أذهب الى ربك عند ... الكنطرة

مرتضى محمد
mortada.mohammed85@yahoo.com

2019 / 6 / 27

بعد العنوان الآنف ((... ما العلاقة بين المهلوس وهلاوسه، وبين ثقافته ومخزونه الفكري)). هذا سؤال بحد ذاته يشكل انتقاله خطرة جداً في مسار دعوة وجدت ضالتها في مجتمع يشابهها مخزونا فكريا وربما يتفوق عليها في بعض مناحيه، كـــ (آيـةٍ) عند مفترق الشطحة لكلام ما:

حــــدر التراجـــــي برد ..
والكنطــــــــــرة بعيده ..

هنا نأخذ مصطلح "المخزون الفكري" وتناسبه التأويلي مع المهلوس/العقل الباطن ،لذا نجد ان هناك تباين في الدلالة وربما حتى في اللاوعي وبواطنه التي ابحرت براً صوب ذاك " الجسر المقوّس الذي بني فوق نهر يَعبرُ عليه " كل من بلل البرد أخمص قدميه ليستشعر رجفة مشبوبة بلقاء الامل الذي ابتعد بمجازية الكنطرة وابقاها برداً تحت الاذن التي تسمع نغمات تبتعد بها من أقاويل " فيحبسون على قنطرةٍ " ؛ كيف تأتى هذا الخزين الهائل والنغم الذي عتـــّق العقل الباطن بتلك الهواجس التي تبدو انها انتقالات كارثية على مر السنين ؟!! . ولكون الواقع الآن بات "غير ذي زرع" فاستحضار مكنونات هذه الشطحات الشعرية من القصيدة العامية بتلك اللغة الساحرة:

حلمانــــــه برد الصبـــــح
رجــّف خلاخــــــيلي ..
يا دفــــو جمّل دفــــو
ويا كمر ضويلـــــي ..

أي استعارة ذهنية يجب ان تقود اذنك لترى جمالية مبهمة بوضوحها . مرة أخرى البرد/السؤال /الانتظار/ يبدأ مفعوله بأثارة خوف (الخلاخيل) تلك الجمادات التي أكسبها الحس العميق بالجمال حياة وشعور وردّة فعل تستدعي (الدفو)/حرارة الخبر/ اللقاء /الشك ومعطاه؛ تستدعيه لكي يقوم بحماية الشعور بالفطنة لكي ترى (الكمر) يجيب نداها المكتنز بحاجات كثيرة .

يقول أحد المفكرين واصفاً الجمال : (لا يدركهُ غوصُ الفِطَنْ ) بمعنى ان هناك مستويات من الذكاء البشري الذي يغوص ويبحث ويبني الفرضيات للخلوص الى شيء يعطيه ذلك الاطمئنان المعيّن، فأدراك هذه الأمور يبتعد بالذائقة للعمق الذي يمكنك ان تراه يتجلى ببساطة الطرح صوب محبة الوجه الواحد/عدم الازدواجية /الجمال، فارضاً ببساطة الطرح طريقاً بطوق مستقيم يعزله عن اطواق الأفكار التي تزدري تأنيث الهاجس :

يا ذهب خيط الشمس
طوكين سويلي
لايكلي طوك الذهب ..
والدغش ما اريده ..
لا لا يبرد الصبح ما تحمل اجفوفي ..
ازغيره وجواني العشك واتوسد ازلوفي ..

" ان اقوى النصوص الأدبية هي التي توازن بين الوعي وضده بحيث لا الخيال يسيطر ولا القلم يسيطر؛ بل يظهر الوعي..." وذلك لان الغاية هي نفس الانسان المشبع بأرضه التي اعطته مساحة كبيرة جدا للتخيل الإيجابي/المتصوف، معطية بتلك المساحة ذلك التوافق الجميل بين العقل والقلب والذي يضيف روعة تحتاجها نفسية الشعب مستندةً بكل جوعها الروحي الى أنغام لحنية تعمل بثقافة المحبة والانتماء الإنساني للأرض لكي يتفاعل العمل بكل اضلاعه (الشاعر، الملحن والمؤدي البارع2):

هيمه وجحيل الوكت
ما لمني نفنوفي
لوذي اعله بعد البعد
يا روحي حدر ايده
وأمشي وأكَول أوصلت والكنطرة ابعيده.

ليعطينا ظاهرة علمية وعملية وجمالية مدروسة بكل تجليات الجسد المشبوب و(المستبرد) بأول قرصةٍ تبيح البرودة لـــ (الحرحاره) التي تعرف باقي دروب النشوة المشبعة بألم شفاف باحث عن تكليم نفسه ؛ ليذهب هو وهو صوب تلك (الكنطرة) ليكلم ربً أسمه ( العــــــــــراق) .

*******************************************************************

1: الكنطرة: اغنية عراقية كتب كلماتها الشاعر ذياب كزار (أبو سرحان) ولحنها الفنان كوكب حمزة.
2. اقصد به الفنان كوكب حمزة



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن