عرض رواية -درة سفر التضحية- لجواد كاظم محمد

اكرم طالب الوشاح
akram.alwashah@yahoo.com

2019 / 9 / 8

عرض رواية "درة سفر التضحية" لجواد كاظم محمد
"رواية: درة سفر التضحية الجزء الثاني من ثلاثية: الواقف والواقف الجديد ط١، دار محررو الكتب، بغداد، ٢٠١٩م" ... ...
يعد ادب الغموض والمطاردة والجريمة في العراق ادبا قل من طرقه من الروائيين العراقيين رغم الامكانيات الروائية العراقية سواء قبل او بعد ٢٠٠٣م .
ومن الملاحظ ان هذا النوع من الادب وموازيه ادب الجريمة وحتى ادب الرعب لا يزال غريبا عن النتاج الروائي العراقي رغم الاقبال على قراءة هذه النوع من قبل القراء العراقيين .
لذلك كانت رواية: " درة سفر التضحية" التي كتبها جواد كاظم محمد والصادرة حديثا عن دار محررو الكتب ببغداد نمطا خالف السائد الآن من كتابة جل الروائيين العراق وبخاصة الشباب منهم عن الحب والفراق والهجرة والوطنية والتهويمات الخيالية وحكايات عمتي وخالتي التي تستجدي الاعجاب اما بنظام هالك او البكاء على نظام غير متحقق في سوداوية وتفاهة وسذاجة كثير من ذلك باستثناء محاولات مبتكرة كانت منها هذه الرواية .
لقد عالج الروائي قضية مافيات تهريب الاثار وما تشهده بغداد عموما والعراق خصوصا من جرائم ومؤامرات من خلال قضية البحث عن درة يهودية عرضت فجاة للبيع عبر احد مواقع الانترنت المظلم، وللشهادة فلم يعالج الروائيون العراقيون الى الآن قضايا الانترنت المظلم وما يحصل فيه من اجرام او مساعدة على الاجرام. وهكذا يجئ باشا مافيا بغداد بطائرته الخاصة وهو شخصية مافيويةغامضة للعثور على الدرة بشرائها او الحصول عليها لارسالها الى شخصية صوفية تركية غامضة تلقب بمولانا.
وتتقاطع طرق الباشا مع شخصيتي الواقف وهو زعيم محفل بغداد الماسوني وشخصية الدكتور نكتل ذنون وهو الرجل الذي يبحث عن بغداد الجميلة والعراق الجميل مع صديقته ليلى وتبرز شخصيات كثيرة في مطاردة مشوقة متقاطعة الطرق للحصول على الدرة وتتدخل السفارة الاميركية في بغداد بتكليف من الرئيس الاميركي المتخيل احمد عبد الله باعتباره يروم اهداءها لاسرائيل ولكن المطاردة تنتهي بمفاجاة اغتيال الرئيس الاميركي بما لن افسده على القارئ .
ومن الملاحظ ان هذه اول رواية عراقية تضع رؤية سينمائية لاغتيال رئيس اميركي في قلب سفارة بلاده ببغداد بخطأ من السفير الاميركي... استخدم الروائي مزيجا من الواقعية السردية وشيئا من الميتاقص المابعد حداثوي مع خلطة مع التاريخ المؤرشف وابرز دور الماسونية في العراق بعد ٢٠٠٣ من خلال شخصية الواقف الجديد الذي تلا الواقف السابق الذي سرد قصته الروائي في الجزء الاول من الرواية :رواية الواقف" الروائي متمكن من فنه الروائي ولغته جميلة وقد وشح كل فصول الرواية باقتباسات صاغها هو من مخطوط مختلق اسماه "قواعد الواقفين" وقد طبع هذا المخطوط على حدة. حاول المؤلف الكتابة بلغة تجمع الجزالة اللفظية والمعنوية من خلال ثقافته البارزة في توظيفه للسياقات البلاغية مع لغة العصر الحديث حيث ان اهتمامه بالفصاحة والبيان بارز في اسلوبه الروائي مع ملاحظة ان ذلك لم يؤثر على حبكة الرواية ونمط توصيف المطاردة والغموض وتوصيفه للقتل والخطف وما تصنعه العصابات الاثرية والعصابات الاخرى الرديفة في بغداد.
لقد جمع في حوالي خمسمئة صفحة عوالم ظاهرة وعوالم باطنة لمافيات متصارعة متناحرة في بغداد ووصف تاثير ذلك على الامن وبين باسلوب سلس عواقب الفساد من خلال شخصيات يقود بعضها بعضا لرؤية الصورة كاملة. ان فضاء رواية درة سفر التضحية الزماني متوازن مع فضائها المكاني ولم يخرج الروائي علينا بحكمة متعالية كعادة اغلب الجيل الجديد من بعض الروائيين الشباب، مدعي الحكمة باثر رجعي. وتبقى مع ذلك ملاحظتي النقدية عليه اغراقه القارئ بشخصيات تظهر وتختفي ولكنه كان يسيطر عليها في ظهورها واختفائها.
وملاحظتي الثانية عليه وعلى روايته ان الروائي لم يضع مسردا يعرف القارئ بعشرات المصطلحات اليهودية والتاريخية والبغدادية التي يبدو انه سردها ثقة منه بثقافة القارئ وهذا ما اخالفه فيه. رواية درة سفر التضحية رواية مطاردة من الطراز الجديد وتمنيت لو رايتها في فلم عراقي يكون باكورة هذا النمط من تحويل روايات المطاردة والغموض العراقية الى افلام عراقية مبتكرة... .. ..



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن