في نقد السياسة الكردية وهشاشتها ..!

اكرم حسين
futere1962@gmail.com

2019 / 3 / 27

وانت تنتقد كرديا يعني بانك ستكتسب اعداء جدد ، لان التخندق الحاصل لا يتيح لك الا ان تكون مع احدى الجهات ، لا ثالث بينهما ، فإما ان تكون جيدا واما ان تكون خائنا بحسب الموقع والجهة التي تتعرض للنقد ، وبالتالي ممارسة النقد السياسي كردياً ، عملية شاقة ومكلفة على الصعيد الشخصي لمن رفض استسهال القول ، ومنطق التبعية والقطيع ، وتجاوز حدود الطوطم ، وكسر حاجز المقدس ، من هنا يأتي النص رغم معرفته بحجم الردود والاتهامات التي قد تصل الى حد الاغتيال السياسي ..!
لا بد من التأكيد بداية على ان العبور الى المستقبل يبدأ بالانطلاق من الوقائع الملموسة ، بعيدا عن السياقات الفاجرة والمضطربة في انكار هذه الوقائع ، التي تبدأ من (كردية) قوات سوريا الديمقراطية- رغم نفي اصحابها- والتي لم يعد السيد ابراهيم بروفي حاجة الى وقت اضافي كي يسمي قسد ب (القوات الكردية) بعد ان وضعها بين هلالين ، وتنوع هذه القوات القومي والديني – بعد رفض تسميتها بالكردية في اوقات سابقة - حيث بث في منشور على صفحته الشخصية بتاريخ 24-3-2019 بمناسبة انتهاء داعش ، والتي انتهت جغرافيا لكنها لم تنته امنيا وفكريا ،وباتت تعمل وفق استراتيجية الذئاب المنفردة ، فالمئات من سكان المنطقة ما زالوا يعتنقون فكر داعش قولا وعملا...!
التخبط السياسي والفكري يكمن في رفض ان يقوم الكرد بمحاربة الارهاب في الباغوز "العربية" لأنها منطقة غير (كردية) وبعيدة عن كردستان سوريا ، في الوقت الذي يتم فيه تبرير الدفاع عن المناطق (الكردية) سواء في شنكال أوكركوك أوعفرين أوكوباني – بعضها خارج الحدود- مع الاخذ بخصوصية كل جزء مع رفض تام لانتصار(القوات الكردية ) في المناطق (العربية) التي يجب تحريرها من قبل (عربهم)..!
التناقض واضح بين وجود صاحب القول في الائتلاف وهيئة التفاوض التي تدعو الى وحدة سوريا ارضا وشعبا ، والى دولة المواطنة والديمقراطية التي يتساوى فيها كل السوريين وبين القول السابق ، لان وحدة الاراضي السورية والعيش في دولة واحدة يقتضي الدفاع عنها في وجه الارهاب بغض النظر ان كانت الارض كردية او عربية او مسيحية ، فمن حق أي شخص يرى نفسه سورياً ويستطيع الدفاع عنها او تحريرها من الارهاب الا يتأخر او يتردد ، كي يحل الامن والاستقرار ويعيش الشعب السوري حرا ابيا دون خوف او فزع !
سوريا القادمة لن تكون كردية او عربية بل دولة عمومية محايدة لكل السوريين ، وكل المناطق المحتلة يجب الدفاع عنها بغض النظر عن هويتها التاريخية ما دامت سورية ، واذا كان حديث ذهاب الكرد الى المناطق (العربية) وتحريرها من داعش غير صحيح ، اذاً ماذا تفعل الفصائل العربية من حمزات وعمشات واحرار الشرقية في عفرين الكردية ، ومنطقة الباب وجرابلس ، ولماذا يرفع العلم التركي وتدرس اللغة التركية ويقوم بإدارتها والي تركي ، دون ان يتم ادانة هذا الوجود وممارسة القوى المسيطرة والتي يندى لها الجبين !.
اعتقد اعلان الانتصار وانهاء داعش على يد الكرد هي علامة ايجابية تسجل لصالح الكرد لا عليهم ويجب ان ترفع لهم القبعات ...
كل من يعيش في سوريا ويدافع عنها هو صاحب هذه الارض ، فالأرض لمن يحميها ويدافع عنها من السوريين ، وليس لمن يغادرها ويتركها للغزاة والمحتلين ...!
ما دام الكرد يريدون البقاء داخل الوطن السوري ولا يريدون الانفصال عنه نظريا على الاقل عليهم حمايته والدفاع عنه ، وهذا ما يتجلى في عدم وجود حزب كردي واحد يتبنى خيار انفصال المناطق الكردية عن سوريا ، أواقامة دويلة على هذه الاراضي ، لماذا يتمسك البعض بسوريته ، وماذا يعمل في هيئة التفاوض السورية التي تطمح الى اقامة هيئة حكم انتقالي ، واجراء انتخابات ، وتغيير شكل الدولة والنظام السياسي القائم في سوريا !
لقد اعمى الحقد قلوب البعض حتى بات لا يرى الوقائع العنيدة التي تفقأ العين وتخرس اللسان ، اما المقارنة بين اقليم كردستان ، وما يجري في روجافي كردستان فهو في غير محله...!
صحيح ان امريكا سترحل ذات يوم ، وهذا يستدعي ان يتفق الكرد ، ويجدوا لهم موقعا في الحل القادم يحفظ حقوقهم ويحمي مناطقهم ، رغم ان امريكا ستأخذ مصالح ومخاوف تركيا بعين الاعتبار، لكنها من الواضح انها لن تلقي بمصالح حلفائها في قسد في الزبالة ..!
براغماتية المجلس الوطني الكردي تتطلب التعامل مع الوقائع ، وممارسة السياسة من اوسع ابوابها ، وايجاد موطئ قدم في مرحلة ما بعد انهاء داعش جغرافيا في شمال وشرق الفرات ، لا ان يحلم بنسف الادارة القائمة ، وتشكيل ادارة جديدة على انقاضها ، وملئ الفراغ القادم وبدعم تركي ، لأنه عندها سيكون الكرد جميعا في خطر..!
اعادة هيكلة الادارة القائمة وبمشاركة جميع المكونات ، وخاصة المجلس الوطني الكردي وبإشراف امريكي مطلب حق واستحقاق جدي مع بدء المرحلة الجديدة ...!
ارتكب الـ ب ي د الكثير من الاخطاء ، ومارس الاستبداد والهيمنة والاقصاء خلال المرحلة السابقة من الادارة ، بسبب طبيعته الشمولية المعروفة ، لكن استحضار التاريخ البعيد بالشكل الذي تم ليس في محله ولا يخدم الكرد ، رغم انه من المفيد احيانا اجراء هذا الاستحضار لأخذ العبر والدروس والاستفادة منه ، لا لجعله مشجبا يعلق عليه الفشل..!
اتفاقية سايكس بيكو لم تكن بسبب حروب صلاح الدين الصليبية وانهاء الدولة الفاطمية ، بل هي نتيجة طبيعية لنتائج الحرب العالمية الاولى واقتسام تركة السلطنة العثمانية التي دخلت الحرب الى جانب المانيا الخاسرة...
لكن ما هو علاقة الغبن الذي لحق بالكرد ، والمشاريع التي طبقت بحقهم بالدولة الفاطمية والحكم الطائفي ، رغم انه من المجازفة نفي الشروخ الطائفية في سوريا ، لكن تحميل كل الماسي على مشجب الطائفية ، استسهال للفكر في قراءة الواقع السوري المعقد ، مع العلم ان الكثير من هذه الممارسات والمشاريع كالتعريب والاحصاء تم تنفيذها قبل عهد الاسدين ..!
كل الحروب مترافقة مع سقوط الشهداء والجرحى ، حيث لم يجني السوريون ايضاً من ثورتهم سوى ملايين الشهداء والجرحى ، وتهجير اكثر من نصف الشعب السوري ، وتدمير معظم المدن والبلدات السورية ...!
في النهاية لا بد من التأكيد على أن اقتناص الفرص والاخطاء للتهجم وزرع الاحقاد من أي كان ، لا يخدم الحقوق الكردية ولا العمل المشترك ، بل يأتي خدمة للأهداف والاجندات التي يعمل من اجلها اصحابها ، حتى لو جاء هذا الهجوم ركيكاً وغير منسقاً ، لا بل فاجراً في اغلب الاحيان !



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن