عصر القارىء المتفاعل و اشكالية القراءة.!

سليم نزال
salim_nazzal@yahoo.com

2019 / 9 / 8

عصر القارىء المتفاعل و اشكالية القراءة.!

سليم نزال

كتبت فى السابق ان من اهم مميزات العولمة هى عصر القارىء المتفاعل الذى فى احيان كثيرة يضيف للمقال المكتوب اضافات غنية يستفيد منها الكاتب كما يستفيد منها القراء.
و هناك من الكتاب من يظن واهما فى راى ان عصر النت قد افقد الكاتب بعضا من (سلطته) و هذا امر لا اتفق مع القائلين به.
الكتابة التفاعليه هى درجة ارقى بكثير من الكتابة (المونولوغية) .الكاتب هنا وجها لوجه مع القراء. و ليس مثل الزمن السابق حين كان القارىء يكتب للجريدة او المجلة و يمضى وقت قبل نشرها .الان يستطيع المرء ان يعقب على راى الكاتب موافقا ام معترضا ام الاثنين معا بعد دقائق من نشر المقال .و هى نعمة كبيرة علينا ان نقدرها و نثمنها .
اود هنا ان اقول انه لا يوجد مقال واحد و لا محاضرة و لا كتاب يجيب على كل الاسئلة المطروحه .بل فى اغلب الاحيان يفتح المقال الافاق لاسئلة جديدة ,و هذا ما يعطى القيمة الحقيقىة فى راى للمقال .لا احد يستطيع ان يزعم انه يملك اجوبة كلية لكنه يستطيع ان يزعم انه يساهم فى الاضاءه على الامر .

من خلال تجربتى بالكتابة بالانكليزيه كنت دوما الاحظ ان التعقيبات وال اى ميلات التى تصلنى من القراء تعبر عن نضج عام للقراء(طبعا هناك استثناءات ) . كما كنت المس بصورة واضحة ان القارىء قرا المقال جيدا و ملاحظاته دقيقة حول المقال سوى اتفق معى ام لا .

اما فيما يتعلق بالقارئ العربى كنت الاحظ انه غالبا لم يقرا المقال كله(طبعا بدون تعميم و هناك فوارق بين القراء المثقفين و سواهم ) . و الدليل على ذلك ان تعليقاته تكون عامة تفتقد الى الدقة و الى الموضوعية, و غالبا بدون اى اشارة الى المقال و بدون ان يوجه اسئلة حول الموضوع .بل و اكثر من ذلك هناك نزعة عند البعض ان يلعبوا دور المعلم للكاتب و هو امر يختلف عن مسالة التفاعل التى ذكرتها .بل و هناك نزعة اخرى ممن يريد ان يستعرض معلوماته لا اكثر بدون ان يكون لهذا الامر علاقه بالمقال و بدون ان يكون لديه رغبة بالتعلم من المقال, و كذلك بدون ان يساهم حقا فى اثراء المقال عبر اضاءات جديدة .
لا بد من بعض التواضع قليلا فى هذا الامر ان لم اقل الاعتراف بالحقيقة.الكاتب لا يولد بين ليلة و ضحاها ليصبح كاتبا . و هذا الامر لا ياتى الا عبر اعوام طويلة من الدراسة تتخللها اطروحات و دراسات شاقة و خبرة لا تكتسب بالامر السهل .
ذات مرة اخطا كاتب عربى خطأ صغيرا و هو من الكتاب الذى يخرج المرء بفائدة كبيرة لدى قراءته.كان يكتب عن الفيلسوف الدانماركى شيركيغورد الذى قال انه نرويجى. شعرت بخجل ان اكتب تعليقا تحت المقال اصحح فيه الامر .فكتبت له ايميل اوضح الامر .رد على شاكرا فقدرت له الامر بالطبع .هناك فارق كبير بين هؤلاء الكتاب الجادين و الموهوبين و بين اصحاب الطاقات المحدودة ممن يجرب حظه فى حقل بدون ان يكون مزودا بالامكانات الكافية ليكون كاتبا جدا .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن