انتفاضة العراق انتفاضة ضد الفاشية! (1)

طلال الربيعي
talalalrubaie@hotmail.com

2019 / 11 / 29

كتبت تعليقا صغيرا على مقالة الزميل زكي رضا
"لو كنت مكان السيد علي السيستاني لفعلتها"
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?ecom=1&aid=657198#807052
او بالاحرى بخصوص تعيلق اوتعليقات حول المقالة, تتضمن اتهام السلطة العراقية, وبعض اتباعها من الكتاب والمعلقين, للمتظاهرين بكونهم بعثيون ومن اذناب العهد البائد, علما ان العديد من المتظاهرين لم يكونوا قد ولدوا وقتها او انهم كانوا اطفالا عند غزو العراق واصدار قرارات ما يسمى "اجتثاث البعث!". واجتثاث البعث هي كلمة حق يراد بها باطل. فالقرارات لا تعني ولا تضمن ان فاشية البعث لا يمكن ان تحل محلها فاشية اخرى باسم العملية السياسية وزعامات الاسلام السياسي.
انها قرارارت هدفت الى الباس الذئب لباس الحمل البرئ!

التعليق اذكره هنا كمدخل فقط
"لقد كتبت البارحة في مكان آخر التالي
اسلوب فاشي بامتياز يليق بسلطة فاشية!
البعض يتهم المتظاهرين بالبعثية, متناسين ان عادل عبد المهدي هو البعثي الاصيل, تاريخا وفكرا وقمعا ووحشية!- . الم يكن هو عضوا في حزب البعث وحرسه القومي؟
فالبعث هو الحاكم الآن ولكن بزي آخر, اي انهم خلعوا الزيتوني ليرتدوا العمامة. فهل تنطلي علينا حقيقتهم لممارستهم الحيلة وتلونهم تلون الحرباء؟ ونحن نقيم البشر ليس بلباسهم او مظهرهم او ادعاءاتهم, بل بافكارهم وسلوكياتهم وتصرفاتهم بحق الشعب والوطن.
ان السلطة تمارس اكثر انواع الدفاع النفسي بدائية, الاسقاط. انها تسقط بعثيتها او ما هو صنو لها في واقع الحال على المتظاهرين.
ونحن نعلم من الطب النفسي ان الاسقاط هو ليس سلوك البشر الاصحاء والناضجين. انه سلوك الاطفال والبشر غيرالناضجين او العصابيين من البشر ومن اتباع مرض البرانويا. ولذا اذا صدقناهم سنكون نحن ايضا يمرتبة الاطفال وغير الناضجين ومن مرضى البرانويا. والواقع والمنطق والعلم يملي علينا عدم تصديقهم وان لا نخدع بخرافاتهم, ومنها خرافة اذناب العهد البائد التي تستخدم لشيطنة البشر وسلبهم انسانيتهم. انه اسلوب فاشي يليق بسلطة فاشية!"

وتوصيفي للسلطة في العراق بكونها فاشية يستند على واقع سلوكياتها الاجرامية بقتل وجرح الآلاف من العراقيين المتظاهرين سلميا ضد نظام الفساد والقمع والتبعة. والسلطة بدل ان تحاسب الذين اجرموا بحق المتظاهرين وممارستهم لكل انواع العنف بحقهم وتعتذر للشعب العراقي, و تستقيل كي تمهد للطريق لتسوية سياسية مرضية ولحقن الدماء ولتتحمل تبعية سلوكياتها الجرمية من خلال محاكمات عادلة, فانها تمعن في انكار وحشيتها وتصر على ممارسة عنفها بحق المتظاهرين باسلوب نادر المثال. وهذه المعادلة تكفيني لتوصيف السلطة بكونها سلطة فاشية وخصوصا اذا اعتبرنا النهج النيوليبرالي للسلطة هو بحد ذاته نوع من انواع الفاشية. ولكن قد يعترض البعض على اعتبار النيوليبرالية شكلا من اشكال الفاشية-وان كان هناك من اعتراض فهو اعتراض يستند فيه المعترض ليس على حقائق علمية بقدر معارضته آيديولوجيا للفكر الماركسي الذي اتبناه-, فاني لن اناقشه هنا لاني فعلت هذا من قبل وسارجع لمعالجته بتوسع اكثر في فرص قادمة. كما يمكن ايضا مراجعة مصادر اخرى مثل
Neoliberalism is a form of fascism
"النيوليبرالية شكل من اشكال الفاشية"
By Maneula Cadelli
https://renegadeinc.com/neoliberalism-is-a-form-of-fascism/

ولذا دعوني ارجع الى تعريف الفاشية وسماتها من خلال رؤية الروائي والفيلسوف والاستاذ الجامعي عالم السيمياء (الرموز والكلمات) الايطالي امبرتو ايكو Umberto Eco (1932- 2016).

فقد يبدو تلاعبا سهلا بالكلمات وتحميلها اكثر من طاقتها ان نستخدم كلمة واحدة, الفاشية, لجعلها تمثل الكثير من المظاهر الثقافية المختلفة للسلطوية في جميع أنحاء أوروبا وحتى أمريكا الجنوبية وكذلك في منطقتتا والعراق بضمنها. ربما كانت إيطاليا "أول دكتاتورية يمينية استولت على بلد أوروبي"، وحصلت على تسمية النظام السياسي بكونه نظام فاشي. لكن إيكو يتسائل "لماذا أصبحت كلمة الفاشية قرينة, او كلمة يمكن استخدامها, لتوصيف حركات شمولية مختلفة". يعتقد ايكو أن الفاشية دكتاتورية غامضة او غير ظاهرة للعيان في الوهلة الاولى، وهي مجموعة من الأفكار الفلسفية والسياسية المختلفة, و"خلية نحل" من التناقضات".

في حين أن ايكو حازم في رأيه "بوجود نازية واحدة فقط", ولكنه, كما يقول, "يمكن لعب اللعبة الفاشية بأشكال عديدة, ولا يتغير اسم اللعبة". يحلل ايكو صفات ما يسميه "Ur- الفاشية ، أو الفاشية الأبدية " وصولاً إلى 14 سمة" نموذجية " للفاشية-ساعالجها لاحقا. "لا يمكن تنظيم هذه السمات او الميزات في نظام واحد, فبعض السمات يتعارض مع بعضها البعض, كما أنها نموذجية لأنواع أخرى من الاستبداد أو التعصب, لكن يكفي أن يكون أحد سمات الفاشية حاضراً للسماح للفاشية بالتخثر حولها ".

نشأ إيكو في ظل نظام موسوليني الفاشي (بينيتو موسوليني, 1883 1945, كان سياسيًا وصحفيًا إيطاليًا وزعيماً للحزب الوطني الفاشي وقد حكم إيطاليا كرئيس للوزراء من 1922 إلى 1943). حسب ايكو, "كان نظام موسوليني بالتأكيد ديكتاتوريا, لكنه لم يكن شموليًا تمامًا, ليس بسبب اعتداله سياسيا بل بسبب الضعف الفلسفي لإيديولوجيته. على عكس ما يعتقده الرأي العام, لم يكن للفاشية في إيطاليا فلسفة خاصة. ومع ذلك, فقد كان لها أسلوب في "طريقة ارتداء الملابس - أكثر نفوذاً بكثير, بقمصانها السوداء, من أرماني أو بينيتون أو فيرساتشي."
والقمصان السوداء لفاشية موسوليني تذكرنا بالقمصان السوداء لعناصر ما يسمى شرطة او قوات مكافحة الشغب التي تستخدمها السلطات العراقية لقمع المتظاهرين. واني اتفق مع الذين يزعمون ان السواد ليس لونا, اللهم الا اذا كان الموت نوعا من انواع الحياة. السواد هو رمز للحزن والموت والناس تتشح بالسواد لاظهار حزنها لفقدها عزيزا لها. ان السواد, اذا سمحنا لانفسنا ان نستخدم لغة علم السيمياء, ونحن هنا لا نحلق في عالم الخيال, هو سمة الشموليات, الفاشية, الموت. ولكن الفاشية, انسجاما مع ايكو ايضا, تتلون تلون للحرباء وقد تتسربل بسربال الدم فيطغي احمراره على سواد السربال. والاحمر هو رمز ايديولوجي (سيميائي اذا شأت!) بنفس قدر كونه لون الدم-تحالف الحزب الشيوعي العراقي مع احد فصائل السلطة الفاشية او عمله ضمن ضمن نظامها وعلى نقيض ما تقتضيه الماركسية بانها معادية لكل انواع الفاشية, ولكني لن افصل اكثر بهذا الخصوص هنا. وفي كل الاحوال ينبغي الاشارة إلى إجماع نقدي حول الفاشية بانها تأخذ في النهاية معالم أي ثقافة متوفرة محليا, العروبة او الاسلام في العراق على سبيل المثال. لذا ان تفكيك الانظمة التي تستوحي العروبة, كما في نظام البعث من قبل, او الاسلام كما في النظام الحالي والبعث ايضا من قبل, بنفسها من خلال امعانها في سياساتها الفاشية, او من خلال الجماهير المنتفضة, سيوجه ضربة قاصمة تحول دون نشوء فاشية مستقبلية في العراق. ان انتفاضة الشعب العراقي ضد الواقع الحاضرهي ايضا انتفاضة من اجل المستقبل, مستقبل يرفض الفاشية وقناعاتها الآيديولوجية. لذا ان كل مزاعم او مساع باصلاح النظام, وليس الغاءه بالكامل, ستكرس الفاشية الآن ومستقبلا. ونحن نقول هذا ونحن مستعدون تمام الاستعداد ان نخضع انفسنا لقياس علمية ما نقول باستحدامنا مبدء التكذيب لفيلسوف العلم, كارل بوبر, فقط لارضاء غير الماركسيين وكذلك الذين هم في بحث دائم عن تعليل علمي,علمي بمعنى اختزالي, لكل ظاهرة في الكون. لذا يمكن تكذيبنا اذا استطاع احد الاستشهاد بمثال من التاريخ (وهل لدينا من حيز نستشيره سوى التاريخ؟) لامكانية اصلاح الفاشية. هتلر وموسوليني لم يتمكنا من اصلاح نظامهما, رغم وجودهما في قمة السلطة لسنوات عديدة ورغم الدمار الهائل لبلديهما اثناء الحرب العالمية الثانية, ولذا كان محتما القضاء على نظاميهما. قد يقول البعض ان السلطة العراقية تريد اصلاح نفسها, ونحن نقول انها اسطوانة مشروخة لن تنطلي حيلتها علينا. واثناء كتابتي هذه المقالة ورد خبر باستقالة عادل عبد المهدي. الخبر بحد ذاته يؤكد على فاشية عبد المهدي. فسبب الاستقالة يلغي مرجعية النظام, الشعب حسب دستور السلطة نفسها, ويحل محلها مرجعية ثيوقراطية. "وذكر البيان أن قرار عبد المهدي جاء استجابة لدعوة لتغيير القيادة أطلقها يوم الجمعة آية الله العظمي علي السيستاني المرجعية الدينية العليا لشيعة العراق."
"بعد مقتل أكثر من 400 متظاهر: رئيس الوزراء العراقي يعلن استقالته"
https://www.arab48.com/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1/%D8%A7%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1-%D8%B9%D8%A7%D8%AC%D9%84%D8%A9/2019/11/29/%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D9%85%D9%82%D8%AA%D9%84-%D8%A3%D9%83%D8%AB%D8%B1-%D9%85%D9%86-400-%D9%85%D8%AA%D8%B8%D8%A7%D9%87%D8%B1-%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B2%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82%D9%8A-%D9%8A%D8%B9%D9%84%D9%86-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%87?utm_source=web&utm_medium=notification
ونحن نقول ان الفاشية لا يمكن معالجتها بمعالجة اعراضها فقط, كما لا يمكن معالجة الحمى باعطاء الباراسيتامول او الاسبرين فقط بدون معرفة اسبابها ومعالجتها, والعكس قد يؤدي الى مضاعفات خطيرة او حتى وفاة المريض, وكذلك لتعريض الطبيب المعالج لحساب شديد. وسترينا الايام هل سيُقدم عبد المهدي واعوانه من القتلة والفاسدين الى قضاء مستقل لمحاسبتهم, ام ستمر الامور وكأن شيئا لم يكن!

واحلال Karl Dö------------------------------------------------nitz محل هتلر لم يغير قيد شعرة من طبيعة النظام النازي-الفاشي!

في حلقة قادمة سافصل بعض الشئ سمات الفاشية بعرف ايكو ومقاربتها بسلوكيات سلطة المنطقة الخضراء في بغداد, وكذلك ساتطرق الى بعض آليات الدفاع النفسي البدائية, بدائية بعرف علم التحليل النفسي, للسلطة.

واود التذكير بان وحشية السلطة وصبغها شوارع بغداد والمحافظات بالدم سيرسخ اكثر واكثر اعتبار ما هو خارج المنطقة الخضراء "منطقةً حمراء", كما اعتاد البعض تسميتها. والتسمية تدلل ايضا على ان المنطق السليم قد يكون صنوا لعلم السيمياء. ولذا ان تصنيف العراق الى منطقة مساحتها بضع كيومترات مربعة, المنطقة الخضراء, من جهة, وما هو خارجها, العراق باكمله, منطقة حمراء, من جهة اخرى, هو ليس محض صدفة بنفس قدر انه ليس هفوة قلم او زلة لسان فرويدوية!
يتبع



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن