العطش قادم للعراق الاسباب وطرق المواجهه--ج1

عبد الكريم حسن سلومي
kareemhasan195900@gmail.com

2019 / 1 / 17

العطش قادم للعراق الاسباب وطرق المواجهه
ان الشحه اليوم في المياه بالعراق اصبحت حقيقه واقعه وهي عائق كبير في تنمية البلاد وان للشحه التي يعاني منها العراق بالموارد المائيه اسباب عديده منها الطبيعيه الخارجه عن ارادة الانسان وكذلك خارجيه من سلوكيات دول الجوار المتشاطئه واسباب داخليه جميعها ادت لاستنزاف كميات كبيره من الخزين المائي السطحي والجوفي الاستراتيجي للعراق ولذا اصبح هنالك العديد من التحديات والمعوقات بشأن المياه تواجه العراق اليوم ونرى ايظا وجود العديد من الطرق والاساليب حول كيفية مواجهة الشحه .

التحديات التي تواجه ادارة الموارد المائيه
أولا :-سلوكيات دول الجوار المتشاركه بالموارد المائيه
يعتبر العامل الخارجي اليوم من اهم العوامل واخطرها على وضع العراق المائي والذي أدى لتفاقم مشكلة ازمة المياه في العراق وهو يعود بالدرجه الاولى الى سياسات دول الجوار غير العربيه والتي اثرت بصوره كبيره على واردات العراق المائيه ومن خلال التصريحات للمسؤولين في دول الجوار فأننا نرى انه لاحلول لهذه المسأله في القريب الا بتدخل دولي كبير يؤدي الى اتفاقات رسميه ثابته لكي يتم بعدها وضع استراتيجيه مائيه للعراق واضحة المعالم منسجمه مع الواقع وما لم يحدث ذلك فأن وضع العراق المائي سيعاني المد والجزر حسب الظروف السياسيه للمنطقه وان خططه الاستراتيجيه ستكون غير حقيقيه كما لايفوتنا ان نذكر ان دخول اسرائيل كدوله اصبحت لها اليد الطولى في سياسات المنطقه سيؤدي حتما لتفاقم الازمه ايظا وهنالك الكثير من المؤشرات التي تؤكد على ذلك هذا بالاضافه الى عدم الاستقرار السياسي الداخلي في العراق لحد الان سيؤدي لتفاقم الازمه وسيكون للمياه دور كبير في اللعبه السياسيه الداخليه ايظا ولذلك فأن العراق ستستمر معاناته من العوامل الخارجيه بشأن المياه ومن اهم اوجه السياسات المائيه للدول غير العربيه هي :
السياسه المائيه التركيه :
تقوم السياسه المائيه التركيه على حق السياده المطلقه لتركيا على مواردها المائيه في حوضي دجله والفرات داخل اراضيها ولذلك تصرفت بشكل مطلق بمياه النهرين ومن خلال تشييد السدود والمشاريع الاروائيه والزراعيه ولاتزال مستمره بنهج مقارب من دون مراعاة حقوق الدول المتشاطئه معها وترفض تركيا مبدأ تقسيم مياه نهري دجله والفرات او توزيعهما او محاصصتها وتطرح بدلا من ذلك مبدأ ((تخصيص استخدام المياه وفق للدراسات المشتركه لمشاريع الري والزراعه في البلدان المتشاطئه)) (1)
,فقد قال السيد سليمان دميريل عندما كان يشغل منصب رئيس وزراء تركيا في 6/5/1990 ، ((ان لتركيا حق السياده على مواردها المائيه ولاينبغي ان تخلق السدود التي تبنيها على دجله والفرات أية مشكله دوليه ويجب ان يدرك الجميع ان لانهر الفرات ولانهر دجله من الانهار الدوليه فهما من الانهار التركيه حتى النقطه التي يغادران فيها الاقليم التركي فالنهر لايمكن اعتباره نهرا دوليا الا اذا كان يشكل الحدود بين دولتين او اكثر ولكل دوله حقها الطبيعي في استغلال مواردها المائيه كما تشاء وليس لأية دوله اخرى الحق في الاعتراض على ذلك)) (2)وقال حكمت تشتين وزير الخارجيه التركيه الاسبق عند زيارته اسرائيل سنة 1992 ، ((ان تركيا تملك ثروة مائيه على جانب كبير من الاهميه وان من حقها بيع هذه الثروه لمن تريد وحجبها عن الدول التي تعرض مصالح تركيا للخطر وان من حق تركيا المتاجره بالمياه مثلما يتاجر الأخرون بالنفط ويحتكرون عائداته وان تركيا على استعداد لتزويد اسرائيل بأية كميه تحتاج اليها من المياه دون ان تعبأ بمعارضة الدول المستفيده من مصادر المياه التركيه لذلك يجوز لها التصرف بهذه المصادر على وفق مصالحها)) (3)
ان القوانين الدوليه ومفهومها للانهار الدوليه لحد الان لم تحل في المحافل الدوليه وعلى الاقل في المستقبل القريب ولذلك لانريد الخوض في هذا المجال كثيرا فهناك من المختصين في القانون الدولي من هم اكفأ بأرشادنا الى ايجاد الحلول لهذه المسائل اما رأينا الشخصي لمشكلة المياه هو ان نصف حلها يكون من داخل العراق,وتعزيزا لهواجسنا وهواجس الاخرين من ان السياسه اليوم في عموم المنطقه لن تحل مشكلة المياه فأن الاستاذ الدكتور شاكر عبد العزيز المخزومي يقول في كتابه (في طريق العطش) ((من الواضح ان احد اهم اهداف تركيا من مشروع الغاب هو استخدامه كسلاح سياسي وكورقة ضغط على سوريا والعراق(4),(فقد افاد تقرير صادر عن منظمة الغذاء والزراعه التابعه للامم المتحده ان موسم الحصاد لعام 2008 من الحبوب في العراق كان الأسوأ حيث بلغ ثلث معدلاته للسنوات العشر الاخيره) ( 5),كما يؤكد الخبير بشؤون المياه الاستاذ صاحب الربيعي ((ولابد من الاشاره هنا الى ان احد شروط الجانب التركي في الوقت الحاضر للتوصل الى اتفاق بشأن توزيع حصص المياه مع كل من العراق وسوريا هو اجراء تقيم انظمة الري التقليديه واستبدالها بأنظمة الري المتطور وتحديد المساحات الزراعيه الفعليه وهذا ماترفضه كل من سوريا والعراق كشرط مسبق لتقاسم المياه)) (6),و لابد من ذكر كمية المياه التي تحتاجها تركيا للسنوات من 1993-2025 والذي تم اعداده من قبل الخبير العراقي صاحب الربيعي والذي لو دققنا فيه لتبين لنا ان تركيا لديها وفرة كبيره في المياه اكثر من حاجتها الفعليه وهو يؤكد لنا مبتغاها السياسي والوحيد من اقامة كثير من المشاريع الاروائيه .
اجمالي الاحتياجات المائيه مليار /م3 عدد السكان مليون/نسمه العام
15,6 57 1993
19,5 70 2000
26,3 91 2025
جدول يوضح احتياجات تركيا المائيه للسنوات 1993-2025 وهو من اعداد صاحب الربيعي
ويؤكد الاستاذ صاحب الربيعي على نهج تركيا في سياستها اتجاه العرب بشأن المياه حيث يقول ((خلال فترة الثمانينيات من القرن الماضي العشرين اطلقت تركيا مبادئها المسماة (انابيب السلام) وكان من المقرر لها نقل مياه نهري سيحون وجيحون اللذين ينبعان من وسط تركيا ويصبان في البحر الابيض المتوسط الى كل من سوريا والاردن ودول الخليج العربي وذلك لأرواء كافة البلدان التي سيمر من خلالها وفي مرحله لاحقه سيزود اسرائيل بالمياه ايظا)(7)
السياسة المائية الايرانية :
أن الواردات القليلة للجداول والسواقي والانهار الصغيرة التي تعبر الحدود الايرانية في المناطق الجنوبية والوسطى من العراق تخدم القرى والمدن الصغيرة العراقية الحدودية وهي مصدر مياهها الوحيد لذا فان اي انقطاع فيها يؤثر تأثيرا كبيرا فيها سيما وانها بعيده شرقا عن دجلة و لاتصل لها مياهه ويبقى خلاف العراق الرئيسي مع ايران هو شط العرب بالدرجة الاولى وتغذية الأهوار بالمياه الايرانية بالدرجة الثانية(8) .
أن الامر الاهم الحالي في شط العرب هو التآكل الذي يحدث في الجانب العراقي من النهر وهو يقع في مناطق (جزيرة ام الرصاص ومنطقة سيمان ومنطقة جنوب السيبة وغربي منطقة المخراق ومنطقة الهاتف(9) ،ولقد أكملت ايران بسرية تامة بعد اتفاقية 1975 كري وتعميق نهر (جدول) شبه مندرس يدعى (بهمينشير) وشيدت جسرين غاطسين لأجل رفع منسوب نهر كارون قبالة المحمرة لتحويل الماء عن شط العرب الى نهر بهمنيشير ثم يستمر هذا النهر في سيره الى الخليج العربي وعمليا انقطع جزء مهم من الماء العذب اللازم لإحياء الزراعه في شرقي شط العرب ( 10).
يقول الاستاذ الدكتور شاكر عبد العزيز المخزومي في كتابه (في طريق العطش)
((لقد بدأ العراق معاناته من سياسات ايران المائية منذ الخمسينات والستينات من القرن المنصرم خلال حكم الشاه ولم يتغير الحال خلال الحكم الحالي فقد ادت مشاريعها في اقامة السدود وتحويل مجاري الانهار التي تنبع في اراضيها (كسد كرزال وسد بريسو على الزاب الصغير) الى حرمان العراق من حوالي 7 مليارات م3 سنويا من المياه وقد ادى هذا السلوك المنفرد الى اهلاك الكثير من البساتين والحقول العراقية خصوصا في مناطق شرق محافظات ديالى و واسط و ميسان فضلا عن التسبب بالهجرة القسرية للسكان من اراضيهم التي تحولت الى صحاري(11) ، لقد بلغ مجموع ما قطعته ايران او قلصت تدفقه (44) نهرا ورافدا كبيرا وصغيرا دائميا وموسميا كانت تصب في العراق وتغذي نهر دجلة والاهوار الشرقية وشط العرب ومن ضمنها (نهر الوند) الذي يجري في خانقين ويغذي العديد من قراها ويروي مساحات زراعية تقدر (13) الف هكتار قبل ان يصب في نهر ديالى في طريقه لتغذية نهر دجلة))(12)
(( كذلك قطعت نهر (كنجان جم) الذي يجري من ايران متخذا مسارا جنوبيا غربيا نحو العراق ليروي مدن بدرة و زرباطية فقد تناقصت مناسيب المياه فيه عبر عقود الى ان جف وفي عام 1996 اقامت ايران سدا على مجرى نهر (دويريج) وحجزت مياهه التي كانت تصب في المشرح و الاهوار في ميسان وقطعت السدود الايرانية مياه نهر الطيب ولعل اخطر ما قامت به ايران هو تحويلها لمجرى نهر الكارون العملاق الى نهر بهمنشير داخل الاراضي الايرانية بعد ان كان يصب في شط العرب بالقرب من مدينة المحمرة المقابلة لمدينة البصرة ويجهزه بأكثر من عشرة مليارات م 3 من المياه العذبة سنوية فيحافظ على ارتفاع مناسيبه ويمنع تملحه بمياه الخليج العربي اثناء فترات المد فألحقت به كارثة بيئية كبرى وحرمت سكان البصرة والمدن العراقية الاخرى على شط العرب والمزارع والبساتين التي تتميز بها المنطقة الواقعه على ضفتيه من المياه العذبه )). (13 ).
هذه بعض ملامح سياسات دول الجوار بشأن التعامل مع المياه الداخله للعراق والتي تدعوا العراقيين لأخذ كل الاحتمالات السيئه في حسابات الموازنه المائيه ووضع استراتيجيه جديده مبنيه على المعلومات الدقيقه والسعي لدى المحافل الدوليه للحصول على حصه مائيه ثابته والتي تدعوهم ايظا لحسن التعامل مع هذه الثروه علما انه اليوم ونحن بنهاية عام 2018 الامور تطورت للاسوء من الاعوام السابقه .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن