المطالبة بحلّ الأحزاب والتيارات والكتل.

بلقيس حميد حسن
Balkis8@gmail.com

2019 / 11 / 7

يقوم الشعبان العراقي واللبناني بثورة عارمة كلّ في بلده، ثورة من أجل الحق والوطن، من أجل المظلومين، والمقهورين، والمهمشين من كل فئات الشعب وطبقاته ، ثورة من انتهى صبره على الفساد والمحسوبيات وتلاعب الأحزاب والطوائف والتيارات والكتل وارتباطاتها بجهات خارجية تقسّم الوطن، وتفتّت طاقاته وتبدد ثرواته لتذهب الى البنوك الخارجية أو تكون سلاحا لموتهم واقتتالهم فكل ما أقوله في هذا المقال عن العراق يسري على لبنان ايضا.
فالعراق اليوم ينتفض انتفاضة باسلة لم يشهد لها تأريخه، ويعلنها بدماء شبابه لا لأمريكا ولا لإيران ولا لأية جهة أو دولة أخرى، وهذه هي الوطنية والشرف الرفيع، حيث تحمل المسؤولية بلا ذلٍّ ولا انحناء لأجنبي.
تذكرنا ثورة العراق اليوم بأعظم الثورات بالعالم، بل هي تشبه الثورة الفرنسية الكبرى عام 1789 ضد الملكية التي غيرت وجه أوروبا ومن ثم غيرت العالم من خلال قيم، وقوانين انسانية جديدة بدّلت وجه التأريخ بمبادئ انسانية عظيمة، للفقراء، والمهمشين، وللمرأة ، ولكل الفئات المسحوقة، ونبذت الفكر المتخلف، فكر القرون الأولى، فنهضت فرنسا ونهض بنهوضها العالم أجمع ..
يقوم العراق اليوم بهذه الانتفاضة الشعبية العارمة والشجاعة التي تثير إعجاب العالم، حيث الشباب العراقي يقدم قوافل الشهداء ويزداد إصراراً على الانتصار مهما كانت القرابين، يقوم بتحمل مسؤوليته أمام العالم كله ليخلع عن الشعوب العربية الظلم والاستبداد الذي عاد يتحكم بها، يتحمل شباب العراق ولبنان في هذه الثورة الكبرى مسؤولية تغيير القيم البالية والثوابت الدينية والمذهبية التي فرقت الشعوب وجعلتها مجرد خادمة لقوى الشر وأثرياء العالم الذين يتحكمون بثروات الشعوب ومقدراتهم.
وبهذا الظرف(المفصل) بين عالمين، عالم الظلام والبؤس والبكاء على الماضي السحيق، وعالم النصر والمساواة والعدالة وتكافؤ الفرص، يحتاج العراق كما لبنان الى وحدة وطنية ولحمة شعبية لاتشبه كل ما سبقها، وهنا تضع هذه الثورة العراقيين واللبنانيين جميعا على المحك ، فأما أنك تحب وطنك وتضحي من أجله وأما انك تكون أنانيا وتريد العيش لك وحدك وليمت الآخرون ويصرخ حالك دون كلام : أنا ومن بعدي الطوفان..
هنا، أصبح من الضروري مطالبة كل رؤساء الأحزاب، والكتل، والتيارات، بأن يتخلوا عن أنانيتهم وينظروا الى دماء الشباب المسفوك بالشوارع على كبر العراق ومحافظاته الثائرة، وأن يضطلعوا بدور أقل مايمكن أن يكون عليه العراقي ليكفروا ولو قليلا عن زهوهم ونرجسياتهم وسكوتهم على تهميش أكثر فئات الشعب وحرمانها من أبسط حقوقها بالوقت الذي يجلسون هم تحيط بهم الحمايات وأفخم السيارات، والخدم والحشم في بيوت تتوفر بها كل وسائل الراحة، ينعمون برواتب ضخمة، ولايرون حراً ولابرداً ولايجوعون فيها ولايعرون والفقر يملأ الشوارع والزوايا والساحات..
لابد لهم اليوم بتحمل مسؤولياتهم في هذا المفصل التاريخي الذي إن ذهب فلن يعود، لذا عليهم أن يعلنوا عن حلّ أحزابهم وكتلهم وتنظيماتهم، ولو بشكل مؤقت لحين نجاح الثورة وتأسيس نظام حكم وطني بحت يقوم على أساس الحق والعدالة والمساواة بين أبناء الشعب العراقي عامة ونبذ الطوائف والأحزاب والفوارق.
إن ورقة الأحزاب والطائفية والمذهبية قد سقطت اليوم في سوح الانتفاضة وداستها أرجل الشباب المنتفض في لبنان والعراق والذي ضاق ذرعا بالوعود، والألاعيب،والجرائم، والفضائح التي مارستها أغلب الأحزاب والكتل والتيارات خاصة من يتلفع بغطاء الدين وأقنعته المفضوحة..
يا رؤساء الأحزاب والكتل كونوا بشرا أمام كل هذه الدماء واركعوا أمام إرادة الشعب العظيم هذا ، لتغسلوا شيئا من كبائركم الكثيرة، فالقادم خطير جدا ولا تأمنوا غضبة الشعب الثائر ..
اليوم هو المحك وبانتظار حلّ تنظيماتكم والخروج من مأزق يشتت ويظلل أبناء العراق ويثير النعرات بين أعضاء الجسد الواحد.
النصر لثورات المهمشين المستقلة إلا عن حب الوطن وشعبه الأعلى.
عاش الشعبان العراقي واللبناني والنصر حليف المظلومين أبداً..



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن