انتفاضة الأول من اكتوبر صفحة مُشرقة في تاريخ العراق المعاصر.

خطاب عمران الضامن
khatabomran@yahoo.com

2019 / 10 / 15

في الأول من أكتوبر 2019م، اثبت شبابُ العراق، أُدباءه ومثقفيه، رجالهُ ونساءِه أصالةَ وبسالة وحيوية هذه الأُمة، بالرغم من كل الانكسارات والنكبات المعاصرة التي تعرضنا لها شعباً وأُمةً ودولة منذ عام 2003م وحتى سبتمبر ٢٠١٩، والتي بدأت بانهيار كافة مؤسسات الدولة بفعل الغزو الأمريكي الغاشم، انتشار الارهاب التكفيري والجماعات المسلحة، الصراع الطائفي المرير، القاعدة، داعش، نهب المال العام من قبل احزاب السلطة ورجالاتها، بالرغم من كل ذلك خرج شباب العراق في الأول من أكتوبر 2019م، معلنين ثورتهم على الفساد والمفسدين، على اللصوص والسراق، مطالبين بحزمة من الإجراءات الإصلاحية لمعالجة أسباب البطالة والفقر، مستقبلين بشجاعة مطلقة وحزمٍ منقطع النظير الرصاص الحي من قبل جلاوزة السلطة وميليشياتها الأثمة.
أسباب الانتفاضة.
جاءت انتفاضة شباب العراق رداً على فساد الأحزاب الحاكمة، وفشلها الذريع والواضح في مجالات تنمية الاقتصاد، استقطاب الاستثمارات، استحداث المشروعات وخلق الوظائف، بسبب تفشي الفساد وسرقة المال العام، وطرد الاستثمارت في معظم مؤسسات الدولة، الأمر الذي انتج معدلات مرتفعة من البطالة والفقر، ونقصٍ حاد في الخدمات العامة الأساسية، وتراجع البنى التحتية.
ارتفاع نسب البطالة.
تفشت ظاهرة البطالة بين الشباب العراقي بمستويات خطيرة خلال مرحلة ما بعد عام 2003م، بسبب دمار القطاعات الإنتاجية الأساسية، ومنها قطاع الصناعة والقطاع والزراعي وقطاع والخدمات، أضافة الى اغراق السوق العراقية بالسلع الأجنبية منخفضة الجودة والثمن، مما أدى الى دمار الإنتاج الوطني في القطاعات المذكورة، يضاف الى ذلك نهب الايرادات العامة المتحققة من تصدير البترول الخام، والتي كان من الممكن عن طريقها بناء مشروعات ومؤسسات عامة وخاصة تخلق الملايين من فرص العمل وتقضي على البطالة، وتحقق نهضة تنموية اقتصادية واجتماعية شاملة، ووفقاً للإحصاءات الرسمية، فقد بلغت نسبة البطالة بين القوى العاملة العراقية 20% عام 2018م، الا انها وفق تقديراتنا قد تجاوزت ضعف هذه النسبة وربما تجاوزت 50% بين الشباب المتعلم تحديداً.
ارتفاع معدلات الفقر والحرمان.
ارتفاع معدلات البطالة أدى بدوره الى زيادة نسبة الفقراء، في العراق الذي يعد من اغنى بلدان العالم، فنسبة الفقراء عام 2018م بلغت 22.5%، بما معناه أن ربع الشعب العراقي يعيش دون مستوى خط الفقر بمعدل دخل يومي يقل عن 3.2-$- (العراق الافاق الاقتصادية، مجموعة البنك الدولي،2018)، ووفقا لذلك فأن قرابة ربع سكان العراق يحصلون على أقل من 80-$- دولار شهرياً لينفقوها على الغذاء والتعليم والصحة والسكن والنقل والملابس، كل هذا في ضل انتاج العراق حوالي أربعة ملايين برميل من البترول يومياً، ناهيك عن الغاز والمعادن الأخرى، إضافة الى ما يمتلكه العراق من ثروة زراعية وحيوانية هائلة.
المؤشرات التي ذكرنها خطيرة جداً، وهي تشير الى عمليات فساد وسرقة للمال العام وفشل في مجالات الإدارة العامة واسعة النطاق، وبسببها انتفض شباب العراق على شلة اللصوص والمرتشين والقتلة، وقد اظهرت سلطات الأحزاب الفاسدة تحت تأثير الغضب الجماهيري الواسع استجابةٍ ضمنية لمطالب الانتفاضة، ومنها على سبيل المثال النية لتجميد عمل مجالس المحافظات سيئة الصيت، وإلغاء مكاتب المفتشين العموميين الفاسدة، وتقديم بعض كبار حيتان الفساد للمحاكمة، تقديم اعانات وقطع اراضً للفقراء، الا ان المطالب الشعبية اكبر وأوسع، وهي بالإضافة الى ما تقدم تعديل الدستور الى نظام رئاسي، وإلغاء مجالس المحافظات واحلالها بمحافظ ينتخب من قبل مواطني المحافظة ويتبع لرئيس الجمهورية، الغاء هيئة النزاهة والحاقها بديوان الرقابة المالية، وأخيراً ترشيق عدد أعضاء البرلمان وإلغاء امتيازاتهم ومنحهم رواتبً اعتيادية اسوةً ببرلمانات ومجالس شعب الدول العربية والإقليمية.
ولشباب العراق يوم 25 أكتوبر 2019م انتفاضة أخرى في حال لم تنفذ المطالب.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن