الوضع القانوني لتفاريتي // La situation juridique du Tifariti

سعيد الوجاني
zehna_53@hotmail.fr

2019 / 12 / 21

مرة أخرى نطرح السؤال عن الوضع القانوني لمنطقة تفاريتي / Tifariti ، هل المنطقة التي اهملها الجدار ، ولم يضمها هي ملك للمغرب ، ام انها ملك لجبهة البوليساريو ، ام انها منطقة عازلة كما يسميها النظام المغربي ، تتبع للأمم المتحدة .
ومناسبة طرح هذا السؤال ، ما عرفه المؤتمر الخامس عشر لجبهة البوليساريو ، من حضور ممثليْن عن " هيئة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية " ، المعروفة ب " المينورسو " في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر .
فإذا كان النظام المغربي يعتبر المنطقة مغربية ، فكيف له ان يسمح للجبهة بعقد مؤتمرها الخامس عشر فيها ، خاصة وانها استعملت العشرات من السيارات العسكرية ، انتقلت من تندوف تحمل فوقها المئات من الصحراويين كمنظمين ، وكمؤتمرين ؟
بل كيف للنظام ان يسمح بإنشاء بنايات مدنية ، وعسكرية ، و تنظيم مناورات عسكرية ، وإقامة أنشطة سياسية ، و مدنية وتنظيم افراحا بها ؟
وإذا كانت المنطقة تخضع للأمم المتحدة ، من خلال " هيئة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية ، وهي ما يسميها النظام المغربي بالمنطقة ( العازلة )، فكيف للأمم المتحدة ان تتغاضى النظر عن قيام الجبهة بعقد مؤتمرها ، بمنطقة من المفروض انها تحت اشراف الأمم المتحدة ، التي تجتهد لتطبيق قرارات الشرعية الدولية ، في كل المناطق المتنازع عليها ، وليس فقط في ثلث الأراضي التي توجد خارج الجدار ؟
ام ان المنطقة ، ومن خلال السيطرة عليها بالكامل من قبل جبهة البوليساريو ، مدنيا وعسكريا ، واقدامها على عقد مؤتمرها الخامس عشر بها ، دون احتجاج من قبل الأمم المتحدة التي من المفروض انها هي من يدير المنطقة ، ولا من قبل النظام المغربي الذي اكتفى كالمرات السباقة ، بتوجيه مذكرة احتجاج خجولة الى الأمانة العامة للأمم المتحدة ، والى مجلس الامن ، تعود السيادة عليها الى الجمهورية الصحراوية ، وليس فقط الى جبهة البوليساريو ؟
وما اثار الاستغراب كثيرا ، هو رغم حضور ممثليْن ، واحد منهم عسكري من " المينورسو " ، " هيئة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء بالصحراء الغربية " ، جلسة افتتاح المؤتمر، فان النظام المغربي لم يحتج ، ولم يكلف نفسه عناء توجيه مذكرة احتجاج خجولة ثانية ، لا الى الأمانة العامة للأمم المتحدة ، ولا الى مجلس الامن ، وكعادته وبسبب الخوف الذي يتملك كل تصرفاته ، وكأن شيئا خطيرا لم يقع ، مفضلا معالجة الظروف المتساقطة ، بمثل الجبناء " كم حاجة قضيناها بتركها " ، ومسترشدا كتلميذ مجتهد بمثال النعامة التي تدفن رأسها في الرمل حتى تنتهي العاصفة .
فما قام به " المينورسو " ، " هيئة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية ، هو تصرف خطير ، لأنه من جهة يضرب حياد " المينورسو " ويضعها على المحك ، ومن ناحية فان حضور عضوين امميين لافتتاح اشغال المؤتمر ، هو خرق سافر للاختصاص الذي يمنحه اتفاق وقف اطلاق النار الموقع في سنة 1991 لعمل " المينورسو " .
والسؤال وامام هذا الحضور الاممي الغير العادي ، الا يعتبر حضور عضوين امميين افتتاح اشغال المؤتمر الخامس عشر للجبهة بتفاريتي ، هو اعتراف اممي واضح بكون منطقة تفاريتي تخضع لسيادة الجمهورية الصحراوية ، وانّ عدم ضمها من النظام المغربي مع الأراضي التي تخضع لسيادته ، هو تخلي النظام عنها ، مما شجع الأمانة للأمم المتحدة على اهمال مذكرات الاحتجاج الخجولة المغربية ؟
فلو لم تكن الأمم المتحدة تعترف للجمهورية الصحراوية ، بالسيادة على ثلث الأراضي الخارجة عن الجدار ، هل كان لها تحضر افتتاح اشغال مؤتمر جبهة البوليساريو بمنطقة تفاريتي ؟
ولو لم تكن الأمم المتحدة كذلك تعترف بسيادة الجمهورية الصحراوية على ثلث الأراضي الخارجة عن الجدار ، هل كان لها ان تصم اذنيها ، وتغمض عينيها ، ولا تنزعج ، ولا تكلف نفسها عناء الرد على مذكرات النظام المغربي الاحتجاجية الخجولة ؟
لماذا امتنعت الأمم المتحدة عن الرد على مذكرات النظام المغربي ، ولماذا النظام المغربي لم يحتج على الأمم المتحدة لكونها لم ترد على مذكراته ، وكأنه ، أي النظام غير موجود ؟
وعندما تعقد جبهة البوليساريو مؤتمرها الخامس عشر بتفاريتي الواقعة خارج الجدار الرملي ، وتمتنع المينورسو ، ومنها الأمانة العامة للأمم المتحدة ، ومجلس الامن ، من التعرض لكون التصرف في شكله ومضمونه ، خرق سافر لاتفاق وقف اطلاق النار ، وخاصة وانه فوق أراضي يطلق عليها بالأراضي العازلة الخاضعة للأمم المتحدة .... ، ومثل الأمانة العامة ، ومجلس الامن ، فان النظام المغربي الذي يتفرج ، ولا يحرك ساكنا ، والذي يناور لتعطيل ما امكن ، أية عودة الى الحرب ، لأنها ستكون حرب استنزاف طويلة ، ولن تكون في صالحه ، يلتزم الصمت ، ويغمض العين ، ويغلق الاذنين رغم حضور ممثليْن امميين افتتاح اشغال مؤتمر الجبهة .... فهل يمكن فهم موقف النظام المغربي هذا بمثابة اعتراف منه بسيادة الجمهورية الصحراوية على ثلث الأراضي الخارجة عن الجدار ؟
فهل نحن امام تقسيم جديد للصحراء كغنيمة ، بين النظام المغربي الذي لا يهمه شعب الصحراء ، بقدر ما يهمه الفوسفاط ، والسمك وكل ثرواتها التي يستفيد منها لوحده ، وحرمان المغاربة من حقهم الطبيعي في ثروات بلادهم ، حيث اضحوا مفقرين وفقيرين ، وبين الجمهورية الصحراوية التي تسيطر على ثلث الأراضي الخارجة عن سيطرة النظام المغربي ، وخاصة وقد جرى تقسيم الصحراء بين النظام المغربي ، وبين النظام الموريتاني بمقتضى اتفاقية مدريد الثلاثية في سنة 1975 ؟
كما ، هل يفهم من موقف الأمانة العامة للأمم المتحدة ، ومجلس الامن ، التغاضي عن عقد جبهة البوليساريو لمؤتمرها بالمنطقة ( العازلة ) التي تسميها الجبهة بالمناطق المحررة ، ولجميع الأنشطة العسكرية ، والمدنية الموازية ، وعدم تكليف نفسيْهما أي عناء للرد على مذكرات احتجاج النظام التي تبقى صيحة في واد ، وعدم احتجاج النظام ضد اهمال الأمم المتحدة الرد على مذكراته ، هو تنازل النظام عن تلك الأراضي ، واعترافه بسيادة الجبهة عليها ؟
وبالرجوع الى سيرورة الاحداث ، سنجد انه تمت تطورات حصلت في المدة الأخيرة ، ولم ينتبه اليها العديد من المهتمين ، من ان الولايات المتحدة الامريكية ، هي بدورها لم تعر اية أهمية لتشكي النظام المغربي ، حين طلب منها ان تمنع جبهة البوليساريو من عقد المؤتمر الخامس عشر بمنطقة تفاريتي ( العازلة ) ، كما انها رفضت ابتزاز النظام المغربي لها ، حين رفضت الاعتراف بحل الحكم الذاتي ، مقابل تبادل النظام المغربي العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ، وهذا ما ترجمه فشل زيارة كاتب الدولة في الخارجية السيد Maik Pompeo الى المغرب .
وكما تمت المراهنة على المقايضة التي فشلت مع الامريكان ، الصحراء / إسرائيل ، فقد فشلت المراهنة كذلك على الحراك الجزائري الذي فشل ، ولم تسقط الجزائر في الحالة السورية ، والليبية ، و نجح النظام العدو اللدود لمغربية الصحراء من النجاة من السقوط ، وتمكن مستمرا ، وكأن شيئا كان يسمى حراكا لم يقع ابدا في الجزائر .
هذا دون ان ننسى عراب النظام المغربي فرنسا ، التي فشلت في اسقاط الدولة / النظام الجزائري ، وفشلت في دفع الحراك الجزائري قصد الحفاظ على مصالح فرنسا المهددة اليوم في القارة الافريقية كدولة استعمار ناهبة .
كل هذه العوامل مجتمعة ، مع فقد النظام المغربي للدور الذي كان يلعبه على صعيد السياسة الدولية أيام الراحل الحسن الثاني ، فاصبح المجتمع الدولي لا يعير اية أهمية ، او قيمة ، او اعتبار لنظام محمد السادس الغائب / الحاضر ... كل هذا جعل الأمانة العامة للأمم المتحدة ، ومجلس الامن ، لا يعيران ادنى أهمية لمذكرات التشكي الخجولة التي رفعها النظام المغربي الذي يبني كل سياساته على المثل العربي القائل : " كم حاجة قضيناها بتركها " ، فأعطى للأمم المتحدة ، ولمجلس الامن ، ثقة زائدة في التصرف ، على ضوء قوة اطراف النزاع بالمنطقة .
ان الأمم المتحدة ، ومجلس الامن ، من خلال " هيئة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية ، " المينورسو " ، لا يتصرفان حسب " ولوْ طارتْ معْزة " ، بل انهما يتصرفان على ضوء ضبط كل خرجات النظام المغربي منذ منتصف سبعينات القرن الماضي ، فكلما تقد النظام بحل لنزاع الصحراء ، الاّ والغاه في اليوم الموالي ، وليتقدم من جديد بحل جديد ، ثم يتراجع عنه في اليوم القادم .. وهكذا .
لكن ان اخطر ما قام به النظام المغربي ، وفي غياب الشعب المغربي ، هو اعترافه العلني والصريح بالجمهورية الصحراوية في سنة 2016 ، حتى يصبح عضوا بالاتحاد الافريقي .
فإذا كان النظام قد اعترف بالجمهورية الصحراوية ، فكيف له ان يعارض اعتراف الأمانة العامة للأمم المتحدة ، ومجلس الامن من الاعتراف بالجمهورية ؟
فهل الاعتراف بالجمهورية الصحراوية حلال على النظام المغربي ، وحرام على الآخرين ، خاصة وان الامر يتعلق بمجلس الامن ، وبالأمانة العامة .
ان عدم اعتراض الأمم المتحدة ، ومجلس الامن ، لتواجد جبهة البوليساريو بالمنطقة المسماة ( عازلة ) ، والتي من المفروض فيها ان تكون تحت سيادة " المينورسو " ، وانّ غض بصرها ، واقفال أذنيها عن تنظيم جبهة البوليساريو لأنشطتها السياسية ، والمدنية بتفاريتي ، وانّ عدم احتجاج ، ولا معارضة الأمم المتحدة لقيام جبهة البوليساريو ، بإنشاء بنايات عسكرية ، ومدنية بالمنطقة ، وقيامها بتواجد عسكري ، يضم مختلف الأسلحة الاّ الطيران ، مع تنظيم مناورات عسكرية بالذخيرة الحية ... ليس له من معنى ، ولا فهم ، غير اعتراف الأمم المتحدة بسيطرة الجمهورية الصحراوية على ثلث الأراضي التي تحت سيادتها .
والنظام المغربي الذي تاه في رمال الصحراء ، فاقدا بوصلة الاتجاه الصحيح ، من خلال صم اذيه ، واغماض عينيه ، كي لا يشاهد شيئا يضرب في كل خرجاته ، فمن خلال اكتفاءه برفع مذكرات الاحتجاج المحتشمة ، ومن خلال عدم احتجاجه على تجاهل مجلس الامن، والأمانة العامة لنداءاته الغير مسموعة ، والتي تبقى اقل من صيحة في واد ، ومن خلال عدم احتجاجه وبقوة ، على حضور ممثّلينْ للأمم المتحدة ، بعثة " المينورسو " افتتاح اشغال المؤتمر الخامس عشر لجبهة البوليساريو ، يكون بدوره قد تقبّل الامر الواقع الذي يفقأ العين ، ويكون ما يحضر للصحراء اخطر من السنين العصيبة التي استغرقتها الحرب طيلة سنة عشر سنة .
الدولة البوليسية تخرب وتدمر ، ولا تبني وتعمر .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن