخلاق التي يحملها أتباعه، وما خفي أعظم. عنوان المكتوب والرسالة التي وصلت إلى العالم، واضحة من عنوانها الأبرز: ممنوع نقد هذا الدين، ومسموح نقد وتكفير كل الأديان الأخرى. ممنوع صدور أي همسة، أو حرف، أو كلمة، تنتقد هذا الدين الحضاري، فيهوه، سيهتز عرشه، لو سمع أن هناك من ينتقد ما صنعت يداه، وما خلفه في هذا الكون. ولو أن محكمة مجرمي الحرب طالته، لحكمت عليه، بسبب ما أنتجه من محبة وتسامح ورحمة وأخلاق حميدة.



عليهم يا عرب، يا مسلمين، وماذا وراءنا؟ التخلف والأمية والعدوانية والجهل، تلفنا من الجهات الأربعة، والبطالة، والغباء، وظلمة العقل تتملكنا، وليس لنا إلا أن نخرج، ونشتم هذا، ونُهدد ذاك، ونعمل كل جهدنا، على تدمير الحضارة، ومن ثم العودة إلى خيامنا الجسدية والعقلية، ونحن لا نخاف من أحد، ولا نخسر شيء، فأملاكنا كلها فوق في الجنة، قصورنا، وأسرتنا. وما علينا إلا أن نُقوض هذه الحضارة الزائفة، ونقلب عاليها واطيها ، ونُخرب الكون، ونستعد للانتقال إلى أملاكنا السماوية.



يقوم قادة هذا الشعب، والذين يُدعون علماء، نسبة إلى العلم؟؟!!! ، بتحريض الغوغاء، ودفعهم أكثر وأكثر، إلى الهياج والتظاهر عبر التصريحات والبيانات الحاقدة، فها نحن نسمع شيخ الأزهر يتحدث عن جهل البابا الأكاديمي بالدين الإسلامي، وآخر يتحدث عن تصرفات رجال الكنيسة، وغيرهم يُطالبون بسحب سفراء الفاتيكان المتخلفين حضارة وأخلاقا، من الدول الحضارية الراقية المُحترمة في كل مكان وزمان. حتى وصل الأمر إلى السيد فرفورة، والذي يُريد إيضاح من الفاتيكان. أما رئيس الوزراء الإرهابي الآخر فهو يُهدد ويتوعد، مع العلم أن ثلاثة أرباع وزرائه معتقلين في السجون الاسرائيلية اليهودية المباركة.

هذا الحقن الحاقد ، وبدلا من التسليم بخطورته، يعملون على تفعيله ، في سبيل زيادة عدد الغوغاء المذعنين والذين يُغذون حقد هؤلاء العلماء أنفسهم ، الغوغاء الغافلين عن حقيقة أن الثمن النهائي هو قصور نمو التقرير الفردي لهذا وذاك، أو حتى موته. وهذا نوع من المعوق النفسي الذي يُعوق نضج الأنا عن طريق تشجيع اللا مسؤولية وفقدان الأخلاق عندما ينتمي دماغ الفرد وقلبه إلى عالم آخر. وكلاءه على الأرض، أكثر حقدا وجهلا ودموية من الغوغاء أنفسهم.

إن هؤلاء الغوغاء، والذين تقودهم كلمة، وتُلهب حماسهم نظرة، وترفع حرارتهم إشارة. لن يكونوا قادرين أبدا على التصرف بطريقة أخلاقية إنسانية حقا. لأن عالمهم ليس أرضي ، بل فضائي دموي غيبي . فهم يتجاهلون فضيلة الإنسانية البشرية، ومبادئ العيش المشترك، والحوار الحضاري، وقبول الآخر وفكره ورأيه. وبسبب غيبيتهم، وتعلقهم بالفضاء الخارجي فقط، فهم لا يرون أن هناك حاجة لأي نوع من السلوك الرفيع. ليس للغوغاء أخلاقية لأنهم لا يتمتعون باستقلالية التفكير، والتمييز، والمحاكمة: بل إن غوغائيتهم هي التي تتحكم بسلوكهم وتوجهاتهم.

هذه المخلوقات، والتي تجتمع في الجامع، والذي اسمه جامع، من أجل أن يجمع الناس، ويحضهم على المحبة، والصلاة، واحترام الآخر. هذه المخلوقات، تذهب إلى الجامع، وفي رأسها هدف واحد: كيف نُظهر للعالم حقيقتنا؟ وما الوسيلة التي سنستعملها ليعرف الجميع أننا ننتمي إلى هذا الدين وليس إلى غيره؟

نلاحظهم، يجتمعون، العامل، والطبيب، والمهندس، الفقير والغني، الجاهل والمثقف، ,ومجرد تجمعهم، تدب فيهم روح جماعية شريرة، تجعلهم يشعرون، ويتصرفون، بطريقة تختلف تماما عن الطريقة التي فيها، يشعر ويُفكر، ويتصرف كل واحد فيما لو كان لوحده.والفرد الذي يُصبح جزءا من الغوغاء ، يُظهر صفات جديدة هي تجسيدا دقيقا لعدم وعيه الفردي؛ وهو جهاز يحوي بذرة كل ما هو شرير في هذه الروح.. وتتلاشى كافة أنواع الكبت عند مجموعة الأفراد التي تخرج من الجامع، في حين تستيقظ عندهم كافة الغرائز الوحشية، والبهيمية، والتدميربة، والبدوية.

ما نشهده اليوم ليس إلا صورة واضحة، وجواب على تساؤل حير التاريخ: كيف يستمر الشر وينمو؟ ويبدو أن للشر كما الخير رجالاته وعلمائه وزعمائه الذين يُدافعون عنه، وينفخون في أتباعه، كل حقد وكره تجاه الآخر وحضارته وأخلاقه وعلمه وتطوره.



هل من المعقول أن لا نجد عاقل واحد بين كل هؤلاء؟

ألا يوجد عالم، فقيه، أي حاجة، يستطيع أن يُقدم صورة حسنة عن التسامح والمحبة، المفروض تواجدهم في كل دين حقيقي؟



الإرهاب الفلسطيني من ذبح وسرقة البنوك اللبنانية، إلى مهاجمة الكنائس في فلسطين، مرورا برفع صور ألزرقاوي وابن لادن، ومد أسمطة العزاء لأولاد الطاغية صدام، يقطع طريق الإرهاب على اليهود، ويتفوق عليهم. ويُقدم قدوة حسنة للغرب تُساعده على حسن تقييمه لمدى أخلاقيتهم وأدبهم، ورغبتهم في العيش المشترك/ مع أخوة وأعداء معا .



يقول فرانسيسكو جابرييلي في كتابه تاريخ الأدب العربي:

((عبرت الشخصية التراجيدية للإمام علي بشكل عاصف، وهو الشاعر والفارس ----والذي تفوق عليه معاوية المخادع والوالي على الشام.)). ويبدو أن الأمور ستبقى هكذا، ويبقى الخداع والنفاق والإرهاب، يتغلب على الرحمة والتسامح والسمو في هذا الدين.



عندما نذكر بفخر عددنا الكبير (تكاثروا حتى أباهي بكم الأمم).فان هذا يُشبه الذي يفخر بسمنته وعدد الكيل وغرامات التي يملكها. متى ستبدأ هذه الأمة بالإعلان عن عقلها وتطورها ؟

أين قوانا؟

أين علومنا؟ وآدابنا؟

أين إبداعاتنا ومساهماتنا من أجل الخير العام؟

أم سنبقى عالة على البشرية لأبد الآبدين؟




جملة مقتبسة من فلم أجنبي يُعرض الآن:

أنت أفضل ابن شرير لوالد شرير. !!



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن