النقابات ومشكل التموقع في المغرب

ياسين اغلالو
ghlalouyassine123@gmail.com

2019 / 5 / 13

يشهد الواقع الحالي دينامية احتجاجية جديدة أشعلتها تنسيقية الأساتذة الذين فرض عليهم/ن التعاقد، التي رفعت منذ 20 فبراير 2019 شعارا وجيها " الإدماج أو البلوكاج" تؤطره برامج نضالية تصعيدية، حيث فرضت هذه البرامج النضالية النوعية إيقاعا جديدا تبعثرت فيه بعض أوراق الوزارة الوصية على قطاع التعليم .
وفي ظل هذه الدينامية الساخنة بادرت تنسيقيات فئوية أخرى بالإعلان عن برامجها النضالية المتدرجة في الخطوات النضالية . ولقد أدى تنامي ظهور هذه الفئات والتنسيقيات إلى تفكيك الشغيلة التعليمية حتى أضحت مجرد أشلاء متناثرة هناك وهناك مع ظهور غير مرئي للإطارات النقابية الممثل الشرعي للشغيلة التعليمية ، حيث ساهم هذا الوضع في تشتيت كفاحية الجماهير الأستاذية من جهة وتمزيق ملفها المطلبي العادل والمشروع من جهة أخرى. ورغم هذا الزخم النضالي الغير مسبوق في قطاع التعليم الذي فرضته هاته التنسيقيات الفئوية إلا أن الإطارات النقابية "التنسيق النقابي الخماسي" ظلت في برجها العاجي متوارية وراء لغة الدعم والمساندة من خلال نشر البيانات والبلاغات في الوقت الذي كان من الواجب على القيادات النقابية أن تنخرط بجانب الشغيلة التعليمة من أجل الدفع بالزخم النضالي إلى مداه، لتقوية الذات ومحاربة العدو المشتركة " الباطرونا وأداتها القمعية "الدولة". لكن ما أدركناه من خلال هكذا بيانات وخواتم نقابية هو فقدان الرؤية وعدم الثقة في الهوية النقابية الأمر الذي بات من اللازم طرح العديد من الأسئلة المسؤولة التي تقتضي إجابات جريئة بدون ضبابية من بينها : ما الغاية من وجود النقابة ؟ هل غايتها الدعم ومساندة مطالب الفئات والتنسيقيات في غياب الفعل أم أن غاية ومبرر وجودها هو الدفاع بكل كفاحية عن مصالح الشغيلة التعليمية ككل، (تدافع عن مطالبها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ) والوقوف الحازم أمام مخططات الآلة البرجوازية.؟ ثم هل نحن نقابة منفعلة بالأحداث ومجرد وسيط بين الشغيلة التعليمية وبين الدولة الخادمة لسياسة الطبقة المسيطرة أم نقابة فاعل في الأحداث، سباقة في تبني المعارك النضالية للدفاع عن مصالح الشغيلة التعليمية، وتحرير العامل المأجور من نير السيطرة ؟
إن المشكل ها هنا يكمن في مدى جرأة النقابات في اتخاذ موقع واضح في الصراع ، فمواقع الشراكة والوساطة والتعاون الطبقي مجرد تدبير إيديولوجي لا يخدم الشغيلة التعليمية الكادحة، بقدر ما يخدم الأداة البرجوازية التي تسعى بكل سلطتها القمعية وأجهزتها الأيدولوجية وكذا عبر سلطتها الغير مرئية لتحقيق المزيد من الاستغلال لقوة العمل من جهة كما يخدم مصالح البيروقراطيات النقابية من جهة أخرى. فكل الأدوار التي لعبتها النقابات كشريك في اللحظة التي تتطلب تبني معارك حقيقية في المحطات النضالية التي يعرفها الواقع الفعلي لم تجن منه الطبقة العاملة والشغيلة التعليمية إلا التراجعات والاخفاقات، وهذا ما نلمسه من خلال نهاية احتجاج الأساتذة المتدربين فوج الكرامة،( ترسيب 130 أستاذ/ة) ومخرجات حركة 20 فبراير(الاجهاز تقاعد الموظفين/ات ، غلاء الأسعار ، الإجهاز على صندوق المقاصة ، ارتفاع صاروخي في أسعار البترول ، العقار...) ، ولربما نفس المصير سيلاحق التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد إذا ظل الوضع على ما هو عليه. وبالتالي لكي تحافظ الإطارات النقابية على هويتها الجماهيرية والكفاحية يجب عليها تصحيح موقعها "الغير طبيعي في الصراع الطبقي" من خلال الممارسة الميدانية لكي تعبر عن مضمونها الكفاحي المعادي لكل الأساليب الإيديولوجية للطبقة البرجوازية، التي تسعى جاهدة إلى استغلال قوة عمل العمال والكادحين والمقهورين وتوسيع الفوارق الاجتماعية عن طريق تسخير أجهزتها القمعية والإيديولوجيا. لذا فالتموقع الحالي في إطار المفاهيم الإصلاحية لن يزيد الإطارات النقابية إلا ضعفا وتشرذما، إذ السبيل الوحيد والأوحد لتقوية الذات وتصليبها يقتضي الحافظ على الموقع الطبيعي أي أن تكون أداة صراع طبقي، تشكل الطرف النقيض لمصالح البرجوازية ولمخططاتها الرأسمالية التخريبية.
ومنه، فالمخرج اليوم من هذا الوضع البئيس هو إعادة قراءة الشروط الذاتية والموضوعية التي تؤطر كل ممارسة نضالية كفاحية من أجل تصحيح مسار تاريخ الحركة النقابية حتى لا نسقط في اللامعنى .
بقلم نقابي



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن