الذكرى الخامسة لهجمات11 سبتمبر...واستمرارية الأرهاب

صباح قدوري
kadduris@yahoo.com

2006 / 9 / 13

بالرغم من مرور فترة خمس سنوات على هجمات مركزي التجارة الدولية في نيويورك ،الذي اصبح اليوم مكان للذكرى وكذالك المتحف، ووزارة الدفاع/بنتاغون في واشنطن، في 11ايلول/سبتمبر 2001، الأ ان لأتزال الرعب والخوف وعدم الطمانينة، مسلطة في اذهان عامة الناس، وبشكل خاص على الشعب الأمريكي ،الذي اقام احتفالأت رسمية وشعائر دينية وتقليدية على نطاق البلد بهذه المناسبة . منذ قيام الولأيات المتحدة الأمريكية بشن الهجمات على افغانستان، وفق ما اسمته واشنطن ولندن والدول الغربية الأخرى في حينه "بالحرب على الأرهاب "، ومن ثم شن الحرب ايضا على العراق واحتلأله. فان التطرف ما زال في ازدياد. العراق اليوم هو افضل ميثال على ذلك ، اذ تحول هذا البلد من جراء الأرهاب منذ سقوط الصنم وحتى الأن، الى بركة من الدماء، ويصل معدل اليومي لضحايا الأرهاب فيه الى اكثر من 100 قتيل، والحالة ليست احسن في افغانستان. وحذر ديك شيني في المقابلة التلفزيونية له ، بان الأرهاب القادم على بلده ، يكون نتائجها اخطر من الذي حدث في 11 سبتمبر قبل خمس سنوات.اليوم تشكل المجموعات الأرهابية، شبكة عالمية ، تقوم بتنفيذ مخططات ارهابية بشكل منسق ومنتظم ومستمر، في كثير من البلدان العالم. أن ازدياد التطرف في الأعوام الأخيرة يرجع في بعض الاحيان عن انحراف الحرب على الإرهاب عن أهدافها. اذ ان بعض القيم التي يسعى الغرب ، وخاصة الولأيات المتحدة الأمريكية إلى نشرها من خلال الحرب على الإرهاب ، مثل العدالة والديمقراطية وكرامة الإنسان، تعرضت لهزة بالغة، اثر افتضاح أمر تعذيب السجناء في سجن أبو غريب، وفشل مخططات الأمريكية وحلفاءها لحد الأن في حربها واحتلألها للعراق وافغانستان. فعلى الرغم من أن الدعوة إلى التطرف لاقت بعض الآذان الصاغية، إلا ان غالبية المسلمين ما زالوا يتحلون بالاعتدال، وخصوصا في الدول التي تعرضت للعنف من قبل جماعات متطرفة مثل السعودية والأردن والعراق وغيرها. تشير صحيفة الأوبسرفر إلى الأستطلاع للرأي اجري مؤخرا في مصر يمثل مفارقة. فعند سؤال المشاركين في الاستطلاع عن أكثر الدول التي يكرهونها وأكثر الدول التي يطمحون السفر إليها ، كانت الولايات المتحدة هي الأولى في الحالتين. وتستدل الصحيفة من ذلك إلى ان الغرب ما زال يحظى بتقدير الكثيرين.
بعد انهيار المنظومة الأشتراكية في نهايـة الثمانينات من القرن الماضي ،ومنذ حرب الخليج الثانية، دخل العالم في مرحلة جديدة من الصراع والعنف. اذ اعلنت الولأيات المتحدة الأمريكية ، بانها تقود العالم ولو من الناحية (النظرية ) ، نحو مايسمى بالنظام العالمي الجديد، مبنيا على اسس حماية مبأدئ حقوق الأنسان ، بناء مؤسسات المجتمع المدني ،وتطوير مفهوم الديمقراطية وممارستها بشكل فعلي في الحياة اليومية ، مع مضي قدما نحو العولمة الأقتصادية ، وفرض سياسة اقتصاد السوق- الحر بدون قيد وشروط ، تمهيدا للألتحاق بدعاة الفكرالنيوليبرالي ، وتطبيقه في كافة مجالأت الحياة . من اجل ترجمة هذه الأيدولوجية، ووضعها قيد التنفيذ ومن ثم التحقيق، اذ تصاعد حملأت المطالبة بتوسيع رقعة الحرب ضد ما يسمى "بالأرهاب" من قيل الدوائر المعنية في الأدارة الأمريكية، مباشرة بعد الحرب على افغانستان ، وهو ما اشار اليه بوضوع في حينه نائب الرئيس الأمريكي ديك شيني، عندما قال بان ما يجري في افغانستان، انما هو المرحلة الأولى من الحرب، وما اكده رئيس الأركان الأمريكي بعد شهر ونصف من الهجمات، اى بالتحديد في 22/ 10/2001 على امتدادها الى " الحرب الشاملة" ، وانها ليست فقط ضد الأرهاب ، بل ايضا ضد اسلحة الدمار الشامل، ان الذريعة على وجود هذه الأسلحة في العراق ، كان سببا مباشرا الذي حمل كل من الرئيس بوش ورئيس وزراء توني بلير ، لأتخاذ قرارهما السياسي في اذار2003، بخصوص شن وتنفيذ الحرب على العراق واحتلأله ، بينما صرح وزير خارجية امريكا في حينه صراحة بان "بعد الأنتهاء من القاعدة سنولي اهتماما للأرهاب في جميع انحاء العالم. واكد الرئيس بوش، في خطاب له قبل اسبوع ، بانه سيغير طريقة معالجته للفوضى السياسية المتفاقمة في العراق، ومنع وقوع اي هجوم اخرعلى بلأده ، عن طريق توسيع رقعة الحرب ضد الأرهاب. وفي هذا الوقت ،صدر في الأسبوع الماضي تقرير جديد من الكونغرس الأمريكي ، يوكد على ان العراق لم يمتلك اسلحة الدمار الشامل ، وان صدام حسين ، لم يكون على العلأقة مع جماعة القاعدة في حينه . وبهذا النهج ايضا ،تؤكد وزيرة الخارجية الأمريكية كندوليزا رايس ، بان بلدها لأتتخلى عن المعركة ضد الأرهاب في العراق ،اواي مكان اخر ، وهي تعني ايضا ، بان بلدها اليوم في امان اكثر من قبل ، ولكن لأيزال ليس على وجهة المطلوب .

اليوم يطرح السؤال نفسه، اين كان واشنطن من الأرهاب المحلي والعالمي ، واين يقف اليوم؟. بعد ان ساعد النظام العراقي في حينه في الحرب ضد ايران وضخه باسلحة الدمار الشامل وخصوصا الأسلحة الكيمياوية ،التي ضربت بها حلبجة الشهيدة ،الوقوف بوجه انتفاضة الشعب العراقي في اذار1991، ومساعدة بن لأدن وطالبان في المقاومة الأفغانية ضد الحكومة الشرعية في كابول ، ومد تلك التشكيلأت بالمال والسلأح والمعلومات واقامة المعسكرات على حدود باكستان- افغانستان وتوسعت فيما بعد لتشمل سودان واليمن واقليم كردستان العراق وغيرها ، والأن ادرجت هذه القواعد وغيرها ضمن قائمة الأرهاب! ، وقف بجانب اسرائيل في حربها القذرة ضد الشعب الفلسطيني ومنظماته بالأمس واليوم، واعلأن الحرب مؤخرا على لبنان، بحجة تصفية حزب الله ، الذي هو اليوم ايضا ضمن قائمة الأرهاب، ومساعدة الجنرالأت وعصابات الكونترا بالأسلحة والمال والخطط لضرب الأنظمة الوطنية في كل من تشيلي عام 1973 ، نيكاراغوا ، بوليفا ، واليوم كوبا ، وفنزويلى ، سوريا، وايران من "محورالشر" وبحجة استخدام الأخيرة مفاعلها النووي في صنع القنبلة النووية ، ومساعدة تركيا لضرب عناصر الحزب العمال التركي، وهو ايضا مدرج ضمن قائمة الأرهاب، نشر ثقافة الأرهاب والعنف والعدوان، والمحاصصة والتفرقة الطائفية والعرقية والمذهبية والدينية والحزبية والقومية الشوفينية بين ابناء الشعب العراقي . وتقف اليوم حلفاء الولأيات المتحدة وراء فرق الموت والتطهير العرقي، وكذلك ترك الحدود مفتوحة ، مما تقود هذه الحالة البلأد الى أبواب حرب اهلية. بعد ان تبخر احلأم الديمقراطية والأستقلألية والسيادة، والشرعية الدولية، وحرية الأنسان والرفاهية والأزدهار والتقدم الأقتصادي والأجتماعي .
ان اقدام الأدارة الأمريكية على خيار نهج الحرب ، ردا على الهجمات الأرهابية ، تشكل كارثة كبيرة ، ستعود على شعبها وشعوب العالم بعواقب وخيمة ، وهي تهدف لبسط هيمنتها وتوسيع رقعتها ، خدمة لمصالها الأستراتيجية من جهة، وتشجيع بن لأدن واعوانه لمعاودة الهجوم مرة اخرى لأسمح الله ، مستخدما بذلك اساليب الكيمياوية ،وذلك لحيازتهم على كميات كافية من المواد المشعة يمكن استخدامها في صنع قنبلة نووية،واستخدام متفجرات تقليدية من جهة اخرى. وتؤكد اكثر كتاب الأمريكيين ، بان بلدهم لأيزال على راس القائمة لتعرضه الى العمليات الأرهابية ، وتلي بعد ذلك في التسلسل كل من المملكة المتحدة ، الدنمارك وفرنسا وغيرها.اليوم تعيش الشعوب العالم في حالة من القلق والرعب والهيستريا ، ازاء احتمالأت تعرضعها لهجوم باسلحة بيولوجية ، كيماوية او سامة وغيرها، مستخدما بذلك طائرات رش المحاصيل بالمبيدات في هجمات جرثومية.

تستنكر وتدين بصراحة قوة من العالمين الرسمي والشعبي ، التي تحترم وتقدس الحريات العامة، وتدافع عن حقوق الأنسان كل شكل من اشكال الأرهاب على الصعيدين المحلي والعالمي ،باعتبارها جريمة لأ يمكن تبريرها على الأطلأق، سواء على يد الحكومات والأنظمة الديكتاتورية ،او تلك التي تدعي الديمقراطية بدون الممارسة ، او اذ امتد هذا الأرهاب الى الخارج حدود الدول ، او مخططات البنتاغون والمخابرات المركزية ، ليشمل ارواح الألأف من الأبرياء ، بحجة محاربة "الأعداء" كما يحصل ذلك يوميا في العراق وافغانستان، وعلى يد الأرهابين في الحكومة الأسرائلية ضد الشعب الفلسطيني والشعوب الأخرى التي تدافع عن حقها ، وتتطلع الى الأمن والأستقرار ، والعيش الكريم في ظل الحرية والديمقراطية .اليوم تقع على الأدارة الأمريكية مسؤولية جسيمة، اتجاه ما يحدث من العنف والأرهاب ، والتدخل السافر في شؤون الداخلية للدول، واستهتارها بمصير ومقدرات شعوب العالم ، جاعلة من قواتها دركيا دوليا متغطرسا في بلأد الأخرين . على هذه الأدارة والأدارة القادمة ، ان تعيد النظر في حساباتها ، عن طريق مراجعة سياستها العدوانية وغطرستها ، والأحتكام الى العقل والحكمة ، واتخاذ الأجراءات الكفيلة باجتثاث الأسباب الحقيقية للأرهاب ، وتجفيف منابعه ، والتاكد من هوية المجرمين والأرهابين ، ومتابعتهم قانونيا وبشتى الطرق السلمية ، قبل الدخول الى عالم القوة والحرب .وبهذا الصدد يقول الملياردير والشخصية السياسية ورجل الأعمال الأمريكي جورج سوروس في كتاب صدر له حديثا حول العولمة "ان على امريكا ان لأ تعتز بقوتها كثيرا ، فالقوة لأ تدوم دائما ينبغي عليها ان تفكر باتباع سياسة اخلأقية فيما يخص العلأقة مع العالم الخارجي ، اذ ما ارادت النجاح في القضاء على الأرهاب . هذه السياسة الأخلأقية تتمثل في محاربة جذور الأرهاب واسبابه ، اى الفقر والجوع والجهل والأستبداد السياسي، فهل ستعي امريكا ان مصلحتها تكمن في اتباع سياسة اخلأقية لأ سياسة مكيافيلية او ذرائعية ؟ هذا هو السؤال الأساسي المطروح في المستقبل ، والأجابة عنه سلبا او ايجابا سوف تحسم مصير العالم " .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن