الواقعيّة على مذبح العقل

راوند دلعو
rawanddalao@gmail.com

2020 / 2 / 3

(الواقعيَّة على مذبح العقل)

من كتابي #على_مذبح_العقل

#راوند_دلعو


بعد الخروج من الصندوق لا بد من الواقعية لبناء الفكر السليم ، فالإفراط في كل شيء مُضِر ، إلا في الواقعية فهو مُفيد ....!



لأكُن واقعياً و أقول :



فلنكُن واقعيين حتى النّخاع ...

و لنتعلّم من الغرب واقعيَّتَهُ المُفرطة ، فهو حتى في جموحه الخيالي واقعيّاً .... !

و أقصد بالغرب هنا الغرب بعد الدخول في عصر التنوير و الخروج من صندوق القرون الوسطى و سيطرة الكنيسة على مفاصل المجتمع.

فخيال الكاتب الغربي اليوم مثلاً يدور حول الصّحون الطّائرة و الكائنات الفضائيّة و الدينوصورات و الحروب الرّوبوتية و الحواسيب العملاقة و المدن المرّيخية ... الخ ، و كلها أمور مُستمدَّة من أدقّ الفرضيَّات و أحدث الأبحاث في مجالات علوم الفضاء و الجيولوجيا و الفيزياء .

و هذا نوع من تغذية الواقع الحالي بما يوشك أن يكون واقعياً (و هو ما أسمّيه التغذية التقدميّة FeedForward ) فهو نوع من الواقعية الحضارية التي تتشوَّف المستقبل أي تستقبل تغذيتها من المستقبل مما يدفعُها باتجاهه !!!

لَكَأنِّي بالغرب رامياً خياله العلمي حبلاً إلى المستقبل ، فإذا ما لصق بما وراء المستقبل شده فانقذف الرّامي إلى الأمام.

و بالتالي فالغرب يستخدم جموحه الخيالي بشكل عبقري إذ يدفع بالواقع من الواقع نحو المستقبل و هو استخدام إيجابي يدفع العَنَفَة الحضاريّة نحو الأمام بشكل ملحوظ.

ففي الغرب ينبثق الخيال من النظريّات و الفرضيّات العلمية المطروحة لتفسير المجهول على المسرح العلمي ، ليخلق واقعاً جديداً اعتماداً على الخيال العلمي المستقبلي الشائع ، أي أنهم يخلقون الخيال من توقع المستقبل بشكل علمي ، ثم يحوِّلون الخيال المحض إلى واقع المستقبل ، فيدفعون الواقع بشكل حقيقي نحو المستقبل !!!

أما نحن ...

فواقعنا الحقيقي مبني على خيالات و ترَّهات رجعيّة قرون أوسطية من مغامرات محمد و أصحابه من قطاع الطرق ، و مئات آلاف النصوص الخرافية المضحكة التي تمتلئ بها كتبنا الصّفراء و التي تتحدث عن نصر موهوم و ملاحِم دينية مُنتَظَرة و إمام مهدي مُنتَظَر و خرافات لا علاقة لها بالواقع الحقيقي لا من قريب و لا من بعيد ... !

بل الأسوأ من ذلك أنْ أثَّرَت هذه الخرافات المحمدية و الأوهام المُعَشِّشة في رؤوس الجهال على واقعنا الحقيقي ، فحولته إلى مجموعة من الحفلات الدموية و الحروب الثّأرية بين السنة و الشيعة و الناتجة عن تلك الخيالات و الترّهات و النصوص التي لا تزال إلى اليوم تُسَلسِلُنا من مكانها حيث تقبع في بطون الكتب الصفراء !

إذن واقعنا منبثق من أساطير و خرافات الماضي المحمدي ، و لا يزال يجذبنا قهقرياً إلى الوراء أي إلى جيب محمد ، لأن تغذيته منبثقة من الوراء و راجعة إلى الوراء و وراء الوراء.

لكأنّي بواقعنا رامياً بحباله نحو الماضي الدموي العفن ، فإذا ما التصق الحبل بأقذر أحداث الماضي شَدّه فعاد به قهقرياً إلى أقذر نقطة في الوراء !

فإذا انتبهنا وجدنا أنفسنا في جيب محمد و مشاكله الجنسية و نزواته العسكرية !!


هذه هي التغذية الرجعيّة أو ما أسميها ( التغذية الماضَوِيَّة) التي تعاني منها البقعة المحمدية !!! حيث يتم رسم المستقبل من وحي الماضي المحمدي لتحافظ الأمة على رصيدها من التخلف من خلال جَلدِها لِذاتها و بعثها لخلافاتها و سجنها لنفسها في قفص السنة و طريقة الحياة المحمدية .... و هكذا يتطور البشر و نبقى في صندوق القرون الوسطى.

هذه المقارنة البسيطة توضح لنا بجلاء أننا _ و للأسف _ من التخلف بمكان بحيث أن واقعنا مبني على خيال أساطيري ماضوي ، بينما يرفل الغرب من التطور و السؤدد بمكان بحيث خيالهم مبني على واقع علمي مستقبلي وشيك ...

فواقعنا مبني على خيال أسطوري رجعي، و خيالهم مبني على علم واقعي مستقبلي متحضر !!

فمن الخطأ القول بأن الغرب يتقدم نحو المستقبل و نحن ثابتون ، بل الصحيح أن الغرب يتقدم نحو المستقبل و نحن نتراجع باستمرار نحو محمد بنفس سرعة تقدم الغرب نحو النجوم !

لذلك هُزمنا و انتصروا فلا تنتصر إلا الحقيقة ....و سُحقاً للخرافة و تجّار الخرافة .



و بالتالي لا بد من الواقعية و نبذ الأسطورة في عملية البناء الفكري لنصل إلى نتائج علمية راسخة نستطيع أن نبني كياننا وفقها بشكل متين و سليم.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن