اسرائيل الكبرى رهينة بامبراطورية فارسية قوية

عساسي عبدالحميد
assassi_64@hotmail.com

2019 / 5 / 26

تحتفظ الذاكرة اليهودية بالكثير من الحب والوفاء للملك الفارسي قورش ( 550 ق م – 530 ق م ) الذي انقذ اليهود من الهلاك ؛ وسمح لهم بالرجوع لأرضهم؛ و أعطاهم المال لتجديد الهيكل وعوضهم عن أموال الهيكل المنهوبة في خزائن بابل ...
.
و يعتبر قورش العظيم و اسمه بالفارسية كوروش بزرك الشخص الوحيد الغير اليهودي الذي مجدته التوراة ؛ و الأرجح أنه كان مؤمنا بالله الواحد على عقيدة زرادشت.
؛تقول التوراة في سفر اشعياء في حق الملك الفارسي قورش في ( 45 – 1 ) ( 45 – 2 ) ( 45 – 3 ) :
هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ لِمَسِيحِهِ، لِكُورَشَ الَّذِي أَمْسَكْتُ بِيَمِينِهِ لأَدُوسَ أَمَامَهُ أُمَمًا، وَأَحْقَاءَ مُلُوكٍ أَحُلُّ، لأَفْتَحَ أَمَامَهُ الْمِصْرَاعَيْنِ، وَالأَبْوَابُ لاَ تُغْلَقُ:

أَنَا أَسِيرُ قُدَّامَكَ وَالْهِضَابَ أُمَهِّدُ. أُكَسِّرُ مِصْرَاعَيِ النُّحَاسِ، وَمَغَالِيقَ الْحَدِيدِ أَقْصِفُ.

وَأُعْطِيكَ ذَخَائِرَ الظُّلْمَةِ وَكُنُوزَ الْمَخَابِئِ، لِكَيْ تَعْرِفَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ الَّذِي يَدْعُوكَ بِاسْمِكَ، إِلهُ إِسْرَائِيلَ.

في عام 2015 أصدرت إدارة البريد الإسرائيلية طابعا بريديا يحمل صورة لأسطوانة طينية مشهورة ب ب بيان قورش ؛ تكريما وتخليدا للملك الفارسي قورش العظيم الذي عظمته التوراة ووصفته بمسيح الله.
.
و في شهر ماي من سنة 2018 اعلنت منظمة اسرائيلية غير حكومية مدعومة من طرف كبار حاخامات أورشلايم والعديد من فعاليات المجتمع المدني الاسرائيلي ؛ انها ستدعو لسك عملة رمزية ستوضع عليها صورتي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب و الملك الفارسي قورش العظيم .
.
الرئيس الايراني السابق أحمدي نجاد كان وما يزال من أشد المعجبين بمملكة قورش؛ و الداعين الى احياء أمجادها؛ و جعل الشباب و طلاب المدارس يتزودون من معين ملاحمها وحماستها ؛ ففي احدى زياراته للمتحف القومي الايراني وصف أحمدي نجاد قورش بملك العالم ..
.
الملك قورش يعتبره اليهود و الايرانيون بطلا قوميا مشتركا؛ فهو قدم عونا غير مسبوق لليهود بتمكينهم من العودة؛ و اعادة بناء الهيكل ؛ في نفس الوقت أسس امبراطورية فارسية مترامية الأطراف؛ و أرسى حكما أشبه بالجهوية الموسعة التي تراعي الخصوصية الثقافية والدينية لكل شعب أو اثنية ؛ ومنح كل جهة تحت مملكته الحق في تدبير شؤونها الادارية والمالية ...
.
انظروا؛ كم هي قوية هذه الذاكرة اليهودية؛ فكيف يمكنها ان تتذكر ملاحم الملك الايراني قورش العظيم و أياديه البيضاء على اليهود؛ و تنسى مذبحة بني قريظة الرهيبة حيث كان الصحابة يكشفون عن عورات أطفال اليهود الذكور للتأكد عما اذا كانت في عانتهم زغب فان نبت الزغب اقتيدوا للذبح ؟؟ .
.
كيف يمكن لليهود تذكر من حررهم من السبي و اعادتهم للبلاد ومنحهم المال لتجديد بناء الهيكل؛ و في نفس الوقت ينسى اليهود وعود حديث الحجر الناطق و شجر الغرقد (( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ، إِلَّا الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ من شجر اليهود : رواه مسلم عن ابي هريرة ..
.
كبار حاخامات اليهود يحفظون هذا الحديث النبوي المأثور عن ظهر قلب؛ مثلما يحفظون تفاصيل مذبحة بني قريظة ؛ و قد قامت بلديات عديدة بزرع نبته الغرقد كمساحات خضراء للتزيين والتسييج ليس لأن اليهود يؤمنون بأن الغرقد سينقذهم من ذبح المسلمين لهم كما جاء في الحديث النبوي ؛ بل لجعل المسلمين يثقون بهذه الخرافة أكثر و يتعلقون بها ليزدادون جهلا و قبحا .
.
عقلاء اسرائيل يعلمون علم اليقين أن مجد مملكة داوود رهين بعظمة امبراطورية الفرس؛ ففي مقالات سابقة قلت مرارا وتكرارا بأن ايران هي الحليف الاستراتيجي و المستقبلي للولايات المتحدة الأمريكية ؛ وحاجة واشنطن لقوة اقليمية حليفة ودولة مركز على طريق تجارة الحرير المتجه نحو الصين عبر فجاج كابل و سمرقند و حيدر آباد ؛ حاجتها لدولة ذات ثقل جيوبوليتيكي كإيران أكثر من حاجتها لسدنة الكعبة و لجزية آل سعود ؛ (( لنسطر على هذا الكلام بأكثر من سطر : حاجة واشنطن في المستقبل لايران أكثر من حاجتها لآل النكيحان ))..
.
وكما مسكت ايران بالحبل سنة 2001 لأمريكا لتخنق الطالبان و فتحت أجوائها للمقاتلات الأمريكية وملفات استخباراتها في أفغانستان لتدك مواقع الطالبان ؛ وكما شرعت ايران بوابة العراق الجنوبية سنة 2003 لغزو بغداد و اعتقال صدام وشنقه بالحبل ..فسوف تمسك ايران بنفس الحبل لأمريكا لربط البعير السعودي السائب من رجليه و جره لمسلخة العم سام السام لتحويله الى نقانق؛ لأنه لم يعد صالحا لحمل الهودج و قيادة القافلة في رحلتي الشتاء والصيف ...
.
العرب لا يحسنون تدبير الثروة؛ فتدبيرها يكون وبالا على شعوبهم و شعوب العالم ؛ فمن الحكمة والعقل ان تتم تدبير ثروة الخليج الفارسي من طرف العقل الإيراني و الإسرائيلي .
الأمن القومي الأمريكي بحاجة الى تاجر البازار الايراني ولا حاجة له الى سدنة مكة ؛ بحاجة الى احياء ذكرى الملك قورش ومبادئه الانسانية الرائعة؛ و لا حاجة له لأصنام بني جحش الوهابية التقوية .
.
صورة الملك قورش قد يتم تعليقها هي الأخرى في الكنيست الاسرائيلي الى جانب صورة ثيودور هرتزل و دفيد بن جوريون ...و ايران كقوة اقليمية هي من ضروريات مشروع الشرق الأوسط الجديد الى جانب دولة اسرائيل ؛ أما نصيب العرب فخيمة من وبر و قصيدة طللية على ايقاع ربابة حزينة .

,في الحقيقة ان امريكا لا ترغب في تدمير ايران و ليس لها مصلحة في ذلك لا على المدى المتوسط او الطويل ؛ واشنطن تريد من ايران حليفا استراتيجيا مستقبليا ؛ تريد ايران قوية لكن من دون عمائم ورجال دين يقحمون انوفهم في السياسة ؛تريدها دولة اسلامية لكن بنفحة زرادشتية فارسية جميلة ....
.
مخطئ من يظن انه في ظل التصعيد الغير المسبوق و ارسال المدمرات و حاملات الطائرات نحو الخليج الفارسي أن امريكا ستدافع عن السعودية أو الامارات حتى ولو دفعت السعودية تريليونات الدولارات رهنت ابار نفطها و سلمت مفاتيح الكعبة لشركات سياحية أمريكية لتدبير مواسم رجم الشيطان ؛ امريكا ستمنح في النهاية الشريط الغربي من الخليج الفارسي الى ايران على طبق من ذهب .
.
هناك مثل مأثور يقول ان قيام اسرائيل الكبرى رهين بمجد وعظمة الامبراطورية الفارسية

حكام العرب أغبياء لأنهم لا يقرؤون التاريخ بطريقة ميثودولجية صحيحة؛ و لا يفهمون اي شيئ عن قورش الكبير الملك الفارسي الحكيم العادل الذي أحبه اليهود و مجدته التوراة بان وصفته بمسيح الله ؛ و طبعت اسرائيل صورته على عملتها ...

حكام العرب أغبياء بل من أغبى خلق الله .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن