في اسباب اليأس الكردي

حواس محمود
hawasmahmud2@gmail.com

2019 / 9 / 20

في أسباب اليأس الكردي

الإخفاق الكردي الراهن على اثر نكسة كركوك وعفرين وقبلهما كوباني ، ناتج أساسا عن صدمة فشل الطموحات الكبرى الممزوجة برغبة ذاتية ارادوية غير قائمة على أسس العقل والمنطق ووقائع الجغرافيا والتاريخ ومعرفة دهاليز وزواريب السياسة الإقليمية والدولية وخفاياها المخابراتية المستترة في غير بلد لاعب في المنطقة .
عندما أعلن رئيس إقليم كردستان أنه سيجري استفتاء لشعب كردستان العراق هاجت الدول الإقليمية وماجت ونددت وهددت بالخطوة وأعلنت انها لن تقبل الاستفتاء وستحاصر الإقليم وستغزو كركوك .
وكانت أمريكا قد عارضت الفكرة وطالبت بتأجيلها بحجة ان الاستفتاء سيضعف جبهة محاربة داعش في العراق ، الكثير من الكرد أيدوا الخطوة الكردستانية والقليل ابدى تحفظه نحوها ونادر من رفضها ، لكن بين كل هذا الجمع كانت هناك فئة قليلة جدا لا بل نادرة جدا من الأقلام الكردية الواقعية التي كانت تتابع الاحداث ، كان لها موقف سليم بضرورة ان يتم عدم الاستعجال بالخطوة – وكان لكاتب السطور ان أعلن في صفحته بالفيسبوك ضرورة ان يتم دراسة الخطوة من قبل الآكاديميين والعقلاء الكرد في العالم والوصول لرؤية مشتركة ، وان يستند الإقليم الى هذه الرؤية في الإعلان عن الاستفتاء من عدمه ، لكن يبدو ان الصوت العالي المصحوب بالضجيج الأيديولوجي والصراخ السياسي والهربجيات الاحتفالية – الهربجي تعني يعيش – هي الأكثر سماعاً ، لذا لم يصغ احد لما تم الذهاب اليه من الدعوة لمؤتمر العقلاء ، وحصل ما حصل في كركوك ، وتشاءم الكرد من المآل الذي أدى اليه الاعلان عن الاستقلال فقال اغلبهم المقولة المشهورة التي تترافق مع أي نكسة او خسارة قومية كردية " لا أصدقاء للكرد سوى الجبال " !
أما في عفرين فكان الصوت الواقعي الكردي يدعو دوما الى أن يفك ال ب ي د ارتباطه مع النظام ، ومن ثم ان يوثق تحالفاته مع الدول الكبرى بالحصول على وثائق لصالح الكرد مقابل الخدمات العسكرية والسياسية المقدمة لهذه الدول ، ولكن هذا لم يسمع من قبل ال ب ي د ابدا ، واستمر الحزب والقوة العسكرية التابعة له في سياسته التجريبية غير القائمة على الحسابات السياسية الدقيقة ، انما فقط كان التجريب أساس عمل هذا الحزب وانصاره فوجدنا النتيجة خسارة التحالف مع الروس وتخلي الروس عنهم والسماح للجيش التركي بدخول عفرين وضرب شعب عفرين ، كما ان قتالهم في الرقة ضد داعش بالتحالف مع أمريكا لم يفيدهم بشيئ إزاء معاناة ومأساة عفرين ، فأمريكا ادعت ان عفرين لا تقع ضمن منطقة نفوذها وبالتالي تخلت عن الكرد في لحظة تاريخية سياسية فارقة على مستوى سورية كلها ، اذ يبدوأنه تم مقايضة عفرين بالغوطة بين تركيا وروسيا ، ولم يقطف الكرد ثمار تحالفهم حتى مع النظام عندما تعرضت عفرين للخطر !
كل هذا كان محذرا منه ومشارا اليه من عقلاء الكرد ومثقفيهم ، وعندما انتكس الكرد في عفرين قال الكثيرون ان السبب هو تكاثر الأعداء وتخلي الحلفاء عنهم – وهذا صحيح الى حد ما – ولكن لم يقولوا وبخاصة القيادات الكردية انهم لم يسمعوا أصوات الأقلام الكردية العقلانية والوطنية والشريفة .
اليأس الكردي ينبع من الانتقال من التفاؤل الكبير بالنصر الى درجة التضخم الرغبوي – ان جاز التعبير – الى حالة الخسارة والانتكاس الكبير المتضاد تماما مع ذلك التفاؤل ، مما يخلق حالة شبه مرضية يمكن وصفها باليأس المديد ، اليأس من نجاح الكرد في مسعاهم لنيل حقوقهم القومية المشروعة ، هاربين من جديد الى لعن الحظ او اتهام الجغرافيا او التاريخ او الغرب او الشرق أو القول ان قوة الأعداء كبيرة ونحن ضعاف – وكل هذا لا يخلو من الحقيقة الجزئية ، ولكن يتم التغافل عن النقد الذاتي ومراجعة الذات بشكل سليم واضح وجريئ دون مواربة ودون خوف أو وجل ، وقد تمت الإشارة الى عوامل الإخفاق الكردي في مقالة سابقة بالحياة اللندنية بعنوان " القضية الكردية عوال الإخفاق " .
الآن مع التهديدات التركية المتكررة ضد كرد روج افا ورغم الاتفاق التركي الامريكي الذي يحول دون توغل الاتراك في روج افا فإن الضرورة تقتضي التوحد الكردي وازالة معوقات التمحور للاطراف الكردية والالتفاف حول المشترك الكردي وامكانية السماح لبيشمركة روج افاي الدخول الى روج افا ضمن جيش كردي موحد مع قوات الحماية الشعبية الكردية والا فان الخطر لا يزال يتهدد الكرد
الكرد مدعوون الى اتخاذ منهج جديد في التعامل السياسي والتركيز على الاعتماد الكبير على الطاقات الفكرية والسياسية الفعالة لإضافة زخم سياسي فكري الى الحالة الكردية السياسية ، ومحاولة الخروج من حالة اليأس الى حالة التفاؤل المستند الى معرفة نقاط القوة والضعف الكرديين في كل مفاصل العمل السياسي الكردي في غير منطقة كردية .
.......................................................
حواس محمود





https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن