المثقف العربى وثقافة الموديل

عصام احمد
pal.arts.culter@gmail.com

2019 / 11 / 30

ضرورة ممارسة النقد الذاتى سواءا لتجاربنا المحلية او لتجارب الاخرين يستحق تأكيده فيما سيلى وفى موضوعى لا اتهم المثقفين العرب لاعتبار انهم ليسوا وحدهم من هلل مثلا للاشتراكية والقومية وللاصولية فنحن نعلم يقينا انه قد ساندها قطاع عريض من مثقفين انتشروا على رقعة الارض منذ نشأة الخليقة وحتى الان . واجتهاد البشر وسعيهم للتمايز لا يستحق الادانه كما
ان سقوط او فشل النظريات لا يعنى رجم من حملوا شعاراتها بالحجر . ونعى بان باب الاجتهاد سيبقى مفتوحا ما بقيت على الارض حياة وسيظل الانسان يواصل سعيه بحثا عن هدف يسعى لتحقيقه وقضية يدافع عنها وتمايزا لحضارته عن الاخرين .. وضمن منهج النقد الذاتى كتبت موضوعى هذا لاعتبار ان من يتمعن فى موقف المثقف العربى من التحولات المحلية والاقليمية والدولية فسيجد ان عددا من المثقفين تبنى مواقف تجاه ما يدور حوله من احداث وتطورات استنادا لاستجابة انفعالية تفتقر للدقة والعمق والموضوعية وتغيب لديها الاسس العلميه .
فقد هلل هؤلاء للقومية ومن بعدها للاشتراكية واخيرا للاصولية الدينية ولناخذ مثالا على ما نقول " عندما كان الاتحاد السوفيتى السابق يعج بتناقضاته الداخلية وكان الفساد منتشرا فى جميع انحاءه لم يكن المثقف قادرا على ابداء الموقف النقدى لهذه الدولة العظمى لسببين : الاول هو الانبهار بسياسته كبلد عظيم وصديق ومؤثر فى العلاقات الدولية والثانى هو الخوف من الفصائل والشخصيات الاشتراكية فى العالم العربى التى كانت تردد مع استثناءات قلية مقولات الاتحاد السوفيتى دون امتلاك افق رؤيوى موضوعى سليم وكانت تبرر فى معظم الحالات سياستها بموقف الاتحاد السوفيتى دون اعارة اى اهتمام للخصوصية المحلية وعندما اجتاحت الاتحاد السوفيتى السابق موجات النقد والنقد الذاتى انعكست هذه الموجات على المثقف العربى واخذ على عاتقه تصويب وتصحيح التجربة السوفيتيه والتهليل والترديد لمقولات وافكار النقد والنقد الذاتى والبيروسترويكا والغلاسنوست ودعا لتطبيقها فى العالم العربى ويمكننا ان نتساءل : حسنا اين كان هذا المثقف قبل هذه الموجات ؟ ولماذا لم يتحدث عن افكار كهذه فى وقت سابق ؟
وحتى لا نقيس على التجربة السوفيتية والاشتراكية فاننا ايضا نقيس على من يحملون لواء الترديد بان القران قد اكتشف ذلك المرض او ذلك العلاج او الاختراع قبل الاف السنين ومن اكتشف ذلك ؟ هو عالم اجنبى لا علاقة له بالاسلام فاين كان علماء المسلمين قبل ان يكتشف هذه العالم ذاك المرض او الاختراع ؟ وهل الدين للاستعراض ولاثبات الافضلية بالحديث الشفهى ؟ ايضا هذا الغول الذى يتفشى بفعل ذاتى وموضوعى فى العالم العربى كانتاج عالمى لموجة السياسة القادمة فى العشر او اكثر سنوات القادمه من وصول الاصولية الى عروش الملوك بانواعهم وكيف فتينا سابقا بتسلقيتهم وانتهازيتهم وولاءهم المشبوه لو كان ما قاله المثقفون الذين انقلبت كثيرا من مازوراتهم بشكل عكسى لتؤيد لسببين ايضا : الاول متابعة والخنوع للواقع الجديد والثانى حفاظا على التواجد وبالعكس من نظر ضدهم هو من ينظر فى صالحهم تناقض ما بعده تناقض .. وينسحب ذلك على الكثير من القضايا لكن الخلاصة :
ان المثقف العربى مدعو للبحث فى الذات الحضارية وفى الاخر المعاصر ويحتاج الى التفكير بتمعن وتبصر فى خلق الية عملية نهضوية للتطور الحضارى وترك التاثر السريع بموجات مختلفة غربية لا تعبر عن صميم ومعاناة الحالة الملموسة فى العالم العربى .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن