هل لدينا حقا نموذج مجتمعي

فوزي النوري
ahmedpcot@gmail.com

2020 / 6 / 28

إنّ تسليط الضوء على النسيج الاجتماعي يقرّ بأنّنا نتحرّك داخل نسيج اجتماعي ممزّق ذلك أنّ القانون الذي يؤطر الكائن الاجتماعي لا زال مرتبكا بين تأثّر بالتشريعات الغربيّة و تأثير واضح للمعتقد
فكان النصّ متردّدا يشبه التسويات السياسية التي أدّت الى صياغته و أبرز مثال على ذلك واقع المرأة و الفجوة العميقة بين توقيع تونس بروتوكولات اتفاقية "سيداو " و النصوص القانونية التي تمنحها حقوق و تسلبها أخرى و بين العنف اليومي الذي تشرعنه التقاليد و يسندها المعتقد و تؤكّده الممارسة.
هذا النسيج الاجتماعي الواقع تحت أنماط من الهيمنة و هذه التحوّلات السياسية القادمة من بعيد و هذا العالم الافتراضي بالاضافة لعناصر أخرى أدّى الى تعميق القائم من الأزمات و إنتاج أنماط أخرى و كلّ ذلك جعل التساؤل حول الشخصيّة المجتمعية و النسيج الاجتماعي أمرا حتميّا لمقاربة الظواهر الاجتماعية و السياسية.
ما سمّي بالنموذج المجتمعي الحداثي الذي كان قائما بواقع القوّة و سيطرة الدّولة على الفضاء العام وسياسة الوصاية و بانهيار تلك المنظومة اتّضح أنّ ما ارتبط بذلك النموذج من تسامح و تعايش و حرّيات اجتماعية كان يخفي شخصيّة مجتمعيّة أخرى لا تشبه تلك الصورة و انبثقت ظواهر جديدة تحوم حول أنماط مختلفة و متنوّعة من العنف و فوجئ الجميع بأنّ هذا المجتمع هوّ احدى المصانع الكبرى المصدّرة للجهاديين في العالم ( ليبيا- سوريا)
وفي الحقيقة فإنّ التيار الدستوري الذي حكم البلاد لم يكن ليبراليا بما يكفي لتحرير الفرد و المجتمع و لم يكن يساريا تقدّميا بشكل يسمح بتغيير تركيبة النسيج الاجتماعي و طبيعة العلاقة داخل مؤسّسة العائلة و حتّى محاولات بورقيبة في تحرير المرأة و التي كانت جريئة آنذاك لم تلق مساندة حتّى داخل الحزب و المؤسّسات الرسميّة و تمّ فرضها بتكتيكات بورقيبة و رمزيّته السياسية داخل الحزب و الدّولة أو " الحزب - الدّولة" بكلّ بساطة في حين أنّ الواقع يقرّ بأنّ مسألة تحرير المرأة كانت حركة ثوريّة أنتجها حزب محافظ في مناخ محافظ.
يجب أن ننحاز للقانون الوضعي و أنّ نتعامل معه من خارج ثقافة الاعتقاد بصفة أدقّ أن لا ننتقل من ثقافة الاعتقاد في المقدّس الى الاعتقاد في القانون الوضعي ذلك أنّ القانون هوّ حصيلة واقع موضوعي وهو يحمل في طيّاته ايديولوجيا ما و تصوّر و يعكس توازنات و يترجم هيمنات وهو يخضع لفضاءات سلطويّة من داخل الواقع الموضوعي نفسه.
إنّ التأسيس لمجتمع " سويّ" لا يمكن أن تتسلّل اليه أنماط العنصريّة و التطرّف المتناثرة في خطابنا و سلوكنا لا يمكن أن يتحقّق بعيدا عن اللائكية و عن القانون الوضعي الذي يستند إليها كأساس نظري لكلّ أنماط التشريع .
إنّ الغاية من كتابة هذا النّص هوّ تجاوز الخطابات الخجولة و المرتبكة في علاقة بالنموذج المجتمعي أو بتقديس نموذج كان قائما و تصنيفه حداثيا .
لم يكن لنا نموذجا حداثيا متماسكا و لم يكن لنا يوما حزبا ليبراليا بالمعنى العلمي للكلمة و نحن ندعو اليوم الى اللائكية بوصفها البوّابة الحقيقية لتحديث المجتمع و تحييد الدين في النصوص القانونية و على رأسها الدستور و التعاطي مع قضايا المرأة من زاوية نظر مبدئية أي من زاوية رفض التمييز على أساس الجنس استنادا الى مبدأ المساواة في المواطنة .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن