عن الحصار بين بين قطاع غزة و جبل عاملة !

خليل قانصوه
khalilkansou@hotmail.fr

2020 / 7 / 30

عندما و قع الاحتلال الإسرائيلي بعد هزيمة نظم الحكم العربية الماحقة في حزيران 1967 ، كنا نسمع عن مقاومة شجاعة و قوية في قطاع غزة ، تطلب قمعها من قوات الاحتلال و قتا طويلا و أساليب تعسفية مستوحاة من معركة مدينة الجزائر أثناء حرب التحرير ، أي التفتيش المنهجي لجميع المنازل و حجر سكانها بإحكام .
مضى خمسون عاما على احتلال فلسطين ،. قطاع غزة و سكانه المليونان نسمة ، مقطوع عن فلسطين المحتلة منذ 2007 ، فهو في نظر المحتلين " كيان معاد " . كتلة بشرية محاصرة ،خاضعة لنظام الغيتو ، غير مقتدرة على تحرير بلادها و على تحرير نفسها .
لا جدال في أن الأوضاع في قطاع غزة مرتبطة بما جرى و يجري في بلدان العروبة (البلدان التي لو اتحدت لتحولت إلى كتلة دولية مستقلة يُحسب لها حساب ) التي تتعرض لهجوم شرس من الامبريالية الاستعمارية الغربية من أجل اخضاع و استباحة البدان المشار إليها . ينبني عليه أن التصدي لهذا الهجوم ذو أهمية كبيرة بمعنى أنه ضروري و لازم وجوديا ، لشعوب هذه البلدان .
تحسن الملاحظة هنا إلى أن ما يجري هو في الواقع استكمال للحملات الصليبية التي توقفت بين القرن الثالث العشر و القرن العشرين نتيجة لظهور دول شمل سلطانها " بلدان العروبة " ( على التوالي ، الدولة الفاطمية ، الأيوبية ، المماليك ، العثمانية ). هذا من ناحية أما من ناحية ثانية فإن أساليب ووسائل التصدي لم تتغير أو تتبدل بمرور الوقت بالرغم من الاختلاف بين الحملات الصليبية من جهة و بين الحروب الأميركية الإسرائيلية من جهة ثانية . لا نجازف بالكلام في هذا السياق ، أن المقاومات ضد الغزوات المتتالية منذ سنوات 1940 ، تميزت على الدوام بالعجز و ضحالة الفكر و تكرار الأخطاء و رفض التجديد ناهيك من الانحراف و الاقتتال الداخلي و قصْر المعرفة . بتعبير آخر تميزت هذه المقاومات بإنتاج شروط هزيمتها . لا حرج في القول أن نضال الشعب العربي الفلسطيني بين سنتي 1936 و 2020 ، يمثل نموذجا صارخا عن هذه المقاومات .
قد يسأل سائل عن التجربة اللبنانية بعد هزيمة المقاومة الفلسطينية على أرضه في سنة 1982 و عن التجربتين ، العراقية في مواجهة الاحتلال الأميركي , و السورية ذودا عن البلاد ضد العدوان الأميركي الإسرائيلي التركي ، إن الإجابة عندي أن هذه التجارب هي مترابطة ، كونها انعكاسا في هذه البلدان الثلاث ، لمنازعة تتعدى حدودها إلى إيران و روسيا و الصين .
استنادا إليه ، إذا كانت الشروط و الظروف ملائمة في العراق الخارج توا من حرب عبثية ضد إيران دامت ثمان سنوات ، لكي يبادر التحالف الامبريالي الغربي ، تحت قيادة أميركية ـ إسرائيلية ، إلى البدء بتقويض الدولة العراقية ، فإن الإيرانيين و قفوا إلى جانب الحكومة السورية في الدفاع عن الكيان الوطني ثم أنضم إليهم في سنة 2016 الروس ، الأمر الذي جعل هذه الحكومة قادرة على تحرير أجزاء واسعة من البلاد كانت خارج سيطرتها ، و لكنها لم تتمكن بعد بحسب ما يتناهى ، من معالجة جميع أسباب الضعف التي كانت تعتري بنيتها .
و على الأرجح أن ما جرى في لبنان بين 1982 ، تاريخ الاحتلال الإسرائيلي و تموز 2006 تاريخ محاولة الإسرائيليين غزو البلاد و احتلال جنوب نهر الليطاني ( بلاد بشارة ) تحت ذريعة أبعاد الخطر ، يشبه إلى حد كبير ما وقع بعد ذلك بدءا من 2011 في سورية ، فلولا تدخل ايران وسورية ، بشكل مباشر و غير مباشر ، لما فشلت غزوات الإسرائيليين ، و لكن يا للأسف لم يتوافق الناس في لبنان بعد على مبدأ التضامن فيما بينهم و على إصلاح أمرهم ، فزادتهم طوائفهم فُرقة و عصبية ، فهم الآن تحت الحصار !



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن