تعرية خمسة اساطير حول ثورة اكتوبر

طلال الربيعي
talalalrubaie@hotmail.com

2019 / 11 / 8


المنشورة في Left Voice
.............
على الرغم من تزايد شعبية الاشتراكية, إلا أن الاساطير المتعلقة بثورة اكتوبر لا زالت قائمة.

قادت الطبقة الرأسمالية حملة تشويه ضد الثورة الروسية على مدى المائة عام الماضية. على الرغم من أن المزيد من الناس يرون أنفسهم اشتراكيين, إلا أن الفزع الأحمر يظل باقياً في الوعي الأمريكي. يسعى هذا المقال إلى فضح خمسة أساطير عن الثورة الروسية.

الأسطورة 1: كانت ثورة أكتوبر بمثابة انقلاب قام به حفنة من المثقفين النخبويين الميكافيليين الذين وصلوا إلى السلطة من خلال التلاعب بطبقة عاملة سلبية وغير مبالية.
إن فكرة أن الحزب البلشفي كان منظمة صغيرة من المتآمرين المحترفين الذين كانوا غرباء عن العمال الروس أو حتى معاديين لهم هي فكرة عادة ما يطرحها المؤرخون البرجوازيون الذين اخرجوا نص لينين في كتابه "ما العمل" عن سياقه, حيث يقول لينين فيه, إنهم في حد ذاتهم, لا يمكن للعمال أن يحققوا غير الوعي الإصلاحي, وبالتالي فإن الوعي الثوري أو الاشتراكي يأتي من خارج الطبقة العاملة. يشير هذا المقطع من عام 1902 إلى الصعوبات التي واجهتها المنظمات الماركسية الأولى في ما كان, في ذلك الوقت, الدولة الأكثر رجعية في أوروبا, التي يحكمها الحق الإلهي للملوك. كانت روسيا تفتقر حتى إلى دستور برجوازي, فالأحزاب السياسية والنقابات كانت محظورة وغير شرعية, وكانت الشرطة السياسية الأكثر رعبا في العالم. في عام 1905 عاد لينين نفسه لمراجعة هذا الموقف وانتقد حتى الرفاق البلاشفة الذين الذين اعتبروا القيادة الواعية لحزب ثوري ماركسي نقيضا للتنظيم الذاتي للعمال. عندما ينظم العمال انفسهم في حزب, فإنهم يقودون ثورتهم.

عند وصوله إلى روسيا في أبريل من عام 1917 لم يدعو لينين على الفور إلى الإطاحة بالحكومة الرأسمالية المؤقتة التي كانت لا تزال مدعومة من قبل غالبية السكان. بدلاً من ذلك, دعا البلاشفة إلى أن يشرحوا بصبر للعمال أن السوفييت يجب أن يستولوا على سلطة الدولة. حسب لينين, لا يمكن الإطاحة بالحكومة المؤقتة قبل أن يحظى البلاشفة أنفسهم بدعم غالبية الشعب. وقال إن الناس لم يكونوا سلبيين, وأقل بكثير غير مبالين. في أكتوبر / تشرين الأول, انضمت مجموعة من جنود البحرية إلى البلاشفة, وتسلحوا بالحراب, وتسأئلوا: "متى, في النهاية, سنستخدمها؟"

قبلها, فاز البلاشفة بدعم الأغلبية الساحقة بطريقة مكنتهم من الإطاحة بالحكومة المؤقتة في بتروغراد دون إطلاق رصاصة واحدة. كان البلاشفة هم الذين تجنبوا الإطاحة التلقائية بالحكومة المؤقتة خلال أيام يوليو, مدركين أن التمرد المبكر يمكن أن يعزل المدينة عن الريف حيث لا تزال الحكومة المؤقتة تتمتع بالدعم.

بعد مرور أربعة عشر عاماً على وجود تنظيم الطبقة العاملة الروسية, ازدادت المراكز التي شغلها البلاشفة قوة من خلال التعبير عن احتياجات وتطلعات الجماهير. هذا سمح للحزب بالنمو من 17 ألف مسلح في فبراير 1917 إلى 240 ألف في أكتوبر, ودمج نفسه عضويا مع الطبقة العاملة.

الأسطورة 2: منذ البداية, كان الهدف الحقيقي للبلاشفة هو ديكتاتورية حزب واحد.
نقلت ثورة أكتوبر السلطة إلى مؤتمر السوفيات الثاني لعموم روسيا في في يوم الثورة, 25 أكتوبر 1917. وكانت السوفيتات هي مجالس المندوبين العماليين الذين انتخبهم العمال أنفسهم في المصانع. وقد دفع لهم نفس أجر العامل العادي, وكانت ولاياتهم قابلة للإلغاء في أي وقت. نظرًا لوجود هذه المجالس جنبًا إلى جنب مع الحكومة المؤقتة منذ سقوط النظام القيصري, فقد كانت هذه المجالس شكلًا أكثر ديمقراطية من الحكم من "الديمقراطيات" الرأسمالية التي تمتع السياسيون فيها بامتيازات, وانتخبوا بالكذب, وأصبحوا أغنياء على حساب الشعب, والبقاء في السلطة لسنوات على الرغم من خيانة أولئك الذين انتخبوهم والذين يدعون تمثيلهم.

كانت السوفييتات منظمات متعددة الأحزاب يمكن فيها لجميع الاتجاهات السياسية البروليتارية أن تتنافس ديمقراطيا. كان البلاشفة في الأقلية حتى سبتمبر 1917؛ كان هناك حزبي الأغلبية وهما المنشفيك والثوريون الاشتراكيون الذين كانوا, مع الأحزاب الرأسمالية الأخرى, جزءًا من الائتلاف الحاكم في الحكومة المؤقتة. بمجرد عودة لينين من المنفى, طالب البلاشفة هذين الحزبين بالانفصال عن الرأسماليين, وطرد أعضاء الحكومة الرأسماليين, وتشكيل حكومتهم الخاصة بهما والتي ستكون مسؤولة امام السوفييتات التي كانت فيها هذه الأحزاب نفسها هي الأغلبية. لو فعلوا ذلك, لما كان الحزب البلشفي سيكون في الحكومة, لكنه كان سيوافق على عدم استخدام القوة ضد الحكومة ومحاربة عودة القيصر. لقد رفض المناشفة والثوريون الاشتراكيون القيام بذلك.

مباشرة بعد ثورة أكتوبر, وافق الكونغرس الثاني لعموم روسيا على نهاية الحكومة المؤقتة بأغلبية ثلاثة أرباع الاصوات التي تكونت ليس فقط من البلاشفة ولكن أيضًا من الجناح اليساري للثوريين الاشتراكيين.

انسحبت الأقلية المنهزمة ديمقراطياً من المناشفة ويمينيي الثوريين الاشتراكيين من المؤتمر, وبدعم من الوكلاء الإمبرياليين البريطانيين والألمان والفرنسيين والأمريكيين, ايدت جميع المحاولات في انقلاب ضد الدولة السوفيتية المؤسسة حديثًا بالتعاون مع الجنرالات القيصريين اذين كانوا، حتى ذلك الحين, أعداء الحكومة المؤقتة. ويمكن العثور على تفاصيل هذه المؤامرات, وغيرها في أعمال مثل "السنة الأولى للثورة الروسية" للمؤلف Victor Serge
(المزيد عن
Victor Serge
في
https://www.marxists.org/archive/serge/index.htm
ط.ا)

لم ير البلاشفة أن كونهم الحزب الوحيد في السلطة ميزة. حمل المناشفة والاشتراكيون الثوريون السلاح ضد الدولة السوفيتية منذ عام 1917 ولكن لم يتم حظرهم حتى يونيو 1918. وعندها لم تقم الحرب الأهلية بتعبئة القيصريين الروس وحدهم ضد الاتحاد السوفيتي, ولكن أيضًا تم تعبئة أربعة عشر جيشا أجنبيا - من بينها جيوش الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا واليابان (القوى الإمبريالية الرئيسية في ذلك الوقت). كان تحريم الأطراف الأخرى تدبيراً دفاعياً استثنائياً فرضته الظروف التاريخية, ولم تعكس النظرية البلشفية, وفقًا لتروتسكي, قائد الجيش الأحمر خلال الحرب الأهلية. في الواقع, دعا برنامج الحزب البلشفي إلى نظام سوفييت متعدد الأحزاب.

الستالينية, نقيضة الثورة البلشفية, كانت مسؤولة عن إضفاء الطابع المؤسسي البيروقراطي على نظام الحزب الواحد دون اعتبار للظروف. لقد تعمدت الطبقة الرأسمالية مساواة إجراء حربي قام به البلاشفة بالمفهوم الستاليني.

الأسطورة 3: لو لم تُسقط ثورة أكتوبر الحكومة المؤقتة, لكانت روسيا قد أصبحت ديمقراطية.
غالبًا ما يوصف المؤرخون البرجوازيون الحكومة المؤقتة بأنها حكومة تقدمية يقودها "اشتراكيون ديموقراطيون" كان بإمكانهم تحويل روسيا إلى دولة ديمقراطية مثل فرنسا أو بريطانيا إذا كان لديهم المزيد من الوقت قبل أن يتولى "المتآمرون" البلشفيون السلطة. حصل هؤلاء "المتآمرون" على دعم الأغلبية الساحقة من الشعب الروسي من خلال التوضيح بصبر أن العمال الذين نظّموا في السوفييتات هم وحدهم الذين يمكنهم تخليص روسيا من مخالب الحرب العالمية الأولى, وإعادة توزيع الأراضي من طبقة النبلاء إلى الفلاحين الفقراء, وعقد الجمعية التأسيسية. باختصار, كان العمال هم الوحيدون الذين استجابوا لدعوة ثورة فبراير من أجل السلام والأرض ووضع حد للنظام القيصري. لقد تم تأجيل مطالب الثورة مرارًا وتكرارًا من قِبل الحكومة المؤقتة ولم يمكن تلبيتها بسبب علاقات هذه الحكومة الوثيقة بالإمبريالية البريطانية والفرنسية.

في غضون ساعات قليلة, أصدر المؤتمر الثاني للسوفييت مرسومًا بإصلاحات السلام والأراضي - شيئان فشلت الحكومة المؤقتة في تحقيقهما خلال ثمانية أشهر. ثورة أكتوبر أثبتت نظرية تروتسكي للثورة الدائمة. تجادل هذه النظرية بأن المهام الديمقراطية التي اضطلعت بها الطبقة الرأسمالية في ثورات القرنين السابع عشر والثامن عشر, مثل إصلاح الأراضي, لا يمكن تنفيذها في البلدان المحيطية إلا بواسطة ثورة الطبقة العاملة. بمجرد وصولها للسلطة, ستكون الطبقة العاملة قادرة على حل المهام الديمقراطية، وكذلك القيام بالمهام الاشتراكية, مثل مصادرة املاك الرأسماليين.

بعد حركة يوليو, استفاد جنرال قيصري يدعى كورنيلوف من حالة التعب التي تعاني منها جماهير بتروغراد وقام بانقلابً مضادً للثورة ضد الحكومة المؤقتة. وقع الانقلاب اليميني على الرغم من قيام الحكومة المؤقتة "التقدمية" و"الديمقراطية" بتجريم الحزب البلشفي وسجن قيادته.

وقع حدث مماثل في تشيلي في عهد سلفادور أليندي، "اشتراكي ديمقراطي", فتم الإطاحة بحكومته في انقلاب بقيادة أوغستو بينوشيه. كان بينوشيه جنرالًا عينه الليندي القائد الأعلى للقوات المسلحة قبل أسبوعين من الانقلاب.

بشكل عام, فإن تاريخ البلدان الرأسمالية المحيطية هو سلسلة من الانقلابات والديكتاتوريات. إن وجود نظام رأسمالي "ديمقراطي" مستقر كان بمثابة امتياز للدول الإمبريالية على مدار القرن الماضي. لا تتمتع الديمقراطية البرجوازية باستقرار طويل الأجل في البلدان المحيطية مثل شيلي والبرازيل (او العراق, ط.ا), حيث الطبقة الرأسمالية ضعيفة ومعتمدة على الإمبريالية, والعمال مستغلون بشكل كبير, والقضايا الديمقراطية التي لم تحل تسبب في اضطهاد الجماهير. لو هُزمت ثورة أكتوبر, لما أصبحت روسيا دولة ديمقراطية؛ من المرجح أن تصبح شبه مستعمرة ألمانية ("شيء بين روسيا القيصرية والهند", وفقًا لتروتسكي), تحكمها دكتاتورية تحت قيادة كورنيلوف أو بعض الجنرالات القيصريين الآخرين.

الأسطورة 4: كانت الستالينية هي النتيجة الطبيعية والحتمية لثورة أكتوبر والبلشفية اللينينية.
لم يعتبر البلاشفة ثورة أكتوبر باعتبارها مجرد ثورة روسية, بل كمفجر للثورة العالمية التي كانت ستمتد إلى جميع البلدان, وخاصة تلك المشاركة في الحرب العالمية الأولى. رأى البلاشفة انتصارهم مرتبطًا مع تولي الطبقة العاملة السلطة في دول أوروبا الغربية, وخاصة في ألمانيا. بعد ثورة أكتوبر, حاول العمال الثورة في بلدان مختلفة في أوروبا, مثل إيطاليا وألمانيا. في الأخيرة, كانت هناك عملية ثورية مستمرة تقريبا ودون انقطاع بين عامي 1917 و 1923.

ومع ذلك, تم هزيمة هذه الثورات, ويرجع ذلك أساسا إلى خيانة الأحزاب الديمقراطية الاشتراكية التي كانت أدوارها المضادة للثورة مماثلة لدور المناشفة الروس. وبالتالي, تم عزل ثورة الطبقة العاملة المنتصرة الوحيدة في التاريخ في بلد فقير, دمرته أربع سنوات من الحرب العالمية وثلاث سنوات من الحرب الأهلية المضادة للثورة.

يجب أن يكون بناء الاشتراكية مستمدا من تطور قوى الإنتاج التي تمكن من الحد من يوم العمل والإنتاج الفعال. هذا من شأنه أن يلغي تدريجيا الفروق بين العمل اليدوي والفكري. وهذا يتطلب التنشئة الاجتماعية وتناوب الوظائف الإدارية بين جميع العمال وزيادة وقت الفراغ. سيسمح ذلك لجميع الناس بقضاء بعض الوقت في ممارسة العلوم والفن والثقافة وتطوير أكبر لإمكاناتهم البشرية. من المستحيل تحقيق ذلك في بلد واحد بالنظر إلى أن الدولة المعزولة عن الاقتصاد العالمي لديها قوى إنتاجية محدودة. لذلك, لا يمكن بناء الاشتراكية إلا على نطاق عالمي باقتصاد مخطط له يشمل القوى المنتجة للبشرية جمعاء.

نمت تناقضات الثورة البروليتارية المنعزلة إلى ثورة حيث اغتصبت قيادة الثورة ببيروقراطية كان ستالين ممثلها الرئيسي. نمت البيروقراطية إلى طبقة مميزة وطورت مصالحها الخاصة بقمعها الطبقة العاملة من خلال مصادرة العمال الروس سياسياً وتدمير السوفيتات واغتيال الثوار البلشفيين وجني الامتيازات من الاقتصاد المخطط. في عام 1923, نظم تروتسكي المعارضة اليسارية, التي قاتلت ضد التدهور البيروقراطي للثورة.

ومع ذلك. فإن هذه البيروقراطية لم تنشأ بسبب مشاكل أخلاقية داخل اوساط البلاشفة أو الدولة السوفيتية الفتية. بالأحرى, نشأت بسبب الظروف المادية للاتحاد السوفيتي. الاشتراكية هي سياسة للتوزيع العادل للكثرة الناتجة عن الإنتاج الضخم. نشأت الستالينية بسبب حقيقة أن البيروقراطية أصبحت مسؤولة عن توزيع الموارد القليلة المتاحة في الاتحاد السوفيتي المعزول. هناك حاجة إلى بيروقراطية لإدارة الندرة. في مجتمع الوفرة, يمكن أن تزدهر الاشتراكية.

في عام 1924 اخترعت البيروقراطية الستالينية نظرية الاشتراكية في بلد واحد فقط. تحت قيادة ستالين, طرح الكومنترن سياسة تهدف إلى دعم وجود الاتحاد السوفياتي, وليس التحرك نحو الثورة. دعا الكومنترن الأحزاب الشيوعية في جميع أنحاء العالم إلى دعم الجناح الأيسر للبرجوازية الخاصة بكل بلد (هذا ما حصل بدعم الحزب الشيوعي العراقي لحكومة عبد الكريم قاسم وكذلك دعمه لاحقا لحزب البعث. ط.ا). وكان هذا يعني خيانة العمليات الثورية التي كانت تجري في بلدان مختلفة مثل الصين في عشرينيات القرن الماضي وإسبانيا في ثلاثينيات القرن العشرين, من بين دول أخرى.

"يشكل التطهير الحالي ليس فقط خطًا دمويًا بين البلشفية والستالينية, بل نهرًا كاملًا من الدماء", على حد تعبير تروتسكي. إما أن يضطر العمال إلى تنفيذ ثورة سياسية جديدة من شأنها إسقاط البيروقراطية واستعادة الديمقراطية السوفيتية, أو أن البيروقراطية ستعيد الرأسمالية. بالطبع, تم استعادة الرأسمالية في نهاية الثمانينات.

الأسطورة 5: ثورة أكتوبر لم تنتج سوى الفقر
لقد عمل الرأسماليون على ربط الاشتراكية بصور لقوائم الانتظار الطويلة والرفوف الفارغة. ومع ذلك, فإن هذه الصور تصور شيئًا حقيقيًا - فترة البيريسترويكا لاستعادة الرأسمالية في الاتحاد السوفيتي. هذه الصور هي دليل على انهيار الاتحاد السوفيتي ولا تدعم الزعم بفشل الاشتراكية. يجب قراءة هذه الصور في سياقها, مع إدراك أن فشل الاتحاد السوفيتي كان ممكنًا بسبب مزيج من السياسات الشائنة للستالينية, وكذلك الضغط الإمبريالي.

على الرغم من كل هذا, حتى عام 1985 نما الاقتصاد السوفياتي حوالي 3 في المائة سنويًا, وبلغ متوسط ​---​---معدل نموه أكثر من 5 في المائة سنويًا خلال سبعينيات القرن الماضي, وهو معدل مماثل لمعدل الولايات المتحدة قبل أزمة عام 2008.

قبل الثورة الروسية, كان أكثر من تسعة أعشار السكان من الفلاحين الذين لم تتحسن تقنياتهم وإنتاجيتهم الزراعية منذ القرن الرابع عشر. حولت ثورة أكتوبر الدولة الأكثر تخلفًا في أوروبا إلى قوة عظمى اقتصادية وعسكرية وعلمية وثقافية. كان السكان السوفييت متعلمين تعليماً عالياً ويعملون بشكل كامل ولديهم مستويات معيشية للعمال التي كانت , عموماً، أعلى من نظرائهم في العديد من البلدان الرأسمالية.

في عام 1932 عندما دُعي تروتسكي للتحدث إلى الشباب الديمقراطي الاشتراكي الدنماركي؛ ذكر أن "منحنى التنمية الصناعية لروسيا معبراً عنه بأرقام مؤشر النفط الخام على النحو التالي، باعتبار عام 1913 آخر سنة قبل الحرب ب100. كما أن عام 1920 وهو أعلى نقطة في الحرب الأهلية, هو الأدنى نقطة أيضًا في الصناعة - فقط ب,25 وهذا يعني, ربع الإنتاج قبل الحرب. في عام 1925 ارتفع إلى 75 ، أي ثلاثة أرباع الإنتاج قبل الحرب, في عام 1929 حوالي 200, في 1932: 300 ، وهذا يعني, ثلاثة أضعاف معدله عشية الحرب. الصورة تصبح أكثر وضوحا في ضوء المؤشر الدولي. في الفترة من 1925 إلى 1932 انخفض الإنتاج الصناعي لألمانيا مرة ونصف, في أمريكا مرتين، في الاتحاد السوفيتي زاد أربعة أضعاف. هذه الأرقام تتحدث عن نفسها.

كان أحد الانتصارات الأولى لثورة أكتوبر هو حملة لمحو الأمية لم يسبق لها مثيل, لا مثيل لها في أي نظام رأسمالي. تضاعف إنتاج الحديد السوفيتي بين عامي 1933 و 1936. وخلال الفترة نفسها, قفز الاتحاد السوفيتي, من كونه عاشر أكبر منتج للفحم إلى الرابع وسادس أكبر منتج للصلب إلى الثالث. في عام 1936 تضاعف إنتاج الحديد والفحم والنفط ثلاث مرات مقارنة بمستويات ما قبل الحرب. في عام 1935 كان لدى روسيا 95 محطة طاقة وطاقتها الإنتاجية 4.4 مليون كيلووات. بينما كان هناك فقط عشر محطات تنتج 253 ألف كيلووات عند الشروع بخطة Golero (اول خطة اقتصادية في الاتحاد السوفيتي. ط.ا).

وفرت هذه التطورات شروط الرعاية الصحية العامة المجانية والتعليم. في وقت قصير جدًا, أنهى الاتحاد السوفيتي الأمية بشكل أساسي. كان للناس في الاتحاد السوفيتي الحق في السكن, وكذلك في روضات وحضانات اطفالهم.
.
لم تحقق أي دولة رأسمالية مثل هذا المعدل من التطور. كتب تروتسكي أن "الاشتراكية" أثبتت قدرتها في الانتصار، ليس في صفحات كتاب رأس المال, ولكن في الساحة الصناعية التي تضم سدس سطح الأرض - ليس بلغة الديالكتيك, ولكن بلغة الفولاذ. هذه الإحصائيات أكثر إثارة للإعجاب عندما نأخذ في الاعتبار أن الاتحاد السوفيتي لم يكن دولة اشتراكية, بل دولة عمالية انتقالية, حيث انقطعت البيروقراطية عن تقدمها نحو الاشتراكية. حتى وسط ثورة مغتصبة, تمتع العمال بانتصارات عظيمة. تخيل إذن الانتصارت المحتملة في الدولة العمالية التي تمارس فيها البروليتاريا, التي تنظم في السوفيتات, سيطرتها الكاملة في اتخاذ القرارات.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن