ريبير هيبون...لحن الحياة

رولا حسينات
salahfd8@gmail.com

2019 / 7 / 10

ريبيرهيبون ...لحن الحياة

أول ما تعرفت على المفكر والشاعر ريب رهيبون كان عندما كنت أعمل مدققة لغوية ومسؤولة على الموقع الإلكتروني لدار نشر رقمية، كان شاعرًا طموحًا تستشعر اللذة والغرابة في شعره وسمو روحه ودعواه نحو التحرر من قيود الفكر والانسلاخ من الكراهية الأرضية إلى رحمة السماء، كنا حينها بحاجة لمن يساعدنا في استكمال فن إخراج الكتاب الإلكتروني بعد مرحلة التدقيق اللغوي الذي كان مساحتي، كنت مخولة لاختيار الأفضل لمن نستطيع الاعتماد عليه، تفاوضت مع كاتبة مغمورة حينها ورفضت لرغبتها في تحصيل العائد المالي، "غير أننا كنا فريقا من الأصدقاء لم أعمل يوما من أجل المال" قلت لها، وأن عملنا هذا فيه من القيمة الإثرائية لدعم الحركة الأدبية ما يخلد أسماءنا، انسحبت بقسوة، في نفس الوقت كنت قد عرضت الأمر على هيبون فوافق وكان مجال عمله تصميم اللوحات الفنية للأعمال الأدبية، ما كنت أراه في تصميم هيبون الألوان والواقعية الحالمة رغم أني لست متذوقة للفن التشكيلي لكن على الأقل أتقن القيام ببعض اللوحات الفنية، ما أعجبني للأسف لم يلق قبولًا لصاحب الدار كانت رؤيته مختلفة عني بقدر ما احتويتها بقدر ما كانت المراهنة على صبري، فاعتذرت من هيبون وأخبرته أن هناك مسافات بينكما وبقدر ما أرغب في جمع الأضداد على المصلحة الواحدة غير أني لن أنجح مع الطرف الأقوى وهو صاحب الدار وهو كاتب مرموق وله رؤى أدبية غاية في الروعة والجمال والحساسية لكنه صاحب مدرسة لا يمكنني المضي معها، وهذا ما استمر بعد قبولي لأعمال أدبية ولرفضها من قبله لها بعد إنجازي لها من ساعات طويلة من التدقيق اللغوي والتنسيق وغيرها، فاعتذرت وانسحبت بلطف وقلت: ستنجح بالتأكيد ولكنني لن أكون في نفس السفينة. الغريب أنني متعاونة إلى أقصى حد إلى أنني لا أنقاد بتلك السهولة التي يظنها البعض. ورغم اعتذاري من هيبون إلا أنه عرض علي أن أكون مدققة لغوية في داره للنشر الإلكتروني، ولتجربتي القاسية وضياع سهري وصبري ناهيك عن انشغالاتي في إنجازاتي الأدبية فاعتذرت بلباقة وتقبل اعتذاري بصدر رحب، مصمما على أن الدار مفتوحة لي بأيّ وقت، الأمر الذي يثير فضولي هو الكم من المخزون المعرفي الذي سأكتسبه لو أني تابعت وتأملت وقرأت لهيبون، فوجدتني أتمعن في فكره أكثر وأكثر، نضوجه الفكري يعني قدرا كبيرا من المعاناة وبنفس الوقت قدرا كبيرا من الفكر الإيجابي في إيجاد الحلول لما يتناوله من قضايا بأساليب مستنيرة وواقعية، فوجدتني مدافعة عن قضية الأكراد ومن أشد المعارضين لرفض منحهم استقلالهم ولم لا؟ إن كان الجواب الصاعق بأنهم كانوا تحت الحكم العربي...
ولكنهم في الواقع لم يكونوا تحت الحكم العربي بقدر ما أنهم دخلوا تحت اللواء العربي الإسلامي أيام كان الحكم الإسلامي أكثر قوة وقدرة على الحماية والدفاع عن الضعفاء، وأكثر عدالة ومناداة بالمساواة وبالقيم الفضلى، ولم تكن للنزعة القبلية العربية والجاهلية اليد الطولى فيها، وهو الذي ساهم في العصور الذهبية النورانية، فإن ذهبت القيم الإسلامية والمسلمون فمن بقي غيرنا نحن العرب المؤمنون بالقبلية بالعرقية بالهجاء والرثاء والتقلب وفق التيارات والمصالح، فلم إذاً لا ينال الأكراد وغيرهم استقلالهم وحكمهم الذاتي ويمنحوا كونفدرالية مستقلة دون المساس بحقوقهم؟ إن أنتفى مفهوم العدالة والإنصاف والقوة فليس لبقائهم خاضعين مسحوقين مهمشين أي طائل غير اكتساب المزيد من العداوة وتأويل القلوب...
عندما فرط الكثيرون من أصحاب الرأي بفلسطين وهي قلب العروبة، وسوفوا حولها بادعاءاتهم الكثير من الحقائق... فلم لا يمنح الأكراد حقوقهم إذاً؟! لقد كان ريبيرهيبون بأشعاره وفكره الناضج داعيا مثاليا للحرية الكردية والحوار العقلاني والتآلف...كان ببساطة لحن الحياة.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن