اسئلة حول اسباب استمرار العمليات ضد داعش في المحافظات المحررة

سعد السعيدي
s.alsaidy@yahoo.com

2020 / 1 / 26

ما زلنا منذ انتهاء العمليات العسكرية ضد داعش العام 2017 نقرأ الاخبار عن استمرار تنفيذ العمليات ضد هذا التنظيم الارهابي. وحيث كنا قد افترضنا كالكثيرين مع انتهاء العمليات بان هؤلاء الاوباش قد انتهت شوكتهم منذ هذا التاريخ. من هذه جرت في الانبار حيث كانت هناك عمليات متكررة في وادي حوران عدا عن ضربات جوية في عموم المحافظة. لاحقا هذه السنة في نينوى انطلقت عدة عمليات في صحرائها وفي قضاء الحضر. قبلها ايضا العام الماضي اعلن عن هجمات لداعش قرب قاعدة القيارة تبين من الاخبار اللاحقة بان الارهابيين قد انطلقوا من جبل يدعى قراجوغ يقع قرب القاعدة. وهو جبل يطل على اطراف محافظات نينوى وكركوك وصلاح الدين. من بين الاسئلة حول امر الجبل هو عن اسباب اهمال المنطقة امنيا بعد انسحاب قوات تحرير الموصل منها بحيث اعاد الدواعش تنظيم انفسهم فيها. من المشتركات بين كل هذه الاماكن المذكورة هو تميز حكومات محافظاتها بفسادها الواسع والثاني هو وجود القوات الامريكية والتحالف الدولي فيها والثالث هو العلاقات الوثيقة بين اعضاء الحكومات المحلية وتلك القوات.

من ضمن الالغاز الاخرى التي تحتاج الى الكثير من التوضيح من لدن القوات الامنية هي تلك المتعلقة بديالى وحدودها الادارية مع محافظة صلاح الدين. إذ بإهمال هذه الحدود الذي ارجو الا يكون متعمدا هو الآخر قد تركت داعش لتعشعش فيها ولتجعل منها ممرات للتسلل الى ديالى. عند هذه الحدود توجد قاعدتين عسكريتين كبيرتين للجيش هما التاجي وبلد فيهما ايضا قوات امريكية.

تسيطر على حكومة ديالى منظمة بدر حيث المحافظ منها وكذلك مسؤول اللجنة الامنية. والاخير اسمه صادق الحسيني وهو شخص معمم من الحرس الثوري الايراني حيث يرى علمهم مرفوعا في مكتبه مع العلم الايراني على صفحته على الفيسبوك. بهذا يُفهم بان هذا الحرس الاجنبي هو من يمسك بديالى وامنها. وليس مفهوما ما يفعله معمم في منصب اداري وامني مثل هذا.

يكاد لا يخلو يوم من دون نشر الاخبار عن الاوضاع الامنية السيئة في ديالى. إذ للآن لم يتم القضاء على داعش في المحافظة على الرغم من الاعلان عن تحريرها منهم في العام 2015. فاستمرت العمليات العسكرية في مناطق المحافظة المختلفة كحوضي الزور والوقف ومحيط بحيرة حمرين. وما زالت هذه العمليات مستمرة بمسميات مختلفة حتى لحظة كتابة هذه المقالة. وقد اضعنا حساب اعدادها لكثرتها. وقد تسبب تواجد داعش وارهابها بنزوح مستمر للأسر من هذه المناطق وايضا من القرى المحيطة بمدن المحافظة كخانقين والمقدادية. ربما لن نحصل على الاجابة على السؤال حول المسؤول عن اهمال مناطق في المحافظة بحيث عادت داعش اليها مرة اخرى بعد التحرير المعلن. ولا عن السؤال الآخر عن السبب الذي يمنع من اعادة المهجرين الى مناطق سكنهم في الحدود الآنفة الذكر مع توفير الحماية لهم لمنع تحولها الى اوكار وممرات لداعش. هكذا تتولد لدى المتابع صعوبة كبيرة في فهم كيف تعجز الحكومة المحلية عن توفير الامن والامان في المحافظة بعد تحريرها بسنوات... إلا اذا كانت ثمة مصلحة في استمرار الاضطرابات الامنية..

ولا يمكن فصل هذه الامور عن الفساد الشديد الذي تغرق فيه ليس فقط القيادة العسكرية في المحافظة وانما ايضا نفس هذه الحكومة المحلية. فقد علمنا عن حساباتها الختامية غير المعروفة وعن تحول دوائرها الخدمية الى اقطاعيات حزبية. كذلك علمنا عن وجود عمليات تهريب وفرض اتاوات على طرق المحافظة من قبل مفارز امنية واخرى تقف خلفها شخصيات سياسية وحزبية غير معروف إن قضي عليها ام لا ، وعن وجود منافذ حدودية غير رسمية بعيدة عن سيطرة الدولة. وعدا هذا فهناك امر المشاريع المتلكئة التي يصل عددها الى الالف وسرقة سلفة مجلس الوزراء التشغيلية البالغة نصف مليار دينار لاغراض شخصية. وليس هذا إلا غيض من فيض. ومؤخرا بعد الغاء مجالس المحافظات صرنا نقرأ عن مقاومة اعضاء مجالس ديالى لطلبات تسليم ذممهم المالية ما شاء الله. كل هذه المعلومات مستقاة من الاخبار.

بيد ان الخبر الاكثر اثارة والذي يشكل لوحده فضيحة مجلجلة هو ذاك الذي ظهر في الاعلام قبل بضعة شهور. إذ كشف رئيس مجلس قضاء المقدادية عدنان التميمي في تشرين الاول الماضي بان "ديالى قد شهدت في السنوات الاخيرة ولادة حقيقية (لإمبراطوريات مالية) ضخمة يقودها ساسة ومسؤولين اصبحوا بين ليلة وضحاها من اصحاب المليارات ولديهم قدرات مالية كبيرة جدا مع امتلاكهم لعقارات واراض واسعة". واضاف التميمي بان "أصحاب تلك الإمبراطوريات شكلوا انظمة معقدة في البحث عن الاموال لدرجة انهم اصبحوا شركاء في كل الانشطة والمقاولات"، لافتا الى ان "الثراء الفاحش لبعض المسؤولين يثير الف علامة استفهام في ظل غياب قانون (من اين لك هذا)".

ننتظر إذن الحصول على الاجابات على الاسئلة المطروحة اعلاه وعسى الا يطول الانتظار...



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن