النصر صبر ساعة.. إدامة زخم المظاهرات والحذر من الفتور

حسين النور
halnoor365@gmail.com

2019 / 11 / 9

النصر صبر ساعة...
إدامة زخم المظاهرات والحذر من الفتور

لا تخذلوا الخطوط الساندة

من الملاحَظ على تظاهرات محافظة البصرة أنها خجولة وغير منظمّة وفيها خذلان كبير ويغلب عليها طابع الميوعة والميل إلى الطرب والاحتفال والابتهاج على (اللا شيء!!)..
وقد ترك المرابطون أماكنهم في مركز المدينة وخذل المجموع إخوانهم في أم قصر ليواجهوا القتل والتصفية والاعتقال بتهمة ٤ إرهاب وانتهى الأمر وعاد الميناء إلى العمل وركعت الجماهير الغاضبة أمام قسوة النظام وبطشه!
يبدو أن الجماهير ما تزال في غيبة عن مشاهدة ماهم فيه من الثورة فالموضوع ليس لعبة للتسلية..
لو قُدِّرَ لميناء أم قصر أن يبقى مغلقاً لفترة أطول كنا نتمناها لشكّل ذلك عامل ضغط على حكومة المليشيات ولرضخت إلى إرادة الشعب..
ماذا عسانا أن نتحدث عن خذلان القريب..
وغدر الصديق..
نحن نفهم أن يبيع رجال الدين والأئمة والخطباء من السنة والشيعة - الا ما رحم الله- وطنهم وقضيتهم فلا يكون لهم نصرة ولا حراك فهم يجيدون لغة الصياح في التحذير من الربا والزنا ولكنهم لا يفهمون (ضياع الوطن) لأن هاجسهم (الهويات المذهبية) وتراهم يصمتون عند مشاهد القتل لشبابنا ولا ينبسون ببنت شفة للعهر السياسي الذي تمارسه السلطة وقد تعودنا على جبنهم واستخذائهم فهم طبقة مترفة تمتهن المظلومية أو الظهور بثوب الدراويش لا تتعايش مع حركة التاريخ!
رأينا في ساحة الحرية الرسامين والفنانين والمطربين والمخرجين السينمائيين والإعلاميين والنحاتين والمصورين الفوتغرافيين ولكننا لم نرَ كتيبة المشايخ هناك! وكأن الأمر لا يعنيهم..
تعزف سافرة بالكمان في ملعب كربلاء تقوم الدنيا ولا تقعد عن انتهاك قدسية الحسين وتكون ألسنتهم أطول من (قامجي الكمان) بينما لا نسمع لهم حساً عندما سفكت الدماء في كربلاء فراح شباب بعمر الورد وحافظنا على نشيد الأرواح التائهة في بلد لا يرى مصلحوه القدسية الا في الغناء والسفور بالقرب من قبور الصالحين.
المؤسسة الدينية الشيعية تخشى من ضياع الحكم الشيعي وخروجه عن أيدهم أو أن تفقد امتيازاتها من الأموال والنفوذ فتراها تتعاطى بشكل مخجل مع الأحداث وخطابها يتسم بامساك العصا من الوسط وقابليته للمط والتأويل فهم خبراء التلاعب بالنصوص!
وبعض مراجعهم في العراق مرتبط قلباً وقالباً بالولي الفقيه..
ومن يتابع خطاب المرجعية في النجف يلاحظ أمرين الأول خطب مشفرة غير مفهومة والثاني تأييد الحكومة وشرعنة القمع من خلال الايصاء بعدم استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين! إذن اقمعوها بوسائل غير مفرطة في استخدام العنف وهو ظاهر في وقوف السيستاني مع الحاكم الظالم.
وهو بهذا يفقد قيمته الإنسانية.
أما المؤسسة الدينية السنية فهي ما بين (أخونة المساجد والوقف) وما بين (الحفاظ الفردي لكل شيخ على وظيفته ومعاشه)!!
فهم فاقدون للرؤية السياسية ويخافون على أنفسهم من أي تغيير وقد ألفوا (بذل النفاق السياسي) لإخوانهم الشيعة الأكثر عدداً ونفوذاً.. فبعضم (ذيول الذيول)..

كذلك أفهم خذلان شيوخ العشاير لبني جلدتهم فهم منتفعون ومتلونون بعدد أطياف البرلمان العراقي! ويحتفظون بالريش الملون ويعطون لكل قبعة ما يناسبها!
ولكن *ما لا أفهمه هو خذلان الشباب للشباب*..
خذلان الثوار لإخوانهم في ام قصر فصاروا لوحدهم في الساحة مكشوفي الظهر بينما يخرج الأهالي مساءً في شوارع الجزائر على أنغام الأغاني الوطنية يرفرفون بأعلامهم ويتمايلون طرباً فضاعت الدماء وضاع الميناء وضاعت قدسية أم قصر..
لقد كنت أحسب سقوط هذا الشريان الحيوي بيد مليشيات السلطة يعني التنكّب عن الطريق الذي سيحدث الوهن والخلل في ساحة الحرية!
*ففي عام ٢٠٠٣ لم تسقط بغداد الا بعد سقوط أم قصر! فما أشبه الليلة بالبارحة*!! لا سامح الله..
أين نخوتكم يا أهل البصرة هل سيتعارك رجالكم على دنانير الذهب بينما رأس مسلم بن عقيل بين أقدامكم كما فعل اجدادكم في الكوفة!
أرهبوكم بقانون الإرهاب والرصاص الحي..
*لو وجدوا فيكم ثبات الأحرار لطالت المواجهة*..
هم درسوكم جيداً إلى اخمص القدم وقاسم سليماني هو من يضع الخطط.. فوّتوا على الذيول فرصة استجماع ما تفرّق من قواهم والتقاط أنفاسهم فوالله لن تقوم لكم قائمة بعد ما جرى ويجري في أم قصر أو هنا وهناك.. نعم معركتكم مع السلطة الغاشمة كر وفر وفيها حسابات دم ولكن رمزية واستراتيجية بعض الأماكن تستحق منا التضحية.
ازحفوا نحو الجسور..
اقطعوا الطرقات..
تزاحموا في الساحات..
اعتصموا أمام البنايات..
اغلقوا البنوك..
والموانئ..
وهددوا الشركات الأجنبية النفطية السارقة لقوتكم وقوت عيالكم..
استمروا في عصيانكم المدني..
استمروا في حرق المقرات الحزبية والقنصليات الإيرانية وإهانة رموز إيران بتكسير جدارياتهم وضرب صورهم بالنعال العراقي العربي الأصيل.. فذلك من الحرب النفسية التي لها تأثير كبير في صدور اعدائكم..
امنعوا منافقي الموظفين من الالتحاق بأعمالهم فهم بصنيعهم هذا يعينون السلطة على إفنائكم..
حثوا النقابات العمالية والطلابية على العصيان..
استمروا بهتافكم ونشيدكم وهوساتكم وضجيجكم..
التحموا بأبناء ميسان والمثنى وذي قار وكربلاء والنجف وواسط والقادسية وبابل وديالى وبغداد.. *فالثورة حلقة واحدة ولا تسمحوا للمليشيات بتصنيفكم إلى مناطق ثم تفكيك حلقتكم الواحدة إلى حلقات ثم استضعافكم وضربكم الحلقة تلو الأخرى على انفراد* "وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية" و "يد الله مع الجماعة"..

أين الموج الأبيض؟ لماذا بدأت تفتر عزائم الطلاب؟
شدوا العزم يا شباب..

بعض المتفرجين يوهم نفسه بأن انكسار الثوار في هذه المرحلة لا يعني نهاية الثورة وأن شباب العراق سيرجعون قريبا إلى الساحات وهذا قصور في الفهم السياسي *لأن النظام سيعمل على تفكيك البنية التحتية للحراك الشعبي* من خلال الاغتيالات السياسية لقادته ورؤساء اللجان والتنسيقيات والوجوه الإعلامية والفاعلة وتكثيف حملات الاعتقالات وأحكام الطوارئ بدون محاكمات عادلة إضافة إلى سياسة الاستنزاف وكسب الوقت والترهيب.
وسيكون سلاح قطع خدمات الإنترنت الوسيلة الناجعة للتغطية على كل هذه الجرائم بحق السلميين العزّل كما يحدث الآن.
أما عندما تسخن المواجهة فسيقطعون جسور بغداد ويفجرونها.. ويفتحون من فوهات بنادقهم هلاهل الرصاص على صدوركم العارية!
أو يخنقونكم بقنابر الغازات السامة!
سيرهبون العوائل بتهديدها بفصل الموظفين من ابنائها ومحاكمة المتظاهرين بالإرهاب والسجن المؤبد.
ولن تترك سبيلاً للشيطان الا وستسلكه من اجل إخماد ثورتكم.
يتمتع المستشارون الإيرانيون بخبرة عالية في قمع الثورات الشعبية وهم يزودون حكومة عبدالمهدي بالمشورة اللازمة على طول الخط.
*على الثوار تغيير تكتيكهم في الزحف نحو الخضراء*..
إذا لم يكسبوا جولة الجسور فعليهم أن يزحفوا من جهة الكرخ.
على الشباب في مناطق الكرخ مؤازرة إخوانهم في الجانب الآخر.
على الثوار أن لا يعوّلوا على التدخل الخارجي لأن أمريكا لن تسمح به إلا بالقدر الذي يحقق مصلحة عملائها الموجودين في السلطة حاليا كما فعلت بالضبط في سوريا.. فكل التدخلات الخارجية كانت وبالاً على الثورة بعد أن بدتْ لأول وهلة شبّاك الأمل لعون الثائرين ونصرتهم!!
ثقوا فقط بأهلكم وشبابكم وسواعدكم..
وتذكروا.. أن خصمكم جبان بلا شرف ومثله يركب كل الموبقات في سبيل بقائه في الحكم، ورغم أعواد الزيتون التي بأيديكم فإنه يبادلها بالنار..
فهو لا يرحل ولا يرحم لا يرعوي ولا يستحي ولا يفهم لغة الوطن أو لغة الحب أو صيحات الشرف والغيرة..
ومن ظنّ أن ثمة خير أو إصلاح يأتي من أبي مِرّة فهو واهمٌ أو حالم!
في هذا المنعطف وبعد تأييد المرجعية الصريح للسلطة متمثلاً بالخطبة الأخيرة لعبدالمهدي الكربلائي في جمعة ٢٠١٩/١١/٨م على المتظاهرين التركيز على ثلاثة أمور ستراتيجية مهمة:
الأول: تأسيس تنسيقية مشتركة من مجموع التنسيقيات تمهد لتوحيد الخطاب وترشيح قيادة محتملة إذا سمح الجو الأمني بذلك.
وعلى عراقيي المهجر تشكيل تنسيقية مشتركة في الخارج.
الثاني: توحيد قائمة المطالب والتأكد من ترشيح أشخاص مناسبين لتمثيلهم في القنوات المتعاطفة مثل دجلة والرافدين والشرقية، لأننا وجدنا بعض الشخصيات ضحلة الثقافة أو تطرح حزمة أفكار ومطالب ترقيعية تتوافق مع اتجاه السلطة في نهاية المطاف.
ليكن التركيز على *مطلب المطالب: إسقاط النظام حصراً*.. باقي المطالب تتحقق مع الوقت بعد إزاحة هذه الوجوه الحقيرة منزوعة النور والشرف والرحمة التي دمرت العراق منذ ٢٠٠٣ وإلى اليوم.
الثالث: لا بأس من الانسحاب التكتيكي لإعادة النزول إلى الشارع في بعض المناطق إذا اقتضت المصلحة باستثناء ساحة التحرير.
نعم تواصل الاعتصامات هو الأفضل ولكن مع ارتفاع ضريبة الدماء قد يكون من الأفضل لملمة الجراحات وإعادة تكتيل الصفوف هو الأقرب للحكمة.
أما ساحة التحرير فهي قطب الرحى ويجب أن لا يتوقف الدوران حولها!

وكالة انتفاضة الخامس والعشرين من تشرين الأول
"من هنا بدأت الحرية"



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن