أدلة تحريم الفنون الإنسانية في العهد القديم

محمد ابداح
mohamadibdah1@gmail.com

2019 / 9 / 12

ثمة من لا يريد أن يكلف نفسه عناء البحث والدراسة، بل أن تقدم المعلومة له على طبق من ذهب، يسأل أحد القراء حول مقالتنا الأخيرة ( القيم الكونية بين الدين والفن) بتاريخ 9/9/2019 أين أدلتك على تحريم الفن كالصور والرسم والنحت في الديانة المسيحية أو اليهودية، حسنا أخي الكريم أرجو أن تكون النصوص التالية كافية لتوضح تحريم ما ذكرته سابقا والتي سأقدم لك فيها مرجعا على الأقل لقراءته ان رغبت.
1- (لا تصنع لك تمثالا منحوتا ولا صورة ما مما في السماء من فوق،‏ وما في الارض من تحت،‏ وما في الماء من تحت الارض،‏ لا تسجد لها ولا تخدمها،‏ لأني انا يهوه إلهك إله يتطلب التعبد المطلق‏ (‏خروج 2-0-4-5)،‏ أي ان الله يطلب العبادة المطلقة له وحده،‏ ولا يرضى التبجيل والتسبيح او العبادة للصور‏ كالتماثيل والاصنام‏ والايقونات‏ والمنحوتات والصلبان،‏ او أية رموز دينية، وذلك يعني أن كافة الرسومات والصور والتماثيل التي تجسد المسيح عيسى بن مريم عليه السلام محرّمة.
2- ( مجدي لا اعطيه لآخر ولا تسبيحي للمنحوتات›‏ (‏اشعيا 4:2:8‏)‏ لا يقبل الله ان يُعبد من خلال الوسطاء كالصور والتماثيل،‏ فعندما حاول الاسرائيليين ان يقدّموا له العبادة بواسطة عجل،‏ اعتبر فعلتهم خطية عظيمة معتبرا ان الشعب (قد فسد) خروج 3-2-7-9
3- ( الذات الالهية ليست شبيهة بذهب او فضة او حجر منحوت من فن الانسان) ‏(‏اعمال1:7:2‏).
4- ‏ بعكس العبادة الوثنية التي تستخدم التماثيل،‏ فإن عبادة المسيحيين (إقرار بايمان غيبي لا بعيان مادي عن طريق الصور والمجسمات) ‏ 2-كورنثوس 5:7.
5- (احفظوا انفسكم من الاصنام)‏ يوحنا5:2:1،‏ إن وصايا الكتاب المقدس،‏ سواء الموجّهة لبني اسرائيل او المسيحيين،‏ تنفي المعتقد الباطل القائل بأن الله يقبل استعمال الصور والتماثيل والايقونات في العبادة، علما أخي الكريم بأن كل الوسائل السابقة المذكورة هي من الفنون الإنسانية‏.
6- (اي اتفاق لهيكل الله مع الاصنام؟‏ لا تمسوا النجس بعد) 2- كورنثوس 6/1:7
7- (اهربوا من الصنمية)‏ 1-كورنثوس ‏1-4.
8- (يهوه الهك تعبد،‏ وله وحده تؤدي خدمة مقدسة) متى4/1 أي دون وسطاء كرسوم وغيره.
خلافا لما تدّعيه المجامع المسكونية الأخيرة،‏ لم يكرِّم اليهود صورا او تماثيل ولا يذكر الكتاب المقدس ان بني إسرائيل استعملوا تماثيل في العبادة، وذلك يأتي متوافقا مع النص المذكور آنفا: ( مجدي لا اعطيه لآخر،‏ ولا تسبيحي للمنحوتات) اشعيا 4-2-8‏
وأنصحك أخي الكريم بقراءة كتاب تاريخ الكنيسة المسيحية القديمة والحديثة، متوفر بملف PDF على النت وهو لمؤرخ ألماني شهير اسمه يوحنا موسهيم ( Johann Lorenz Von Mosheim (1693- 1755) ، يشرح فيه بالتفصيل عن تحريم الفن في العهد القديم، وسبب قيام المجمع المسكوني في فينقيا بحذف نصوص التحريم من أجل الحفاظ على ثماثيل وصور المسيح في الكنائس واستغلالها في استقبال التبرعات المالية من الأتباع المؤمنين، ويأتي الكتاب على شكل موسوعة من ستة مجلدات، كلها مترجمة للعربية، وأنصحك بقراء المجلد الثالث تحديدا (من شارلمان الكبير إلي بداية الإصلاح سنة 800 إلي سنة 1517) وفيه يوضح المؤلف رفض المسيحيون الاوائل للفنون عموما باعتبارها (هرطقة) تستوجب العقاب الدنيوي والسماوي، كرسم الصور ونحت التماثيل ووضعها في الكنائس ويسري ذلك على صور وتماثيل عيسى بن مريم،‏ واعتبروا الانحناء لها او الصلاة امامها معادلا لعبادة الاوثان.
أسمح لي أخي أن أقتبس لك من الكتاب المذكور نصا يوضح بشكل جلي تحريف المجمع المسكوني لنصوص العهد القديم حول تحريم الفنون الإنسانية كالرسم والنحت والتصوير: (لم يعد منطقيا الآن ان نشك في استعمال الصور والتماثيل في العبادة المسيحية المعاصرة وهي معارضة بكل معنى الكلمة للدين المسيحي المبكر، ان اقدم الصور والتماثيل التي عُثر عليها في المقابر والسراديب المسيحية ترقى الى القرن الثالث،‏ اي بعد مئتي عام من موت اليسوع، لذا‏ فإن ما تدعوه المجامع المسكونية ‏بالعبادة المسيحية المبكرة، ليس العبادة المسيحية التي مارسها التلاميذ في القرن الاول وتحدثت عنها الاسفار اليونانية المسيحية المعروفة بالعهد الجديد، فوجود هذه الصور والتماثيل في الدياميس( يقصد المقابر) ليس سوى دليل يؤكد انه بحلول القرن الثالث كان المسيحيون قد تبنوا العادة الوثنية في استخدام الصور والتماثيل،‏ وغايتهم كانت كسب مهتدين جدد، كما أن يسوع قد علّم اتباعه كيفية الصلاة،‏ ولم يعلمهم استخدام الصور والتماثيل، كما ان استعمال الصورة او التمثال في العبادة لا اثر لها في الاسفار اليونانية المسيحية) - انتهي الإقتباس.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن