تعليق حول كتاب -غرق الحضارات- لأمين معلوف

محمد كشكار
gmail.com@mkochkar

2020 / 3 / 22

الطبيب الذي يُشخِّص سرطان لأول مرة عند مريض لا يعني أنه شامتٌ في المريض أو غير مبالٍ بمصيره. تشخيصُ أمين معلوف تشخيصُ طبيبٍ مسؤولٍ، واعٍ ومحترفٍ، وعلينا نحن كلنا، مواطني العالم، تقع مسؤولية اكتشاف الدواء الناجع، وإلا غرقت حضاراتنا وغرقنا كلنا معها وانقرض الإنسان من على وجه الأرض! وقهرُ الشعوب العربية والإسلامية من قِبل الحكومات الغربية والعربية (ترامب والسيسي نموذجان) ليس دواءً لإرهاب الحركات الإسلامية. يبدو لي أن أفضل سلاحٍ ضد القهر والإرهاب هو تقسيمُ ثروات العالم بالعدلِ بين دول الشمال ودول الجنوب وبين الأغنياء والفقراء دون تمييزٍ بين مسلمٍ وغير مسلمٍ.
الإرهابُ الغربي المحترِف المسمَّى دبلوماسيًّا حربًا استباقية دون وجه حق (منذ نشأتها، شنت أمريكا على عدة دول 200 حرب استباقية، آخرها ضد يوغسلافيا والعراق وأفغانستان وكذلك فعلت شقيقتيها فرنسا وبريطانيا)، إرهابٌ مارسته الحكومات الغربية (فرنسا، أمريكا، بريطانيا وغيرها)، إرهابٌ يُنكِره جل مثقفي الغرب باستثناء ميشيل أونفري، فرانسوا بورڤا، وميشيل كولون وغيرهم ممن لا أعرفهم. إرهابٌ غربيٌّ رسميٌّ لم يشرْ إليه أمين معلوف في كتابه هذا، وهو ليس معذورًا، أولاً بصفته مفكرًا عالميًّا وثانيًا بصفته لبنانيًّا مسيحيًّا منتميًا للحضارة العربية-الإسلامية، أو هي أحد مكونات هويته أو على الأقل حضارة آبائه وأجداده حيث وُلد في ترابها ونشأ وشبّ ودرس وتزوّج في سن مبكرة ثم هاجر واستقر نهائيًّا في فرنسا.
لا يحق لأوباما أن ينعت أسامة بن لادن بالإرهابي، كما لا يحق لأسامة أن ينعت أوباما بالإرهابي، لكن يحق لمواطن العالَم أن ينعت الاثنين بالإرهاب، أوباما قبل أسامة.

إمضاء مواطن العالَم:
الاستقامةِ الأخلاقيةِ التي أتبنّاها تتجاوز الاستقامةِ الأخلاقيةِ الدينية لكنها لا تنفيها، لا تناقضها ولا تعاديها بل تكمّلها وتحميها: استقامتيِ الأخلاقيةِ أمارسها على المستوى الفردِيِّ (La spiritualité à l`échelle individuelle)، وهي فردية أو لا تكون، وقد تتوفّر عند المتدين (Le croyant) وعند غير المتدين (Le non-croyant)، وقد يكتسبها الفرد من الدين (الجهاد الأكبر) أو من الفلسفة أو من الاثنين معاً كحالتي. أما الاستقامة الأخلاقية الدينية فلا تُكتسَبُ إلا عند الإيمان بِدينٍ معيّنٍ، ولا تهم غير المتدينين، وهي كالدين اجتماعية أو لا تكون (La spiritualité d`une société ou d`un état).
الهُوية هُويّات: أنا مواطن العالَم، كشكاري، ڤَصْرِي-شِتْوِي، حَمَادِي، جمني، حمّام-شطي، تونسي، شمال إفريقي، أمازيغي، عربي، وطني، قومي، أُمَمِي، مسلم، عَلماني، يساري غير ماركسي، عربي اللسان، فرنكفوني، محافظ، حداثي. كل هُوية تُضافُ إليّ هي لشخصيتي إغناءُ، وكل هُوية تُقمَعُ فيّ هي لها إفقارُ.

Référence: Le naufrage des civilisations, Amin Maalouf, Grasset, 332 p, 22 €, pp. 85-92

أمين معلوف، روائي يكتب باللغتين (Ar-Fr)، مزدوج الجنسية، لبناني الأصل، عضو الأكاديمية الفرنسية منذ سنة 2011.

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الخميس 25 أفريل 2019.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن