ألم أقل لكم أن جبهة البوليساريو اصبحت مثل الناقة العمياء تخبط خبط عشواء .

سعيد الوجاني
zehna_53@hotmail.fr

2019 / 1 / 22

بعد الاكتئاب الذي أصاب قيادة الجبهة الفاشلة ، من جراء مصادقة البرلمان الأوربي على اتفاقية الفلاحة مع المغرب ، وهي المصادقة التي ستشمل الصيد البحري والتجارة ، وسيجد الاتحاد الأوربي نفسه ملزما بما قرره الجسم التشريعي الأوربي الناطق باسم الشعوب الاوربية ، ها هي الجبهة تسرع بإظهار فرحة هيستيرية صبيانية ، لتغليف وتعويض صفعة المصادقة الاوربية ، عن طريق التباهي بحضور لقاء وزراء الخارجية للاتحاد الافريقي والاتحاد الأوربي ببروكسيل ، وكأنها بهذا الحضور ، تكون قد حققت نصرا ما بعده نصر ، وتكون بذلك قد تجاوزت صدمة البرلمان الأوربي ، الذي فاجئها بقراره التاريخي بعدم استثناء الأقاليم الجنوبية المغربية من الاتفاقيات الموقعة مع المغرب .
اللقاء الذي تتباهى به اليوم الجبهة للتغطية عن الفشل ، هو لقاء بين الاتحاد الافرو – اوربي ، وليس لقاء بين الاتحاد الأوربي وبين الجمهورية الصحراوية . فإذا كانت القيادة الفاشلة للجبهة ، تعتقد ان في هذا اللقاء ، اعتراف اوربي بالجمهورية الصحراوية ، فهي وكما عودتنا ستكون واهمة ، وستكون بمن يعتمد على الصورة ويوظفها ، لتغليط الرأي العام الصحراوي ، وستكون بمن يُحرّف الحقيقة التي ابان عنها قرار البرلمان الأوربي .
فهل حصل اللقاء بين الاتحاد الأوربي ، وبين الجمهورية الصحراوية ، حتى نقول ان اللقاء هو اعتراف بالجمهورية ؟ فلو حصل اللقاء بينهما ، فانه سيكون اعترافا حقيقيا بها . لكن ان يحصل اللقاء بين اتحادين ، وليس بين الاتحاد وجمهورية ، فهذا يعني ان الاتحاد الأوربي لا يعترف بالجمهورية الصحراوية ، وهو عدم الاعتراف الذي جسده قرار البرلمان الأوربي عندما جدد الاتفاقية الفلاحية مع المغرب .
بل ان تصديق برلمان الشعوب الأوربية بأغلبية كاسحة 444 صوت ، هو اعتراف بمغربية الصحراء . وهنا وحتى نذهب بعيدا في التفسير ، انّ هناك نوعان من القرارات تتخذها الدول والمنظمات الدولية ، وذلك لتليين مواقفها من نزاع ، او من قضية ، او مشكلة .
هناك القرارات الصريحة التي يتخذها الاتحاد الأوربي ، والبرلمان الأوربي ، بخصوص قضية ، مثل الاعتراف الصريح بدولة . وهناك القرارات غير الصريحة بالاعتراف ، وهذه تتجسد من خلال التطبيق والممارسة العملية ، كالموافقة مثلا على الاتفاقيات الموقعة مع دولة من الدول . فلو لم يكن الاتحاد الأوربي ، والبرلمان الأوربي يعترفان بسيادة المغرب مثلا على الصحراء ، هل كان للاتفاق ان يشمل الأقاليم الجنوبية المغربية ، بدعوى ان جبهة البوليساريو تنازعه السيادة .
ان هذه الهستيرية التي اصابت القيادة الفاشلة ، تذكرنا بلقاء ابيدجان بين الاتحادين الافرو – اوربي ، حتى لعبت الجبهة والجمهورية الصحراوية على الصور التي كانت تنشرها تباعا لإبراهيم غالي ، وهو يقف في الصف ، او يقترب من رئيس ، او ملك ، او يتبادل كلمات مع رئيس جنوب افريقيا ، او تمرير صورة اويحاي الجزائري وهو يركز نظرات نحو محمد السادس ، او اظهار امانويل ماكرون يصافح إبراهيم غالي ...لخ ، معتبرة هذا اللقاء بانه اعتراف صريح بالجمهورية الصحراوية من قبل الاوربيين ، في حين ان اللقاء كان بين الاتحاد الأوربي ، والاتحاد الافريقي ، ولم يكن بين الاتحاد الأوربي ، والجمهورية الصحراوية .
فماذا تحقق للجمهورية الصحراوية من لقاء ابيدجان ، حتى يتحقق لها من لقاء بروكسيل ، غير الفشل تلو الفشل ، واكبر فشل هو حين انطلى عليها مقلب الحسن الثاني بتوقيع وقف اطلاق النار في سنة 1991 ، على أساس ان ينظم الاستفتاء في سنة 1992 ، او في سنة 1993 على ابعد تقدير ، وهو الاستفتاء الذي لا تزال الجبهة تنتظره خلال ثمانية وعشرين سنة مضت .
ولي ان اسأل قيادة الجبهة : لقد انتظرتم بعد سنة 1991 خمس سنوات أولى ، ولم ينظم استفتاء ، وانتظرتم خمس سنوات ثانية ، وثالثة ، ورابعة ، وخامسة ، وسادسة في الطريق ، والمينورسو فشلت عن القيام بمهامها التي حددها لها اتفاق 1991 . فماذا تنتظرون من واقع صادم ، الغلبة فيه للقوي وليس للضعيف ؟
العالم يتلاعب بكم ، حيث يبسط لكم سجاداً مبني على السراب والاوهام ، واغرقكم في ذل السؤال ، والاختباء وراء عسكر الجزائر الذي يتنازع اليوم السلطة ، والذي لن يكون على رأسها غير عبدالعزيز بوتفليقة المريض ، لكي تستمر نفس المافيا التي تسولت بكم ، تتسول بكم الى ان يرث الأرض الله وما عليها .
فهل انتم تريدون السلام والسلم ، فهبوا عائدين الى المغرب ، وبدون شروط ، لأنكم خسرتم المعركة في 1991 ، وان كنتم تريدون الحرب فاعلنوها صراحة ، لا فرجة ، وبالونات مفرقعة . فماذا تريدون بالضبط ؟
الجواب انكم مغلوبون على امركم ، لان قراركم ليس بقرار ، بل قراركم مسلوب من طرف القرار الجزائري الذي يتلاعب بكم ، لخدمة مخططات ، وبرامج لا علاقة لها بمصالحكم ، وبمصالح المنطقة .
لقد دخلتم العراك الدبلوماسي منذ 1991 ، وفي كل معركة كانت تختلف عن سابقاتها ، فمرة قد تعتقدون ان القرارات في صالحكم ، ومرة تفاجئون بقرارات قد تعتبرونها تطعن فيكم ، ومرة يلوح لكم بصيص أمل في انتصار الجمهورية ، ومرة تصابون بالخيبة والكئبة ، مثلما ما حصل لكم بتصويت البرلمان الأوربي ، ومرة ، ومرة ..... لخ ، وحتى متى ستظلون تعلقون آمالكم على السراب ؟
ان مشكلتكم ، انكم فوضتم تدبير نزاعكم ، الى عناصر تختلس اموالكم ، وتتاجر بمآسيكم ، وتتربع على صدركم منذ ثلاثة وأربعين سنة مضت ، وما حققت غير الفشل .
فكيف انتم تتناقضون مع دواتكم ، وتخبطون خبط عشواء مثل الناقة التي لا تبصر ليلا ، وقد فقدتم بوصلة اتجاهكم الصحيح ، وأصبحتم في ورطة امام الخيبات المتراكمة .
فهل أنتم لكم جمهورية اعترف بها النظام المغربي في سنة 2016 عندما دخل الاتحاد الافريقي ، ام انكم تشكون في جمهوريتكم ، وربما لا تعترفون بها ، والاّ كيف تفسرون للرأي العام الصحراوي تناقضكم الهجين ، بين ان ترددوا شعار الجمهورية الصحراوية ، وفي نفس الوقت تدعون الى الاستفتاء وتقرير المصير . فهل ستنشئون جمهورية جديدة ، وانتم تتباهون بجمهورية تندوف التي خلقها الهواري بومدين ومعمر القدافي . ام ماذا انتم فاعلون ؟
ان مكن الهيستيريا التي اصابت قيادة الجبهة من لقاء بروكسيل ، انها ارادت ان تبين للصحراويين ، انه إذا كان البرلمان الأوربي قد خدل الجمهورية الصحراوية ، بتصويته على اتفاق الفلاحة مع المغرب ، فان الاتحاد الأوربي ، ومن خلال لقاء بروكسيل لوزراء الخارجية ، هو تصحيح لقرار البرلمان الأوربي ، واعتراف صريح بالجمهورية الصحراوية .
لكن قيادة الجبهة الفاشلة نسيت او تناستْ ، ان من يرسم خطة طريق عمل الاتحاد الأوربي ، هو البرلمان التشريعي الذي يمثل الشعوب ، لا الحكومات المنبثقة عن البرلمانات ، ومن ثم فان لقاء بروكسيل ، ومثل لقاء ابيدجان ، يبقى لقاء بين الاتحادين ، الاتحاد الأوربي والاتحاد الافريقي ، وليس لقاء بين الاتحاد الأوربي ، وبين الجمهورية الصحراوية .
فإلى متى ستستمر القيادة الفاشلة للجبهة ، توظف الصور في تضبيب رؤية الصحراويين ، والى متى ستبقى مزهوة بالمظاهر والفلكلور ، لإعطاء الوضع تعريفا غير تعريفه الصحيح .
ان اية منظمة مسلحة ، إنْ انت اردت ان تجردها من زخمها الثوري المسلح ، فما عليك الاّ ان تجرها الى حلبة المفاوضات ، التي قد تستغرق الزمن كله ، الى ان تموت القضية بطول الزمن ، والعياء والملل ، وحتى النسيان .
فعندما يقع استبدال اللباس العسكري ، باللباس الأوربي وربطة العنق ، وعندما تهجر القيادة الإقامة مع المقاتلين والمناضلين ، لتسكن الفيلات والدور الفاخرة ، وعندما تستبدل العربات العسكرية ، بالليموزين والسيارات الفاخرة ، وعندما تغرق القيادة في اوساخ الدولار واليورو ....لخ ، تكون النهاية حتمية الفشل .
ان ما أصاب جبهة البوليساريو منذ 1991 ، هو ما أصاب ( منظمة التحرير الفلسطينية ) ، منذ مؤتمر مدريد ، الى مؤتمر أسلو ، اكثر من ربع قرن ضاعت فيه القضية .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن