أيادي نظيفة تتصدى لبؤر الفساد بمحكمة الاستئناف بتطوان

عزيز الهلالي
azizhilali2005@yahoo.fr

2006 / 8 / 6

نشر في " الصحيفة المغربية " العدد45/ 2006 وتحت عنوان " قضاة متورطون في تلقي رشاوى من تجار المخدرات" ملفا متكاملا عن أشكال الفساد الذي ينخر جهاز العدالة بمحكمة الاستئناف بتطوان، بهذه المناسبة أسمح لنفسي وباعتباري أحد الموقعين على إعلان تطوان باسم " جمعية محاربة الفساد وهدر المال العام" والذي تزامن مع الذكرى 57 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان وكذلك مع اليوم العالمي للفساد( 09 دجنبر ) أن أضع القارىء في السياق العام الذي أتت فيه الرسالة، والتي تحمل عنوان" رسالة للتاريخ" الموقعة من طرف مجموعة من المحامين بهيئة تطوان ونقيب سابق بهيئة الرباط، أو لنقل أسباب النزول الرسالة والتي هي نتيجة تفاعلات محلية ووطنية وتقارير دولية.


تعتبر تقنية كتابة رسائل إلى جهات عليا تمتلك سلطة القرار، آلية من آليات فضح التظلم. لكن رسالة موقعة من طرف مجموعة من المحامين بهيئة تطوان ونقيب سابق بمدينة الرباط تنفرد عن هذا العرف، حيث اختارت المرسل إليه لا هو بشخص أو مؤسسة أو هيئة...بل صيرورة اسمها حضرة التاريخ، مستهلة الشكاية على النحو التالي:
جناب السيد المحترم التاريخ
الموضوع: شكاية بشأن وضع القضاة بالمغرب.
والمقصود بالتاريخ هنا الرأي العام والمجتمع المدني والحقوقي وكل الضمائر الشريفة بهذا الوطن مدعوة لمناهضة جرائم الفساد. ومضمون الرسالة فضح الفساد والفوضى وغياب قيم النزاهة والاستقامة بجهاز العدالة بتطوان. وإذا كانت الحملة التطهيرية التي شملت قضاة في حملة الرماش ومن معه سنة 2003 وتعيين المسؤولة الجديدة على محكمة الاستئناف أعطت "بوادر تفكيك شبكة المصالح والعلاقات المالية بين الأطراف" فإن رؤوس الفساد أيعنت من جديد لتنتعش مرة أخرى في ملفات المخدرات والعقارات والترامي على ممتلكات الغير...في إطار صفقات مالية مشبوهة تصل إلى شراء البراءة أو التخفيف من العقوبات...
وتأتي هذه الرسالة في سياقات متعددة لكنها تتكامل في نقطة واحدة ألا وهي محاربة الفساد بكل تلاوينه ونذكر من هذه السياقات الآتي:
1- يمكن اعتبار هذه الرسالة جزء من تفاعلات محلية ووطنية للمجتمع المدني والحقوقي والذي يرمي إلى تنفيذ اتفاقيات الأمم المتحدة والمتعلقة بمكافحة الفساد وتجريم ناهبي المال العام. وفي هذا السياق نذكر مبادرة جمعية ترنسبارنسي المغرب والتي تقضي بإقرار مدونة للأخلاق داخل المؤسسات العمومية والخاصة، وكذلك تنظيم محاكمة رمزية للهيئة الوطنية لحماية المال العام، ثم تنظيم علاقات تنظيمية في إطار الحزب الاشتراكي الموحد من خلال مدونة السلوك التي أقرها في مؤتمره الاندماجي... كل هذه المؤشرات تصب في اتجاه خلق مناخ الشفافية وقيم النزاهة كعناصر أساسية للولوج بوابة اسمها الانتقال الديمقراطي.
2- خطاب العاهل محمد السادس بمناسبة عيد العرش 30/07/2006 الذي ركز فيه على " تخليق الحياة العامة بمحاربة الرشوة ونهب ثروات البلاد والمال العام، معتبرا، أي استغلال للنفوذ والسلطة إجراما في حق المواطنين ولا يقل شناعة عن المس بحرماته وفي هذا الشأن- أكد- على الالتزام بروح الشفافية والمراقبة والمحاسبة والتقويم في ظل سيادة القانون وسلطة القضاء".
3- في آخر تصريح حكومي للسيد الوزير الأول أعلن فيه عن الخطة الجديدة لمكافحة الفساد والتي يدور مضمونها حول إحداث هيئة لتتبع قضايا محاربة الفساد.
4- المصادقة على إعلان تطوان لمحاربة الفساد من طرف مجموعة من الإطارات المدنية بعد صياغته وباستشارة اللجنة العربية لحقوق الإنسان تحت إشراف لجنة يرأسها ذ. مصطفى صوليح...ونشير أن الرسالة التي يحملها هذا الإعلان مفادها أن " اكتساب الثروة الشخصية بصورة غير مشروعة يمكن أن يلحق ضررا بالغا بالمؤسسات الديمقراطية والاقتصادية الوطنية".
5- التقارير الدولية والعربية( ولا أدخل في مسألة الإحصائيات لكونها أصبحت كليشهات يندى لها الجبين) باتت تقرع أجراس الإنذار للوضعية التي يحتلها المغرب في سلم التنمية من خلال مجموعة من المؤشرات وعلى رأسها الرشوة والفساد ونهب المال العام.
وبعد، وأمام هذه المبادرة الشجاعة لهؤلاء الشباب المحامون، هل يمكن توفير الحماية اللازمة لهم أو مكافأتهم معنويا عن إرادتهم في التبليغ للرأي العام بهول الفساد المستشري بمحكمة الاستئناف، أو بالأحرى فضحهم للمعاناة الداخلية للمواطن من جراء ا لحالات المتكررة لعمليات الفساد التي يتعرض لها باسم قيم العدالة وشرفها.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن