حَجي بَكر والعَم عوديشو

امين يونس
sadamkar@yahoo.com

2019 / 12 / 23

" .. حجي بكر من أهالي قرية ويرانيا الجبلية ، كانَ مُتزوجاً من ثلاث نساء ، لهُ مِنهُنَ دزينة من الأولاد الشباب الأشداء . بينما إبن عمه مشكو ، ليس له ذُرِية وفوق ذلك ضعيف الحال . كان مشكو قد إستدانَ من حجي بكر ، ديناراً ، قبل أشهُر . في حين ان عوديشو صاحب مخزن البضاعة المنزلية ، لهُ ديون متراكمة على حجي بكر ، قد وصلتْ إلى مئة دينار .
في الصباح ، أرسلَ الحجي ثلاثة من أبناءه الى منزل إبن عمه مشكو ، وقالَ لهم : إطلبوا منهُ أن يُسّدِد الدينار الذي عليه ، فإذا لم يفعل ، إضربوه ضرباً مُبّرِحاً ، وإخبروه بأن الدَين أصبح دينارَين وسوف نزورك بعد إسبوع لإستحصاله ! .
عند الظُهر ، دُقَ باب منزل الحجي ، فذهبَ أحد أبناءه ليفتحه ، ثم عاد مُخاطِباً أباه :
* عوديشو يُسّلِم عليك ويُقّبِل يديك ، ويقول إذا أمكن أن تُسّدِد ولو جُزءاً صغيراً من الديون ، لأنهُ مُحتاج وعليهِ إلتزامات كثيرة .
إكفَهَر وجه الحجي من الغضَب ، وأمَرَ أولاده أن يُؤَدِبوا عوديشو بصورةٍ تجعلهُ يندم على قدومه إلى منزلهم ويتوب عن طلب دَينه ثانيةً ! " .
..........................
حكومتنا الموقرة في أقليم كردستان العراق ، وبحجة الأزمة المالية وخطر داعش ، قامتْ بإستقطاع جزء مهم من رواتب الموظفين في السنوات السابقة ، وأسْمَتْ ذلك إسماً جّذاباً [ إدِخار ] ، أي أجبرَتْ الموظفين المُسرِفين على الإدخار القسري ! . المُشكلة أنهُ وحتى بعد إنحسار خطر ما يُسمى دولة الخلافة الإسلامية وتطبيع العلاقة مع بغداد وبالتالي تحسُن الوضع المالي ، فأن الحكومة تلكأتْ في تسديد ماعليها للموظفين والمتقاعدين .
والمُفارَقة .. ان الموظفين عندما يُطالبون تسديد أجور الخدمات مثل الكهرباء والماء والغرامات المرورية ...الخ ، عن طريق إستقطاعها من أموالهم [ المُدّخَرة ] عند الحكومة نفسها ، فأن الحكومة لاتقبل ، وتطالب بالتسديد النقدي ! .
حقاً ان الحكومة تشبه حجي بكر ... ونحنُ خليطٌ من مشكو من ناحية والعَم عوديشو من ناحيةٍ أخرى ! .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن