الاسلام السياسي وتدمير العراق

رائد شفيق توفيق
raidshaffeeq@yahoo.com

2019 / 4 / 7

الاسلام السياسي وتدمير العراق
رائد شفيق توفيق
الان صرنا نبكي الوطن برافديه بعد ان أصابهما الضمور لضمور عقول سياسيي الغفلة باسلامهم السياسي يرافق ذلك ضمور في كل مفاصل الحياة العراقية اليومية وصولا الى جسد وعقل المواطن العراقي المغلوب علي امره بالترهيب والتجهيل المحيط به الذي بات من شدة وطأة الرهبة التي يعانيها يخشى حتى مجرد الحلم بمستقبل يحفظ كرامته ويتمنى ان يأتي هذا الحلم ولو على ظهر فيل إبرهة ؛ هذا ما انتجه الاسلام السياسي وليس الاسلام الحنيف .
ويرى الكثير من المراقبين ان المرجعية الدينية في النجف هي السبب في دمار العراق وفتواها بالجهاد جائت لمعالجة أفعالها الفاشلة والاخطاء التي ارتكبتها بحق العراق وشعبه ومنها تسليطها للطغمة الفاسدة الحاكمة على رقاب الناس، ويستنتج المراقبون ملخصا مفاده: ان الذي أوصل هؤلاء الساسة الى سدة الحكم هي المرجعية وباعتراف الشيخ الابراهيمي والكثير من المراقبين يعترفون بهذا الامر؛ وان الذي جاء بالدواعش هم السياسيون بفسادهم وصراعاتهم على السلطة والنتيجة ان داعش هو نتاج وافرازات الحكومة الفاسدة التي دعمتها المرجعية فلا فضل لها على العراق وفتواها جائت بعد ان شعرت بان الخطر بات يهدد مصالح الكهنة الشخصية ليس إلا ، وإلا اين كانت المرجعية قبل داعش وعلى مدى 11 عاما والساسة الفاسدون اوغلوا في العراق اجراما ونهبا وتفجيرا والمرجعية لم تحرك ساكنا ولم تصدر منها اي فتوى ضدهم او في الاقل تحرم انتخابهم وبالاسماء وهذا اضعف الايمان بدلا من ( المجرب لا يجرب ) ؟! ثم لماذا عندما انتهت مرحلة داعش عادت المرجعية لسباتها؟ والمصيبة انها عادت لطريقتها القديمة واصدرت فتوى الوقوف على مسافة واحدة من جميع الكتل والاحزاب الفاسدة ؟ هذا هو الاسلام السياسي الذي دمر كل شيء .
وفي عجالة نلقي نظرة على نشأة الاسلام السياسي من خلال لمحة تاريخية مقتضبة منذ مطلع سبيعنات القرن الماضي على ان الاسلام السياسي تاريخه ايعد من ذلك بكثير لكننا اثرنا هذه الحقبة تحديدا لارتباطها بما عليه الحال في العراق اليوم لنجد ان شاه إيران كان شرطي الخليج وجنديا امريكيا بوجه الإتحاد السوفيتي والمد الشيوعي في ذلك الوقت ؛ ولمنع هذا المد قام الشاه بنشر المعممين ( الموالين له ) في أوساط الشيعة في الخليج بالتنسيق مع شيوخ الخليج والمعممين الموالين للشاه هم : معممو حزب الدعوة ومعممو جماعة الشيرازي ومعممو جماعة المدرسي وكذلك السيد مهدي الحكيم الذي كان أبتعد عن حزب الدعوة حينها وبدأت عملية إنتشار المعمّمين الشيعة الموالين لشاه إيران في الخليج مطلع السبعينيات وقبلها قليلا أي مع صعود مرجعية الخوئي . انتشر هؤلاء في الكويت والبحرين ودبي وعُمان فصارت الكويت ودبي عاصمتان لحزب الدعوة وجماعة الشيرازي وصارت البحرين عاصمة لحزب المدرسي وتمكن حزب الدعوة من السيطرة في عُمان كذلك وهذه الأحزاب موالية لشاه إيران وأول شيء قامت به هو ربط الشيعة بالمرجعية الشيعية بواسطة التقليد ودفع الخمس بعد ان كان شيعة الخليج كلهم من الأخباريين والإخباريون ليس عندهم تقليد بالمعنى المعروف عند الأصوليين ولا يدفعون الخمس ؛ كل ذلك بفضل الشاه .
وبمجرد سقوط الشاه ووصول الخميني الى سدة الحكم تغير ولاء كثير من المعمّمين الذين نشرهم الشاه في الخليج من شاه رضا بهلوي الى شاه خميني واليوم ولاؤهم الى شاه خامنئي وفي الوقت ذاته أسس موسى الصدر المجلس الشيعي الأعلى وحركة أمل بتوجيهات ودعم الشاه ودعم دويلات الخليج ايضا من أجل مواجهة ومكافحة الشيوعية التي كان يحمل راية مكافحتها شاه إيران .
على الصعيد ذاته انتشر حزب ( اخوان المسلمين) في الخليج لذات السبب ، وهو الوقوف ضد الشيوعية وضد الإتحاد السوفيتي فانتشر الاخوان المسلمين في الخليج كله بأوامر الإنكليز وموافقة شيوخ الخليج وتمويلهم ايضا كما كانو يدعمون المعممين الموالين للشاه ماليا.
كانت علاقات دويلات الخليج مع المعممين الذين أرسلهم الشاه متينة الا انها تغيرت بعد وصول خميني للحكم وهنا ( إرتفعت نبرة الوهابية ) وسباب الشيعة وغدت دويلات الخليج مكبا لـ( الإسلام السياسي) الذي انشأه الشاه والإنكليز وبعد ذلك اصبحت دويلات الخليج هي المنتج والمصدر والممول للاسلام السياسي بكل اشكاله ومسمياته.
وكما صفى خميني باطماعه اقرب اتباعه حين قتل كل من جاء معه من باريس الى طهران ليبقى هو المرشد الاعلى سارت الاحزاب الشيعية ومعمميها وميليشياتها في العراق على خطى خمينيهم حذو النعل بالنعل .
كلهم كاذبون فلا المذيع المتحمس يحب وطنه ولا رجل الدين يعرف اللّه ..وجميعهم ( عمائم واتباع الاسلام السياسي ) ضد الفكر والمفكرين والثقافة والمثقفين ، فالرازي ضرب على رأسه بكتبه حتى فقد البصر وعندما طلب أحد تلاميذه علاجه رفض وقال: لقد نظرت إلى الدنيا حتى مللت ؛ وابن رشد احرقت داره وكتبه واتهم في إيمانه ولم ينج ابن سينا او ابن خلدون من الاتهام بالكفر .
بالاسلام لسياسي بدأ اعصار الإرهاب الفكرى يطغى من دون رحمة أو هوادة وسوف تعود الينا العصور المظلمة ؛ فالتقدم له أسبابه والتخلف لا يأتى من فراغ فاذا استمر الحال بتسيد الاسلام السياسي سوف نضيع وقد ضاعت أمم قبلنا كثيرة حين حارب رجال الدين الظلاميون الفكر وغيبو العقل وتحكم فيها رجال فرضوا اراءهم باعتبارها حكم الدين فلم تعد تفرق بين الخطأ والصواب أو الظلم والعدل .
احذرو المقنعين بقناع الدين انهم ارضة قلوبكم النقية ، فثقافة العلم والتعلم وقول الحق والتدين الحقيقي وممارسة الحرية غائبة تماما بل منعدمة فقد سادت البلاد ثقافة غابية حيوانية في جملتها وفي هذا الصدد نذكر قول د علي الوردي : ( ان رجال الدين لا يخشون الافكار الجديدة وانما يخشون التجديد نفسه ) .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن