اليوم العالمي للرجل .. تكريسا لقيم الرجولة الحقة .. وتصويبا لبعض المفاهيم .. !

مسَلم الكساسبة
msallamk@yahoo.com

2019 / 11 / 21

صادف يوم الثلاثاء 19 نوفمبر تشرين الثاني الجاري اليوم العالمي للرجل ، وهو يوم خُصص لاستذكار وتكريس معانى الرجولة الحقيقية وقيم الرجولة الحقة .. والتنويه والإشادة بمساهمات الرجل في بناء الحضارة البشرية والفكر الإنساني وما كان يتطلبه ذلك من مواجهة اخطار ومصاعب الحياة سواء في العمل أو الحروب والصراعات أو والبناء والتعمير والاقتصاد .. الخ.. بالتالي دوره بما وصلت له الحضارة البشرية من منجزات هائلة جنبا الى جنب مع المرأة .


وفي هذا المقام لا يفوتنا أن نستذكر وننوه إلى ضلال كثير من الدعوات التي تتبناها مؤسسات وجمعيات تم تأسيسها على مفاهيم ومنطلقات خاطئة جندرية في الغالب .. أو التي تنسب للرجل مسالة ظلم وتجهيل واضطهاد المرأة وتحاول أن تجعل قضيتها معه وضده في حين أن قضيتهما معا ضد الجهل والفقر والاستبداد والتخلف .. بالتالي قسمة المجتمع جندريا وتحميل احد الأنواع مسؤولية ما يشكو منه الآخر .. أما الحقيقة فإن الرجل وسواء كان أبا أو أخا أو زوجا فقد كان دوما راعيا وحاميا ومعيلا وكافلا للمرأة وكان يتلقى ويتصدى عنها صعاب ومنغصات الحياة ضنا بها وخوفا عليها من مواجهتها في زمن لم تكن فيه قوانين ولا مؤسسات حماية ولا وعي .. فكان الرجل هو من يتولى كل تلك المهام والخدمات للمرأة بالتالي يقوم مقام تلك المؤسسات ويؤدي أدوارها فيشكل مصدر الأمان والحماية والرعاية والإنفاق .. فكان هو الاقتصاد والأمن والحماية والرعاية والإنفاق ...الخ.


أما العادات والتقاليد والموروث الذي كان هو من يمنع ويحرم خروج المرأة للعمل أو للحياة أو يمنع تعليمها فلم يصنعه الرجل كما يحاول البعض أن يعزو ذلك بوصف المجتمع بأنه مجتمع ذكوري .. وهو(ترِك) أو خدعة لا ينتبه لها غالبية من يتحدثون بشؤون المرأة والرجل .. بل صنعته معطيات مستقلة عن كل من الرجل والمرأة ولم يكن أي منهما يملك إلا الامتثال لتلك القيم في وقتها .. ومعروف علميا كيف تصنع وتختمر القيم والعادات وتنسج من معطيات اقتصادية جغرافية بيئية اجتماعية مع الموروث الديني لتشكل معا مفرزا قيميا يفرض على الأفراد الطاعة والامتثال له بقوة هائلة لا يملك أي منهم الخروج عليها ..


والدليل الأكبر على ما نذهب له هو انه عندما تغيرت تلك القيم والتقاليد وجدنا الرجل هو من يركض ويسعى بنفسه جادا ويوسط ويتوسل لأجل ابنته أو أخته أو زوجته كي تتعلم وتأخذ نصيبها من المعرفة ثم يتوسط لها كي تعمل وتخرج للحياة وتخوض غمارها ..


إننا ونحن ننوه بهذا اليوم فانه لا يفوتنا الإشارة إلى أمرين


الأول هو ما واجهه لرجل عبر تاريخ الحضارة البشرية من آلام ومصاعب وعذابات في الحروب والصراعات والبناء والإنتاج .. فقد كان هو حجر الرحى في كل تلك المهام الشاقة لتتفرغ المرأة لدورها الأسري الآمن في تلك العصور..


أما الأمر الأهم فهو تصحيح تلك المفاهيم المشوهة إما عن جهل أو عن عمد وخبث والتي تحمل الرجل تبعة تلك العصور التي كانت المرأة بها ممنوعة من العمل أو التعليم بالتالي قسمة المجتمع جندريا وتحميل احد النوعين مسؤولية ما يفترض انه قد حُرم أو عانى منه الآخر .. وقد وضحنا أن ذلك غير دقيق إنما هو بسبب قيم تفرزها معطيات خارجة عن إرادة الرجل والمرأة كليهما معا وتفرض الامتثال لها رغما عن كل منهما .. تلك المفاهيم التي هي في الغالب من أهم أسباب ما مس العلاقة المقدسة بين الرجل والمرأة من تشوهات بفعل ذلك التحريض والفهم المتخلف والمضلل .. حتى أدت في النهاية لاهتزاز بنيان الأسر وتشويه تلك العلاقة والذي أحيانا كثيرة ساهمت به المرآة ذاتها باستجابتها لذلك التحريض أو باستغلالها الجائر لما أتيح لها من حرية واستقلال اقتصادي فخلعت الرجل وقللت أهمية وجوده في حياتها .. أو أحيانا حتى تعاطت معه كحاجة مؤقتة وبنية الخلع والترك المسبق .. ومؤشر ذلك ما تشهده المحاكم الشرعية ومحاكم الأسرة من قضايا تنازع على أسباب تافهة أحيانا تؤشر لعدم استعداد أي من الطرفين لتحمل الآخر أو احتوائه واستيعابه .. دون أن تنظر - أي المرأة - للعهود التي كانت بها لا تعمل ولا توجد مؤسسات لحمايتها وكان الرجل يحملها على اكف الراحة ويتحمل كل الأدوار والمسؤوليات تجاهها.
منوهين بنفس الوقت أن هذا لا يعني عدم وجود رجال بالتعبير العامي همل ولا يستحقون وصف رجل ولا يتحلون بقيم ومعاني الرجولة ويسيئون معاملة المرأة و يقصرون بواجباتهم نحوها .. او يتعاملون معها من نظرة الفوقية والأفضلية والنظرة الدونية .. وان بعضهم هم السبب بتدمير وخراب بيت أسرهم وجعل أطفالهم يعيشون اليتم في حياتهم .

لكن الفكرة الرئيسية كانت هي أولا : توضيح خطأ القول والتعميم أن الرجل كرجل بالمطلق هو من منع المرأة حقها في العمل والتعليم والانخراط في الحياة ...الخ ، أو بمعنى آخر تحميل الرجل مسؤولية ذلك بالتالي قسمة المجتمع جندريا لنوعين متنافرين .. ما يموه ويلقي ظلالا على الاسباب والبواعث الحقيقية .. سوى كونه وصفا غير دقيق البتة .. لأن المسالة قلنا هي ضمن وفي سياق اجتماعي قيمي معين لا دخل لا للرجل ولا للمرأة فيه ولا يملك اي منهما عصيانه والخروج عليه .. كما أن أيا منهما لم يفرض أو يفرز تلك القيم التي فرضت ذلك الوضع فيوقته .. وبينا كيف يتم إفراز مثل تلك القيم وتغيرها ..

وثانيا التنويه أن بعضا من النساء ربما فهمن الموضوع أو أُفهِمنَه بطريقة خطأ كما نوهنا سابقا .. فتنكرن لعهود كان الرجل فيها هو مؤسسة الأمن والاقتصاد والرعاية وكان يتكبد ويتحمل ويصد عنهن ويكفيهن مؤونة كل ذلك الطلب .. وتأثرن بتلك الدعوات التي حملت الرجل مسألة حرمانهن من الانخراط في الحياة أو العمل أو التعليم في حقب معينة من مسيرة المجتمعات البشرية .. ومجرد أنهن ضمنَّ تلك الحاجات من الأمن والاستقلال الاقتصادي من جهات أخرى كالقانون والمؤسسات الرسمية تنكرن للرجل أو أسأن استغلال ذلك وتعاملن مع الرجل كقيمة ثانوية في حياتهن ما أدى لاهتزاز وتشوه العلاقة بينهما بالتالي تضرر الأسرة والأطفال والمجتمع ككل .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن