افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (79)

عماد علي
emad19634@yahoo.com

2019 / 3 / 30

و هذا هو الجانب الطبيعي و الفيزيائي لهذا المفهوم. اما المسلمين فانهم البسوا هذا المفهوم لباسا لماوراء طبيعيا و ادعوا عكس ذلك. وفي المقابل و منذ بداية القرن العشرين، مع ظهور اول نتاج عربي خاص بكتابة تاريخ الفلسفة الاسلامية لدى( مصطفى عبدالرازق) اُنتقدت هذه المفاهيم بشكل تام. بالعودة لاى مجموعة من المعطيات العلمية للبحوث الاجنبية لما بعد رينان بنفسه، تظهر اسباب عدم وجود الفلسفة و العمل الفلسفي في البيئة العربية، و التي هي قريبة من التحليل ذاته لماقبل ابن خلدون الذي اشرنا اليه من قبل. اي ربط عدم ظهور الفلسفة في البيئة العربية لماقبل الاسلام بعدم وجود الاعمار و الدولة و الحضارة و سقوطها لعدم وجود ضرورتها، اي انعدام احتياجات سياسية و اجتماعية الى ظهورها، وبعكسه وجود تلك الاسباب لتنميتها و توسيعها مثلا في البيئة اليونانية في ذلك العصر. لذلك يعتبران رينان هو عدو العرب و الاسلام (16). و بعكس عبدالرازق و هو شخصية دقيقة و مثقف كبير في مجال الفلسفة العربية الاسلامية، انه يعتقد بان الطبيعةالعامة و وجود الثقافة العربية و انعدام الذاتية في هذه البيئة و بعكس البيئة اليونانية هو السبب في ان المجتمع العربي الاسلامي لم تظهر لديه فلسفة مستقلة. لذا وبعد تفسير كثير للذاتية و تعريفها كخصوصية حضارية يونانية و اجماع و تبعية راي الاكثرية و الخوف من الذاتية كخصوصية حضارية اسلامية، ومنه يصل الى ان يقول لا يوجد شي باسم الفلسفة الاسلامية، الفلسفة مخالفة مع طبيعة الروح الاسلامي، و لهذا السبب لم تستطع ان تنتج الروح و حتى لم تستطع ان تتفهم الفلسفة اليونانية و تتعمق فيها، لذا انها تحمل ظاهريا الفلسفة اليونانية ( 17).
و ان كان الجزء الاول من قطعة ما كتبه البدوي له علاقة بذلك التفهم لخلاف خصوصية الحضارة اليونانية مع الاسلامية، اولا عن الذاتية و ثانيا عن انعدام تلك الذاتية و ذوبانها في الاجماع، و يمكن ان يؤخذ كتوجه و قراءة لشخص متخصص وخبير كبير، و الذي مع كل الوثائق و الدلائل لديه و انما في النتيجة انه توجه فقط و يمكن رده و لا يُقبل، و لكن فيما يتعلق بالسطر الثاني و الذي له العلاقة بعدم انتاج الفلسفة الخاصة و عدم فهم الفلسفة اليونانية و البقاء في ضفاف الفلسفة، فهذا له علاقة مباشرة بالتشويه الذي نريد هنا ان نهتم به. و هذا اوضح و اصح الى حدما، ان اول سبب لهذا حتما له العلاقة مع الاختلاف العميق و الاساسي بين الحضارتين. ليس فقط الخصوصية التي اشار اليها البدوي و انما الذي له العلاقة بالجانب الثقافي، لان الحضارة اليونانية هي نوع من التفكير و الهم بما في الدنيا بذاتها ان كان على المستوى السياسي و كان في العثور على سؤال ماهي السلطة الجيدة؟ او على المستوى الفلسفي الطبيعي، ماهي اول مادة التي صنعت منها الطبيعة؟ او على المستوى المثالية ماهو افضل اخلاق ان يجسده الانسان؟ و الذي له القدرة ان يسال هذه الاسئلة و ان يتبع اجوبتها هو العقل. و ان كان عقلا اسطوريا او غير علميا، لذا اكثر شي فان كانت الاجوبة صحيحة من جانب و انما كانت محكومة في الصميم بذلك العقل غير العلمي، مثلا الديموقراطية التي هي اكبر ابداع يوناني في مجال السياسة و لها علاقة مباشرة بالسؤال الاول: كيفية ادارة المساحة العامة لدولة المدينة، في وقت ان تفصيل ذلك سيكون مخالفا و غير متجانس مع هذا المفهوم في عصر الحداثة، و مع انه سيكون من حيث الظاهر و الاساس صحيحا.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن