الى متى يا كركوك؟

كفاح حسن
trekaf@msn.com

2019 / 5 / 31

بغضب و حزن كبيرين استمع المواطنون الأكراد و العراقيون يوم أمس لخبر التفجير الجبان ضد أهالي كركوك.. التفجير الجبان الذي تم ضد أهالي المدينة المسالمين , و جرح فيه أطفال أبرياء في عمر الزهور..
كركوك .. عروس العراق و كردستان.. فيها تتجسد فسيفساء العراق المتعدد الاطياف و الأعراق.. فليس العراق بلد صرف للعرب, كما انه ليس فقط بلد صرف للمسلمين..
فالعراق - كما هو محدد في دساتير البلد المتتالية - يتكون من قوميتين رئيسيتين هما العربية و الكردية, بالإضافة الى قوميات أخرى سبقتنا كالآشوريين و الكلدان و المندائيين و التركمان و غيرهم.. كما ان العراق هو بلد الأديان المختلفة.
و في كركوك تجد أطياف العراق كافة.. و من كركوك يأتي الذهب الأسود الذي من وارداته تتحرك ماكنة الدولة..
لقد تربينا في العراق داخل الأحزاب اليسارية. و فيها عرفنا بحقوق الشعب الكردي المهضومة. و كيف خدع الاستعمار البريطاني قادة الشعب الكردي بوعد تشكيل دولة كردية. ثم قام نفس هذا الاستعمار بقمع انتفاضة الشيخ محمود الحفيد, و التي أعلن فيها نفسه ملكا لكردستان.
أن وعود الدول المستعمرة لشعوب المنطقة خلال الحرب العالمية الأولى كانت وعود كاذبة. خدعت فيها الحركات القومية التحررية ضد الإمبراطورية العثمانية.
و منذ أربعينيات القرن الماضي, قاد الحزب الشيوعي العراقي العمل الوطني من أجل منح الحقوق القومية العادلة للشعب الكردستاني, و بضمنها حق الشعب الكردستاني في الانفصال و تكوين دولته الوطنية المستقلة. و طبعا حق الانفصال هو كحق الطلاق, فهو حق مضمون, و لكن المعيشة المشتركة هي المرغوبة. فالعراق قوي بنسيجه المنوع. و لا يفوتني ذكر ان محك شيوعية او يسارية أي فرد تعود لموقفه الاممي و دعمه لحقوق كافة القوميات دون تفريق.
ان المتناوبين على حكم كركوك, منذ حكم البعث و لحد الان, كانوا يعتبرون كركوك بقرة حلوب. يسرقوا ثرواتها. و يتركونها تعيش في دمار و حرمان دائمين.
و منذ الاجتياح الأمريكي في ابريل 2013 , عمل المحتل الأمريكي على زرع الفتنة بين أبناء الشعب العراقي. حيث وضع فقرة في الدستور عن المناطق ( المتنازع عليها) و في مقدمتها كركوك. و بهذا يوحي للسامع عن خلاف و صراع مختلق.
تاريخيا .. طرحت مشكلة كركوك لأول مرة في المباحثات التي سبقت اتفاقية 11 آذار في 1970. و اتفق المرحوم الملا مصطفى البارزاني مع الحكومة المركزية على تشكيل منطقة للحكم الذاتي من محافظات السليمانية و أربيل و دهوك. و بقاء كركوك تابعة إداريا للمركز في بغداد. و لكن الاتفاقية حددت خصوصية كركوك و تنوع نسيجها القومي و الديني.
و بعد الاجتياح الأمريكي, تناوبت الأحزاب الكردية و الإسلامية على إدارة المدينة. و كانت ادارتهما للمدينة سيئة. تركزت على سرقة خيراتها و اثارة الصراعات العرقية و محاولة تغيير التركيب السكاني التاريخي للمدينة..
و انتقلت المدينة من ازمة الى أخرى راح ضحيتها أبناء المدينة المغلوبين على امرهم.
و في صراع لا ينتهي على سرقة ثروات المدينة, برز الخلاف مجددا ما بين الحزبين الكرديين الحاكمين في كردستان على من يستلم إدارة المدينة. و لا يمكن عزل التفجير الجبان الذي تم امس عن ذلك الصراع الغير شريف على سرقة كركوك و تمزيقها.
انصفوا كركوك.. و ساعدوها على تجاوز محنتها.
ليس المهم ان تكون كركوك تحت إدارة عراقية أم إدارة كردستانية.. المهم ان تستعيد كركوك عافيتها. و تسلم ادارتها بيد أبنائها كردا و تركمانا و عربا و آشوريون و كلدان و أرمن.
كركوك ليست مدينة متنازع عليها. بل كركوك مدينة يتكالب عليها السراق من مختلف أحزاب الاقطاع السياسي تحت شعارات قومانية زائفة. لنبعد السراق عنها و نعيدها الى أهلها ليعيدوا بناءها و تضميد جراحها.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن