نساء الدولة الإسلامية- 2/2

محمود عباس
mamokuda@msn.com

2019 / 12 / 21

نساء مخيم الهول (الداعشيات) بما هن عليه، وما تحملنه من قناعات، وما تم تلقينهن على مدى السنوات الماضية، أصبحن أخطر، من الخلايا الداعشية النائمة، ومن فرقها التي تقاتل على الجبهات، ومن معظم المرجعيات الإسلامية التكفيرية، ستخرجن أجيال من الإرهابيين، بتربية تكفيرية منذ الولادة، بدون مناقشة أو اعتراض، بعكس مرجعياتهم وأئمتهم الذين يكسبون الكبار القابلين لمجادلة ما يجري على أرض الواقع، فهن في الواقع قنابل كارثية موقوتة، لذلك:
1- تركهن بدون إعادة تثقيفهن جريمة بحقهن وبحق الأطفال الذين بأحضانهن، بل وبحق المرأة المسلمة المغدورة بها، فمعظمهن ضحايا جريمة دولية، وثقافة مشوهة زرعت بين الشعوب لغايات خسيسة.
2- لا بد من البحث عن مساعدات دولية ثقافية وتربوية واجتماعية.
3- إخلاء سبيلهن، وهن على هذا الوعي، جريمة بحق الإنسانية، والسماح لهن بالعبث ضمن المخيم جريمة بحق الأطفال والمجتمع الأخر في المخيم.
4- يجب أن تكون من أول مهمات المنظمات الإنسانية والثقافية والاجتماعية إعادة تربيتهن حتى ولو طالت لسنوات، وعدم السماح لهن بتربية الأطفال، حتى ولو كانت عملية مخالفة لحقوق الأطفال، فإنقاذهم من ثقافة الإرهاب والهلاك من مهمات هيئة الأمم والدول المعنية بحقوق المرأة والأطفال.
لا يستبعد أن أئمة داعش كان لهم بعد رؤية، في كيفية ترسيخ أيدولوجيتهم التكفيرية في ذهنية النساء، فخرجوا الشريحة الواسعة من الأمهات المتجولات ضمن المخيم واللواتي يعدن بالآلاف، لا يقلن عن عدد عناصرهم المحاربة في كل الدول.
وفي الواقع هؤلاء النساء هن أصحاب مخيم الهول، يهيمنن على مقدراتها الأمنية والاجتماعية والفكرية، رغم ذلك يحصلن على المساعدات المادية والمعيشية بيسر من القوات الكردية والمنظمات العالمية الإنسانية، ولتخفيف المعضلة لا بد من التالي كخطوات آنية:
1- يجب إجبارهن على العمل، أي كان، حتى ولو كانت في تعمير البنية التحتية للمخيم.
2- تقسيم المخيم إلى مجمعات صغيرة، ومنع التجمعات.
3- والأهم حظر النقاب، أي الكشف عن الوجه، حتى ولو تطلب الأمر العقوبة القصوى، وقد تم مثلها سابقا في دول إسلامية عدة، وعلى رأسها تركيا الكمالية بعد انهيار العثمانية ونجح أتاتورك فيها تماما، ونقل الخلافة العثمانية إلى دولة علمانية في مرحلة كانت الثقافة الإسلامية سائدة وبقوة، واليوم يتجه نحوها دولة الحرمين الشريفين، المملكة العربية السعودية، وتطبقها بشكل غير مباشر جمهورية مصر التي تحاول تحويلها من دولة للإخوان إلى دولة شبه متفتحة، وحتى دولة أئمة ولاية الفقيه، جمهورية إيران الإسلامية، الحجاب فيها يكاد يكون شكليا ولا يرى فيها النقاب إلى نادراً، فلماذا لا يطبق هذا الأمر كقانون في الإدارة الذاتية الكردية أو ضمن سوريا العلمانية، في الوقت الذي تم فيه تدمير الدولة الإسلامية الإرهابية التكفيرية عسكريا، ولا بد من تدميرها ثقافيا، بالتالي يجب القضاء على أيديولوجيتها الظلامية، والحجاب واحدة من النقاط الرئيسة، ولابد أن يتم العمل عليها كمقدمة لإعادة تأهيل نساء داعش، لا شك ليس سهلا، ستظهر الاحتجاجات من العالم الإسلامي، والمرجعيات التكفيرية، ومن الدول الإسلامية، وخاصة المناوئة للكرد، ولربما من بعض المنظمات الإنسانية، لكن حينها يمكن عرض مبدأ المقايضة، إرسال تلك النساء إليهم، بعد تقديم التعويض على الخسارة التي تم على مدى سنوات الحرب مع الدولة الإسلامية، ولعائلات الشهداء والجرحى الذين ضحوا بحياتهم لحماية البشرية من أخطر منظمة إرهابية في العالم الحاضر.
توسعت وكثرت البحوث والدراسات من قبل شريحة من الكتاب والإعلاميين خارج هذا الصراع الميداني، حول ما نتج أو أنتجته داعش ومثيلاتها من المنظمات الإسلامية، من مخلفات فكرية، والتي تكاد أن تصبح ثقافة، وما تقوم به هؤلاء النسوة، الأمهات، داخل مخيم الهول على تربية الجيل القادم من الأطفال، ترسخ تلك الثقافة، والتي تحفظت عليها بعض الأنظمة السياسية، والقليل من هؤلاء الكتاب والباحثين تجرأوا على معالجة مخلفات الإرهاب العصري من على صفحات الدين الإسلامي، ولم تتقدم أية دولة أو مرجعية إسلامية حتى الآن وبشكل رسمي وجدي، وعلى رأسهم الدول العربية والإسلامية، معالجة واقع النساء، والأطفال الموجودين ضمن مخيم الهول، والذي يعد أكبر تجمع لأمهات الإرهابيين، بل وللإرهابيات، اللواتي لربما لا يقلن خطرا على العالم من خطر الحروب الأهلية في العالم.
وبالعكس فما قامت به المنظمات الإسلامية التكفيرية ومرجعياتها في العالم، ساعدتهن بالتمادي في مجمع الهول إلى فرض شروطهن على حاميتهن، مثلما شرعت الأبواب على مصراعيها، لمناهضي الإسلام الطعن في النص وخاصة المديني، وخاصة الدول التي صمتت أو وقفت على الحياد حول ماهية داعش وبشائعها، كما وخلقت بيئة للتغاضي عن إيجاد الحلول لساكنات المخيم المرعب، أو محاولة عرض دورات لإعادة تثقيفهن، وتثقيف أطفالهن، الذين تم تربيتهم على ترسيخ منطق الثأر لأباءهم والدولة الإسلامية.
على مدى العقدين الماضيين، انتقلت الجدالات الفكرية من البعد الإسلامي إلى المجتمع العربي، وتم انتشار مقولة أن العرب يتزعمون قيادة الإرهاب التكفيري الإسلامي، ومدارسهم الفكرية ومرجعياتهم ساهمت وتساهم على ترسيخ منهجية الجهاد العنفي، لنشر الإسلام، والبعض أعاد منابع المفهوم إلى البدايات المدينية لظهور الإسلام، المرحلة التي استندت عليها الغزوات، وهي التي تستمد منها المرجعيات العربية التكفيرية، وقدمت مجموعات الإرهابيين إلى العالم، كعملية البرجين العالميين في نيويورك فقد كان من بين عشرين إرهابيا ثمانية عشر سعودياً.
لم تنفي معظم منظمات ومرجعيات الأمة الإسلامية، ولا سلطة سياسية إسلامية، إسلام داعش، فلم يكفرهم أي من هؤلاء، ولم تظهر أي فتوى بفصلهم عن الدين فكرا أو عقيدة أو عملا، كما ولم يقيم عليهم الحد كما أقام البعض في الماضي على الخوارج، وحلت دمائهم، باستثناء حالات فردية، كشريحة المسلمين من المذاهب التي تتعارض والتكفيريين ومذهب أبن تيمية، ومثلهم ظلت شيعة أئمة ولاية الفقيه على الصمت، جلها تحت حجة لا يكفر كل من أدلى بالشهادتين، علما أنهم في العصور الأولى كفروا الخوارج رغم الشهادتين، والشيعة يكفرون الخليفة يزيد ووالده معاوية وسفيان، والبعض يتمادى ويكفرون أم المؤمنين عائشة ووالدها أبو بكر والخليفة عمر، وجميعهم كانوا من الصحابة وأوائل المسلمين.
فكيف سيتبين، لنساء مخيم الهول، وأمثالهن، وللمسلم البسيط، أن أئمة داعش وفقهاء الدولة الإسلامية، لم يكن يستندون على النص والحديث، وقد كانوا يقدمون الحجة والتأويل لكل أعمالهم الكارثية، وكتاب السيرة لديهم دعموها بالتاريخ المنسوب إلى الصحابة، وعلى رأسهم قادة الغزوات الإسلامية الأولى، بدءً من خالد بن الوليد إلى عمر بن العاص، إلى موسى بن نصير، وغيرهم، ولم يأتي إمام على خلافه أو خلافهم معهم، ولم توقفهم مرجعية إسلامية من كل المذاهب السنية، ولا من الشيعة، بحجة أو فتوى، ولم يواجهونهم يوما بنص أو حديث يكفرهم على جرائمهم، وهم من أدعوا في نداءاتهم، أن كل المسلمين دواعش أو يجب أن يكونوا، وإلا فهم من الخوارج، بعكس ما صنفهم البعض بالخوارج، تحت منطق المقارنة التاريخية للحالتين، وتحليلهما، علما أن معظم الباحثين في التاريخ الإسلامي لا يعلمون إلى أية درجة كان الخوارج مذنبون أمام النص، وهم من أكدوا على تطبيقهم لحكم القرآن وسيرة الرسول في حكمهم على الحرب التي خسروا فيها مع علي بن أبي طالب، رغم أن موقفهم كان متساويا من الخلافتين وعلى بعد واحد.
انطلاقا من الواجب الشرعي، تقوم معظم المرجعيات الدينية بالتدخل في وضع قوانين الأحوال الشخصية، بل تجد من حقها التدخل، وترفض الدساتير التي لا بصمة شرعية عليها، وكان هذا أس الثقافة المعتمدة عليها في دولة الخلافة، داعش، وانطلاقتها الأولى بدون الجرائم لم تتعارض ومعظم السلطات الإسلامية، الحاضرة والماضية، وهي في هذا ادعت مرارا على أنها تعيد الإسلام السلفي إلى الحياة، إي إسلام الخلافة الراشدية، وكثيرا ما تدعي مرجعيات كالأزهر أو في السعودية أو حتى المرجعية الشيعية، أنها لا تتدخل بالأمور السياسية، ولا في القوانين، ولا في التشريع، لكن عندما يتعلق الأمر بقوانين مصدرها القرآن والسنة والشريعة، يفرضون التدخل لتطبيق الشريعة الإسلامية، كمصدر وحيد، وهنا نقف أمام معضلة لا قوانين خارج الشريعة، وبالتالي الرفض لكل قانون خارج النص والحديث، يبلغ حد الكفر، وهو ما بنت عليها دولة الخلافة شريعتها، وبالتالي وعلى مبدأ الشريعة هذه تم فرز كل القوميات كالكرد والأمازيغ والأديان الأخرى كالإيزيديين والقبط والكلدان والأشوريين والسريان، وغيرهم، ضمن قائمة الموالي، أو الكفار، وتم إلغائهم بالمطلق، ومن هنا ظهرت بدايات الصراع مع الكرد بشكل عام، ومهاجمة الإيزيديين بشكل خاص، وهنا يتبدى صراع واضح ما بين الخطاب الإسلامي التكفيري المحتضن بشكل أو أخر العروبة والقومية الكردية.
ولهذا فأمام الإدارة الذاتية مهمات تكاد أن تكون مصيرية، ومنها إيجاد حلول لهؤلاء النساء، وأن أستمر إقامتهن ضمن المخيم لا بد من فرض الشروط التي طرحناها، وتبدأ بمنع النقاب، حتى ولو كانت بحجج فقهية، والحجة موجودة عند أئمة كبار، والأهم عدم تركهن بلا عمل، أي فرضها عليهن، وفرض محاضرات تثقيفية عليهن وعلى أطفالهن بشكل مستمر، حتى ولو كان تحت القوة.
الولايات المتحدة الأمريكي
mamokurda@gmail.com
17/12/2019م



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن