الدكتور عبدالحسين شعبان والطروحات أحادية المنحى،5-5

خسرو حميد عثمان
khasrowothman@gmail.com

2019 / 9 / 16

ورد في ص 40 من كتاب ثمينة ناجي ونزار خالد(سلام عادل سيرة مناضل ج1) الطبعة الثانية، الذي يعول عليه الدكتور عبدالحسين شعبان ومعظم الكتاب المحسوبين على الحركة الشيوعية دون التحقق موضوعياً حول جميع ما ورد فيه من روايات غير مدعومة بأسانيد معتبرة، حسب زعمي، ما يلي:
(انتهت محكومية سلام عادل في مطلع عام 1953. ونقل من نقرة السلمان الى الموقف في بغداد، ثم الى الرمادي في شهر حزيران "يونيو" 1953 اتصل بي وبالحزب ثم انتقل الى بيت الشهيد طالب عبد الجبار مسؤول بغداد آنذاك.
طلب سلام عادل من طالب عبد الجبار اعطاءه مجموعة كاملة من وثائق الحزب، بالرغم من اطلاعه عليها في السجن اذ رغب بإعادة قراءتها بالتسلسل ليكون صورة اوضح عن وضع الحزب، فيما يقضيان الليل هو وطالب بالحوار، سلام يسأل وطالب يجيب .....كان كريم احمد مسؤول قيادة الحزب، والتي تسلمها بعد اعتقال بهاءالدين نوري في شهر نيسان "ابريل" عام 1953, وهو يعرف سلاماً منذ سنوات الدراسة، وطلب اللقاء به، فانتقل الى بيت ناصر عبود المسؤول الثاني في الحزب آنذاك.
ترك سلام عادل انطباعا جيدا لدى كريم احمد وناصر عبود لآرائه المقنعة، لذلك قررا إرساله مسؤولا للمنطقة الجنوبية. كانت الشرطة قد اعتقلت كوادرها بعد انتفاضة عام 1952...
وعن تلك الفترة يقول الرفيق كريم احمد ما يلي: سجن سلام عادل في بداية عام 1949 وأرسل الى سجن نقرة السلمان ليواجه فيه مع رفاقه ظروفا صعبة. وبعد خروجه من السجن في عام 1953 أرسل للأبعاد، فكتبت له رسالة باسم اللجنة المركزية اطلب منه الالتحاق بالحزب، وبعد يومين هرب من الأبعاد والتحق بنا. ويستمر كريم احمد: كلفت اللجنة المركزية سلام بالسفر الى البصرة لقيادة منظمة الحزب في المنطقة الجنوبية عام 1954 وواجهتنا مشكلة تدبير عائلة يسكن عندها في البصرة....)

عند اجراء قراءة مقارنة لما جاء في روايتي ثمينة ناجي وكريم احمد المذكورتين يتوضح وجود عدد من أوجه التباين والتناقض، وبقدر اطلاعي على تاريخ الحزب الشيوعي العراقي لم أجد مصدراً يشير الى كون "طالب عبدالجبار" مسؤولا لتنظيمات الحزب في بغداد في تلك الفترة، الاحتمال الأقوى، بنظري، كان عضو اللجنة المركزية ناصر عبود الذي وقع في أيدي الشرطة يوم 12شباط1954، بحوزته تشكيلات الحزب الشيوعي في العاصمة بغداد، قائماً بهذه المهمة في تلك الفترة.
الى جانب ذلك فمن لديه اطلاع والاهتمام بتاريخ الحزب الشيوعي العراقي يتساءل، بدون شك، عن مصداقية معلومتين جاءتا متطابقة في روايتي ثمينة ناجي وكريم احمد :
أولاً- نقل حسين احمد الرضي من الموقف في بغداد الى الرمادي في حزيران 1953.
ثانيا- بقاء حسين احمد الرضي في نقرة السلمان لغاية أوائل عام 1953، قبل نقله الى الموقف في بغداد.
بالنقيض مما ذُكر أعلاه، نستشف من ما ورد في عدد من المصادر معلومات تفيد بأنه أفرج عن حسين أحمد الرضي عام 1951 ولم يكن متواجداً في سجن نقرة السلمان لغاية أوائل عام 1953:
أولا - ذكر حنا بطاطو في ص357 ج2 من موسوعته الموسومة "العراق":
(يومها، كان هنالك حوالي 312 شيوعياً فقط خلف قضبان السجون: 164 في سجن بغداد المركزي، 123 في سجن الكوت، و25 في نقرة السلمان، وهي قلعة وسط الصحراء الجنوبية. وكان معظم هؤلاء السجناء يقيمون في السنوات الأبكر في نقرة السلمان النائية والمنيعة، ولكن إضراباً عن الطعام استمر لعشرة أيام في تموز 1951، ومظاهرات صاخبة قام بها أقرباء المساجين، أقنعت السلطات بنقلهم إلى أقرب السجون وأكثرها مراعاة للصحة.)
وفي ص22ج3 من المصدر السابق ذُكر مايلي:
 (ولكنه اعتقل يوم 19 كانون الثاني 1949 وأرسل الى السجن بعد مظاهرة شارك فيها. ولدى الإفراج عنه في العام 1951 أوكلت اليه مسؤولية القسم الجنوبي للحزب وأصبح شخصية معروفة لدى عمال ميناء البصرة. وفي العام 1953 ارتقى الى عضوية اللجنة المركزية ومثل العراق في مؤتمر لندن الثاني للأحزاب الشيوعية ضمن مجال الإمبريالية البريطانية.)
ثانياً - ورد في مقال حسقيل قوجمان الموسوم " الإنشاد والغناء في السجون السياسة"* مايلي:
(بعد اضراب ناجح عن الطعام نجحنا في مطلب اغلاق سجن نقرة السلمان ونقل السجناء الى سجن الكوت او سجن بغداد. وكان من شروط النقل ان تقوم المنظمة بتعيين السجناء في كل وجبة والسجن الذي ينقلون اليه. وكان من الطبيعي نقل السجناء ذوي المحكوميات الطويلة في البداية. قررت منظمة حميد عثمان نقل اغلب السجناء الى سجن الكوت الا اذا طلب احد السجناء لسبب ما ان ينقل الى سجن بغداد. وقررت منظمة سالم عبيد النعمان وكان عددهم لا يتجاوز العشرين الانتقال جميعا الى سجن بغداد. وقد استغرقت عملية النقل مدة طويلة بحيث ان عددا من السجناء ذوي المحكوميات القصيرة انتهت محكومياتهم واطلق سراحهم من سجن نقرة السلمان وكان بينهم حسين الرضي (سلام عادل) والدكتور حسين على الوردي وربما محمد العبلي ايضا.
كان انتقالنا الى سجن الكوت في اواخر 1951 وفي كانون الثاني من نفس السنة حصل هروب 14 سجينا من نفق حفر من السجن الى خارج السجن (( ما يستوجب تصحيحه بأن الهروب كان في شباط 1952, خسرو)). ولكن الهروب لم يكن ناجحا لان الحزب لم ينظم وسيلة لنقل الهاربين الى بغداد فاضطروا الى المشي على الاقدام الى بغداد. وبعد هروبهم بيومين اكتشفت ادارة السجن فتحة النفق بالصدفة وبدأ البحث عن الهاربين وقبض عليهم جميعا ولم ينج منهم احد)
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=203538 *

ثالثا - ورد في ص61-62 من الكتاب الموسوم"من أعماق السجون في العراق" الذي ألفه عبدالجبار وهبي- ابو سعيد عام 1955 باسمٍ مستعار (محمد راشد)، رغم إختفاء الكتاب من رفوف المكتبات الخاصة والحزبية لعقود من الزمن أفلح محمد علي الشبيبي بجهود حثيثة إيجاده و إعادة نشره مجدداً ويمكن قراءته من خلال النت أيضاً :
(لعل القارئ يستطيع الان ان يتعرف على مزاعم الحكومة الفارغة وأكاذيبها في البيان الذي اصدرته مديرية الدعاية العامة في 19حزيران 1953 حول مذبحة سجن بغداد. وان يفهم حقيقة ما قصدت إليه الحكومة في عبارات (العطف على ذوي السجناء)، و(الوسائل الممكنة للترفيه) عن السجناء. وان يقدر الأسباب الحقيقية التي أجبرت الحكومة على نقل سجناء نقرة السلمان، في سنة 1951 الى السجون الأخرى في بغداد والكوت فهي قد نقلتهم، بعد ان عجزت، أمام نضال السجناء وضغط الرأي العام، عن الاحتفاظ بهم في ذلك السجن الرهيب النائي. لكنها ما لبثت بعد نقلهم الى بغداد والكوت، ان صارت تتحين الفرص وتخلق المبررات لتعيدهم من جديد إلى هناك.......
كان عدد السجناء السياسين 26 سجينا من المناضلين، بينهم حميد عثمان وعشرة من رفاقه الذين هربوا سنة 1952 من سجن الكوت فألقي القبض عليهم قرب بغداد فنقلوا الى نقرة السلمان. وأربعة من المناضلين الذين جيء بهم حديثاً بعد ان عذبوا في التحقيقات الجنائية تعذيباً وحشياً استمر ثلاثة اشهر وبعدها حكم المجلس العرفي العسكري على ثلاثة منهم بالسجن المؤبد وعلى الرابع بخمس عشرة سنة، ومناضلين آخرين، بينهم بعض "اليهود". وقد كان في السجن إلى جانب ال(26) سجينا سياسياً سجناء عاديون، وسجناء صهاينة.)

إذا كانت المعلومات الواردة في أولاً الى ثالثاً صحيحة، عندها آلا تبرز أسئلة جوهرية عديدة عند كل باحث موضوعي أبرزها: أين تَوَارَى حسين أحمد الرضي عن الأنظار خلال الفترة من 1951 لغاية استلامه مسؤولية القاطع الجنوبي في حزيران 1953؟
(يتبع)
فانكوفر - كندا



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن