ماهي الثقافة؟ كيف تتغيير أولوياتك دون أن تقرأ كتاب واحد!

كاظم الحناوي
sawakks@yahoo.com

2020 / 1 / 24

الثقافة لا تعني عدد الدرجات والشهادات الاكاديمية التي حصلت عليها لان الإرث العائلي يظل الطابع المميز لكل شخصية، فهو غير قابل للتغيير، إذ أن محاولة تغيير ثقافة شخص تعني في الحقيقة السعي إلى بسط هيمنة ارث جديد على تراكم تاريخي وهذا يتطلب مرور جيل كامل على الاقل، اذا تقوم العائلة إما بطمسها أو تحييدها في كل المجالات، وهذا ما يتضح لنا خلال متابعتنا لتصرف افراد كل عائلة حسب الموقف لنرى الدكتور والأمي يتشابهون في ردة الفعل عند الاستفزاز!.
فالثقافة منظومة متكاملة، تضم الارث التراكمي الذي تتناقلته أجيال العائلة الواحدة ، وتشمل بذلك كل المجالات بما فيها العقائد والعلاقات الإنسانية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية... وترسم الهوية المادية والروحية للفرد وتحدد صفاته وقيمه ومظهره، وتطلعاته ومقدار الثقة والمكانة المغروسة في داخله عن عائلته.
لقد أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي اليوم جوهر النظام الرأسمالي، فاصبحت الشركات اللاعب الرئيسي في صنع القرارات المتعلقة بالتجسس وقراءة الافكار ومعرفة الحاجات للمجاميع البشرية، وطرق استغلالها وتوجيهها، وكل ما يتعلق بالإفراد ومحيطهم من حيث الزمان والمكان و التحركات والترابطات الأجتماعية والسياسية... بل إن هذه الشركات باتت هي المسؤولة عن تحديد حاجات المستهلك نفسه، فلم تعد في حاجة لتقصيها ثم العمل على إشباعها، خاصة وأن المستوى الحضاري الذي وصل إليه هذا المستهلك يضمن له إشباع شبه كلي لحاجاته الأساسية والكمالية، وعليه فإن هذه الشركات باتت معنية اليوم بإقناعه بحاجته إلى امور جديدة قد لا يكون محتاجا لها على الإطلاق، عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، ثم تقديمها له بصورة استهلاكية غير نهائية، بمعنى أنها لا تصمم لإشباع الحاجات المطلوبة بشكل كامل، بل يتم ترك هامش واسع لخطط التطوير المستقبلية، والتي تكون في الكثير من الأحيان قد أعدت قبل سنوات عدة، وذلك لإحداث حاجات جديدة فيما بعد، تتم إثارتها، ثم الدعوة إليها من جديد، بوسائل إبهار جديدة، ومظاهر جذب وتسويق أكثر جدة.
إن هذا الثقافة الجديدة تستند في طبيعة وجودها وامتداد علاقاتها على شبكة ألانترنيت،
والخطر الأكبر في هذه السياسة لا يقتصر على نشر الثقافة الاستهلاكية التي تسعى لبسط نفوذ الشركات متعدية الجنسيات فحسب، بل تتم أيضا محاولة ان تصبح هي العائلة بان تفرض على الفرد السلوكيات، والمفاهيم الاجتماعية، والسياسية، وكل ما يتعلق بالنشاط الإنساني، ثم اعتماد هذه المفاهيم كثقافة باعتبارها الحل الأفضل، لمشاكل المجتمع البشري وانت الان تقرأ هذا المقال عبر الانترنيت حاول حساب ما تتعرض اليه يوميا عبر مواقع التواصل الاجتماعي لاعادة تحديد اولياتك...



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن