من تسبب في تعطيل عجلة النمو الطبيعي والليبرالي لدى العرب!؟

سليم نصر الرقعي
elragihe2007@yahoo.co.uk

2019 / 6 / 10

في تحليلي وتقديري الخاص فإنني أرى أن الاسلاميين العرب وقبلهم التيار القومي العربي الاشتراكي الذي استولى على الحكم بانقلابات عسكرية هم بلا شك من يتحملون الوز الأكبر في هذا الفشل العربي العظيم سواء على المستوى الحضاري أو السياسي!... فالقوميون العرب ثم الاسلاميون العرب هم السبب الرئيسي في ايقاف عجلة النمو الطبيعي لمجتمعاتنا وعجلة التقدم الليبرالي التي كان تدور في العالم العربي - بعد مرحلة الاحتلال والاستقلال - بشكل بطيء ولكن بشكل عميق وتراكمي!، فجاء القوميون الاشتركيون العرب بانقلاباتهم العسكرية وحكمهم البوليسي فدمروا كل ما بُني في مرحلة الليبرالية العربية التي أعقبت الاحتلال والاستقلال وأعقبت موجة النهضة العربية الفكرية والأدبية التي بدأت مع القرن العشرين!... ثم كإفراز لفشل الدولة العربية القومية الاشتراكية (الثورجية الديموغواجية) المستبدة في كل الشعارات التي رفعتها والمشروعات التي طرحتها (الحرية والوحدة والعدالة الاجتماعية وتحرير فلسطين والتنمية الاقتصادية والبشرية) كنتيجة لممارستها الشمولية والاستبداد وبالتالي انتشار النفاق فالفساد المالي والاخلاقي العام في البلاد، نتيجة هذا الفشل الكبير في مشروعات القوميين - تكاثر وانتشر مد الاسلام السياسي الاصولي كرد فعل احتجاجي ومرضي وغير سوي ضد هذا الفشل الكبير والخطير!، مد اسلاموي (ايديولوجي) كان يحمل في تكوينه آفات وجراثيم أمراض التيار القومي ونفس روح خطابه السياسي الحماسي الديموغواجي سواء بوجهه الاخواني أو وجهه الجهادي الوهابي، غير أنهم بدل شعار الوحدة العربية رفعوا شعار الوحدة الاسلامية، وبدل شعار تحرير فلسطين رفعوا شعار تحرير القدس والمسجد الاقصى!!.. ودخلوا في صدامات دامية مع الحكومات العربية فزادوا الأمة رهقًا على رهق، فانتكست وارتكست بعد محاولة النهوض التي حدثت في بدايات القرن العشرين!، ثم جاءت ثورات الربيع العربي كإعصار جنوني مباغت اقتلع عدة أنظمة فاسدة وفاشلة، فحوّل الاسلاميون والعلمانيون المتطرفون في صراع الديكة بينهما على الحكم والسيطرة هذه الثورات الشعبية إلى فوضى عارمة وخريف دموي مخيف، لينتهى الأمر بنفور الشارع العربي من (الديموقراطية) لينتهي الأمر بإطلالة وجه حكم العسكر من جديد بدعوى تحقيق الاستقرار وحماية الوحدة الوطنية!، وهو ما قد يحدث حتى في السودان والجزائر - للأسف الشديد - إذا لم ينتصر العقل السياسي الرشيد لدى من يقودون هذه الحشود الغاضبة والحالمة والثائرة والحائرة في الشوارع!!
سليم نصر الرقعي
2019
(*) نتيجة فشل الاسلام السياسي وتورطهم المبالغ فيه في السياسة والعنف بدعوى الجهاد خرج وانتشر التيار السلفي الموالي للحكام (ولاة الأمور) و المعادي للحركات الاسلامية في محاولة لحماية الدين من ظاهرة التكفير والعنف والارهاب وسعت بعض الحكومات العربية إلى استغلال هذا التيار السلفي في حربها ضد الاسلام السياسي من جهة ومن جهة أيضًا أيضًا ضد دعوات النخب السياسية المطالبة بالديموقراطية وذلك من خلال الترويج إلى فكرة أن الديموقراطية كفر وبدعة وأن التعددية الحزبية تخالف وحدة المجتمع المسلم وهي نفس المبررات تقريبًا التي حاربت فيها بعض النظم القومية الاشتراكية العربية كالنظام الناصري ونظام القذافي فكرة الديموقراطية الحزبية التعددية بدعوى أنها تمزق وتفرق المجتمع وأن البديل هو الديموقراطية الشعبية بتأطير الشعب كله في تنظيم شعبي واحد (الاتحاد الاشتراكي العربي أو المؤتمرات الشعبية!) وأن يكون الجميع تحت قيادة زعيم تاريخي وثوري واحد وملهم وفريد!، فكانت النتيجة ديموقراطية شعبوية شكلية مزيفة ونظام شمولي وبوليسي مرعب!!، وهكذا فإن التيار السلفي وبالرغم من تصديه الفعال لتسيس جماعات الاسلام السياسي للدين وتحويله لمشروع سياسي سلطوي لصالحهم ولكنه لم يتمكن من تقديم مشروع نهضوي للأمة وظل يجتر الفتاوى القديمة وأقوال السلف والدفاع عن ولاة الأمر بالحق وبالباطل، عاجزًا عن التجديد سواء في الفقه أو الفكر الديني والسياسي أو حتى في الخطاب الديني!... وهكذا أصبح السلفيون كغيرهم جزءًا من المشكلة وليس جزءًا من الحل!.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن