قضية الصحافية هاجر الريسوني -- Laffaire du journaliste Hajar Arissouni

سعيد الوجاني
zehna_53@hotmail.fr

2019 / 9 / 12

قضية الصحافية هاجر الريسوني – L’affaire du journaliste Hajar Arissouni
إذا كان القانون لا يحمي المغفلين ، فكذلك لا يعذر احد بجهله للقانون .
مناسبة التذكير بهاتين القاعدتين ، هو المحنة المصطنعة ، و المركبة التي تمر بها الصحافية هاجر الريسوني ، التي تشتغل في صحيفة " أخبار اليوم " ، التي مديرها هو توفيق بوعشرين المحكوم باثني عشر سنة سجنا نافدة .
وتأبى الصدفة ، انْ ترفض المحكمة لكل من هاجر وتوفيق ، مطلب المحامين بتمتعيهم بالسراح المؤقت .. ليس بسبب انعدام الضمانات المادية ، بل لان المسألة تتعلق بتصفية حسابات سياسية ، مع الخط التحريري للجريدة ، المناهض لمربع الحكم الدائر بالملك .
عندما يكون النشيط العضو الفعال ، ينشط سياسا ، او نقابيا ، او يملك رأيا مخالفا لأصحاب القرار ، او انه يمارس معارضة مزعجة لدواليب النظام ، أي فقط مربعه ، وليس رأسه ، او انه يحرج المربع الفاسد ، بفساده المستشري في كل مفاصل الدولة ، فأكيد ان شخصا من هذه العيّنة ، والطينة ، والحجم ، سيكون مراقبا ، ومتبوعا من قبل دوائر البوليس ، التي تبحث عن اية قشة تورط الخصم ، وترمي به في غياهب السجون المنسية .
هنا فالواجب يفرض على أي مناضل ، او معارض ، او ناشط ، انْ يكون على علم ، بانه يشغل حيزا من تفكير الأجهزة العاقر ، والمُتكلس ، وانه سيكون محط متابعة ، ومراقبة ، سواء متابعة ومراقبة لصيقة يومية ، او أسبوعية ، او مراقبة حسب الظروف وتقلبات الزمن المفاجئة ، او من خلال الهاتف النقال ، والثابت ، او من خلال الفيسبوك ، او التويتر ، او الحاسوب .... لخ
لذا وبالنسبة للناشطين ، والمناضلين ، وفاضحي الفساد ، ومُعكري راحة بال اللوبي المسيطر على رأس النظام ، والذي يجهد ما امْكن لطمس الحقيقية ، حتى لا يعلم الرأس ، بمكائد ، ومقالب محيط الرأس ، حتى يستمروا في مناصبهم ، ينهبون ، وينهمون ، أكيد ان هؤلاء الذين يجسدون مافيا حقيقية تستأثر بالدولة ، وتطحن الشعب ، فان مثل هذه العيّنات ، والنماذج البشرية ، لا تروقهم ، ولا تعجبهم ، لأنها تؤرقهم ، وتزعجهم ، وتشكل خطرا داهما على مصالحهم ، إنْ ادرك رأس النظام حقيقتهم وطويتهم ، وانْ اتضح له انهم بتصرفاتهم المريضة ، والسادية ، و الشيطانية ، يعجلون بتسهيل ردم نظام رأس النظام .
لذا فان هؤلاء ، وبفضل تَمَجْهُذهم الذي لا يشق له غبار ، في عالم الدس ، والمكائد ، والانقلابات ، والانقلابات المضادة ، حتى على حساب من كانوا بالأمس من المقربين ، او من الأصدقاء ، او من المنتسبين الى نفس المدرسة المسماة مولوية ، أمثال رشدي الشرايبي ، حسن اوريد .... ، فانهم سيستعملون كل وسائل الشر المتوفرين عليها ، لانزال اشد العقوبات بهذه النماذج والعينات ، من المناضلين ، الذين لا يخافون في قول الحق لومة لائم ، وهؤلاء الأشرار حين يتصرفون هنا ، فهم يتصرفون باسم رأس النظام الذي يتظاهرون انهم من اشد المدافعين عنه ، في حين انهم من اخطر المتسلطين الذين يقربون حفر قبره .
في وضع شاد كهذا ، فعلى كل المناضلين ، وكل فاضحي الفساد ، والمنادين بالحقوق ، ان يتخذوا الحيطة والحذر ، لان الملعب الذي يلعبون فيه ، هو ملعب ملغوم ، وغير واضح المعالم .
لذا فان ارتكاب الخطأ في مثل هذه الظروف ، هو فعل ممنوع تحت طائلة إعطاء المافيا ، دريعة ، وحجية ، وقانونية لتصرفاتها الخبيثة الرعناء ، بحيث عوض مواجهتها بحقيقة امرها ، وبالغرض الحقيقي المقصود من الاعتداء على الناس ، يصبح النقاش يمس الجانب القانوني للفعل الحاصل ، اكثر مما يمس الفعل الإدانة ، الذي يخفي وراءه ، حقيقية القصد من الاعتقال ، ومن الرمي في السجن .
بطبيعة الحال هناك حالات من هذه المشاهد ، التي تمت متابعة أصحابها ، بتهم كيدية ، وبمحاضر بوليسية مزورة ، وهي كثيرة ، ووصلت قمة الوقاحة ان يقدم أصحابها بتهمة المخدرات ، في حين انهم مناضلون من حركة 20 فبراير ، ومناضلون فاضحون للفساد ، ومناضلون يستنكرون المظالم التي سلطت عليهم ، واذكر على سبيل المثال لا الحصر ، قضية المعتقل ادريس بوطرادة ، لمداحي ، القرموطي ، حميد المهداوي ، عزيزة الحمري ..... وهي الممارسات الدنيئة ، والخسيسة التي كنت ضحيتها ، حيث تم اعتقالي بتهمة كيدية ، وبحضر بوليسي مزور عنوانه " إهانة الضابطة القضائية ، وهذا كله كذب وزور ، وتلفيق ، ولم يحصل اطلاقا ، لكن الفضيحة انه اثناء المحاكمة ، كانوا يضعون بين ايدي القاضي ، دراسات سياسية نشرتها كمثقف عن النظام السياسي المغربي ، بالموقع التقدمي العربي الالكتروني " الحوار المتمدن " ، ونشرتها بحائطي الفيسبوكي .... ولي ان أتساءل هنا : ما العلاقة بين تهمة " إهانة الضابطة القضائية " الاكذوبة الغير حاصلة ، وبين عرض كتابات سياسية نشرتها بانتظام عن النظام السياسي المغربي . فهل انا احاكم من اجل تهمة " الإهانة " ، ام انني احاكم بسبب كتابات سياسية منشورة ؟ بل ان العصابة المجرمة لم يهدأ لها بال ، ولم يكفيها ادخالي السجن ظلما بمحضر بوليسي مزور ، وذلك عندما شرعوا في تحريض المجرمين للاعتداء عليّ في السجن ، وتصفيتي ... ، بل لمّا خرجت من السجن ، وفي ظرف أسبوع ، ارسل اليّ المجرمون البوليس الى المنزل ، لاستدعاءي للتخابر حول كتابات سياسية نشرتها في سنة 2015 ، أي بعد مرور أربعين شهرا على النشر ... الآن وبعد خروجي من السجن ، حيث كنّا ننام مثل السردين المُكدّس في العلب ، وفوق الأرض ، الاسمنت المسلح مباشرة ، وجدت نفسي احمل امراضا مزمنة ، آلامها لا يفارقني طيلة الوقت .. والمسؤول عنها طبعا هو الملك .
لذا ، وفي ظل مثل هذه الظروف الاستثنائية ، التي لا علاقة لها بشعارات دولة حقوق الانسان المفترى عليها ، فان الوقوع في الخطأ يبقى ممنوعا ، لأنه عوض ان يحاكم المناضل بتهمة سياسية ، او نقابية ، او تهمة رأي ، فانهم يلصقون به تهمة تتعلق بجرائم الحق العام ، أولا ليشوهوه ، وثانيا ليحرموه من مساندة منظمات حقوق الانسان الاوربية ، والأمريكية ، ولجنة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة .
فالصحافية هاجر الريسوني ، كانت ضحية هذا المقلب الخبيث ، الذي يزيّنونه بتصريحات ممثل النيابة العامة لاعتبار المحاكمة عادلة ، مع العلم ان مصدر التقرير الأول الذي تم رفعه الى النيابة العامة ، هم البوليس ، الذين يحرصون ان يكون تصرفهم طبقا للقانون والمشروعية .
فهل ممثل النيابة العامة هو من يراقب يوميا ، آلاف التدوينات في الفيسبوك ، والتويتر ، وهو من ينصت على هواتف الناس ، ويتجسس على مراسلاتهم ، ويلاحقهم في الشوارع التي يمرون منها يوميا ... ؟
لقد ارتكبت الصحافية هاجر الريسوني خطأ فادحا ، عندما استصغرت المكانة التي تشغلها كصحافية ، في جريدة ( اخبار اليوم ) صاحبها هو توفيق بوعشرين .
كما انها وهي تتصرف ، فإنها لم تزن تصرفها في جريدة مغضوب عليها بسبب خطها التحريري ، ومن ثم فهي لم تستفيد من المحنة التي مر بها توفيق بوعشرين ، خاصة سقوطه في فخ منصوب بدقة ، وهو ما جعل الواقفين وراء المتابعة يتحججون بقانونية التصرف ، ومشروعية الحكم الصادر في حق بوعشرين .
وهنا لماذا لم تتخذ هاجر كل الاحتياطات اللازمة والضرورية ، حتى لا تسقط في نفس الفخ الذي سقط فيه توفيق بوعشرين .. وهي المنتمية لنفس الجريدة ؟
اكيد انها لم تكن تبالي بحجم الاخطار التي تتربص بها ، ومن هذه الزاوية ، اكيد انها قد تكون قد ارتكبت خطأ عبر الهاتف المراقب ، وهي تتحدث الى ( خطيبها ) او (صديقها ) ، وقد تكون قد اخبرته بحملها ، وبرغبتها في الإجهاض ... كما منْ الممكن انْ يكون بإدارة الجريدة ، مخبر يتعامل مع البوليس ، يكون قد وصلته معلومة بحملها ، وبلغ بها البوليس السياسي ، وهذا تصور يبقى غير مستبعد ، إذا ما قيمنا الطريقة التي سقط بها بوعشرين في الفخ المقلب .
ولكي نكون دقيقين ، لو لم يكن هناك مخبر يتعامل مع البوليس السياسي بإدارة الجريدة ، فكيف تم زرع كاميرات صُغيّرة بمكتب مدير الجريدة ؟ من سلم مفتاح باب مقر الجريدة الى الأشخاص الذين زرعوا الكاميرات ؟
وهنا فحتى مسؤولية البواب Le concierge ثابتة في العملية ، سيما وانّ بوّابو العمارات ، و ( حراس ) السيارات يعملون كمرشدين عند مصالح البوليس ، وعند لمقدمين بالمقاطعات التابعة لوزارة الداخلية .
إذن أكيد ان هاجر كانت مراقبة ، وأكيد ان أحدا كان يتبعها في كل تنقلاتها ، منذ خروجها من البيت ، والى وصولها الى مقر الجريدة ، وأكيد ، وربما للخطأ الذي قد تكون ارتكبته عبر الهاتف ، قد اعطى للبوليس السياسي فكرة عن الوضع البيولوجي لهاجر كحامل خارج علاقة الزواج .
ان هذا الجديد الذي حدد حتى الوضع القانوني لهاجر عند المسؤولين ، سيدفع بهم الى تشديد الحراسة عليها من بعيد ، وهنا أكيد ان تكون قد زارت احد أطباء التوليد للاستشارة ، واخذ النصيحة ، لكن بعد خروجها من العيادة ، فان عنصر البوليس ، او عناصر البوليس ستدخل بعد خروجها ، الى نفس العيادة للاستفسار عن سبب زيارتها للطبيب ، وبما ان الزوار سيقدمون نفسهم كرجال شرطة ، وبسبب الخوف ، اكيد ان الطبيب سيخبرهم بكل ما جرى من الالف الى الياء .هنا فالبوليس سينتشي مزهوا ، بان الطريدة ، لا نقول انها في طريق السقوط ، بل انها سقطت في نظرهم .
إذن بعد جمع كامل المعلومات عن الضحية ، ولضبط الضربة التي ستكون موجعة ، سيتشكل فريق يطلقون عليه " فريق العمليات التقنية " Commandos des Opérations Techniques ، قد يتشكل من عدد محدود من الأشخاص ، يتناسب مع حجم القضية المعالجة ، وبالنسبة لهاجر ، قد يكون الكومندو مكونا من شخصين يلازمان كل تحركاتها ، وتنقلاتها ليل نهار ، حتى تسقط في الفخ .
الملف بالنسبة للبوليس ، يعالج طبقا للقانون ، وكل مفاصله مشروعة ، ومن ثم يبقى التدرع بالعمل الصحفي كسبب فيما حصل ، بعيدا عن المعقولية . فالجريمة ( الإجهاض ) تدخل ضمن جرائم الحق العام طبقا للقانون الجنائي ، ولا علاقة لها بقانون الصحافة الذي يتحدث عن جرائم الرأي .
إذن الجريمة ثابتة بسبب الأخطاء التي تناولنا في المعالجة ، لكن السؤال : هل حقا ان مظلومية هاجر هي تهمة الإجهاض ، ام ان ما حصل له تداعيات بجريدة ( اخبار اليوم ) لتوفيق بوعشرين ؟
وباستثناء جريمة التشهير التي تعرضت لها ، وهي في الحقيقية تشهير ب ( اخبار اليوم ) وبمديرها توفيق بوعشرين ، فان ما ينبغي الانكباب عليه اليوم ، ليس هو موضوع كون الإجهاض ممنوع ، او يجب تقنينه ، او تشريعه والسماح به ، بل ان ما يجب الانكباب عليه ، هو المقالب المصنوعة التي تُخيّط لأحرار وشرفاء الشعب المغربي ، قصد محاكمتهم ( بجرائم) الحق العام التي تشوه سمعتهم ، وتحرمهم من تضامن ، ومؤازرة منظمات حقوق الانسان الاوربية ، والأمريكية ، وتحرمهم من تهمة ( جرائم ) ، الكتابة ، وحرية التعبير، والرأي ، و( الجرائم ) السياسية ، والنقابية ، والحقوقية ، وهي ( الجرائم ) التي تخدش وجه النظام امام الدول المانحة ، وامام برلمانات الدول الديمقراطية ، ومنظمات حقوق الانسان العالمية ..
الدولة البوليسية تجبّرت ، وطغت ، وبجبروتها وطغيانها ، فهي أداة للتدمير ، ولن تكون ابدا أداة للبناء والتشييد ..
عندما مات الحسن الثاني ، واصبح محمد السادس ملكا ، وبفعل الشعارات التي تم رفعها ، كالمفهوم الجديد للسلطة ، والديمقراطية في حلتها الكونية ، وملك الفقراء ... فقد بلغت نسبة الشباب الذي ايد الملك حوالي 00/95 في المائة ، لكن مكائد وجرائم الدولة البوليسية ، وتآمرها ، خفض من هذه النسبة المئوية اليوم الى ما دون 00/10 .
نعم لقد نجحت الدولة البوليسية بعد تفجيرات 16 مايو 2003 ، ان تسرق الملك وترهنه بين ايديها ، ونجحت في الانقلاب على الدولة وعلى الشعب ، بل انقلبت حتى على الملك نفسه ، خاصة عندما جعلوا من الشعب فوبيا لذا الملك ، وبقدر ما اصبح الملك يبتعد عن الشعب ، بقدر ما اصبح جزءا من الجماعة المتسلطة ، وبصدور قانون الإرهاب السيء الذكر ، تكون الدولة البوليسية قد نجحت في انقلابها ، وتكون الفاشية البوليسية التي سرقت الدولة ، قد وجهت ضربة قوية لكل طموح مشروع نحو الديمقراطية ..
الدولة البوليسية مسؤولة عن كل المصائب التي حلت بالشعب المغربي ، من ظلم ، واعتداءات ، وسلب الحقوق ، وتفقير ..... لقد أدخلت المغرب في النفق المسدود ، في قضية الصحراء المغربية ، وفي القضية الاجتماعية للشعب المغربي ...واصبحت ارقام المنظمات الدولية المصنفة للدولة البوليسية ، في ميدان التعليم ، والصحة ، والعيش الكريم ... مخجلة ...
لقد تسببت الدولة البوليسية الفاشية للشعب المغربي في جروح لا ولن تندمل ابدا ....
والسؤال : هل من نظام يدعي الديمقراطية ، يريد ان يحكم بدون معارضة ؟
امر مستحيل ....






https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن