بيان منظمة حرية المرأة في العراق بمناسبة اليوم العالمي للمرأة

منظمة حرية المرأة في العراق
owfiraq@gmail.com

2020 / 3 / 6


مسيرات نسوية حاشدة
ترفض حكومة المحاصصة والفساد والذكورية في العراق

يقبل علينا الثامن من آذار ونحن نمر بأوضاع ثورية غير مسبوقة وبالذات فيما يختص بالتحديات النسوية؛ اذ لم تشهد أوضاع المرأة في العراق قفزات نوعية وكمية كما حدثت خلال انتفاضة أكتوبر. ولأول مرة في تأريخ العراق تشكل النساء ركنا أساسيا في الحركة الثورية للمجتمع المطالب بالتغيير.
إن عقودا من القمع والاستغلال والتبعية الممنهجة مارستها الأنظمة السياسية والاجتماعية والثقافية في العراق تجاه النساء معتبرة اياها جزءا من ثقافة المجتمع؛ مما جعل من تحرّر المرأة ومساواتها والدعوة لها أنشطة فردية أو عن طريق منظمات معنية بهذا الشأن كما فعلت منظمة حرية المرأة في العراق. ودفعها ذلك لمواجهة مع السلطات التي تعاملت مع هذه النشاطات بالتضييق والقمع وتشويه كل ما من شأنه الدفع بقضايا المرأة الى الأمام.
عمدت سلطات الإسلام السياسي وشركاؤها على مدار أكثر من ستة عشر عاما على دعم وتشجيع كل المؤسسات السياسية والاجتماعية التي تمتهن النساء. فقد سمحت للحكم العشائري والقبلي بالتغوّل وممارسة كل الانتهاكات والجرائم بحق النساء، من جرائم ما يسمّى بالشرف وغسل العار وغيرها، كما وتواطئت معها الأجهزة القضائية والمحاكم في التساهل مع هذه الجرائم.
إن السلطات الحالية في العراق هي العدو الأساسي للمرأة، فهي تساهم بشكل أساسي في عدم السماح بتشريع أو تطبيق قوانين من شأنها الانتصار لنضالات المرأة، بل وأنها سعت على مدار فترة حكمها الى تشريع قوانين او تشجيع أعراف تعيد أوضاع المرأة الى العصور البدائية والمتخلفة وتجعلها مجرد أداة أو ديكور تابع للسلطة الذكورية سواء أكانت سياسية أو اجتماعية أو حتى عائلية.
ساهمت السلطة الحاكمة منذ 2003 بتعزيز فكرة تبعية المرأة الاجتماعية للرجل وشجعت على استغلال عملها وتبعيتها الاقتصادية للرجل كذلك. وقد عانت النساء العاملات في العراق من عدم المساواة في الأجور مع اقرانهن من الرجال في معظم فرص العمل كما عانت من فارق التعامل بالاجازات المسموحة وفرص الترقية.
ازدهرت في ظل حكم الإسلاميين ظواهر في أوساط المجتمع العراقي منها الاتجار بالنساء والأطفال، وبيع الجسد وجرائم قتل النساء والانتحار بشكل واسع وخصوصا في المناطق الفقيرة. كما وعانت النساء في المناطق التي سيطرت عليها التنظيمات الإرهابية مثل القاعدة وداعش والمليشيات التابعة للسلطة، من ظروف قاهرة من الإجبار على العمل مع هذه التنظيمات او اخذ قسم منهن كسبايا او من خلال الممارسات المشينة المنتظمة التي مارسها أفراد هذه العصابات على النساء والاطفال الاناث. كما وان الميليشيات المسلحة التي تدّعي كونها مقدسة لتحريرها مدن المنطقة الغربية من داعش لم تكن بريئة ايضا من استغلال النساء والأطفال واغتصابهن وحرمانهن من ابسط وسائل العيش أثناء وجودهن في مخيمات النزوح خلال عمليات التحرير.
عندما انطلقت انتفاضة أكتوبر منذ خمسة أشهر انضمّت لها النساء ومن مختلف شرائح المجتمع. فالنساء العاملات والمعطّلات عن العمل والشابات من طالبات الثانوية والجامعات، كان لهن دور بارز في إدامة زخم الانتفاضة والمحافظة على فاعليتها من اجل إحداث التغيير.
صحيح أن مطالبات النساء لم تختلف عن مطالبات بقية المنتفضين، وهي في جوهرها تنصبّ على مطلب أساسي ألا وهو إسقاط النظام المحاصصاتي الطائفي القومي الفاسد، وإبداله بحكم الجماهير؛ لكن خصوصية مشاركة النساء كانت بانطلاق مسيرات نسوية حاشدة تحدث لأول مرة بهذا الحجم وبهذه الجرأة من الشعارات في تاريخ العراق الحديث والمعاصر. وهذه المسيرات كانت ردا على تصريحات من سياسيّين ورجال دين ينتقصون من قيمة المرأة وإنسانيتها ويحاولون تهميش دورها في الحراك الثوري الحاصل في العراق اليوم.
إن الوعي الاجتماعي الذي أحدثته انتفاضة أكتوبر لم يمس الأفكار الرجعية التي تروج لها المؤسسات الدينية والاجتماعية والسياسية المسيطرة في عقول النساء فقط، وإنما هذا الوعي تحوّل إلى أوساط شرائح المجتمع المختلفة، حيث يطالب الرجال والشباب بما تطالب به النساء من حرية ومساواة واحترام وعيش لائق.
لا يمكن للمرأة في العراق نيل حريتها ومساواتها دون انجاز مهمتها بالتشارك مع الرجل في إسقاط هذا النظام الرجعي الفاسد والذكوري والذي يعتاش على إبقاء شرائح المجتمع ومن ضمنها النساء في الفقر والتخلف وسيطرة القوى الدينية والقومية على مقدرات الجماهير.
عاش النضال النسوي في العراق والعالم
عاش الثامن من آذار، اليوم العالمي للمرأة ورمز حريتها ومساواتها

منظمة حرية المرأة في العراق
3 آذار 2020



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن