منابع الإسلام - الفصل الثاني - عرب ما قبل الإسلام

كامل النجار
kannajar@hotmail.com

2019 / 6 / 16

"في القرآن [.....] آيات تشير إلى عناية القوم بأحسابهم وأنسابهم، ولكنه لم يتعرض لبيان وجهة نضرهم بالنسبة إليها، ولا يشعر في موضع ما منه بوجود تلك الفكرة التي ألحّ على وجودها أهل الأخبار، وهي انقسام العرب إلى ثلاث طبقات أو طبقتين، ووجود نسبين أو جملة أنساب للعرب، ولم يرد فيه اسم "عدنان" ولا "قحطان"، ولا أي من هذه الأشياء التي يتمسك بها أهل الرواية والأخبار، ويقصونها لنا على أنها من الحقائق الثابتة في أنساب العرب، وعلى أن العرب كانوا حقاً من جدّين هما: عدنان وقحطان" (جواد علي) (27)
وعليه نستطيع أن نقول أن كل كتب النسب العربية ما هي إلا قصص من تأليف بعض من زعم أنه يعرف أنساب القبائل العربية. على عكس القرآن نجد أن كتاب العهد القديم في الإنجيل يهتم بالنسب ويذكر كل القبائل العبرية وتسلسل أنسابها. وقد ذكر بعض القبائل العربية. ما يهمنا هنا هو نسب إسماعيل بن إبراهيم الخليل. إبراهيم أنجب إسماعيل ثم إسحق. وبما أن إسماعيل كان من الجارية المصرية هاجر، بينما كان إسحق من زوجة إبراهيم، سارة، فقد كانت الحظوة من نصيب إسحق. ولذلك طرد إبراهيم جاريته المصرية مع ابنها إسماعيل ليستقرا في مكان ما بصحراء سيناء بالقرب من بئر السبع Beersheba. وعندما كبر إسماعيل جلبت له والدته زوجة مصرية، كما تقول المصادر العبرية. وأنجب إسماعيل اثني عشر ولداً كونوا القبائل التي تُعرف بالإسماعيليين Ishmaelites وسكنوا شمال صحراء النفود. أما إسحق فقد أنجب إيشو Esau ويعقوب (إسرائيل). إيشو لم يكن ملتزماً بالقوانين العبرية وتزوج من قبائل كنعان التي كان العبريون يطهدونها. ولذلك وعد إسحق ابنه المفضل يعقوب الأرض التي وعدهم بها الرب (فلسطين) بينما استقر إيشو جنوب شرق هذه المنطقة بالقرب من صحراء النفود. كل أحفاد إسماعيل عاشوا في منطقة الأردن وشمال الجزيرة العربية (26)
الإسماعيليون أو الهاجريون، نسبةً إلى الجارية المصرية هاجر، هم أصل القبائل العربية المختلفة. ولكن هناك أحد أبناء إيشو الخمسة واسمه Eliphaz أنجب ستة أولاد انحدرت قبيلة عاد التي تُعرف في العهد القديم ب Uz أو UD من أحدهم وكان يُدعى Gatam، ربما أصبح قحطان في الترجمات العربية ونسبوا إليه العرب القحطانيين أي العرب العاربة.
المنطقة التي استقر فيها إيشو كانت تُدعى ٍSeir (سفر التكوين، 36، الآيات 6-7). وهذه المنطقة كانت في الأردن الحالية بين خليج العقبة و البحر الميت (28). وهاجر بعض سكان هذه المنطقة إلى جنوب الجزيرة العربية وكونوا مملكة سبأ في اليمن حوالي عام 1200 قبل الميلاد، وكذلك بقية القبائل في حضرموت وما جاورها. أحد أبناء إبراهيم كان اسمه مدين Midian وقد استقر مع أحفاده في المنطقة التي جنوب شرق خليج العقبة وكونوا قبيلة مدين التي هرب إليها موسى من مصر بعد أن قتل المصري، كما يقول العهد القديم.
مدينة الحٍجر (مدائن صالح) والمنطقة المحيطة بها كانت تسكنها قبائل النبطيين (ثمود) الذين ارتحلوا تدريجياً إلى البتراء والمنطقة المحيطة بها. ولكن بعد هزيمتهم من القوات الرومانية عام 106م تفرّق النبط واستقر جزء منهم في المنطقة التي كانت تسكنها عاد.(29)
بما أن أغلب القبائل العربية قد انحدروا من إسماعيل وأبنائه، فلا بد أنهم كانوا يدينون بالتوحيد الذي بدأه إبراهيم. ولكن لأن إله التوحيد بعيد المنال ولا يمكن رؤيته فقد عبدت عدة قبائل الأصنام، ربما كوسيط بينهم وبين الإله البعيد الذي لا تراه العين ولا يدرك الإنسان كنهه.
وتقسيم العرب إلى طبقات - وذلك من ناحية القدم والتقدم في العربية - هو تقسيم لا نجد له ذكراً لا في التوراة أو الموارد اليهودية الأخرى ولا في الموارد اليونانية أو اللاتينية، أو السريانية. ويظهر أنه تقسيم عربي خالص، نشأ من الجمع بين العرب الذين ذكر أنهم بادوا قبل الإسلام، فلم تبق منهم غير ذكريات، وبين العرب الباقين، وهم إما من عدنان، وإما من قحطان. وجميع العرب البائدة في عرف أكثر أهل الأخبار، هم: عاد، وثمود، وطميم، وجديس، وأميم، وجاسم، وعبيل، وعبد ضخم، وجرهم الأولى، والعمالقة، وحضورا. هؤلاء هم مادة العرب البائدة وهم أقدم طبقات العرب على الإطلاق في نظر أهل الأخبار.(30)
يعتقد الإخباريون أن عاد من نسل "عاد بن عوص بن إرم". وأما ثمود فمن نسل "ثمود بن غاثر بن إرم". وأما "طسم"، فمن نسل "طسم بن لاوذ". وأما "جديس"، فمن نسل "جديس بن غاثر بن إرم"، في رواية أو من نسل "جديس بن لاوذ بن سام" على رواية أخرى. وأما "أميم" فإنهم من نسل "أميم بن لاوذ بن سام". وأما "جاسم"، فمن نسل "جاسم"، وهو من العماليق أبناء "عمليق"، فهم اذن من نسل "لاوذ بن سام". وأما "عبيل"، فإنهم من نسل "عبيل بن عوص بن إرم"، وأما "عبد ضخم"، فمن نسل "عبد ضخم" من نسل "لاوذ"، وقد جعلوا من صُلْب "أبناء إرم" في رواية أخرى. وأما "جرهم الأولى"، فمن نسل "عابر"، وهم غير جرهم الثانية، الذين هم من القحطانيين. وأما العمالقة، فإنهم أبناء "عمليق بن لاوذ"، وأما "حضورا"، فإنهم كانوا بالرسّ، وهلكوا.

قد عين أكثر الرواة "الحٍجر" (مدائن صالح) على أنها ديار ثمود، وهي قرية بوادي القرى. وقد زارها بعض الجغرافيين وعلماء البلدان والسياّح، وذكروا أن بها بئرا تسمى بئر "ثمود"، وقد نزل بها الرسول مع أصحابه في غزوة "تبوك". وقد ذكر المسعودي أن منازلهم كانت بين الشام والحجاز إلى ساحل البحر الحبشي، وديارهم بفج الناقة، وأن بيوتهم منحوتة في الجبال، وأن رممهم كانت في أيامه باقية، وآثارهم بادية، وذلك في طريق الحاج لمن ورد الشام بالقرب من وادي القرى (31)
القبائل العربية، مثلها مثل معظم شعوب العالم مروا بعدة مراحل في رحلتهم الدينية من عبادة الإسلاف في شكل "طوطم" إلى عبادة الشمس والقمر والكواكب، ثم جسدوا الآلهة في شكل أصنام وأوثان، قبل أن يصلوا إلى مرحلة التوحيد.
يقال إن عمرو بن لُحي خرج إلى الشام وبها قوم من العمالقة يعبدون الأصنام، فقال لهم ما هذه الأوثان التي أراكم تعبدون. قالوا هذه أصنام نعبدها/ نستنصرها فنُنصر، ونستسقي بها فنُسقى. فقال ألا تعطوني صنماً منها فأسير به إلى بلاد العرب عند بيت الله الذي تفد إليه العرب، فأعطوه صنماً يُقال له هُبل، فقدم به مكة فوضعه عند الكعبة، فكان أول صنم وضع بمكة (32) كتب التراث تحتوي على أسماء كثيرة للأصنام التي كانت تعبدها القبائل العربية تقرباً لله، مثل هُبل، وبعل، و ود، ونسر وسواع، واللات، والعُزى (فينوس عند الرومان، وأفرودايتي عند الإغريق)، وأسماء كثيرة أخرى.
ولأن الظواهر الطبيعية كانت تبهرهم ويصعب عليهم فهمها، فقد عبدوا القمر، الذي سماه عرب اليمن سين، وعبدوا الشمس باعتبارها زوجته، والكواكب باعتبارها أولاده. والنبطيون خاصةً كانوا يعبدون الشمس وكان لهم في عاصمتهم سلع (البتراء) معبد كبير لإكرامها، وإنما كانوا يدعونها باسم آخر هو ذو شرى. وكانوا يعظمون الحجارة البيضاء والسوداء في اليمن والحجاز وبلاد النبط. ونجد هيكل الشمس في حمص كان يحتوي على حجر أسود يمثل إله الشمس (33)
ويجب ألا يغيب عنا أن العرب منذ قديم الزمان قد اختلطوا بالتجار اليونانيين ثم الرومان والمصريين والفينيقيين والأحباش، وقد كانت هناك رحلات ونزوح بين شرق أفريقيا واليمن. وقد استعمر الرومان فلسطين وسوريا ومصر وأسيا الصغرى (تركيا الحالية)، وحوالي عام 320م اعتنق الامبراطور الروماني قسطنطين المسيحية وجعلها الديانة الرسمية للإمبراطورية. ولما كانت الإمبراطورية الرومانية في عداء مستحكم مع الإمبراطورية الساسانية في بلاد فارس، فقد استعانت الإمبراطورية الرومانية في القسطنطينية بعرب شمال ووسط الجزيرة العربية لحماية حدودها من هجمات الإمبراطورية الساسانية وحماية الطرق التجارية من قُطاع الطرق. بل إن بعض القبائل العربية، خاصةً الغساسنة والثموديين، فقد أصبحوا موظفين في الإمبراطورية الرومانية. كل القبائل التي تعاونت مع الإمبراطورية الرومانية قد تعرفت على المسيحية، وقد اعتنق جزء منها هذا الدين الجديد.
ثم جاء مجمع أفسس Ephesus عام 431 للميلاد لوضع حد للخلافات التي بدأت في الكنيسة الشرقية في القسطنطينية حول تعريف طبيعة المسيح، هل هو ذو طبيعة بشرية أم طبيعة إلهية. الكنيسة الشرقية في القسطنطينية أصرت على عقيدة الثالوث التي تقول أن الأب، والابن، والروح القدس، كلها تعني الإله الواحد ذا الثلاثة أٌقانيم. أما متبعو الطبيعة الواحدة للمسيح Monophysites في الإسكندرية واليعاقبة في سوريا، أصروا أن للمسيح طبيعتين، طبيعة بشرية وطبيعة إلهية، لكن لا يمكن الفصل بينهما. وهناك مجموعة ثالثة، يقودها الأسقف نسطوريوس قالت إن للمسيح طبيعتين منفصلتين، ويمكن الفصل بينهما. أدى ذلك إلى طرد الأسقف نسطوريوس الذي هرب إلى العراق مع أتباعه الذين صاروا يُعرفون بالنسطوريين، وأصبح له أتباع في بلاد فارس والعراق. وقد كانت الإمبراطورية الساسانية في الحيرة قد استأجرت خدمات قبيلة المناذرة لتحمي حدودها مع الإمبراطورية الرومانية. وبالتالي احتك المناذرة بالمسيحيين وتنصر بعضهم.
ثم أن الرهبان المسيحيين النساطرة تفرقوا في صحراء الجزيرة العربية وسكنوا في الأديرة والخيام وسط العرب. وقد برع بعض هؤلاء الرهبان في علاج العرب الرُحل بالأدعية والصلوات، والأعشاب مما جعل بعض زعماء القبائل يعتنقون المسيحية، وتبعهم بعض أعضاء القبيلة.
نستطيع أن نقول إنه في القرن الرابع الميلادي كان عرب الجزيرة العربية في المدن، وفي الصحارى قد تعرفوا على المسيحية، واعتنقها جزء كبير منهم.
في عام 722 قبل الميلاد غزا الأشوريون مملكة بني إسرائيل الشمالية وسبوا العشرة قبائل الشمالية وأخذوهم إلى بابل، وحسب السياسة الأشورية فقد فرّقوا الأسرى على المناطق المختلفة في الإمبراطورية حتى لا يجتمعوا ويسببوا بعض القلاقل للإمبراطورية. ثم في عام 586 قبل الميلاد غزوا القبيلتين الجنوبيتين وساقوا الأسرى إلى بابل. ظل اليهود في العراق عدة عقود وتشبعوا بالميثولوجيا البابلية والسومرية، وجمعوا أحاديث موسى الشفهية في كتاب المشنا، ثم كتبوا القوانين العبرية في التلمود البابلي قبل أن يرجعوا إلى فلسطين. ثم جاء الرومان إلى فلسطين وحطموا المعبد اليهودي في القدس (معبد سليمان) عام 70م. وتفرق اليهود في الجزيرة العربية من يثرب إلى اليمن. فكان لا بد لأهل اليمن أن يتأثروا باليهودية التي اعتنقها بعضهم، خاصة ملوك حمير.

وأخيراً جاء الأحباش إلى اليمن واستعمروه ومارسوا المسيحية الشرقية، وبنوا الكنائس وشجعوا السكان على اعتناق المسيحية التي انتشرت بكثافة في منطقة نجران وفي عدن. ويظهر من الطرح أعلاه أن عرب الجزيرة بنهاية القرن الرابع الميلادي كانوا قد تعرضوا إلى المسيحية واليهودية وعبادة الأصنام. فالفترة التي سبقت الإسلام لم تكن فترة جاهلية كما صورها نبي الإسلام والشيوخ الذين أتوا بعده. فالعرب، حتى في الصحراء كانوا ملمين بالديانات التوحيدية كما ظهر جلياً من أشعار شعراء تلك الفترة، مثل أمية بن أبي الصلت، وحسان ابن ثابت قبل أن يسلم، وخُطب قس بن ساعدة الأيادي. يقول أمية بن أبي الصلت:
بناها وابتنى سبعاً شداداً **** بلا عمدٍ يُرينَ ولا رجالِ
وسواها وزيّنها بنورِ **** من الشمس المضيئة والهلالِ
ومن شهبِ تلألأ في دُجاها **** مراميها أشدُ من النصالِ

وكان أغلب العرب ملمين بوجود الله وانه خالق الكون. والقرآن نفسه يقول ذلك (ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله) (العنكبوت 61).
أما قصص القرآن التي يقول عنها أنها لم تكن معروفة حتى لمحمد، فقد كان العرب يعرفونها، ومنهم من كان يعرف الأساطير البابلية والفارسية، مثل النضر بن الحارث الذي كان قد سافر إلى فارس والعراق وسمع كل الأساطير، وكان يعقب محمداً في مجالسه ويقول للأعراب إنه سوف يحكي لهم قصصاً أفضل من قصص محمد. ولذلك عندما أسره محمد في موقعة بدر، رفض أن يطلق سراحه بالفدية وأمر علي بن أبي طالب أن يقطع رأسه.
"الإسلام يُجِبُ ما قبله" هذه المقولة التي تعني أن الإسلام يمحو ما قبله كان لها أكبر الأثر في حصار الأدب والثقافة العربية قبل الإسلام في محاولة من المسلمين ونبيهم أن يُظهروا الإسلام كدين جاء بقيم وتعاليم لم يكن يعرفها عرب ما قبل الإسلام، الذين سماهم محمد بالجاهليين. حاول محمد ومن جاء بعده طمس معالم وحضارة وثقافة عرب ما قبل الإسلام حتى يظهروا أن الإسلام جاء في قوم جهلاء لا يعرفون شيئاً عن الأخلاق والقيم السمحة. يقول الدكتور شاكر النابلسي:
"قد يكون سبب طمس الإسلام لهذا الأدب هو:
1- أن يكون في هذا النثر تعاليم دينية تخالف تعاليم الإسلام
2- أن يكون معظم هذا النثر عظات مسيحية أو يهودية للعرب قبل الإسلام
3- أن يكون في هذا النثر من الحكم والأمثال ما جاء به القرآن أيضاً فيما بعد
4- أن يكون في هذا النثر من السير والقصص التاريخية ما جاء بها القرآن فيما بعد
5- أن يكون في هذا النثر ما جاء في الكتب المقدسة السابقة ( كان مجمل هذا النثر ينسب إلى الخطابة، وكانت الخطابة تشمل فيما تشمل المواعظ والنصائح في أمور الدين المسيحي واليهودي والسلوك والتفكير)
6- أن يكون في هذا النثر ما يحوي أخلاقاً وعادات العرب حاربها الإسلام
7- أن يكون هذا النثر في مجمله أدباً شفهياً غير مدون ضاع معظمه بضياع قائليه ومبدعيه
8- أن يكون كبار الذين قالوا وأبدعوا هذا النثر من الأعداء الألداء للإسلام والعقيدة ولرسوله
9- أن يكون في هذا النثر ما يحتويه من الحث على الأخلاق الفاضلة في حين أن الإسلام رمى هذه الفترة بالجاهلية الباطلة وقال إن أهلها كانوا غير أخلاقيين، وأنكر عليهم الأخلاق الفاضلة
10- أن يكون لهذا النثر من البيان ما كان ينافس سحر القرآن." (34). والقليل الذي وصلنا من نثر تلك الفترة قبل الإسلام يبين لنا أن فصاحة وسحر خُطب قس بن ساعدة الأيادي يضاهي سحر القرآن وربما يتفوق عليه.
وقد سبق قس بن ساعدة الأيادي محمد بعدة تعابير أتى بها القرآن فيما بعد. فقد قال قس في إحدى خطبه: " شرق وغرب، ويتم وحزب، وسلم وحرب، ويابس ورطب، وأجاج وعذب، وشموس وأقمار، ورياح وأمطار، وليل ونهار، وإناث وذكور، وبرار وبحور، وحب ونبات، وآباء وأمهات، وجمع وأشتات، وآيات في إثرها آيات، ونور وظلام، ويسر وإعدام، ورب وأصنام‏.‏ لقد ضل الأنام، نشؤّ مولود، ووأد مفقود، وتربية محصود، وفقير وغني، ومحسن ومسيء، تباً لأرباب الغفلة، ليصلحن العامل عمله، وليفقدن الآمل أمله، كلا بل هو إله واحد، ليس بمولود ولا والد، أعاد وأبدى، وأمات وأحيا، وخلق الذكر والأنثى، رب الآخرة والأولى‏.‏ أما بعد‏:‏ فيا معشر إياد، أين ثمود وعاد‏؟‏ وأين الآباء والأجداد‏؟‏ وأين العليل والعوّاد‏؟‏ كل له معاد، يقسم قس برب العباد، وساطح المهاد، لتحشرن على الانفراد، في يوم التناد، إذا نفخ في الصور، ونقر في الناقور، وأشرقت الأرض، ووعظ الواعظ، فانتبذ القانط، وأبصر اللاحظ‏.‏ فويل لمن صدف عن الحق الأشهر، والنور الأزهر، والعرض الأكبر، في يوم الفصل، وميزان العدل، إذا حكم القدير، وشهد النذير، وبعد النصير، وظهر التقصير، ففريق في الجنة، وفريق في السعير ". ومحمد استعمل أغلب هذه الألفاظ في آياته.
وهناك من الشعر الجاهلي الكثير الذي نقله محمد إلى قرآنه. وللإستزادة يمكن للقارئ الرجوع إلى كتابي "تأملات في القرآن" في مكتبة الحوار المتمدن



(27) جواد علي، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، ج1 ، ص 161
(28) Gibson, Dan, Quranic Geography, p 23
(29) نفس المصدر، ص 50
(30) نفس المصدر، ص 132
(31) جواد علي، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، ج1، ص 104
(32) نفس المصدر، ص 112
(33) الأب لويس شيخو اليسوعي، النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية، طبعة ثانية 1989، دار المشرق، بيروت، ج1، ص 5-6
(34) شاكر النابلسي، لو لم يظهر الإسلام ما حال العرب الآن، دار الآفاق الجديدة – بيروت، الطبعة الأولى 2003، ص 95



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن