حول المقاطعة في المغرب و الزيادة في أجور المتقاعدين

كمال آيت بن يوبا
kamalaitbenyuba@yahoo.com

2019 / 5 / 23

شعارنا حرية – مساواة – أخوة


الناس عموما لا يهمهم من ينتج بل جودة المنتوج المتواجد في السوق ....

فحينما نزلت منتوجات شركة الشركي المغربية للحليب و مشتقاته أو كما تكتب باللاتينية Chergui للسوق منذ 25 عاما و نظرا لجودتها العالية فقد أقبلنا (نا هنا تعود على العائلة ) على شراء كل منتجاتها ..لا أحد يستطيع التشكيك في جودتها العالية و طريقة تعبئتها الحديثة و الجيدة و الأنيقة ...ذات الكفاءة العالية ...شيء يدخل السرور للافئدة..

بطبيعة الحال هناك فرق صغير في الثمن بين هذه المنتجات و منتجات شركة "المركزية للحليب" الفرنسية التي لا يزال يقاطعها بعض المغاربة (بعض المغاربة لا تعني عشرات الافراد فالجميع شاهد حملة المقاطعة في وسائل الإعلام )

...لكن الفرق الكبير يوجد في الجودة ...فحليب هذه الأخيرة و باقي منتجاتها مقارنة بمنتجات شركة الشركي لا يمكن للمرء إلا أن يدفعه لتفضيل منتجات شركة الشركي طبعا ذات السمعة العالمية ليس فقط في المغرب بل في أقطار بعيدة كبلدان الخليج وبعض البلدان الإفريقية و غيرهما ..

و لا يجب أن يُفهم هنا أنني أقوم بإشهار منتوجات الشركة المذكورة .لأنها لا تحتاج للإشهار.فالجودة العالية لمنتجاتها و سمعتها غنية عن الإشهار ..

لكن السيد معالي الوزير و رئيس الحكومة حينما إعتذر للمغاربة عن بعض التصريحات التي أغضبت المغاربة و صدرت من بعض الوزراء على خلفية المقاطعة للشركات التي تنتج بعض المنتجات في المغرب و التي منها شركة الحليب الفرنسية و شركة مياه "سيدي علي" وشركة إفريقا للمحروقات ، فلم يعد هناك مجال للكلام عن موضوع تلك التصريحات .

فنحن لا نشتري لا ماء شركة "سيدي على" و لا محروقات شركة "إفريقيا" أيضا منذ زمن بعيد .

بالنسبة للماء نستهلك ماء شركة "سيدي حرازم "المغربية .و بالنسبة للمحروقات فكنت أفضل شركة CMHالمغربية ..هذا إسمها القديم ...ربما تحول لاسم جديد ...
و المعيار هنا هو معيار الذوق و الجودة بالنسبة للماء المعدني والحليب و مشتقاته و معيار الجودة فقط بالنسبة للغازوال ...لانه خال من بعض المواد المعدنية الموجودة في منتجات اخرى..

يستنتج مما سبق أن منتوجات الشركات التي كانت تقصدها المقاطعة قد قاطعناها للاسباب التي ذكرنا .و لا اعتقد انها تحتاج لاي حركة جماعية ذات مطالب اجتماعية...و إذن لسنا معنيين بتلك المنتجات و لا بالشركات المنتجة التي نتمنى لها التوفيق والنجاح في تطوير منتجاتها لتصبح ذات جودة عالية...و في حال ما إذا فاقت جودتها جودة الشركات التي نتعامل معها اليوم فمن الأكيد أننا سنصير زبناءها ...

لكن المقاطعين للمنتجات المذكورة لا يتحدثون عن الجودة بل عن القدرة الشرائية للمواطنين وعن الأسعار المرتفعة و التي تزيد فيها المضاربة بشكل جنوني و غير قانوني خاصة في رمضان بشكل يخلو من أي رأفة أو رحمة رغم كونه الشهر الفرصة الإستغلالية للجشع الزائد والذي يقولون عنه متناقضين مع كل هذا أنه "شهر الرحمة والمغفرة" .

و إذن فلا يمكن لأحد أن يكون ضد نفسه و ضد قدرته الشرائية لكي يسعد الناطق الرسمي بإسم الحكومة طالما أنه حر في أن يشتري ما يشاء وقت ما يشاء .و منطقيا لا يجب أن يوجه أي لوم للمواطنين إذا ما صرخوا من لهيب الأسعار أو من عدم قدرتهم على تحمل تكاليف المعيشة بل واجب الحكومة الإنصات لهم لإيجاد حلول .فهذا دورها ...فلسنا في كوريا الشمالية على كل حال و لا في مصر أو السودان او الجزائر...

فإذا ألقينا نظرة على أسعار المحروقات المحرك الأساسي للأسعار الذي ترتبط به أسعار باقي المواد و الخدمات نجدها عرفت زيادات متتاالية رغم ان اسعارها في السوق العالمي كانت منخفظة خلال سنة 2014 و ما بعدها .

موضوع القدرة الشرائية و الزيادة في الأسعار تحدثنا فيه يوم 16 /11/ 2017 في مقال عن الزيادة في الأجور وبمقال يوم 14/1/2018 حول ضرورة تحسين ظروف عيش المغاربة بمناسبة أحداث الريف ونتائجها ..خاصة و أن المغرب الممتد الذي تفوق مساحته مساحة فرنسا و كذلك سواحله البحرية الممتدة و الجميلة هو في طريقه للتحول لقوة إقتصادية و دبلوماسية و عسكرية إقليمية بدون منازع إذا قارنناه مع أي دولة أخرى في شمال إفريقيا بعد المشاريع الكبرى التي تم وضعها على سكة الإنجاز منها القطار فائق السرعة و مشروع الطاقة الشمسية الأكبر في العالم و المصانع الكبرى لصناعة السيارات والطائرات و الإعلانات عن إكتشافات الغاز والبترول في المغرب و غير ذلك... و إذن من الواجب جدا أن ينعكس هذا على حياة المغاربة و يوفر لهم الشغل والرفاه ..

و قد سمعنا بالفعل رئيس الحكومة الحالي يتباهى بالزيادة في الأجور قبل و بعد فاتح ماي بشكل ضبابي استثنى المتقاعدين .و كأن هؤلاء يعيشون في جزيرة لا علاقة لها باسعار المغرب الملتهبة و التي اشتعلت مباشرة حتى قبل نهاية سنة 2018 في بعض المواد الاستهلاكية مما يخالف منطق الأشياء ...إذ أن لهيب الأسعار يمس الجميع ...خاصة أن الموظفين في عمومهم لا تكون لهم أي مصادر أخرى للدخل ...و إذن فهذا يعتبر تمييزا يمنعه الدستور في ديباجته ..

ألا يعلم رئيس الحكومة أن "إنجاز" سلفه عبد الإله بنكيران على حساب الموظفين اثناء الحديث عن قانون التقاعد و ما صاحبه من إقتطاعات طالت أجور الموظفين قد كان نقصا ماليا في حقوقهم بالنسبة للذين تمت اضافة سنة ونصف على التاريخ الذي كان يجب ان يخرجوا فيه في الاحوال العادية للتقاعد؟

و السؤال هو ما الذي تخاف منه الحكومة إذا زادت في أجور الجميع للمحافظة على قدرتهم الشرائية و تعويضا للزيادات التي تعرفها الأسعار و الخدمات كزيادة طبيعية تتعلق بزيادة تكاليف الإنتاج و الخدمات من اجل تحريك الاقتصاد و تشجيع الاستهلاك المعقول طبعا.. ؟؟ هل تخاف من السكتة ؟

نتمنى لها السلامة ... و لكنها تعرف أن تجميد الأجور منذ 2007كان له اثره على قدرتهم الشرائية . ونزع زيادات سابقة في الأجور كانت مكتسبات مادية للموظفين بقانون التقاعد المهزلة الأخير من خلال ما سماها عبد الإله بنكيران الإقتطاعات التدريجية إبتداء من خريف 2016 يعد خرقا للقانون لان مفهوم لا رجعية القوانين تعني انه لا يجب تشريع قوانين تحرم الموظفين او المواطنين عموما من حقوق تعتبر من المكتسبات السابقة..

إن المتقاعدين هم ناس افنوا عمرهم في خدمة الدولة و الشعب .وقاموا بواجبهم خير قيام .و لذلك يجب النظر لوضعهم مثل باقي الدول الرائدة ..فالمغرب دولة رائدة في شمال افريقيا و سيبقى كذلك .لانه ، و هذا هو الاستثناء اذا استثنينا تونس، ليس دولة عسكرية مثل باقي دول شمال افريقيا ، و انما هو دولة مدنية فيها حرية و تقدم و انجازات و ليست في حرب مع اي جهة .و إذن ونكرر هنا مرة اخرى المفروض ان ينعكس هذا على حياة مواطنيه ..

مع تحياتي للجميع و كل عام و انتم بالف خير (وليس كل رمضان فقط)







.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن