ديوانُ السّبْعينيّاتِ/4

وديع العبيدي
wdobd14@gmail.com

2019 / 8 / 14

(ثلاث مقطوعات)..
(1)
(شهيد الحبِّ والغربةِ)..
يُعاني وَحْشَةَ الْغُرْبَةِ..
يُعاني قَسْوَةَ الألامِ..
مَنْ لا يَقْتُلُ حُبَّهُ..
لِيَشْعُرَ بالّذي مَا كَانَ..
يُحِسَّ بِخِسّةِ الإنْسَانِ..
مَنْ لا يَعْرِفُ دَرْبَهُ..
أحِسّ الآنَ..
كالْعصفورِ في الزّندانِ..
كالْبُلبُلِ إذ يَشدو،
وَتَخنُقُ صَوْتَهُ الْقضبان..
أحِسّ الآنَ..
يَا إخوانُ..
أنّ الأرْضَ قدْ مَادتْ..
قَدْ رَحَلَتْ..
وَشالَتْ مَعَها الأظعَانَ..
أمّا الآنَ..
رَيّضْ.. كي أودّعَهُمْ..
شَهيد الْحُبِّ وَالْغُرْبَةِ..
أنا أحْكي عَنِ الإنْسَانِ..
عَنْ شَخْصٍ مِنَ الْفولاذِ..
يُقاوِمُ نارَ نورِ الشّمْسِ..
وَتَصْهَرُهُ مَشَاغِلُهُ..
وَتَسْحقُهُ مَعَ الأحْزانِ..
وَلا تَنْفَعُهُ التّوْبَةُ!
(2 يناير 1979م)
بصرة/ العشّار

(2)
(فَرَسٌ بَارِدَةٌ)..
الرّيحُ..
وَالنيرانُ..
وَالقَصَبُ..
وَأرْبَعَةٌ..
هُمُو الأقْمَارُ وَالشّهُبُ..
وَألْوِيَةٌ عَلى كَتفيكَ..
وِسْطَ الرّيحِ..
تَلْتَهِبُ..
يَا ليلاً أمَا تَمضي..
ويَا فَرَسَاً أمَا تَثِبُ..
وَهَلْ أبكي عَلى حَظي..
أمْ بُعْدَيْكِ.. مُرْتَقَبُ؟..
أنَا النايُ.. أنَا النّادي..
أنَا الأدْيانُ والنّصُبُ..
أنَا النّهْرُ.. أنَا النّذْرُ..
أنَا النيرانُ.. والْحَطَبُ..
لا تمْسَحْ عَلى صَدْري..
عَصيرَ الحُزْنِ.. يَا وَلَدي..
وَلا تَسْكُبْ عَلى وجْهي..
دُمُوعَكَ مِنْ هَوى نَكِدِ..
لَقَدْ حَاوَلْتُ أنْ أخفيَ..
وَلَمْ تَنفَعْ مَعي السّيُلُ..
وَحَاوَلْتُ مُكاشَفَةً..
فَلَمْ يَفْهَمْني مَنْ رَغِبُوا..
وَعُدْتُ حَائِرَ الْعَينينِ..
لا أغْفو وَلا أثِبُ..
عَلى أحْلامِنا أبكي..
عَلى أيّامِنا السّوْدَاءِ.. أنتحِبُ
تُعَاتِبُني عُيونُ الأهْلِ..
تَشيخُ يَا فَتى الأيّام..
أجيبُ: أأظلُمُ روحي!
وَأعْرِفُ أنّني السّبَبُ..
وَضَيّعْنا الّذي وَلّى..
ضَيّعْنا الّذي يَأتي..
وَنَحْنُ لَمْ نَزَلْ نَمْشي..
عَلى الأهْدَابِ وَالإبْهامِ!.
(20 ديسمبر 1978م)
بصرة/ باب الزبير

(3)
(إعْرَابيٌّ مِنْ هَذا الْعَصْرِ)..
هُوَ الآتي..
بِغَيْرِ بَسْمَةٍ رَيّانَةٍ في الْقَلْبِ
بِغَيْرِ هَدِيَّةٍ رَمْزيَّةٍ في الْعيدِ
هُوَ الآتي.. كَمَا كانَ..
بلا تغْريب.. أوْ تجديد!
مَلامِحُ حُزنِهِ كَبُرَتْ..
بَيارقُ حُبِّهِ كَبُرَتْ..
وَصًارَتْ فيهِ أعْلامَاً..
تُرَفْرِفُ في سَمَا الصّيْهودِ..
لِذكْرى التّيهِ وَالْكَلِمَاتِ وَالتّشريدِ..
لِواءُ الْحُزْن في عينيهِ..
وَثِقْلُ الْمَوْتِ في قَدَميْهِ..
وَيَاقَتُهُ..
يُغَطّيهَا غُبَارُ الدّرْبِ
وَالتّسْفيرِ وَالتّحْييدِ..
حِذاؤُهُ لَمْ يَرَ التّنظيفَ..
هُوِيّتُهُ نَسَاها.. - قيلَ مَزّقَهَا-
بَيْنَ مَخَافِرِ التّوْقيفِ..
يجيءُ الآنَ.. أتْعَبَهُ
دُوَارُ سنينِهِ الْعِشْرينَ.. وَالثّلاثينَ..
أتْعَبَهُ طَريقُ الْهِجْرَةِ الأولى..
وَدَرْبُ الْهِجْرَةِ الأخْرَى..
وَدَرْبُ النّفيِ.. والتّزييفِ وَالتّهْجينِ..
أبو ذَرٍّ أنَا.. آتٍ مَنَ الصّحْراءِ
مَمْنوعٌ عَلَيَّ تَبَادُلُ الْكَلِمَاتِ وَالأنْبَاءِ..
مَنْفِيٌّ أنَا.. سِقْطٌ مَنَ الأسْمَاءِ..
وَلَكِنّي أجيءُ.. أزورُكُمْ حتّى
تَسيلَ دِمَاؤكُمْ..
تَسْقي..
شَراييني!



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن