الحراك ومحركوه

حاجي عبد المالك
foucault_michel@yahoo.fr

2019 / 11 / 20

منذ أن بدا الحراك في الجزائر يوم " 22 فيفري 2019" و الشارع الجزائري كل أسبوع و إلى غاية كتابة هذه الأسطر يرفع جملة مطالبة واضحة للعيان لا تقبل أي تأويل " القضاء على زبانية النظام البوتفليقي" عن طريق التظاهر، الإضراب، التعبئة الفيسبوكية مع ذلك يبقى التساؤل مطروحا: كيف بدأ الحراك؟ وهل كان الشعب حقيقة مصدره؟ و هل نجح ولو نسبيا؟ إن المتأمل لفكرة الحراك بحد ذاتها سيستنتج ضرورة حدوثه ، فهو كحدث تاريخي "حتمي الوقوع" لان المتامل في الواقع الجزائري يدرك ذلك بسبب الظروف الاجتماعية القاهرة " اثقال كاهل المواطن البسيط بالضرائب،بالموازاة مع ظهور طبقة غنية جدا، ظاهرة الحرقة، تجميد التوظيف، الحرقة .....مع استنزاف النظام لمختلف حلوله لاجل اسكات المجتمع الجزائري. الاخطر من ذلك بروز صراع بين اجنحة كانت كانت تبدو حليفة لبعضها البعض حول السلطة عقب نهاية فترة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة " السعيد و القايد صالح" لا احد ينكر ان شرارة الحراك كانت " ترشح بوتفليقة" لعهدة خامسة "وهنا مربط الفرس" لان فكرة ترشيحه لم تكن بريئة بل كانت مدروسة جيدا فهو كرئيس كان مقعدا من الناحية الجسدية و معطل السيالة العصبية بل أصلا لم يكن يدرك مدى ترشيحه، سيتساءل البعض ولم تم ترشيحه أصلا؟ إن النظام القديم لكي يستمر كان عليه أن يلعب على ورقة بوتفليقة، ترشيحه و فيما بعد عزله و في نظره انه بفعل العزل هذا يكون قد قدم" خدمة جليلة للشعب" أو لم يرد على لسان زبانية النظام السابق " فرصة سنة" و بعدها سنقوم بنقل الحكم بطريقة دستورية و لسنا ندري ما قيمة هذه السنة و هم على سدة الحكم لمدى عقدين من الزمن. - ربما هذه السنة هي لتصفية الحسابات بين الاجنحة المتصارعة و اعداد مرشح بمقاس النظام السابق-. في البدايات الأولى للحراك جوبه بمحاولات إخماده فرددوا على مسامعنا عبارة " المغرر بهم" و هي الكلمة النابعة من خطاب نائب وزير الدفاع. إلا أن استمرار الحراك و سلميته خاصة جعل زبانية النظام القديم يكيفون البوصلة من جديد، لان هذه السلمية غير المتوقعة أخلطت أوراق النظام السابق " الذين كانوا ما فتئوا يذكروننا بسوريا و ليبيا..." هذه السلمية أدت إلى أمرين اثنين: أولاهما: ضرب قاعة دينية الممثلة في التيار السلفي التي تتغنى بمبدأ " عدم الخروج عن الحاكم" لان هذا الخروج سيؤدي إلى إراقة الدماء و لكن كما ذكرنا سالفا " السلمية" قد قوضت هذا المبدأ و ندى فعل الخروج عن الحاكم أمرا مشروعا وبالتالي فقد التيار السلفي ذو القاعدة الشعبية مكانته . ثانيهما: ركوب الجيش للحراك، إذ تم إرجاع هذه السلمية كأمر نابع من الجيش وقوات الأمن و ليس من الشعب" والغرض الخفي لتبني الجيش للحراك ممثلا في شخص نائب وزير الدفاع كان لسبب تقوية نفوذه وكسر الجناح الذي حاول تحطيمه " خصوصا بعد تسريب وثيقة اقالته" وهو ما لمسناه في قيام نائب وزير الدفاع بالقيام بحملة اعتقالات واسعة ومحاسبة " وهمية" لمن استفاد من النظام السابق " أموال، صفقات، مشاريع..." وهذه المحاسبة كانت بعيدة عن شخصه وهو من كان يحرص على النظام السابق وزبانيته لعشرين سنة، بهذه الصورة اختار لنفسه البراءة وهي براءة تشبه "براءة إخوة يوسف نبي الله". الحراك يستمر بالموازاة مع بقاء رموز النظام القديم على سدة الحكم " خصوصا نور الدين بدوي" على رأس الوزارة و بدأت الحلول و أشباه الحلول و الترقيعات و بتدخل الجيش في هذه المرحلة بدأ تظهر تصدعات داخل الحراك بين مؤيد لقرارات الجيش ومرحب بها خصوصا لما أعلن نائب وزير الدفاع انه حارس الحراك الأمين، وبين رافض لهذا التدخل و خصوصا في منطقة القبائل أين لم يتوقف الحراك و المظاهرات شبه يومية و مطلبهم كان واضحا وهو " محاسبة كل أذناب النظام السابق، تخلى نور الدين بدوي عن منصبه.." و الرفض المطلق لتدخل الجيش في الحياة السياسية، إلا أن حراك المنطقة القبائلية حراك ضبابي حراك غير بريء ، هم يرددون عبارة
"Pouvoir assassin" و لا احد استفاد من النظام السابق مثلما استفادت المنطقة و أصحابها " السيطرة على سوناطراك، معظم رجال الأعمال منهم ، حداد ربراب ببساطة معظم رؤوس الفساد كانت قبائلية، و لاداعي الأخذ في هذا الصراع القبائل و الوطنية لأنه صراع له جذور تاريخية و لا ينتهي لأي مخرج. طريق الحل واضح وهو تنظيم انتخابات، وهي التي يجب أن تنظم، باب الترشح كان مفتوحا ولكن بقي الشعب يحمل مخاوفه معه، فكيف يشرف بدوي على انتخابات وهو من زور في وضح النهار استمارات الترشح للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة؟ مجددا القائد الأعلى للقوات يتعهد بضمان الشفافية، غير أن ما أفرزته اللجنة الوطنية " المستقلة" للانتخابات هو" أسماء بوتفليفية بامتياز" أين بات الانتخاب معها ضربا من المستحيل و الغباء، لتتحمل المؤسسة العسكرية و قائدها مسؤولية العزوف عن هذه الانتخابات، كما يتحمل الحراكيون الجزء الأكبر من حالة الانسداد هذه فهم لم يلتفوا حول شخصية و يساندوها لتتربع على الكرسي في قصر المورادية فإذا كان
الحراكيون يتزايدون كل يوم فأصواتهم هي من تتعالى لا أكثر و لا اقل ، مع نظام اعتاد على التعامل مع الصراخ باللامبالاة. ويبقى بين الحراكيين و النظام السابق عامل الزمن فقط. فصاحب النفس الطويل هو الذي سيفرض منطقه في النهاية..... . و يستمر الحراك



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن