الشعب ومستقبل الوطن

عامر هشام الصفّار
aalsafar@hotmail.co.uk

2019 / 11 / 15

بعد مرور ستة أسابيع على أحتجاجات أو ثورة الشعب العراقي لابد من أن نبحث عن الدرس والمعنى من أجل إدامة الزخم وتحقيق الهدف. فلقد أراد السياسيون للشعب أن يُخدع وأن يضلّل ويصدّق أنه يتطور ويصبح ديمقراطياً... وكأن هذه الديمقراطية تأتي بوصفة سحرية أو بكلام منمق معسول أو بخطبة رئيس للوزارة بدا عليه أنه قد أدرك صعوبات الأقتصاد ومدى تغلغل الفساد اليوم في الدولة وذلك بعد أن خرج الآلاف من أبناء شعبنا ليقولوا قولتهم ضد حكومات فاشلة لم تحقق شيئا يذكره الناس. والفشل يأتي لأسباب متعددة، لعل أولها فساد المسؤول.. وشعور هذا المسؤول أن البلد الغني مُلك مشاع له، فيسرق ويغمط الحقوق دون أن يعي واجباته تجاه الوطن والشعب... ثم أن البرلمان وهو أعلى سلطة تشريعية في البلاد وجدته وقد صار فيه أعضاء من غير المؤهلين بل من الذين يصروّن على أن يكونوا جزءاً من نظام فاسد ... بل أن بعضهم راح يصرّح بتفاصيل في منتجات الفساد لزملاء له في نفس البرلمان مما أصبح حديث الشارع السياسي العراقي في كل يوم ودون حياء، وكأن اللصوصية والانتهازية والمحسوبية والرشوة قد أصبحت اليوم من القيم السائدة في نظام سياسي (فاسد) رفضه الشعب جملة وتفصيلا.
أن الشعوب هي مصدر السلطات، فما كان من الشعب العراقي الصابر إلاّ أن يقول كلمته ويحدد مطاليبه في ساحة التحرير ببغداد وفي ساحات الوطن الأخرى وحتى أبعد قضاء وناحية في البصرة الفيحاء. وهي المطالب التي تدعو للتخلص من فساد الحاكمين الذين أستخفّوا بحق الشعب في الحياة الحرة الكريمة.
ولكن التحدي الأكبر اليوم والذي يواجه شعب العراق وفي مقدمته أبناءه الشباب من الذين يعانون الأمرين من بطالة وعدم توفير سبل العيش الكريم الى عدم مشاركة في التغيير السياسي الذي يجب أن يكون ديدن أي نظام يحكم بلداً كالعراق عانى ولسنوات طوال من حروب وحصارات أنهكت أقتصاده، في الوقت الذي يملك فيه ثروة نفطية هائلة قد تحسّن أقتصاده اذا أستخدمتها الأيادي الأمينة المخلصة، أقول أن هذا التحدي أنما يتمثل في أن تكون قوى الضغط الشعبية كافية بأن تقنع الجميع بضرورة التغيير في هيكلية النظام السياسي العراقي نفسه وأعادة النظر في الدستور والنظام الأنتخابي، لتتم الدعوة الى أنتخابات جديدة في البلاد يتم من خلالها انتخاب الأصلح عضوا في البرلمان وعضواً في الحكومة لتنفيذ برنامج البناء حيث يراقب البرلمان الأداء ويحاسب عليه.
أن تدخل القوى الخارجية في النظام السياسي العراقي الحالي لن يخدم هذه القوى بالنتيجة، بل وسيعرقل خططها في المنطقة لأنها ستدرك إن آجلا أم عاجلا أن العراقيين ليسوا بالشعب السهل الذي يسكت على الضيم والخداع. بل وأن تدخل القوى الخارجية في الخارطة السياسية العراقية مع إنكار دور الشعب وأبنائه البررة الذين سالت دماءهم اليوم في الشوارع والساحات دفاعاً عن حقهم في العيش الكريم، سيجعل هذه القوى نفسها في موقف المعادي لطموحات الشعب العراقي بكل ما يعنيه ذلك من تحديات في العمل السياسي المستقبلي. بل وأن القوى الخارجية هذه ستواجه مصيراً مجهولاً وهي تتدخل في الواقع العراقي دون حساب لأستراتيجيات سياسية دولية تريد للعراق أن يكون مستقلا ومقتدراً، ووطناً له دوره الفعّال في نظام الأقتصاد العالمي بكل ما يعنيه ذلك من بناء على أسس ديمقراطية علمية صحيحة.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن