إعادة التجسّد

توني جرجس توفيق
Tony_girgis1@yahoo.com

2019 / 8 / 29

Reincarnation

إعادة التجسد... هل يمكن للروح أن تتجسد مرة أخرى آخذةً زيّاً جديداً؟ تعيش مرة أخرى... تتعلم، تحب، ترى ما لم تره من قبل حتى تكتمل الرؤية، تستمع لتلك النغمات مكملةً ذلك اللحن الناقص فتكتمل، محتاجةً فترى، راغبةً بالارتقاء...

هل تحدث إعادة التجسُّد للروح الواحدة؟! أحداث متعددة ومواقف مختلفة تؤكد حدوث عملية إعادة التجسُّد، ولكن برأيي أن ما حدث له التجسُّد هو الوعي وليست الروح بمفهومها الشخصي المرتبط بشخص بعينه. بمعنى آخر، إنتقلَت الحُزمة المعرفية من شخص لآخر ، حُزمة متكاملة من الفكر و الإيحاء و المشاعر وفي بعض الأحيان الذكريات الخاصة بالأشخاص الذين انتقلت إليهم تلك الحزمة.

لماذا؟...

القوة الكامنة المطلقة والمتمثِّلة بالوعي الكامل (الوعي المطلق) تعطي بعضاً من خيالاتها لكل شخص مكوِّنةً وعيه الخاص، ذلك الوعي الذي يشمل المشاعر والذكريات والإدراكات المختلفة... فإذا انتقل ذلك الوعي في صورته الخاصة إلى شخص آخر ثم إلى ثالث لتبدَّدت شخصية الأول والثاني وتمَّت إعاقة ارتقائهم إلى المستوى الأفضل... إذاً ما الذي يحدث بالتحديد؟! وخاصةً أن هناك مواقف متعددة ذكر فيها أشخاص تذكروا وجودهم في أماكن أخرى، في أزمنة مختلفة، وبأسماء أيضاً مختلفة؟!

برأيي، إن كل شخص يولد يمنحه الرب حزمة (حزمة معرفية) تحدِّد بعضاً من طباعه، حساسيته، وكيفية تكوين خبرة لديه... حزمة تحدِّد طريقة فهمه للأمور واستيعابه للمشاعر... حزمة تحدد مدى إدراكه... إلا أن تلك الحزمة لا تمثِّل كل ما لديه. تختلف الحزمة المعرفية مِن شخص إلى آخر، حتى أن الحزمة أحياناً تنطبع بطابع خاص. فنجد أن هناك حزمة يغلب عليها طابع الحكمة، وأخرى يغلب عليها طابع البصيرة... ما يحدث في إعادة التجسُّد المعرفي هو انتقال حزمة معرفية مشتركة مِن شخص قام من فرط قوَّته بالتأثير على الحزمة تاركاً فيها اسمه وصفاته وبعضاً من ذكرياته، وكأنه بَصَمَ على تلك الحزمة ببعض من صفاته الشخصية مُحَمِّلاً إياها لشخص آخر قُدِّر له أن يسير في درب مع نفس الحزمة المعرفية. وكأن تلك الحزمة المعرفية هي بطاقة التعريف التي تجمع بين كل من يحملها لتؤكد انتسابهم بعضهم لبعض... حتى أن وجودهم الروحي يعتمد على تلك الحزمة ، فتجدهم مجتمعين في الإطار الأرضي و في الإطار الفكري و في الإطار الروحي الأثيري عند النداء فقط بطبيعة الحزمة التي تميز كلّ منهم.

الارتقاء

يمرّ الإنسان بمراحل مختلفة، فجميعنا مررنا بخبرات حياتية متعددة اكتسبنا منها الكثير،حتى أن شخصيتنا وردود أفعالنا قد تأثرت كثيراً بتلك الظروف المصاحبة لتلك الخبرات. فكما ينصهر الحديد بالنار، ننصهر نحن أيضاً لنصير أكثر نقاوة، أكثر قوة، أكثر تحملاً. كما للنار تأثيرها، فللحياة أيضاً تأثير كبير علينا يكسبنا معرفة جديدة... نرتقي فنحصل على معرفة روحية. إن الارتقاء الروحي يرتبط بالسموّ، يرتبط بتلك الرغبة في المحافظة على القِيَم، يرتبط بالحب و البساطة حتى تذوب تلك المسمّاة "الذات" تاركةً بعضاً من آثارها لتقترب من النور، إلى المرحلة التي تليها. وإذا تشابكَت العمليات الارتقائية، ظهر ارتقاء آخر، إرتقاء إلى الأفضل... ولكن كيف يستطيع الإنسان أن يعرف الأفضل؟!... إلى المعرفة الكونية... رحلة الإنسان رحلة عظيمة تمتلئ بالإنجازات والارتقاء، رغبةً منه بالوصول إلى النور... كلما ازدادت تلك العراقيل كلما علِم أنه يتجه نحو النور



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن