المزبلة الى المزبلة

جمشيد ابراهيم
jd-ibrahim@hotmail.de

2019 / 4 / 22

المزبلة الى المزبلة
تقول المسيحية عند موت الانسان: التراب الى التراب و لكن الاصح اليوم هو المزبلة الى المزبلة - كلها مزابل لا اكثر - ولدت الارض من مزبلة الانفجارات الكونية و اينما يضع الانسان قدمه يحوله الى مزبلة و هناك مزابل متعددة باشكال و الوان اهمها هي مزابل التأريخ و الجغرافية (يرجى مراجعة مقالي عن اصل مصطلح مزبلة التاريخ على هذا الموقع).

بعد ان تحول التأريخ الى مزبلة وبدأ يتعفن فالانسان اليوم كما كان في الماضي البعيد بدون اصل و لان التأريخ يتعرض الى التلاعب من قبل الانسان فانه يضلل اكثر من ان ينفع و لانه يرتبط بالذاكرة و ذاكرة الانسان تنتهي اليوم بسرعة في المزبلة و لا تتعدى عمرها يوما واحدا لتتعفن كالفضلات او تهمل في سلة المهملات فانه اي التأريخ في طريقه الى التعفن - قسمنا التأريخ الى قبل الميلاد و بعد الميلاد و لكن ميلاد من لا يهم. قسمنا الارض الى دول و لكن الدول تحولت بدورها الى مزابل الشركات و الحكومات العنصرية و المصلحية و في طريقها الى الموت في عصر مزابل العولمة و الهجرة.

لا يعيش الانسان اليوم في ذكريات الماضي و تحولت الاعياد الى وسيلة تجارية للشركات و سعادة العامل بقدوم ايام يتوقف فيهاعن العمل. ينسى الانسان اليوم بسرعة و تجعله وسائل الاعلام ان لا يتذكر حتى ما حدث امس. تحاول الجهات الالمانية المسؤولة بشتى الوسائل لكي لا ينسى الالماني جرائم هولوكوست ضد اليهود و لكن اذا سألت اليوم المواطن العادي عن المجازر و اماكنها فان نسبة الذين تحمل ذاكرتهم التأريخ الماضي الاسود في تراجع مستمر و بشكل رهيب. هكذا يتم ايضا نسيان مجازر حلبجة و الانفال ضد الشعب الكوردي رغم كونها حديثة تأريخيا.

تعيش اجيال اليوم خارج المضمون او السياق التأريخي لان الماضي تحول الى مزبلة. تجد الانسان اليوم عضوا في حزب او ناد او مجموعة على مواقع التواصل الاجتماعي لانه لا يعيش في سياق التقاليد. تحول التأريخ الى كتاب قديم يتكدس عليه التراب في مزبلة المكتبة. بدأ العد العكسي اليوم بمحاولة الشركات التجارية اطالة عمر رف shelf life السلع السريعة الاستهلاك perishables كالمواد الغذائية باضافة المواد الكيمياوية و تقصيرعمر life cycleالسلع االبطيئة الاستهلاك durables كعمر التلفون او التلفزيون او الثلاجة.

تحولت الارض بترابها و مائها و هوائها الى مزبلة. هناك مزابل السيارات على الارض و مزابل السفن على الماء و مزابل الطائرات في السماء و التي ستتحول عن قريب الى مزبلة كبيرة عندما تطير السيارات و تنقل الطرود البريدية بالدرونات.
www.jamshid-ibrahim.net



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن