ما هي السلفية الوهابية ؟ عرض و نقد - 2

إسلام بحيري
Islambeheri1976@gmail.com

2019 / 3 / 31

كيف تستطيع أن تعرف من هم القرنيون ﴿الوهابيون﴾ وكيف تستطيع أن تميزهم عن سائر أمة النبي ﴿صلى الله عليه وآله وسلم﴾ لتنجو من فتنتهم ؟
وللإجابة باختصار عن هذا السؤال نقول لك: إن القرنيين ﴿الوهابيين﴾ هم الذين يتصفون بالصفات التالية:
1- هم الذين يعتقدون في الصفات عقائد المجسمة، فهم ينسبون إلى الله سبحانه الأعضاء على الحقيقية: كاليد، والرجل، والعين، والوجه ثم يصفونه – تعالى شأنه – بالجلوس والحركة والانتقال والنزول والصعود، على الحقيقية كما يفهم من ظاهر اللفظ تعالى الله عما يصفون ﴿راجع الهدية السنية الرسالة الرابعة لعبد اللطيف محمد بن عبد الوهاب﴾
2- هم الذين ينهون عن الصلاة على النبي ﴿صلى الله عليه وآله وسلم﴾ بعد الأذان، ويتأذون من سماعها، وينهون عن الجهر بها على المنابر، وكان شيخهم يؤذي من يفعل ذلك ويعاقبه أشد العقاب، حتى أنه قتل رجلاً أعمى كان مؤذناً صالحاً ذا صوت حسن، نهاه عن الصلاة على النبي ﴿﴿صلى الله عليه وآله وسلم﴾ وآله﴾في المنارة بعد الأذان فلم ينته، وأتي بالصلاة على النبي ﴿صلى الله عليه وآله وسلم﴾ فأمر بقتله فقتل، ثم قال: إن الربابة في بيت الخاطئة- يعني الزانية – أقل إثماً ممن ينادي بالصلاة على النبي ﴿صلى الله عليه وآله وسلم﴾ في المنائر، ويلبس على أصحابه بأن ذلك كله محافظة على التوحيد﴿راجع كتاب الدرر السنية لشيخ الإسلام أحمد بن زيني دحلان ص89-90﴾
3- هم الذين يحرمون زيارة النبي ﴿صلى الله عليه وآله وسلم﴾ وشد الرحال إليه، وينكرون الأحاديث الشريفة التي وردت في هذا الباب والتى عليها إجماع الأمة الإسلامية، يقول ابن تيمية ما نصه: ﴿ليس عن النبي﴿صلى الله عليه وآله وسلم﴾ في زيارة قبره ولا قبر الخليل حديثاً ثابتاً أصلا﴾ ﴿كتاب الزيارة 12 – 13﴾
وقال: ﴿الأحاديث الكثيرة المروية في زيارة قبره كلها ضعيفة بل موضوعة لم يروالأئمة ولا أصحاب السنن المتبعة منها شيئاً﴾ ﴿كتاب الزيارة 22، 38﴾
ومع قوله هذا فهوينقل بين الموضوعين الحديث الصحيح الذي رواه ابن ماجة
والدار قطني في سننه أيضاً عن رسول الله﴿صلى الله عليه وآله وسلم﴾ أنه قال: ﴿من زراني بعد مماتي كأنما زراني في حياتي﴾ لكنه يعود فيتنكر له ويقول: لم يروأحد من الأئمة في ذلك شيء ولا جاء فيه حديث في السنن !!
ويكفيك - أخي المسلم – أن تعلم أن أحاديث الزيارة هذه التي ينكرها ابن تيميه أوردها الدار قطني في سننه والدولابي في الكني والأسماء، والهيثمي في مجمع الزوائد، وابن حجر في تلخيص الخبير، والسيوطي في الدر المنثور، والزبيدي في إتحاف السادة المتقين، والمتقي الهندي في كنز العمال، والطبراني في المعجم الكبير، والبيهقي في السنن الكبري، وابن حجر في المطالب العالية، والعراقي في المغني عن حمل الأسفار، وابن عدي في الكامل، والسهمي في تاريخ جرجان، والمنذري في الترغيب والترهيب، والتبريزي في مشكاة المصابيح، وغيرهم
4- هم الذين لا يودون أهل بيت النبي﴿صلى الله عليه وآله وسلم﴾ وقرابته، يقول ابن تيمية بالحرف الواحد: ﴿إن فكرة تقديم آل الرسول هي من أثر الجاهلية في تقديم أهل بيت الرؤساء﴾ ﴿منهاج السنة3: 269﴾ مخالفاً بذلك قول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾، وقوله جل شانه: ﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾، وقول رسول الله﴿صلى الله عليه وآله وسلم﴾: ﴿إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض﴾ ﴿سنن الترمذي، مسند أحمد، المستدرك، وغيرها﴾
5- هم الذين تقضي عقيدتهم على جل الصحابة بالكفر والشرك، هذا حكمهم على جل الصحابة الذين عاشوا بعد النبي ﴿صلى الله عليه وآله وسلم﴾ وأجازوا الاستشفاع به ﴿صلى الله عليه وآله وسلم﴾، وأجازوا السفر لزيارة قبره الشريف، أورأوا من يجيز ذلك أوسمعوا به فلم يحكموا عليه بالكفر والشرك ولاهدروا دمه واستباحوا أمواله، هذا هولازم عقيدتهم، وهذا هوحكمهم بالفعل، أما حين يروغون عنه بالقول في ما يزعمونه من تعظيم الصحابة فإنما يريدون منه إغواء البسطاء وتضليل الناس، كما يخشون أيضاً عواقب تصريحهم بذلك
ولم يقف القرنيون عند هذا الحد، بل تناولوا الصحابة الذين كانوا حول الرسول﴿صلى الله عليه وآله وسلم﴾ في حياته أيضاً، فقال شيخ القرنيين ما نصه: ﴿إن جماعة من الصحابة كانوا يجاهدون مع الرسول ويصلون معه ويزكون ويصومون ويحجون، ومع ذلك فقد كانوا كفارا بعيدين عن الإسلام﴾ ﴿راجع الرسائل العملية التسع لمحمد بن عبد الوهاب – رسالة كشف الشبهات: 20 طبعة سنة 1957 م﴾
6- هم الذين يطلقون ألسنتهم بالسب واللعن والتكفير على من خالفهم من أمة النبي
﴿صلى الله عليه وآله وسلم﴾، كما يعتقدون أنهم وحدهم أهل التوحيد الخالص، وأما سائر المسلمين فهم مشركون ولا حرمة لدمائهم وذراريهم وأموالهم، ودارهم دار حرب وشرك، ويعتقدون أن المسلم لا تنفعه شهادة أن ﴿لا إله إلا الله محمد رسول الله﴾ ما دام يعتقد بالتبرك بمسجد الرسول﴿صلى الله عليه وآله وسلم﴾ – مثلاً – ويقصد زيارته ويطلب الشفاعة منه، ويقولون إن المسلم الذي يعتقد بهذه الأمور فهومشرك وشركه أشد من شرك الجاهلية من عبدة الأوثان والكواكب ﴿أنظر من أمهات كتبهم: الرسائل العملية التسع لمحمد بن عبد الوهاب: 79، تطهير الاعتقاد للصنعاني: 7، 12، 30، فتح المجيد: 40، 41 رسالة أربع القواعد ورسالة كشف الشبهات لمحمد بن عبد الوهاب وغيرها﴾
ففي رسالة كشف الشبهات أطلق شيخ القرنيين لفظ الشرك والمشركين على عامة المسلمين عدا أتباعه في نحو24 موضعاً، وأطلق عليهم لفظ: الكفار، وعباد الأصنام، والمرتدين، وجاحدي التوحيد، وأعداء الله، ومدعي الإسلام في نحو20 موضعاً وعلى هذا النحوسار أتباعه في سائر كتبهم
7- هم الذين يحقرون شأن أولياء الله الصالحين، ويتطاولون عليهم ويؤذونهم، ويعادونهم ويتهمون زائريهم بالكفر والشرك وعبادة غير الله تعالى، ويحرمون الصلاة في المساجد التي بها أضرحة الأولياء، كمسجد الإمام الحسين والسيدة زينب والسيد البدوي والسيد إبراهيم الدسوقي وغيرهم
8- هم الذين يعتبرون تجويف المحراب بدعة, ورفع المنبر عن ثلاث درجات بدعة، مخالفين بذلك وضع جميع مساجد الأمة الإسلامية، ومن بينها المسجد الحرام ومسجد النبي﴿صلى الله عليه وآله وسلم﴾
9- هم الذين يحرمون قراءة القرآن الكريم في المساجد يوم الجمعة، ويكتفون بأذان واحد منكرين سنة الخلفاء الراشدين المهديين التي أمرنا النبي﴿صلى الله عليه وآله وسلم﴾ أن نعض عليها بالنواجذ، كما أنهم يؤذنون للفجر في مصر بعد التوقيت الفعلي بأكثر من ثلث ساعة مخالفين بذلك التوقيت المتفق عليه في جميع المساجد، ويبدأون يوم صومهم على أساس ذلك
10- هم الذين يفرج المصلي منهم بين قدميه تفريجاً متفاحشاً، يزيد عن الحد المشروع الذي أورده أهل المذاهب الأربعة وهوكالآتي:
أ- الحنفية: قدروا التفريج بين قدمي المصلي بقدر أربع أصابع، فإن زاد أونقص كره
ب- الشافعية: قدروا التفريج بينهما بقدر شبر، فيكره أن يقرن بينهما أويوسع أكثر من ذلك، كما يكره تقديم إحداهما على الأخرى
ج- المالكية: قالوا تفرج القدمين مندوب لا سنة، وقالوا المندوب هوأن يكون بحالة متوسطة بحيث لا يضمهما ولا يوسعهما كثيراً حتى يتفاحش عرفاً
د- ووافقهم الحنابلة على هذا التقدير إلا أنه لا فرق عند الحنابلة بين تسميته مندوباً أوسنة ﴿راجع الفقه على المذاهب الأربعة﴾
11- هم الذين يفعلون ما أخبرنا به النبي ﴿صلى الله عليه وآله وسلم﴾ عنهم بقوله: ﴿يقتلون أهل الإسلام ويَدَعون أهل الأوثان﴾وتكفي نظرة إلى ما يحدث في أيامنا هذه في مصر والجزائر وأفغانستان وباكستان إلخ، من قيام هؤلاء بقتل أهل الإسلام ويَدَعون أهل الأوثان لا يمسونهم بسوء﴾
12- هم الذين قام بعضهم بكسر رباعيته ظناً منه أنه بذلك يتأسى ويتشبه برسول الله
﴿صلى الله عليه وآله وسلم﴾ لما كسرت رباعيته، وهل قام رسول الله﴿صلى الله عليه وآله وسلم﴾ بكسرها ؟ أم أن ذلك كان مما لاقاه من أذى الكفار ومحاربتهم له ؟ لكن صدق رسول الله﴿صلى الله عليه وآله وسلم﴾ لما وصفهم بقوله: ﴿سفهاء الأحلام﴾ أي: ضعفاء العقول
13- هم الذين ينكرون لفظ السيادة للنبي ﴿صلى الله عليه وآله وسلم﴾ ويكرهون تعظيمه بما عظمه الله تعالى وجاز له مع أن الله تعالى قال عن سيدنا يحيى عليه السلام ﴿وَسَيِّدًا وَحَصُورًا﴾ وقال جل شأنه عن امرأة العزيز ﴿وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ﴾ أي: زوجها،وأمر النبي ﴿صلى الله عليه وآله وسلم﴾ الأنصار أن يقوموا لسعد بن معاذ بقوله: ﴿قوموا لسيدكم﴾ مع صريح قوله صلوات الله وسلامه عليه: ﴿أنا سيد ولد آدم ولا فخر﴾
14- هم الذين يحرمون الاحتفال بمولد النبي ﴿صلى الله عليه وآله وسلم﴾ ومع ذلك فهم يقيمون لأئمتهم الاحتفالات، مع أن النبي ﴿صلى الله عليه وآله وسلم﴾ لما سئل عن صيام يوم الاثنين قال: ﴿فيه ولدت وفيه أنزل عليَّ﴾ رواه مسلم في الصحيح في كتاب الصيام، وهذا في معنى الاحتفال به، إلا أن الصورة مختلفة ولكن المعنى موجود سواء كان ذلك بصيام أوإطعام طعام، أواجتماع على ذكر، أوصلاة على النبي ﴿صلى الله عليه وآله وسلم﴾ ، أوسماع شمائله الشريفة
هذه من أشهر صفاتهم التي عرفوا بها، مع اختلاف صورهم، وأشكالهم، وتعدد إنتماءاتهم
وصحيح أن ولاة الأمر في الأمة الإسلامية مطالبون بالأخذ على يد هؤلاء كما أمر القرآن الكريم، وكما بينت سنة سيد المرسلين ﴿صلى الله عليه وآله وسلم﴾ ، حتى يكفوا أذاهم عن الأمة، ويستريح الناس من شرهم، وهذا واجب ولاة الأمر الذي يجب عليهم ألا يحيدوا عنه، إلا أن القاعدة العريضة في الأمة الإسلامية محتاجة إلى دور العلماء في الرد على الفكر بالفكر، ودرء تمويه الباطل وتدليس الكذب ؛ بحجة الحق وبيان الصدق (1)

لقد ابتلي الإسلام على مر العصور والدهور بالأعداء الذين أحاطوا به من كل جانب،
والمؤامرات التي دبرت ضده لتفرق كلمته وتشتت شمله، من يوم الردة إلى أيام الانقسامات والحروب، إلى نكبة هولاكووالمغول، إلى هجمات الصليبيين، إلى إلغاء الخلافة الإسلامية، وتفرق كلمة المسلمين وجعلهم أمماً وشعوبًا مختلفة، بعد أن كانوا تحت لواء الخلافة الإسلامية أمة واحدة، إلى الأفكار والمباديء الهدامة كالشيوعية، والعلمانية، والوهابية والماسونية والبهائية والقديانية، إلى الأحزاب السياسية المتناحرة
نكبات تلونكبات، لكنها دون ما يواجه الإسلام في هذه الأيام من حملات الإبادة من الصليبية والصهيونية والشيوعية والعلمانية والوهابية، واجتمعت أمام العالم الإسلامي لمحاربته واستبعاده من طاجيسكان إلى أذربيجان إلى البوسنة والهرسك إلى كوسوفووألبانيا إلى بورما والهند وكشمير، إلى سيريلانكا والفلبين، إلى نيجيريا وليبيريا والصومال، إلى اللاجئين المسلمين في فرنسا وألمانيا وإيطاليا وأسبانيا من المغاربة والجزائريين والأتراك
وما كنت أحب أن أنقب عن جراح أصابت الجسد الإسلامي وأعيته وأنهكته فيما مضى، لكني وجدت أن الفتنة التي ذاقت منها الأمة الإسلامية الأمرين في أزمان مضت، قد أطلت برأسها في زماننا هذا وأصابت الأمة الإسلامية في صميمها
وأعني بتلك الفتنة فتنة القرنيين، والقرنيون هم أصحاب فكر الخوارج من بلاد نجد، ففي صدر الدعوة الإسلامية كان القرنيون هم مسيلمة الكذاب وشرذمته، وفي عهد الإمام علي بن أبي طالب كان ذوالخويصرة التميمي رأس الخوارج، وفي القرن الثاني عشر كان البدعي النجدي ابن عبد الوهاب ومن يحرقون بخور الثناء لفكره الخارجي، وجميع هؤلاء من بلاد نجد التي تنبأ الرسول ﴿صلى الله عليه وآله وسلم﴾ بأن بها زلازل العقيدة والفتن بين الأمة الإسلامية، ومنها ﴿يطلع قرن الشيطان﴾ وفي رواية أخرى ﴿يخرج قرن الشيطان﴾ بصيغة الفعل المضارع الذي يفيد الاستمرار على مر العصور والدهور، فخرج من نجد مسيلمة الكذاب، وخرج من نجد ذوالخويصرة التميمي وخرج من نجد القرامطة، وخرج من نجد ابن بعد الوهاب التميمي، والآن القرنيون هم سدنة فكر البدعي النجدي ابن عبد الوهاب، وامتطى أعداء الإسلام تلك الفتنة، وأججوا نارها وأمدوها بالعون المادي والمعنوي ففعلت بالأمة على مر تاريخها الأفاعيل ولقد كانت وحدة الأمة الإسلامية فيما مضى، ووعيها ودرايتها بمخططات أعدائها حائلاً دون أن يتمكن عدوالأمة منها، واستطاعت الأمة فيما مضى أن تتخطى العقبات، وأن تستعلي على النكبات، وأن تستيقظ من نومة الغفلة ورقدة الجهالة كلما أحست بالخطر الخارجي، وكانت الأمة دائماً تتوحد أمام الخطر وتدمر العدوان وتنجومن الأخطار
لكن العدواستطاع أن ينقل المعركة إلى داخل الأمة الإسلامية، وأن يجند له جنوداً
وأعوانًا قاموا بأكثر مما كان يحلم به، فتبجح العدو، ولم يعد يداري في عداوته للإسلام، وفي إرادته تدميره وإهلاك أهله والقضاء عليه، وكأنما تبلد الجسد الإسلامي، وأصاب الأمة الإسلامية الوهن والضعف والتشتت والتفرقة، ونال منها عدوها الكثير، وأصبح بأس المسلمين بينهم شديداًواستطاع العدوالحاقد أن يجند فئة تنتمي إلى الإسلام – وهم القرنيون في زماننا هذا – لتقوم بهدم الإسلام وتمكين عدوه منه، واستطاعت تلك الفئة أن تحدث في الدين أحداثا جساماً، وأن تعوق مسيرة الأمة الإسلامية، وأن تطعنها في الصميم بلا رحمة وبلا هوادة
لقد كانت الأسس التي بني عليها العدوخطته هي تلك النقاط التي قامت وزارة المستعمرات البريطانية بتلقينها لعميلها ﴿محمد بن عبد الوهاب﴾ عن طريق مستر همفر – رجل المخابرات البريطانية في البلاد الإسلامية – وهذه الخطة كما يلي:
1- تكفير المسلمين، وإباحة قتلهم وسلب أموالهم، وهتك أعراضهم، وبيعهم في أسواق النخاسة، وحلِّيَّةِ جعلهم عبيداً ونسائهم جواري
2- هدم الكعبة باسم أنها آثار وثنية إن أمكن، ومنع الناس عن الحج، وإغراء القبائل بسلب الحجاج وقتلهم
3- السعي لخلع طاعة الخليفة والإغراء لمحاربته وتجهيز جيوش لذلك، ومن اللازم أيضًا محاربة أشراف الحجاز بكل الوسائل الممكنة والتقليل من نفوذهم
4- هدم القباب والأضرحة والأماكن المقدسة عند المسلمين في مكة والمدينة وسائر البلاد التي يمكنه ذلك فيها باسم أنها وثنية وشرك، والاستهانة بشخصية النبي ﴿محمد﴾ وخلفائه ورجال الإسلام بما يتيسر
5- نشر الفوضى والإرهاب في البلاد حسب ما يمكنه ذلك
6- نشر قرآن فيه التعديل الذي ثبت في الأحاديث من زيادة ونقيصة
لقد قال سكرتير وزارة المستعمرات البريطانية لمستر همفر وهويملي عليه تلك النقاط لكي تكون خطة عمل تسلم إلى ﴿محمد بن عبد الوهاب﴾: لا يهولنك هذا البرنامج الضخم،
فإن الواجب علينا أن نبذر البذرة، وستأتي الأجيال الآتية ليكملوا المسيرة، وقد اعتادت حكومة بريطانيا العظمى على النَّفَس الطويل، والسير خطوة خطوة، وهل محمد النبي إلا رجل واحد تمكن من ذلك الإنقلاب المذهل ؟ فليكن ﴿محمد بن الوهاب﴾ مثل نبيه محمد ليتمكن من هذا الانقلاب المنشود
وقد وعد ﴿محمد بن عبد الوهاب﴾ بتنفيذ كل الخطة السداسية إلا أنه قال أنه لا يتمكن في الحال الحاضر إلا على الإجهار ببعضها، وهكذا كان، فقد استبعد أن يقدر على هدم الكعبة عند الاستيلاء عليها، كما لم يبح للناس بأنها وثنية، وكذلك استبعد قدرته على صياغة قرآن جديد
والناظر فيما حوله إلى ما يحدث على الساحة الإسلامية يجد أن تلك الخطة يجري تنفيذها على قدم وساق، وقام القرنيون ببث سمومهم وأفكارهم، وغمرت شبابنا المسلم كتب ومنشورات تأخذ عليه سمعه وبصره، وأحجم علماء القحط عن بيان الحقائق طمعًا في الثراء المأمول من بلاد البترول
وقد أخبر النبي ﴿صلى الله عليه وآله وسلم﴾ عن هؤلاء الخوارج بأنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية وبين في الحديث الذي رواه البخاري في كتاب الفتن أنهم: ﴿لا يعودن فيه حتى يعود السهم إلى فُوقه﴾ والفُوق – بضم الفاء – موضع الوتر، والسهم إن أطلق لا يعود إلى مكانه مرة أخرى، يقال: ﴿ما ارتد على فُوقه﴾ أي: مضى ولم يرجع، ومعنى ذلك أن الذي تمكنت منه هذه الفتنة لا ينفعه نصح ولا إرشاد، لكني أعتقد أن هؤلاء ينقسمون إلى قسمين: قسم مُمَوَّل، وقسم مضلل وهؤلاء المملون لا حاجة لنا بهم، فقد تكاثف الران على قلوبهم فعموا وصموا

لكننا نطمع في هداية هؤلاء المضللين الذين ظنوا – خطأ – في ذلك المنهج سيرًا على الكتاب والسنة، ونجاة من النار، وضمانًا للجنة، وأطمع في فضل الله تعالى أن يرجع هؤلاء إلى الحق، وأن ندخل تحت مصداق قوله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم﴾ : ﴿لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك من حُمْر النَّعَم﴾ (رواه الشيخان)

إن تعصب القرنيين قد بلغ مبلغه من هؤلاء البغاة المتعصبين لرأي ثالوث التكفير – ابن تيمية وابن القيم وابن عبد الوهاب – دون غيرهم من أئمة الإسلام، يحاربون كل فكرة مخالفة لهم، ويشيعون المثالب حول كل دعوة مخالفة لدعوتهم، ويستعدون الناس إزاء كل شاردة وواردة، ويقحمون أنفسهم في كل شيء وكأنهم هم المعنيون، وينالون من مخالفيهم نيلاً، ويرمونهم رميًا ويطالبون بتكميم الأفواه إلا أفواههم، ويطالبون غيرهم باتباعهم رغمًا عنهم، ولا يميلون إلى السماع، ويستبيحون دماء مخالفيهم وأموالهم، ويعتقدون بصلاح حالهم طالما أنهم متمسكون بعقيدة سلفهم، ماضون في تعصبهم طالما شيوخ النفط معهم، والبتروريال يناصرهم، فمتى يرعون إلى جادة الصواب، ومتى يؤخذ على يد هؤلاء البغاة الذين يريدونها فتنة تعم البلاد والعباد، ويريدون أن تسال الدماء، ويقتل الرجال، ويسبى النساء(2)

_____________________________________________
(1) من مقدمة السيد علاء أبو العزائم لكتاب "أيها القرنيون هلا فقهتم" لمؤلفه السيد عز الدين أبو العزائم
(2) من مقدمة السيد عز الدين لكتابه المذكور



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن