تطبيق المسئولية المجتمعية - آيزو 26000- كوسيلة لممارسة الأعمال التجارية

احمد حسن عمر
drahmed1956@yahoo.com

2019 / 7 / 5

تطبيق المسئولية المجتمعية " آيزو 26000"
كوسيلة لممارسة الأعمال التجارية
د.أحمد حسن عمر
يعد مفهوم المسؤولية المجتمعية من المفاهيم الحديثة في عالمنا المعاصر مصطلحا وتنظيما،حيثس ظهرت المسئولية المجتمعية في الدول الغربية، نتيجة لاحتياج المجتمع المدني له، فالمسئولية المجتمعية واحدةً من دعائم الحياة المجتمعية الهامة ووسيلة من وسائل تقدم المجتمعات، حيث تقاس قيمة الفرد في مجتمعه بمدى تحمله المسئولية تجاه نفسه وتجاه الآخرين.
وعلى الرغم من الانتشار المتزايد لمفهوم «المسؤولية الاجتماعية» للشركات في عالم اليوم، إلا أن تعريفها وتطورها التاريخي والدوافع التي تشجع الشركات على الاضطلاع بها والنتائج التي تحققها، لا يزال غير واضح للكثير من الناس وحتى الكيانات الاقتصادية المعنية، ولا يعتبر مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات ملزماً قانونياً. لكن ثقله الأخلاقي والمعنوي منحه وزناً كبيراً جعل من المستحيل على الشركات غض الطرف عنه وتجاهل مسؤوليتها تجاه المجتمعات التي تعمل فيها.
ولقد عرف البنك الدولي مفهوم المسؤولية المجتمعية على أنها التزام أصحاب النشاطات التجارية بالمساهمة في التنمية المستدامة من خلال العمل مع موظفيهم وعائلاتهم ومجتمعهم المحلي لتحسين مستوى معيشة الناس بأسلوب يخدم التجارة ويخدم التنمية في آن واحد.
وعرفتها المفوضية الأوروبية بأنها «مفهوم تقوم الشركات بمقتضاه بتضمين اعتبارات اجتماعية وبيئية في أعمالها وفي تفاعلها مع أصحاب المصالح على نحو تطوعي.
وعرفتها الغرفة التجارية العالمية بأنها جميع المبادرات الحسنة والمساهمات التطوعية التي تقوم بها المؤسسات الاقتصادية لإعتبارات أخلاقية وإجتماعية واعتماداً على الاقتناع الذاتي من دون وجود إجراءات قانونية ملزمة
تطور مفهوم المسؤولية المجتمعية
بدأت المسؤولية المجتمعية تتبلور بشكل واضح في منتصف خمسينيات القرن الماضي، لكن جذورها تعود إلى منتصف وأواخر القرن التاسع عشر كنتيجة للثورة الصناعية وتصاعد الاحتجاجات العمالية والنقابية ضد عمالة الأطفال وظروف العمل المرهقة التي كانت سائدة، مما دفع بالكثير من الشركات إلى تراجع سياساتها والرضوخ للضغوط.
وفى فترة الستينيات والسبعينيات ظهر فى أوروبا وامريكا جمعيات لحماية المستهلك، وجمعيات مدنية بدأت بالتأثير على سلوك الشركات ومراقبة جودة منتجاتها ومدى مطابقتها لمعايير بيئية وصناعية محددة. كما شهدت هذه الفترة صعود جماعات ضغط متعددة سواء البيئية أو النسائية أو التي تعنى بحقوق الأقليات والمعاقين، مما فرض على الشركات إعادة النظر بسياستها التوظيفية والتراجع عن بعض القرارات التمييزية بحق فئات معينة من الناس.
كما دفعت العولمة بالكثير من الشركات المتعددة الجنسيات إلى رفع لواء المسؤولية المجتمعية للظهور بصورة إيجابية أمام شعوب دول العالم الثالث ولتبعد عنها الشبهات بأنها مظهر جديد من مظاهر الاستعمار الاقتصادي،
كذلك أدت الفضائح الأخلاقية، سواء الرشاوى أو التقصير المهني، للكثير من الشركات الكبيرة إلى تشجيع الشركات على إبداء قدر أكبر من الشفافية بهدف تحسين صورتها. كما أدى التطور التكنولوجي وما رافقه من جدل حول مستقبل العماله في عصر الآلة واتجاه العديد من الشركات إلى تفضيل التكنولوجيا على الإنسان إلى زيادة الاهتمام برأس المال البشري والسعي إلى تطويره، وإلى الأخذ بشكل أكبر بمتطلبات المستهلكين وأذواقهم لمحاولة كسب أكبر عدد ممكن منهم في ظل التنافس الشرس بين الشركات.
هيكل مواصفة الايزو 26000:
يمكن تعريف مواصفة الايزو 26000 بأنها: " مواصفة عالمية تقدم الإرشادات العامة للمبادئ الأساسية للمسؤولية الاجتماعية والمواضيع والقضايا المرتبطة بها، كما أنها تتطرق للوسائل التي تمكن المنظمات من إدخال مفهوم المسؤولية الاجتماعية ضمن إطار الاستراتجيات والآليات والممارسات والعمليات بها، وبما أن هذه المبادئ والتوجيهات لن تكون متساوية في الاستخدام، فإن المسؤولية تقع على المؤسسات في تحديد ما يهمها منها وتنفيذها بالتساوي والتعاون مع شركائها. وقد ترغب بعض المؤسسات الحكومية في استخدام هذه المواصفة إلا أنها لا تستهدف أو تغير من واجبات الحكومات. وهي مواصفة اختيارية ولا يعمل بها لأغراض الترخيص والمطابقة أو التشريع أو لإبرام أي عقود لأي صفقات كما أنها لا تقصد أن تكون من العوائق غير الجمركية للتجارة أو أن تغير من الوضع القانوني للشركات، ولذلك فإنها لا تكون مستندا قانونيا لأي إجراءات قضائية دفاعا أو اتهاما على أي مستوى محلى أو عالمي أو غيرها، وتتبنى سبعة مبادئ على النحو التالى:
1.المساءلة: كونها مسؤولة عن القرارات والأنشطة وآثارها على المجتمع والاقتصاد والبيئة.
2. الشفافية: الانفتاح حول القرارات والأنشطة التي تؤثر على المجتمع والبيئة.
3. السلوك الأخلاقي: وفقا للمبادئ المقبولة للعمل الصائب أو حسن السيرة والسلوك
4. احترام مصلحة أصحاب الأعمال: الاحترام، والنظر والاستجابة لمصالح مساهميها
5. احترام سيادة القانون: إلزامي
6. احترام المعايير الدولية للسلوك
7. احترام حقوق الإنسان
مزايا وفوائد العمل وفقاً للمعيار الدولي للمسؤولية المجتمعية آيزو 26000
• تصميم وبناء استراتيجية للمسؤولية المجتمعية مخصصة للشركة.
• تكيف هذه الاستراتيجية للعمل في جميع البيئات القانونية والثقافية والسياسية.
• إدارة القضايا الاجتماعية والبيئية لأى مجال وحجم أعمال
• إشراك العاملين والمجتمعات وشركاء العمل في الاستراتيجية الخاصة بك.
• كسب ثقة ومصداقية أعلى كمؤسسة مسؤولة اجتماعياً.
• الفوز بقدر أكبر من الثقة والمصداقية كمنظمة مسؤولة اجتماعيا
طرق أداء المسؤولية الاجتماعية للشركة
يمكن ايجاز طرق أداء المسؤولية الاجتماعية لأى شركه فى سبعة أسباب رئيسية تدفع المدراء والموظفين لإطلاق مبادرات المسؤولية المجتمعية على التحو التالى:
• تشجيع المستهلكين على شراء منتجات الشركات ذات المسؤولية الاجتماعية ، حيث أكدت دراسة أنّ “نحو55% من المستهلكين عبر الإنترنت من 60 بلدًا، يؤكدون استعدادهم للدفع أكثر للمنتجات والخدمات التي تقدمها الشركات الملتزمة بالأثر الاجتماعي والبيئي الإيجابي.

• رغبة الباحثين عن عمل في العمل بشركات ذات عطاء حيث أن 32% من الموظفين يفكرون في ترك وظائفهم، إذا كانت شركاتهم غير مسؤولة مجتمعيا، بينما 65% على استعدادهم لترك وظائفهم إذا كانت شركاتهم تضر بالبيئة.

• إنجاز الموظفين يكون أعلى بمشاركتهم في نشاطات المسؤولية الاجتماعية حيث افصحت دراسة أجريت حول مجتمع إدارة الموارد البشرية، تبين أن لدى الشركات التي تمتلك برامج قوية عن الاستدامة:
• 55 قيم أخلاقية أكثر.
• 43% عمليات أكثر كفاءة للشركات.
• 43% صورة عامة أقوى.
• 38% ولاء موظفين أفضل.
• استخدام أسواق جديدة وتحسين عمليات التشغيل من خلال بناء الشركات وتقويتها ومن خلال المشاركة بالقضايا الاجتماعية
• مشاركة الموظفون فى النشاط المجتمعى الجيد يعزز الابتكار والتعاون وتحقيق أهداف الشركة عند إصدار موارد جديدة للمجتمع.
• المساعدة فى زيادة فرص الحصول على التمويل لأنّ مجال “استثمار الأثر” ينمو نموًا كبيرًا ، فإذا كانت الشركه في وضع سليم ويمكنها إثبات الأثر المجتمعى، فهناك إسهامات كبيرة من رؤوس الأموال تنتظرها
• واجب أخلاقي عندما تُستخدم شركة تدير مواردها الضخمة بطريقة جيدة ، وخبرتها، ومواهب مديريها، فيكون لها الأثر الأكبر على المنفعة المجتمعية من أي مؤسسة أو منظمة خيرية
ونجاح قيام الشركات بدورها في المسؤولية المجتمعية يعتمد على التزامها بثلاثة معايير هي:
• الاحترام والمسؤولية، بمعنى احترام الشركة للبيئة الداخلية (العاملين)، والبيئة الخارجية (أفراد المجتمع
• دعم المجتمع ومساندته.
• حماية البيئة، سواءً من حيث الالتزام بتوافق المنتج الذي تقدمه الشركة للمجتمع مع البيئة، أو من حيث المبادرة بتقديم ما يخدم البيئة ويحسن من الظروف البيئية في المجتمع ومعالجة المشاكل البيئية المختلفة.

وفي قياس الأداء المحصلة النهائية لشركات المسؤولية المجتمعية (CSR) بغض النظر عن حجم الشركة، عندما تشارك في أنشطة المسؤولية الاجتماعية، فيمكنّ قياس الأنشطة بسهولة لإظهار المنافع للمجالات التالية:
• الأسواق الجديدة.
• المنتجات الجديدة.
• الزبائن الجدد.
• حصة السوق.
• الابتكار.
ومن ثم فإن ثقافة المسؤولية المجتمعية لم ترسخ بعد في أذهان بعض قيادات مجتمع الأعمال، ومع ذلك تتسابق العديد من المنشآت في كثير من الدول، على تبنى مواصفة المسؤولية المجتمعية الأيزو 26000 ISO الصادرة عن المنظمة الدولية للمواصفات لتقييم جهودهم، والارتقاء بمبادراتها بأسلوب مسئول مجتمعيا، والذي أصبح المجتمع يتطلبها ويتطلع إليها بشكل متزايد، كما يحتاج تطبيق مواصفة أيزو 26000 إلى ثقافة واعية وقناعة راسخة بأهميتها ودورها الرائد.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن