التعليق على مقترح مجلس الوزراء الاخير بخصوص تقليل السن التقاعدي

محمد علي
mkhamkh@yahoo.com

2019 / 10 / 21

قدم مجلس الوزراء الموقر مقترحه الى مجلس النواب العراقي لغرض دراسة تقليل السن التقاعدي لموظفي الدولة العراقية، وبهذا الخصوص نبين مايلي:
القرار: قرر مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة بتاريخ 15/10/2019 تقديم مقترح لتعديل قانون التقاعد ليكون السن القانوني للتقاعد ٦٠ سنة وفق ماورد في وسائل الاعلام.
الغرض المطلوب من القرار: توفير فرص عمل لغرض تعيين العاطلين ليحلوا محل الموظفين المشمولين بمقترح تقليل السن التقاعدي .
الاثر القانوني للقرار: ان تنفيذ القرار بصيغته المقترحة يتمخض عنه مايلي:
1- أن سن التقاعد الحالي هو السن التي يكون فيها الموظف في أوج عطائه واستعداده لصب خبراته في مجال عمله، حيث تمثل الفئة العمرية( 58-63) معظم الكوادر الوسطية والنخبة المتخصصة التي تدير مفاصل الدولة، وهذا ما يؤدي الى خسارة مؤسسات الدولة لخيرة خبرائها وكوادرها العلمية والفنية في احالتهم على التقاعد بهذا المقترح.
2- تعتمد الدولة حالياً اعتمادا كاملاً في الادارة على هذه الفئات الوسطى وحسب تخصصها الوظيفي سيما الكوادر الفنية وحملة الشهادات العليا منها، ان هذه الفئات العمرية اكتسبت الخبرة الوظيفية الكبيرة والمتراكمة نتيجة ممارستها الوظيفة لسنوات تصل الى اكثر من 20 عاماً، والصعب الاستغناء عنها بهذه السهولة.
3- ان خروج الموظفين وفق هذا المقترح من الوظيفة العامة سوف يتسبب في فقدان الدولة أهم أعمدتها القيادية الوسطى التي ترتكز عليها في ادارة مؤسسات الدولة.
4- في حالة سن التشريع تتحول الدولة الى جيش من المتقاعدين بعمر خمسين عاما صعوداً، لقلة الفرص في القطاع الخاص، وستكون رواتب المتقاعدين من واردات النفط بشكل أساسي وفي حالة لاسامح الله تعرض هذا المورد لاي سبب ما سوف يفقد المتقاعد مورده المالي.
5- تحل محل المحالين على التقاعد كوادر جديدة معظمها تنقصها الخبرة والكفاءة والشهادات غير الرصينة من الجامعات الاهلية وغيرها، لاسيما ممن تم تعيينهم بعد العام 2003 خلافا للقوانين والتعليمات المرعية والتخصص المطلوب في شروط الوظيفة العامة.
6- ثبت بالتجربة العملية؛ أن الغالبية من الموظفين المقترح احالتهم على التقاعد، من يحترموا القوانين النافذة ويحرص على تطبيقها بشكل صحيح، بينما يتصف البعض من الكوادر الجديدة بالامبالاة، والتجاوز على القوانين والانظمة والتعليمات النافذة في تطبيقها، وهذا ما نلمسه في المؤسسات الخدمية التي تقدم خدماتها للمواطنين.
7- ان التعيين الجديد للمواطنين في بعض المؤسسات ليس بحل لمشكلة البطالة، سيما الاستغناء عن الكفاءات الموجودة في بعض الوزارات والمؤسسات السيادية كالقضاء أو الخارجية أو التعليم العالي والبحث العلمي أو النفط أو الكهرباء أو الموارد المائية وغيرها ، بعد ان خسرت الدولة المبالغ الكبيرة لاعدادهم وايصالهم الى هذا المستوى المتقدم.
8- من المحتمل ان تتوجه هذه الكوادر والخبرات بالهجرة الى الخارج لقة فرص العمل في القطاع الخاص، وهذا ما يساهم في تفريغ البلد من الكفاءات واصحاب الخبرات، وستلقى القبول والتعيين في معظم دول العالم بعد عرض سيرتها الذاتية والخبرات والشهادات والتي تحملها والوظائف التي تبوئتها في وزارات ومؤسسات الدولة العراقية.
9- يجب دراسة المقترح بكل دقة خوفاً من فقدان الدولة لكوادرها وخبرائها وعلمائها نتيجة الاجتهاد الخاطيء ، ان التعيين للشباب والعاطلين لايعني هدم مؤسسات الدولة، وابعاد كوادرها الوسطى من الوظيفة وتحويلهم الى جيش من العاطلين المتقاعدين.
المقترحات:
- بينت المادة (14) من الدستور العراقي العراقيون متساوون امام القانون دون تمييز...). نقترح تطبيق نص المادة 10 فقرة اولاً من قانون التقاعد رقم 9 لسنة 2014 على جميع موظفي الدولة ( المدنية والعسكرية والامنية والقضائية) بدون أي استثناء وارد في اي قانون عام او خاص ( تتحتم إحالة الموظف على التقاعد عند اكماله (63) الثالثة والستين من العمر وهي السن االقانونية للإحالة الى التقاعد بغض النظر عن مدته خدمته.....). وكذلك اضافة نص :يلغى أي تمديد أو استثناء سواء بقانون خاص أو عام ، ويستثنى من ذلك المنتخبين من البرلمان رئيس الجمهورية ونوابه ورئيس الوزراء ونوابه، والمنتخبين من قبل الشعب اعضاء مجلس النواب ومجالس المحافظات.
- في حالة رغبة الموظف الذي يبلغ ( 50) عاما ولديه خدمة تقاعدية لاتقل عن 15 سنة ، يحال على التقاعد، ويمنح قرض مالي قدره ما يعادل رواتبه للسنوات الخمس الاخيرة بضمنها المخصصات كافة، بضمانات تستقطع من راتبه التقاعدي بنسبة خمس الراتب. هذا مايقدم : فرص عمل كثيرة للعاطلين في مؤسسات الدولة وزجها بخبرات وكفاءات جديدة وتوفير أموال طائلة لخزينة الدولة.
1- إنهاء كافة المتعاقدين من الدولة من المستشارين( المتقاعدين) باية صفة كان، سواء للوزير أو عضو مجلس النواب أو المحافظ وهكذا للعناوين الاخرى، وبالامكان الوزارات والمؤسسات الحكومية الاستعانة عنهم بأساتذة الجامعات العراقية في تقديم الاستشارات بمختلف انواعها ومجاناً، وفق جدول يعد بذلك لكل مؤسسة عراقية، كما في جدول الخبراء في المحاكم العراقية.
وهذا مايقدم:
- توفير فرص عمل كبيرة للعاطلين.
- مشاركة الجهات التعليمية العليا في تقديم استشاراتها لتطوير عمل دوائر الدولة.
- توفير سيولة مالية كبيرة لصالح الخزينة.
2- إجراء هيكلية حقيقية على الملاك لعناوين الرتب العليا عميد صعوداً في وزارة الداخلية والدفاع وحسب الحاجة المثبته في ملاكها، وإحالة المتبقي من الرتب العليا خارج الملاك على التقاعد، لانها ترهق ميزانية الدولة من حمايات وسيارات وتخصيصات ونثريات مختلفة.
3- احالة كافة موظفي الدولة ممن ثبت قيامهم بفساد مالي واداري خلال عملهم الوظيفي بعد العام 2003 على التقاعد سواء من خلال لجان تحقيقية في دوائرهم، او من خلال قرارات الحكم الصادرة من المحاكم المختصة، وهذا ما يوفر فرص عمل جديدة للعاطلين يحلون محلهم في الحذف والاستحداث ضمن تعليمات وزارة المالية.
4- تطبيق نظام صارم بخصوص العمالة الاجنبية ودخولها بالعراق، ومنها اصدار نص قانوني يجيز حبس المستفيد الذي يعمل لديه العامل الاجنبي المخالف لشروط الاقامة، اضافة الى النصوص القانونية الاخرى في قانون اقامة الاجانب بحق الاجنبي. وذلك من اجل توفير فرص عمل للعراقيين في القطاع الخاص.
5- يمكن تطبيق القرار تقليل سن التقاعدي في حالة التصويت عليه بشكل جزئي على بعض الوزارات الخاسرة كالصناعة، او التجارة وغيرها. او الوزارات التي لاتتاثر بالتطبيق وممكن التعويض بالتعيينات الجديدة مثل: وزارة التربية لقطاع التدريس بالنسبة للمدرسين والمعلمين حيث بالامكان ان تحل محلهم كوادر جديدة دون التاثير على العملية التربوية، سيما أن الاغلبية من العاطلين هم من خريجي الكليات التدرسية كالتربية والعلوم واللغات والتربية الاسرية او الاسلامية وغيرها.
6- ان تطبيق هذه المقترحات المذكورة أعلاه، أو أية مقترحات أخرى، هو الأفضل للحكومة الحالية في القضاء على البطالة، وليس تقليل سن العمر التقاعدي، وحتى لو قدم المقترح المذكور ، فيتطلب نفاذه بعد ثلاث سنوات لغاية بلوغ السن الحالي البالغ 63 سنة لتهيأة البديل في ادارة مؤسسات الدولة بدلاً من الاحالة الفورية للكوادر الوسطى لمؤسسات الدولة على التقاعد، حتى لاتقع مؤسسات الدولة في اخفاق اداري وفني بسبب فقدانها كوادرها المتقدمة نتيجة تطبيق هذا التعديل ان حصل. ويمكن دراسة تطبيق المقترح المذكور على بعض الوزارات والمؤسسات بشكل جزئي وليس بشكل شمولي وليكن حملة شهادات الاعدادية نزولاً.

ونختم دراستنا براي الكتاب د باسم عباس خضير في مقاله ( تعديل قانون التقاعد .. التحول من العاطلين إلى المعطلين ).
إن الإحالة المكبرة إلى التقاعد تخلق فرص العمل لفئات السكان ولكن هذا الحل ليس هو البديل الأفضل لان القضاء على البطالة أو تخفيف معدلاتها لا يأتي من خلال تعطيل مجهودات القوى العاملة والاستغناء عن الخبرات والمهارات والمعارف المكتسبة بتحويلها إلى عطلات، لأنه يعني باختصار معالجة الخطأ بأكبر منه من الأخطاء
ان الشعوب المتقدمة تعمل بشعار خبرة الشياب وهمة الشباب وليس بمعالجة البطالة من خلال تعطيل الكفاءات والخبرات، والعراقيون الذين اغنوا العالم بعلومهم وقدراتهم لا يستحقون أن يتحولوا لهذا السبب أو ذاك من عاطلين إلى معطلين لان الاقتصاد وما يرتبط به من حلقات وبعض جوانب الأمور والتفصيلات لا تدار بالشكل الموضوعي والمطلوب.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن